أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سوسن شاكر مجيد - الصدمات النفسية وآثارها على الاطفال















المزيد.....


الصدمات النفسية وآثارها على الاطفال


سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)


الحوار المتمدن-العدد: 3704 - 2012 / 4 / 21 - 20:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الصدمات النفسية وآثارها على الاطفال
تتضمن الصدمة النفسية مجموعة من المقدمات والنتائج حيث تشمل رؤية مواقف الموت او تهديد الحياة او فقدان احد الأطراف في الجسم او إصابات الرأس والتي تعتبر جميعها مسببات للاضطراب النفسي الحاد والمزمن . واذا كانت هذه الاضطرابات تحدث نتيجة حادث صدمي محدد ولكن هذا الحادث لايكفي وحده لتفسير مثل هذا الاضطراب . فعلى الرغم من ان كل شخص مر بخبرة صدمية مهددة للحياة وتأثر بها بدرجة او اخرى ، الا ان بعض الناس وفقا" لسماتهم النفسية وخصائصهم البيئية هم الذين يطورون الاعراض الخاصة بهذا الاضطراب . ان العامل المهم الذي يؤدي الى تحقيق " الصدمة النفسية " يكمن في ان المشقة الحادثة نتيجة الحدث الصدمي تقع خارج نطاق الخبرة الإنسانية .
ويشير اورسانو وزملاؤه Ursano et al 1994 الى أن الأحداث الصدمية Traumatic events احداث خطيرة ومربكة ومفاجئة ، وتتسم بقوتها المتطرفة ، وتسبب الخوف والقلق والانسحاب . والأحداث الصدمية ذات شدة مرتفعة وغير متوقعة وتتنوع في تأثيرها بين حادة ومزمنة . ويمكن ان تؤثر في شخص بمفرده او مجموعة أشخاص او تؤثر في المجتمع كله مثل الزلازل
وتكون الاستجابة للضغوط الصدمية فورية ( حادة ) او مؤجلة ( مزمنة ) وقد حدد بوني جرين Green 1993 الأبعاد العامة للخبرات الصدمية في :
تهديد الحياة ، او فقد أطراف الجسم ، الإصابة أو الضرر البدني الشديد ، تلقي إصابة او أذى مقصود ومدبر كالعنف ، التعرض لأمر بشع كاحتمال الموت مشوها" أو محترقا" ، فقد عنيف وفجائي لشخص حبيب نتيجة حادثة أو كارثة ، مشاهدة فعل عنيف لشخص حبيب ، التعرض لأمر مؤذ كالتعرض لمادة كيميائية أو الإصابة بمرض خبيث ، التسبب في موت شخص أخر أو في ضرر بليغ له .
وقد تأخذ الصدمة النفسية ثلاثة أشكال رئيسة هي :
1.أعراض الضغوط التالية للصدمة وتحدث في غضون الشهرين الأوليين بعد الحادث .
2.الاضطرابات النفسية الناتجة عن الصدمة ( استجابات مزمنة ) تظهر بعد مرور ستة أشهر من الحادث .
3.آلية التكيف والمواجهة ( استجابات تكيفية )
ووفقا" لفيجلي Figley 1985 تختلف الصدمة النفسية لدى الأفراد تبعا لمجموعة من العوامل أهمها :
1.ظروف الحادث الضاغط ( من صنع البشر ، عمر الضحية ، دوام الكارثة )
2.السمات النفسية للضحايا .
3.العمليات المعرفية التي تتضمن افتراضات عن خبرات الحياة .
4.تتحدد الاستجابات الانفعالية للحادث وفقا" لتفاعل عوامل الشخصية مع الموقف الضاغط .
5.ميكانزمات مواجهة الحادث .
6.سابق الإصابة باضطراب نفسي ( قبل الحادث ) .
تأثير الصدمات على الأطفال :
قد يواجه الأطفال مواقف وظروفا صعبة وضاغطة من الخبرات المؤلمة او الأحداث الصدمية ، كالعمليات الإرهابية او كوارث الحروب او الفقدان او الموت لأحد الوالدين او العنف الأسري او التصدع الأسري او الانتهاك الجسدي او الجنسي او الإساءة بمختلف أنواعها وغيرها من الإحداث تؤثر على مسار نموهم وارتقائهم وعلى اتجاهاتهم نحو المجتمع وعلاقاتهم بالآخرين ونظرتهم الى أنفسهم والحياة والمستقبل .
