أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - روسيا والدم السوري المسفوح














المزيد.....

روسيا والدم السوري المسفوح


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 3705 - 2012 / 4 / 22 - 14:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أُتيحت لي ثلاث فرص للقاء دبلوماسيين روس واحد منهم كان مسؤول العلاقات الدولية في البرلمان الروسي(الدوما)، وفي اللقاءات الثلاث كان النقاش يدور حول موقف روسيا من الأزمة التي تسبب بها النظام السوري لبلده وشعبه. فعندما كان يقال لهم ليس من المنطقي أن يأخذوا جانب النظام ويتبنون روايته، وهم قد عانوا ما عانوا من حكم شمولي استبدادي لعقود من السنين، فقضية الحرية لا تتجزأ. كانوا يجيبون بدبلوماسية أنه لا جدوى من التركيز على لوم هذا الطرف أو ذاك من أطراف الأزمة السورية، بل البحث عن مخارج سلمية لها، وأنهم في سياق بحثهم عن هذه المخارج لا ينحازون لطرف ضد آخر. لكن ما إن يخرجون للإعلام حتى يتبنون رواية النظام للأحداث، التي تقول بوجود عصابات مسلحة تعتدي على المدنيين وتدمر الأملاك العامة والخاصة، رواية لطالما رددها النظام منذ بداية الانتفاضة السورية، ورددها من ورائه الروس للأسف بدقة وأمانة لافتتين.
أذكر جيدا عندما التقينا بمسؤول العلاقات الدولية في مجلس الدوما الروسي، أنه بدا متفهما جدا لطروحات وروايات محاوريه، وبشيء من الاستغراب قال: " كل هذه المعلومات التي تقدمونها لنا (كان بصحبته السفير الروسي) يصلنا عكسها. فقلت له الجواب بسيط وهو : " أن القيادة الروسية للأسف تفتح أذانها فقط لروايات النظام، وتصدق كل ما يقوله حتى عبر إعلامه.ألا يخبرها خبراؤها العسكريون الموجودون في القطع العسكرية السورية، وعملاء استخباراتها عن حقيقة ما يجري على الأرض؟!من غير المنطقي ألا يحصل ذلك". ومع أنه وعد في نهاية اجتماع استمر لمدة ثلاث ساعات، كان خلالها يأخذ، في الغالب الأعم، دور السائل والمستفسر عن وقائع معينة، بأنه سوف ينقل المعلومات التي حصل عليها إلى الدوما الروسي، وخصوصا إلى لجنة العلاقات الدولية التي يرأسها، وإنه يعتقد بأن على روسيا أن تأخذ موقفا متوازنا من "أطراف النزاع" في سورية حسب رأيه، بل سوف يدعو زملاءه النواب الروس لممارسة الضغط على حكومة بلادهم لتضغط بدورها على السلطة السورية لتوقف حمام الدم في سورية. وكنا في حينه قد رحبنا بموقفه هذا، وطلبنا منه أن يفي بتعهده لنا حرصا على العلاقات التاريخية بين روسيا وسورية، وعلى مصالح روسيا بصورة عامة، لكنه في المساء عندما ظهر على الإعلام صرح عكس ذلك تماما وتبنى رواية النظام.
وفي لقاء آخر مع السفير الروسي الذي دعانا إلى مفاوضات غير رسمية مع النظام في موسكو الأمر الذي رفضناه في حينه بالمطلق، مع ذلك سألت السفير وهل تضمن بلاده أن ينفذ النظام السوري ما يتم الاتفاق عليه، أجاب بصراحة خالية من أية دبلوماسية أنهم لا يضمنون. فقلت له عندئذ هل يعقل أن تقوم روسيا وهي دولة كبيرة ومسؤولة بنوع من العلاقات العامة خدمة للسلطة السورية، ألا تدرك روسيا أنها في سلوكها هذا تعادي غالبية الشعب السوري، وتضع مصالحها في مهب الريح؟ أجاب، وقد عادت إليه روحه الدبلوماسية، بأن بلاده لا تنحاز لأي طرف من أطراف الأزمة السورية.
لماذا تتصرف روسيا بهذا الشكل؟ ما الذي يدعوها حقيقة للوقوف إلى جانب النظام والدفاع عنه، رغم الأضرار الدبلوماسية والسياسية التي لحقت بها عربيا ودوليا؟ هناك من يقول أن المصالح الروسية في سورية وضرورة الحفاظ عليها تلعب دورا حاسما في ذلك. وثمة من يقول أن سورية بالنسبة للروس هي آخر مكان لنفوذهم في الشرق الأوسط، وسوف يدافعون عنه حتى النهاية. وثمة رأي آخر يفسر وقوف القيادة الروسية إلى جانب النظام السوري، كنوع من الالتزام الذي تعهد به الاتحاد السوفييتي، الذي ورثته روسيا، في إطار اتفاقية الصداقة والتعاون التي وقعت بين سورية والاتحاد السوفييتي قبل انهياره. ورأي آخر ينبه إلى ضرورة عدم الاستهانة بالسوق السوري للسلاح الروسي، وكذلك بوجود قاعدة عسكرية لهم على البحر الأبيض المتوسط بالقرب من طرطوس. في الحقيقة أجد جميع هذه الأجوبة غير دقيقة وغير مقنعه، رغم أنها قد تكون حاضرة جزئيا وراء الموقف الروسي. الصحيح هو أن روسيا قد وجدت في الأزمة السورية مدخلا لها للخروج إلى المسرح الدولي كقطب من أقطابه، بعد جملة الإهانات التي وجهة لها من قبل أمريكا والدول الغربية عموما سواء في البلقان أو في الأزمة الجورجية أو الأرمينية، أو الليبية، أو حتى فيما يتعلق بقضايا التسويات السياسية بين العرب وإسرائيل، وغيرها. لقد استفادت القيادة الروسية من ضعف الاقتصاد الأمريكي الناجم عن الأزمة التي عصفت بالكيانات الاقتصادية الغربية عموما، وما ترتب عليه من انكماش سياسي ملحوظ لأمريكا على الصعيد العالمي، والخسائر الجسيمة التي تكبدتها في العراق وأفغانستان دون أن تحقق النجاح الذي كانت تتوخاه وتعمل عليه، إضافة إلى تعافي الاقتصاد الروسي وتحقيقه وتائر نمو عالية، وفيض الدولارات التي لديها(نحو 900مليار دولار أمريكي) المتأتي من تصدير الغاز والبترول الروسي إلى الدول الغربية، وغيرها من عوامل، اجتمعت جميعها لتؤسس أرضية صلبة لخروج النزعة الوطنية الروسية(إعادة الروح للقطبية السوفيتية) التي أطلقها فلاديمير بوتين الطامح إلى الرئاسة الروسية من جديد. إن من يراقب الإعلام الروسي وكذلك أداء الدبلوماسية الروسية يلاحظ بجلاء تركيزها على زوال الأحادية القطبية من المسرح الدولي، وإن العالم قد دخل في مرحلة تعدد الأقطاب، وأن روسيا لن تقبل بعد الآن أي تهميش لها فيما يتعلق بالقضايا الدولية. وإذا صح ذلك( وهو صحيح في الغالب الأعم) بحسب منطوق كلام الدبلوماسيين الروس الذين التقيناهم أيضاً، فإن من حق المواطن السوري أن يتساءل: ألم تجد روسيا سوى إراقة الدماء السورية مدخلا إلى عالمها المتعدد الأقطاب؟ وإذا كان عالم اليوم هو عالم المصالح الذي ترعاه الدبلوماسية، فإنكم أيها الروس تضحون بمصالحكم جملة وتفصيلا ليس فقط في سورية، بل في العالم العربي من جراء وقوفكم إلى جانب نظام يقتل شعبه.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبادرة كوفي عنان إنقاذ للنظام السوري
- عام على الثورة- الشعب يزداد تصميماً
- النظام السوري والمآل المحتوم
- حول دور القوى اليسارية في الربيع العربي
- رؤية هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي في ...
- عندما تأسرنا الكلمات
- النظام الذي نريد اسقاطه
- سأظل أقتلكم حتى ترفعو السلاح
- دلالات اجتياح حماة
- مجريات وثائق المؤتمر التشاوي لبعض المستقلين والمعارضين غير ا ...
- قراءة متانية في خطاب الرئيس بشار الأسد
- قراءة في رؤية لجان التنسيق المحلية لمستقبل سورية السياسي
- عبد الرزاق عيد وإعلانه في الخارج
- بمثابة مبادرة وطنية للانتقال السلمي المتدرج والآمن من النظام ...
- أفاق الزمن القادم
- الثورة في تونس وفي مصر بين القطع البنيوي والقطع التطوري
- عندما ينكشف المستور
- ليس بالخبز وحده يحي الإنسان
- شفافية الاقتصاد السوري
- حداثة أم تحديث؟!


المزيد.....




- شاهد رد فعل طالبة أثناء بث رسالة تحذير من جامعة فلوريدا يُشي ...
- الإليزيه يصف محادثات باريس حول أوكرانيا بـ-التبادل الممتاز- ...
- الكويت.. قرار بسحب الجنسية من 962 شخصا والداخلية تعلن عدة أس ...
- قتيل وجرحى بانقلاب حافلة مدرسية في ساوث كارولينا الأمريكية
- عامل غير تقليدي يرتبط بزيادة خطر السكتة الدماغية المبكرة
- مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة على أوتوستراد صيدا صور جنوب لبن ...
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تسحب مئات الجنود وتغلق 3 من قو ...
- البيت الأبيض يعيد تشكيل مجلس الأمن القومي وفق رؤية ترامب لـ- ...
- استطلاع: نصف الأمريكيين لا يريدون رؤية هاريس بمنصب حاكم ولاي ...
- حاكم فلوريدا يواجه انتقادات بعد تطبيق قانون الهجرة على مواطن ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - روسيا والدم السوري المسفوح