|
أكرم كنعو في عليائه هناك..!
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3706 - 2012 / 4 / 23 - 11:40
المحور:
الادب والفن
ثمة أرقام في روزنامتي الشخصية، ما إن تقترب منها بوصلة الزمان، حتى تشحن في روحي خميرة الألم العظيم، لأنها تذكرني بأسماء جد قريبة من هذه الروح، إلى الدرجة التي لما أزل أعدها جزءاً منها،وأن هذه الروح بقيت ناقصة، في غيابة تلك الأسماء البهية، هذه الغيابة التي جعلتني أشعربيتمات كثيرة، في عدد من هؤلاء، واحداً واحداً، وهم ذووقربى روح أورحم. ولئلا يأخذني اغريراق العين بالعبرات، وفاق أسماء هؤلاء، وهم كلهم يتزاحمون-عادة- عندما أدخل محراب أرواحهم البهية، وهم في لجة عناوينهم الجديدة، يظهرفجأ ة أمام عيني أكرم كنعوأبو لقمان، وهوفي بياض وداعته، وطيبته، وجمال أعماقه، ووقارنظرته الشفافة، العميقة، يتابع الحديث في قضايا كثيرة، خضناها من قبل: الوطن، والقضية الكردية، بعض الرموز الكردية العظمى، منظمة حقوق الإنسان في سوريا-ماف، البارتي، سوريا، الفساد والاستبداد، وغيرذلك من المحاورالتي كانت روحه تدورفي عوالمها، ويعمل بإخلاص وتفان من أجلها كلها معاً، ضمن معادلة، لايمكن أن يوازي بين أطرافها، بالشكل الأكثرنجاحاً، سوى أبي لقمان. مساء24 نيسان،أحد الأيام الأكثرألماً بالنسبة إلي، حين يداهمني خبروفاة صديقي الأكثروفاء أكرم كنعو، في حادث سير، وهوفي سيارته البائسة يتوجه إلى إحدى القرى للمصالحة بين أسرتين كرديتين كريمتين، حقناً للدما-ونشرروح التسامح والحب بين الناس- كان أحد اهتماماته الأولى، وقد دفع ثمن ذلك حياته، حياته التي استرخصها، في الأصل، أمام قناعاته، ورؤياه، وهوبعد طالب على مقاعد المرحلة الثانوية، عندما هتف مع مجموعة من زملائه" عاشت الأخوة الكردية العربية"..، ودفع ثمن هذا الهتاف البريء سنة من زهرة عمره، مع مناضلين آخرين، منهم من قضى ومنهم من لايزال حياً، هذه العبارة التي أصبحت الآن، من أس وأولويات الوطنية لدى كل سوري، وكان مجرد ذكركلمة كردي، في محفل عام، كدارالسينما في قامشلي، التي كانت شعبة حزب البعث قد دعت في العام1970 إلى إحياء مناسبة خاصة فيها، يعني بسالة لاتقل عن بسالات من يواجهون الرصاص-الآن- بصدورهم العارية، ويطالبون بإسقاط النظام المجرم. ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي اعتقل فيها أبو لقمان من قبل أجهزة الأمن، بل اعتقل أكثرمن مرة، وحدثني عن كيفية خروجه-ذات مرة- من أحد الأقبية الأمنية بعد الضرب المبرح على كل أجزاء جسده ومن بينها قدماه- بل إن الرجل، منع من السفر،قبيل رحيله، بأشهر،ضمن قائمة من ناشطي منظمة ماف التي كان يرئسها، كما حال المنظمات والشخصيات المناضلة، في سوريا. ظللت إلى فترة طويلة، أرتعد وأنا أتلقى مكالمة هاتفية، منذ تلك المكالمة التي استلمتها من صديقنا المشترك أبي برور، وهويعلمني بهول المصاب الأليم، حيث تعد صدمته إحدى كبريات الصدمات التي تلقيتها، في حياتي، في مواقف مشابهة، والفجيعة بواحد من أخلص الخلص في حياة أي إنسان، من قبل أي كائن يحمل بذرة الوفاء، لتعد صدمة عظمى سترافقه، أنى عاش. وسيكون الأمرفي أقصى أمدائه، في حضرة شهيد، تطهرعن السفاسف، وكرس حياته للآخرين، كما حال" أكرميekrememin" وهذا المصطلح تعلمته منه-فعذراً ياروحه..!