وتلك خبرات تنطوي على حالة " أزمة " قد يعيشها الطفل باعتبارها ردة فعل إزاء هذه المواقف والأحداث وبخاصة من المنظور الظاهراتي أي من حيث إدراك الطفل لتلك الإحداث او المواقف وتفسيره وتقديره لها .
لقد توفر لدى الباحثة العديد من البيانات والدلائل العلمية سواء على مستوى الخبرة او البحث او التنظير عن تأثير الأحداث الصدمية المذكورة أعلاه على الطفل . ويبرز من بين الجهود العلمية ذلك الاهتمام بصدمات الطفولة وهو اهتمام اخذ يتنامى مع كثرة ماصارت تتعرض له المجتمعات من حروب وكوارث وهجمات إرهابية وعنف وإساءة معاملة ، الى الحد الذي تبلورت معه صورة واضحة عن حجم ذلك التأثير على الأطفال ومداه وعمقه وشدته ، بل تكشف هذه الصورة انتقال ذلك التأثير الى الآخرين من أعضاء الأسرة والأقارب والأصدقاء والجيران وكذلك من احتمال انتقال ذلك التأثير من جيل الى آخر في الأسر المتضررة .
ويتبدى من هذه الصورة تلك الفئة من الأطفال المصدومين Traumatized children وما يعيشون فيه من ديناميات " دور الأسرة الضحية " Family victimization cycle الذين مروا بتجارب قاسية من الإساءة او سوء الاستخدام او الامتهان او شاهدوا موت او اعتقال او تعذيب الأب او احد أفراد الأسرة من قبل الإرهابيين وهؤلاء الأطفال تنطبق عليهم بالتالي محكات تشخيص " اضطراب الضغوط التالية للصدمة PTSD وما تستدعيه من مشكلات تنسحب على مجالات عديدة من حياتهم الاجتماعية والدراسية والصحية وغيرها .
ان تعرض العراق لثلاثة حروب متتالية والحصار الاقتصادي وما تلاها من عمليات إرهابية بسبب فقدان الأمن وعدم استقرار المجتمع أدت الى تعرض عدد كبير من الأطفال الى الخبرات الصدمية والتي تشير معظم الدراسات والأبحاث النظرية بان للخبرات الصدمية تأثير كبير على الصحة النفسية للأطفال وارتقاء شخصياتهم ومن الخطأ ان نفترض ان اثار الحدث الصدمي سوف تزول او تذوب مع الزمن لمجرد ان الاطفال ينمون (Terr 1983 ) .
ان الأحداث الصدمية يمكن ان تؤثر في أفراد الآسرة والمجتمع بطرق مختلفة كثيرة ، مباشرة وغير مباشرة . ويمكن ان تكون التأثيرات عميقة لتشمل الحياة الأسرية والعلاقات المتبادلة بين أعضاء الأسرة وتمتد هذه التأثيرات بدورها الى الأطفال الذين يبدون لذلك أشكالا عديدة من المشكلات المرتبطة باضطراب الوظائف العقلية المعرفية والوظائف الاجتماعية والعلاقات المتبادلة مع الآخرين والاضطرابات الانفعالية .
ان تأثير التجارب القاسية والأحداث الصدمية على الأطفال قد يفوق تأثيرها على الكبار ويرجع ذلك الى نقص نمو مهارات مواجهة الضغوط Coping skills واليات الدفاع Defense mechanisms بوصفها أساليب للتوافق مع المواقف الضاغطة وعواقبها كما يرجع كذلك الى طبيعة الطفولة ذاتها . فالطفولة فترة حساسة او مرحلة حرجة بقدر ماهي فترة من التغيرات والتحولات الجذرية التي تنطوي على صعوبات .
