ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 3705 - 2012 / 4 / 22 - 20:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ظهر واضحاً أن الخلافات كثيرة وروح الثورة تغيب عن الجميع، وبدا واضحاً أن الجميع يتحرك بأفكار وأهداف ومطالب لا علاقة لها بالثورة
وهناك أستغلال علنى صريح للمظاهرات وميدان التحرير متى كان ذلك يحقق أهداف سياسية خاصة لفئات سياسية متى توافق مع أهدافها وترفضه متى تعارض مع أهدافها أيضاً، وهذا يدخل تحت مسمى الفوضى التخريبية فى العمل السياسى.
لم تصل جمعة تقرير المصير إلى مستوى آمال المنظمين لها من أجل أن تصبح مليونية يمكن أن يكون لها تأثير على القيادة السياسية الراهنة، وذلك لمطالبة المجلس العسكري بإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري، وتفعيل قانون العزل السياسي الذي يمنع فلول النظام من التسلل للسلطة مرة أخرى، ورفض وضع الدستور تحت حكم العسكر، وبالنظر إلى تلك المطالب الثلاثة، نتأكد بسرعة أنها مطالب لا علاقة لها بالشعب ومشاكله أو حاضره ومستقبله، مما يجعلنى أدعوها بجمعة تخريب المصير المصرى.
لكن لماذا أدعوها بالتخريبية؟
الإجابة نجدها واضحة لو تناولنا المطالب الثلاثة بتفصيل كل مطلب على حدة.
المطلب الأول: إلغاء المادة 28 من الإعلان الدستورى وهذا نصها:
"تتولى لجنة قضائية عليا تسمى " لجنة الانتخابات الرئاسية " الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب.
وتـُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً ،وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة ،وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولـة.
وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصها، ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنـة.
وتـُشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التي تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين في المادة 39
ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستـور.
وتـُصـدر المحكمة الدستورية العليا قرارها في هذا الشأن خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون، وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزماً للكافة ولجميع سلطات الدولة، ويُنشـر في الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره.".
لو رجعنا إلى تلك المادة نجدها صدرت فى الإعلان الدستورى بتاريخ الثلاثون من مارس 2011، وقد إنقضى على إصدارها أكثر من سنة وتم خلال تلك السنة إجراء الأنتخابات البرلمانية ولم يعترض عليها أحد من الأغلبية أو الأقلية البرلمانية وأكرر خلال تلك السنة، مما يعنى التصديق الكامل على ذلك الإعلان الدستورى بكامل مواده التى صدرت فى مارس من السنة الماضية من الجميع، وبما أن تلك هى الحقيقة لماذا يعترضون الآن عليها ولم يعترضوا عليها فى حينه، ولمصلحة الشعب أم لمصلحة أحزاب وتيارات سياسية معينة؟
المطلب الثانى: تفعيل قانون العزل السياسى:
هذا المطلب تسقط أسباب وجوده وعمله عندما أسقطت الثورة الدكتاتورية، والعمل السياسى اليوم يسير على درب الديموقراطية التى وافقت عليها جميع الأطياف السياسية، ومعنى ذلك أننا لا نحتاج لهذا القانون لأن الشعب المصرى نفسه هو الذى سيقول كلمته وقادر على التمييز بين من سيخدم قضاياه أو من يستغله لتنفيذ أجندات أجنبية لا علاقة لها بالوطن المصرى، وذلك مثلما وافق الجميع على مبدأ الديموقراطية فى الأنتخابات البرلمانية الأخيرة، لذلك لا بد أن يؤمن هؤلاء الذين يستغلون الميدان للمطالبة بتفعيل ذلك القانون أن الشعب المصرى هو الوحيد القادر على تفعيل ذلك القانون عندما يتوجه إلى صندوق الأنتخابات.
أن الشعب لا مصلحة له بذلك الصراع الدائر بين الأحزاب ومرشحيهم ومن يريدون إزاحتهم وإستبعادهم من السباق الرئاسى بقوة القانون أو بقوة المجلس العسكرى أو بقوة الميدان، فالمحاولات مستمرة والخداع والكذب السياسى مستمر والمواطن يسمع ويشاهد وهو صاحب القرار الأخير.
المطلب الثالث: رفض وضع الدستور تحت حكم العسكر:
يحاول أصحاب المصالح الحزبية أن يتم وضع الدستور أولاً قبل أنتخابات الرئاسة، ولأصحاب ذلك الشعار نسأل لماذا أنتظرتم وقدمتم مرشحيكم للرئاسة ولم تتظاهروا إلا الآن ولم يتبقى من الزمن إلا شهر واحد لأنتخابات الرئاسة؟
والمعترضون الآن كانوا أول الموافقون الذين قالوا نعم فى إستفتاء مارس من السنة الماضية حيث نص على إجراء الأنتخابات الرئاسية أولاً ثم يتبعها كتابة الدستور، إذن لم يكتشف أصحاب جمعة تخريب المصير أن الدستور لن يكتب الآن بل لم يتظاهروا لأن أنتخابات الرئاسة ستكون تحت حكم العسكر، فلماذا إذن تلك المظاهرات والشعارات الكاذبة التى تتلون حسب ألوان الطيف؟
إن تلك التيارات السياسية كانت تأمل أن تستحوذ على كتابة الدستور فى أقصر وقت ممكن لأنهم قد قاموا بإعداده سابقاً، ويريدون وضعه بالطريقة التى تتناسب مع أهدافهم التى حاربوا من أجلها فى إنتخاباتهم البرلمانية، لكن الضحية لذلك الصراع بين هؤلاء السياسيين والمجلس العسكرى هو المواطن المصرى.
إذن من الواضح أن الأحزاب السياسية تريد تقرير مصيرها ومصير الذين يقفون أمام تحقيق أهدافهم، عن طريق تلك المظاهرات والمطالب التى رفعوها، ولا علاقة للمواطن المصرى بها الذى يستمر يعيش المعاناة اليومية كما كان قبل الثورة وبعد مرور ما يقرب من سنة ونصف من عمر الثورة، نفس الصراعات ونفس التضاربات والتناقضات فى القرارات وعدم وجود المنطقية لما يدور سواء بين الكواليس أو فى العلن، لأن الكل يلعب فى حلبة السباق السياسى ويستخدم كافة الأساليب والأسلحة الممنوعة أو المسموح بها.
مصير مصر وشعبها يتعرض بالفعل إلى التخريب لأنها لو كانت بالفعل لتقرير مصير الوطن المصرى، لكان الجميع فى تلك المظاهرات يحملون علماً وراية واحدة هى علم وراية مصر التى كان من الواجب أن يتحدوا خلفها وبها، لكن الواقع أن جمعة تخريب المصير إمتلئت بالرايات والأعلام والشعارات التى تخدم وتعلن عن المصالح الحزبية، الجميع ترك الثورة بل يستغل أسمها لتخريب مستقبل مصر.
هل من حقى بعد عرض تلك المطالب الخاصة بتلك القلة السياسية أن أسميها جمعة تخريب المصير؟
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