- عندما كان ينسب أسماء من يحب إلى نفسه، كما يفعله مع اسمي، أو أسماءبعض من حوله، بقلب كردي طاهر، ترفع عن كل دنس الحياة العابرة. في الذكرى الأولى لرحيل المناضل أبي لقمان، والتي جاءت بعيد اندلاع ثورة الكرامة السورية، قلت لبعض المقربين من كلينا: تصوروا، لو أن أكرم كنعوشهد هذه الثورة التي كرس حياته، من أجلها، منذ نعومة أظافره، وحتى لحظة استشهاده- أجل استشهاده، من أجل واجب إنساني، مقدس-لانخرط في لجتها، وهوالذي اعتقل مع عدد من مناضلي ماف، قبل أشهرمن رحيله، في اعتصام سلمي في مدينته" تربسبي-قبورالبيض" مغتصبة الاسم بتزويره إلى" القحطانية"، في الذكرى الأولى لاستنكارالمرسوم 49 ضد الشعب الكردي في سوريا، عندما كانواينفذون احتجاجهم السلمي، منفردين، وهاأصبح ذلك المكان يحتضن احتجاجات كبيرة، يشترك فيها العربي، مع أخيه الكردي، وهوما لم يدر، آنذاك، في خلد، أو داخل حرم مخيال أحد، على ضوء حساسية التركيبة المصطنعة لهذه المدينة في ظل الاستبداد، المدينة التي سأعرفها بأعمق ، بوساطة عدد من أصدقائي فيها، ومنهم أبو لقمان، عندما نقلت تعسفياً إلى إحدى مدارسها، لمدة سنتين-بعد أكثرمن 15 سنة أخرى من نقل تعسفي مرير وسابق-إلى العمل الوظيفي أو مدارس وزارة الزراعة،كي أختصرعملي التعليمي، من هناك، بالإقدام على التقاعد المبكر، وكان عنصر الأمن العسكري، يكاد يداوم في مدرستنا، لمراقبتي، مستعيناً ببعض عملائه-وهم موجودون إلى الآن في كل مكان-وإن كان مستقبل هؤلاء المستقوين، بالاستبداد، قاب قوسين وأنى، من الهزيمة إلى الأبد..!.
أعرف، أن صديقي أبا لقمان، وهويبصر، الآن،من أعلى تلة "معشوق" مسقط رأسه، وأحلامه، وحبه، وعنوانه الأخير، إلى حال المكان الكردي، في هذا الربيع الكردي، وهوفي مخاضه، يترجم إلى حيز التطبيق، ما كان يخطه في صميمه، منذ بداية وعيه، كأحد المناضلين الكرد الأفذاذ، من أجل القضية الكردية، بل ومن أجل رسالة"حقوق الإنسان" التي آمن بها، وكان أحد فرسانها الأكثرصدقاً.أجل، وهل أعظم من ترجمة المناضل لرؤيته، عبرالفداء بروحه، ليكون، في أعلى عليين، في ضميرشعبه، ووطنه، وهذا مايجسده-تماماً-صديقي أبولقمان الذي أنتظرلحظة وضعي الورد بيدي على مرقده الطاهر، تحت ظل الحرية والعلم الكردي، وهما أسطونا الحلم الأعظم لدى شهيدنا الكبير، لدى شرفائنا الكرد، جميعاً..!
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورياإلى أين؟ -2
-
أول انتخابات ديمقراطية للكتاب السوريين وفوز أربعة كتاب كرد
-
ثورة القراءة
-
بين الصورة والصورة المعاكسة : الشرق والغرب مرة أخرى
-
إبراهيم محمود في تلويحته المنكسرة
-
شخصية- الدسَاس- في الأدب
-
أزمة -شخصية البطل-
-
صناعة التفاؤل
-
مابعد إسفين -مؤتمراستنبول الأخير-و-الضحية جلاداً-
-
يوم للأرض يوم للحلم والخلاص
-
مسرحية سورية-سوناتا للربيع-في أيام الشارقة المسرحية تدعو إلى
...
-
قصيدة النثرفي انتظارمهرجانها:آن الأوان للإعلان عن بنوة هذا ا
...
-
الرّّّقّة ترحب بكم
-
الحسكة ترحب بكم
-
صناعة الخوف
-
مؤتمرات للبيع...!
-
مفهوم الطليعة: إعادة نظرفي ظل الثورة السورية
-
عام على الثورة السورية بعيون كوردية .. أجوبة إبراهيم اليوسف
-
لابد من ارتقاء النقد إلى مستوى أسئلة حداثة اللحظة
-
بيان رابطة الكتاب والصحفيين الكرد بمناسبة الذكرى الثامنة لان
...
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|