ففي عام 1180 م تم الاعتراف لاول مرة باضطراب مابعد الضغوط الصدمية PTSD وذلك في الصورة الثالثة من المرشد التشخيصي الإحصائي ( DSM_III_Westen 1998 p.534 )
وأصبح المصطلح معروفا بين الناس ومعترفا به في التصانيف الطبية النفسية حيث وصفته الصورة المنقحة للمرشد التشخيصي الإحصائي DSM_R1987 أي حادثة تكون خارج مدى الخبرة المضادة للفرد وتسبب له الكرب النفسي Distress كما انه لابد من التمييز بين اضطراب مابعد الضغوط الصدمية PTSD وبين اضطراب الضغط الحاد Acute Stress Disorder حيث يستعمل الثاني لوصف الحالة التي يكون فيها تماثل سريع للشفاء من ضغط الحادث الصدمي فيما يستعمل اضطراب مابعد الضغوط الصدمية PTSD لوصف الحالة التي لايحصل فيها شفاء سريع. ومشكلات تجعل الأطفال أكثر استهدافا لاضطراب التوازن ولنقص التوافق مع الذات والمجتمع . ولهذا يتوقع ان تتفاعل الضغوط الناجمة عن الأحداث الصدمية مع صعوبات او مشكلات النمو عند الأطفال الأمر الذي يجعلهم أكثر استعدادا للتأثر بتلك الأحداث وذلك مايعبر عنه ايريكسون Erikson,1959 بالأزمة المحتملة Potential crisis عند الأطفال .
لقد تزايد الاهتمام بالكشف عن صدمة الطفولة Childhood trauma فقد حدد الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع المعدل للاضطرابات النفسية الذي اصدرته الرابطة الامريكية للطب النفسي ) DSM-IV-TR2000 ) ان عوامل الضغوط الصدمية ينبغي ان تكون خارج حدود الخبرة العادية وان تكون من الشدة الى درجة تستدعي أعراض الضيق والاضطراب عند الأطفال بغض النظر عن درجة استهداف الطفل واستعداداته للتأثر بالصدمة Vulnerabilities او مصادر المواجهة Coping resources عنده مما كان لديه قبل التعرض للصدمة .
ان ردة الفعل للخبرة الصدمية ينظر اليه على انه استجابة حتمية وعامة بين الأطفال . وعلى الرغم من ان مظاهر الأعراض ومحتوى الاستجابة للخبرة الصدمية قد يتباين بين الأطفال وفقا لمتغيرات العمر وطبيعة الصدمة ومعناها بالنسبة الى الطفل ، الا ان المعالم العامة لرد الفعل التالي للصدمة تكون واحدة . وفي عرض الدراسات والأبحاث المتوافرة عن طبيعة صدمات الحروب والعنف والعمليات الإرهابية في الأطفال وتأثيراتها القصيرة المدى والبعيدة المدى عليهم . فيشير عكاشة الى ان 30% من مجموع سكان العالم يعانون من أزمات واضطرابات نفسية وعقلية ، وان في حياة كل شخص تقريبا أوقات محددة طويلة او قصيرة يشعر فيها بالاضطراب او يعاني من حالات يوشك فيها على الانهيار. اما " فيرونيكا اسبانوفيك " Ispanovik 1993 " فتشير الى انه تتوافر دلائل قوية على ان التعرض للصدمات يفجر اضطرابات الضغوط التالية للصدمة PTSD عند الأطفال ، في حين ان الفقدان تتبعه ردود فعل الاسى والحزن ، بينما يتسبب القلق على الاخرين في نشأة اعراض قلق الانفصال عند الأطفال . ولهذا ان مواقف الحرب تنطوي على تاثير تراكمي Cumulative effect بسبب مايميز الحروب خاصة من صدمات متعددة Multiple Traumas . وذلك لان الأطفال أثناء الحروب يشعرون بالخطر والمخاوف والذعر ويصابون بالصدمة ٍshock . ان الأطفال الذين يعيشون أجواء الحروب ، ويشاهدون القتلى والدماء ، او ذبح احد المقربين اليهم ، او سماع أصوات القنابل ، او يشاهدون العنف من خلال التلفزيون سيصابون حتما" باضطرابات الضغوط مابعد الصدمية PTSD . ولقد تطور البحث في تأثير الحروب والهجمات الإرهابية على الأطفال من مجال علم النفس المرضي الى التأثيرات بعيدة المدى على النمو النفسي والاجتماعي والمعرفي للأطفال المصدومين .
لقد توصل Munson 1995 الى مشكلات أمكن تشخيصها وتعرفها عند هؤلاء الأطفال تتضمن مشكلات :
التفكك Dissociation واجبار التكرار Repetition والوحدة Loneliness إضافة الى الأحلام والكوابيس .
ويرى "يول وكانتربوري Yule & Canterbury 1994 إن الأطفال يتفقون مع الكبار في أعراض استرجاع الخبرة الصدمية وردود الفعل الاحجامية والاستثارة الزائدة . وقد يخبر الأطفال صعوبات الانفصال ، والغضب anger، والوحدة ومشكلات الذاكرة والاكتئاب ، والقلق anxiety والصدمة shock واللوم blame والعجز helplessness وصعوبات في الشعور بالسعادة difficulty feeling happey والتعب والارهاق fatigue & exhaustion الارق insomnia وازدياد الالام في الجسم increased physical pain وانخفاض جهاز المناعة reduced immune response والصداع headaches وضعف الشهية للطعام decreased appetite والانسحاب الاجتماعي social with drawl وانخفاض القناعة decreased satisfaction وازدياد الخلافات increased relational conflict والنفور alienation وضعف الانجاز في العمل impaired work performance وضعف الانجاز في المدرسة impaired school performance وضعف التركيز impaired concentration وضعف القدرة على اتخاذ القرار impaired decision making ability الشك disbelief والحيرة والارتباك والتشويش confusion وانخفاض احترام الذات decreased self – esteem وانخفاض الضمير decreased self – efficacy .
وقد يبدي الأطفال الأصغر سنا سلوكا نكوصيا وتدميريا" ، وشوهد الأطفال وخاصة الذكور قد ازدادت لديهم ظاهرة السلوك العدواني في البيت والمدرسة كما أصبح بعض الأطفال منعزلين وغير قادرين على التعبير الانفعالي ، ويشعرون بالكسل والحزن .
وتتباين المشكلات والاضطرابات وأعراضها عند الأطفال الذين شاهدوا الوالدين او احدهما او أعضاء من الاسرة وهم يقتلون او يعذبون وان هذه المشكلات والاضطرابات وما تأخذه من مظاهر وأعراض تمتد الى الجوانب الإدراكية والمعرفية والخيالية والانفعالية والسلوكية والاجتماعية من حياة الطفل .
وتقدم نتائج العديد من البحوث بيانات وفيرة عن النتائج والعواقب البعيدة المدى للمشكلات والاضطرابات التي قد تتطور وتتفاقم مع مضي الوقت عند الأطفال الذين تعرضوا لهذه الأحداث الصدمية . ففي دراسة أجريت على أطفال كرواتيا عام 1994 الذين شاهدوا النزاعات المسلحة والهجمات على مدارسهم ومنازلهم كما شاهدوا الموتى والجرحى والاطلاقات النارية والقنابل وفقدوا احد أفراد العائلة فقد كانوا أكثر انسحابا ولديهم اضطرابات في الأكل والنوم والكوابيس والاضطرابات السلوكية والعدوان إضافة الى بعض الجوانب الانفعالية كمخاوف الانفصال وبعض المخاوف العامة.
ان الاضطرابات النفسية تؤثر سلبا وبشكل واضح من حيث أداء الفرد وعلاقاته مع الآخرين مقترنة بالمعاناة والألم والحزن وعدم الاستقرار والنقص والإحباط ويكون تأثير الاضطرابات النفسية اشد وطأة على الفرد من الإمراض الجسمية وان الاضطراب النفسي حالة شاملة تؤثر في الإحساس والمشاعر والذات ويمتد التأثير الى الإدراك والعمليات العقلية .
وتشير الكثير من الدراسات الى ان التعرض للأحداث الصدمية قد ينتج عنها اضطرابات نفسية وجسمية لدى المعترضين لها حيث وجدت دراسة Anthony 1986 ان الأفراد بعد الأزمة يشعرون بنقص واضح بالأمن والشعور بالألم النفسي الشديد .
كما ان المشكلات والاضطرابات التي قد تنشا عند الأطفال يمكن ان تنسحب على المناخ الاجتماعي وماقد يشيع فيه من عوامل الشعور بالتهديد والقلق والتوتر وانعكاساتها على العلاقات المتبادلة بين الأفراد في المجتمع وعلى فعالياتهم في الحياة .
ووجدت دراسة Gladstone2004 الى وجود ارتباط مابين التعرض للعنف في الطفولة وبين وجود بعض المشكلات النفسية كالاكتئاب والقلق وإيذاء الذات والعنف واضطرابات الهلع . أما في أواخر المراهقة وبداية الرشد وهو العمر الذي يتكامل فيه بناء الشخصية تتزايد احتمالات التعرض لمشكلات في الشخصية بالنسبة للفرد الذي تعرض للعنف في طفولته حيث تتأثر الجوانب المعرفية والانفعالية والتفاعلية والسلوكية وهي المجالات الأساسية لتكوين الشخصية. فيعيش المراهق في مشاعر متناقضة بين الحب والكره وتذبذب المزاج ونظرة دونية للذات وكلها أعراض لاضطرابات الشخصية .
وأشارت دراسات اخرى الى أن حرمان الطفل من الحاجات الأساسية والحب العاطفي والراحة والنوم او حرمانه من الأم والأب او الدراسة تترك أثارا عميقة داخل نفس الطفل تؤدي الى مشاكل عديدة مع نفسه والآخرين في المستقبل .
إن الضغوط مابعد الصدمية تبدأ من الخوف الشديد لتصل الى حالة من الرعب والذهول وتمتد الى مدى عدة سنوات تجعلنا نصف الحالة ضمن الاضطراب مابعد الضغوط الصدمية والمراحل التي يمر بها الفرد هي :
1.الأحداث المرعبة
ان الحوادث المرعبة الأكثر شيوعا والتي ينجم عنها الإصابة بأضطرابات الضغوط مابعد الصدمية ptsd هي الكوارث البيئية مثل الحرائق والزلازل والفيضانات والعواصف والبراكين ، الحروب ، الاغتصاب الجنسي ، العمليات الإرهابية ، فتخلف الجرحى والموتى وفقدان المساكن والتشرد والانقطاع المفاجئ للتواصل الأسري ، فتولد مشاعر التهديد والخوف الشديد نتيجة مواجع الموت والعوز وصعوبات الحياة اليومية والمستقبلية .
2.صعق الحواس
ان قوة وشدة المنبه وبصورة فجائية تؤدي الى صعق الحواس وقد تتاثر حاسة واحدة او عدة حواس مثل سماع الاصوات المدوية للانفجارات يليها الصعق الثاني المتعلق بعواقب الكارثة مثل مشاهدة الجدران والمباني باكملها وهي تتحول الى اكوام على الارض .
3.الضغط النفسي
وهي حالة من الضغط تهيئ الفرد وتجعله في حالة استنفار امام خطر يهدد حياته وتتمثل في رد فعل بيولوجي وفسيولوجي ونفسي ينتج عن افراز شحنات من الادرينالين التي تعطي من الناحية الفيزيولوجية تسارع دقات القلب وتوتر العضلات وتدفق الدم الى الاعضاء الحساسة ومن الناحية النفسية زيادة النباهة والتركيز ورفاهة الاحساس .
4.تشخيص اضطرابات الضغوط مابعد الصدمية
ويحدد الدليل التشخيصي والاحصائي الرابع المعدل للاضطرابات النفسية عددا من المعالم والمحكات الرئيسة للاطفال الذين يخبرون صدمة او يعيشون ازمة منها :
أ-استعادة خبرة الحدث الصدمي على نحو مستديم ويتم ذلك على شكل استرجاعات او ذكريات مؤلمة ومتكررة للحدث بما فيها الصور الذهنية والأفكار والادراكات وقد يحدث ذلك لدى الأطفال في شكل لعب تكراري حيث يعبر الطفل فيه عن موضوعات او جوانب صدمية .
ب.اضطرابات الوظيفة المعرفية والإدراكية فالأطفال يذكرون حالة الذعر والخوف التي مروا بها دون نسيان أدنى حدث ولكن بصفة غير متتالية زمنيا . كما انهم يعانون من ضعف القدرة على اتخاذ القرار واضطرابات تعليمية وتشمل التوتر وفرط الحركة وضعف التركيز والانتباه وصعوبات في التعلم والاستيعاب والحفظ وعدم انتظام الدوام .
ج.فرط النشاط العصبي والانفعالي اذ يتصف الأطفال المصابون بالصدمة بالذعر، وسرعة الغضب ، واللوم والتوبيخ ، والشعور بالذنب ، والأسى والحزن ، والقلق والعجز وفقدان الشعور بالسعادة والحب ، والتشاؤم من المستقبل .
د.اضطرابات النوم كالارق والاستيقاظ المتكرر من النوم بسبب الاحلام المزعجة يصحبه خفقان القلب والتعرق والقلق الشديد دون تذكر الحلم المزعج .
هـ.اضطرابات في تناول الغذاء كفقدان الشهية او الافراط في تناول الطعام .
و.اضطرابات نفسية –جسمية : كالتعب والإرهاق والصداع وزيادة الشعور بالآلام الجسمية والآلام في البطن والشد العضلي وخفقان في القلب والتعرق والتقيؤ والحساسية وسقوط الشعر والربو والإصابة بمرض السكر والإصابة بالإمراض وانخفاض جهاز المناعة .
ز.اضطرابات تعليمية وتشمل التوتر وفرط الحركة وضعف التركيز والانتباه وصعوبات في التعلم والاستيعاب والحفظ وعدم انتظام الدوام .
ح.تاثر العلاقات الشخصية : انخفاض العلاقات الاجتماعية والاتصال بالآخرين والسلوك التجنبي وازدياد الخلافات بين الأصدقاء وضعف الانجاز في العمل وفي المدرسة وانخفاض تقدير الذات وفقدان الثقة بالنفس والاكتئاب والقلق العام والرهاب المحدد والخاص بالكارثة والخوف من الغرباء وغيرها .
ط-ان تأثير الصدمة قد ينتقل بشكل غير مباشر الى أطفال آخرين مثل الجيران ورفاق المدرسة والأتراب وقد اطلق Terr 1987 على هذه الظاهرة بالصدمة المتنقلة Vicarious trauma او يرى باحثون آخرون بان الخبرات الصدمية تمتد عبر الأجيال فتنتقل كمشكلات واثار سلبية من جيل الى آخر في المجتمع .
ردود فعل الصدمات على الأطفال في مراحل النمو المختلفة :
على الرغم من ان المعالم العامة لتأثير الصدمات على الأطفال تكون متماثلة عند كل الأطفال الا أنها تتباين بينهم وفقا للبعد ألنمائي أي وفقا لمتغير العمر ولخصائص النمو ومتطلباته ومشكلاته في مراحل النمو المختلفة . ويبرز بعض الباحثين في هذا الميدان ومنهم Eth&phnoos 1985 ردود فعل عمرية Age specific reaction للحدث الصدمي وللضغوط التالية للصدمة وللمشكلات الناجمة عنـها وذلك في مراحل النـمو من الطفولة الى المراهقة وهي كما يلي
1.الأطفال في سن ماقبل المدرسة من عمر ( صفر -5سنوات ) :
ان الأطفال في سن ماقبل المدرسة من الميلاد وحتى سن السادسة يعتمدون على الكبار في رعايتهم وفي شعورهم بالحماية والآمن والسلامة . وهم يبدون عجزا وسلبية حينما يواجههم موقف باعث على التهديد الامر الذي يتطلب مساعدة من الكبار كي يشعروا بالسند والأمن معهم ويدرؤوا عنهم الموقف المهدد وحمايتهم منه .
ويتصف الأطفال الصغار بأنهم تعوزهم القدرة على تخيل الطرق التي تقيهم من الصدمة او تغيرها . ولذا فهم يشعرون غالبا بنقص الأساليب الدفاعية ويخبرون بأنه لاتوجد طريقة للهرب من الموقف الضاغط او لتجنبه ، وقد يترتب على الخبرة الصدمية عند الأطفال في هذه المرحلة أنهم قد يبدون حالة من الصمت والانسحاب او حتى من عدم القدرة على الكلام او تناول الطعام او اللعب .او قد يتم التعبير عن خبرات الحدث الصدمي بشكل غير مباشر كان تظهر بعض عناصر الحدث في نشاط اللعب عند الطفل .
ويستجيب الطفل تحت سن أربع سنوات للصدمة غالبا بسلوك التعلق القلق Anxious ِAttachment Behaviour الذي يأخذ شكل قلق الانفصال Separation Anxiety او القلق من الغرباء Stranger Anxiety ومن ثم فأنهم غالبا مايتعلقون بالوالدين او الكبار ويبدون خوفا من الذهاب الى النوم وتصدر عنهم ثورات غضب إذا تركوا لوحدهم . وقد تنشا عندهم كذلك مظاهر اخرى من السلوك النكوصي أي الارتداد الى ممارسات مميزة لفترات سابقة من نموهم في هذه المرحلة كالتبول في الفراش او مص الأصابع او الخوف من الظلام .
كما ان الأطفال يعانون من اضطرابات النوم مثل الكوابيس Nightmares والفزع الليلي Night Terrors والمشي أثناء النوم Somnambulism والكلام أثناء النوم Sleep talking وغير ذلك .
واذ يتصف الأطفال الصغار بمقدرة محدودة على تحمل الحزن فأنهم قد يستخدمون أشكالا مختلفة من الإنكار او الرفض وذلك لتخفيف شعورهم بالألم .
2.الأطفال في سن المدرسة من عمر ( 6-11 ) سنة :
ان الأطفال في هذه المرحلة العمرية يعانون من صعوبات في التركيز ولذلك فان مستوى الأداء المدرسي غالبا ماياخذ في التدهور عندهم . وغالبا مايعزى تناقص قدرة الطفل على التركيز الى مايغمر الطفل من أفكار وذكريات عن الصدمة او الى تأثير انفعالات الاكتئاب على العمليات العقلية عند الأطفال كما ان الطفل يعبر عن الغضب والعدوانية والانعزال وصعوبات في الدراسة .
كما ان الاطفال في هذه المرحلة العمرية يتعاملون مع الحدث الصدمي في الخيال ويصبح نشاط اللعب واستعادة أحداث او خبرات الحدث الصدمي في لعبهم ، أكثر هيمنة على نشاط الأطفال في هذه السن . وفيما يتعلق بأحداث الموت فان الأطفال في هذه السن يدركون مفهوم الموت بمعنى اكثر واقعية . كما ان الأطفال في هذه المرحلة يكونون اما أكثر سلبية وعدم تلقائية او أكثر عدوانية . وهذه التغيرات السلوكية قد تؤثر في علاقاتهم مع أقرانهم وتؤدي الى العزلة الاجتماعية .
ويبدو على الأطفال في هذه السن بعض المشكلات الصحية التي تتمثل في كثرة الشكوى من الصداع والالآم المعدة وغير ذلك مما يعكس اضطرابات نفسية جسمية .
3.المراهقة من عمر ( 12-18 ) سنة :
ان المراهقين المصدومين قد يجدون أنفسهم مضطرين ان يضطلعوا بدور الكبار عقب الصدمة . وقد يؤدي الفقدان الصدمي لأحد الوالدين او مشاهدة العنف الى تكوين هوية ناقصة النضج . ويلجأ المراهقون الى مزاولة أنماط سلوكية موجهة الى تدمير الذات Self-Bestructive Behaviors باعتبارها أسلوبا لأبعاد أنفسهم عن قلق الذكريات الصدمية .كما ان سلوك التمرد يبدو واضحا ويصبحون اكثر تورطا في ممارسة أفعال مضادة للمجتمع . وقد يقضي المراهقون فترة طويلة في التورط في افعال منافية لقواعد النظام والقانون مثل الهروب من المدرسة والانحرافات الجنسية وتعاطي العقاقير والمخدرات والجنوح .
وتعد جماعة الأقران بالنسبة الى المراهقين بعدا مهما في حياتهم ولذا فأنهم يشعرون بالخوف او العزلة او بنقص الانتماء اليهم او بالاغتراب عنهم .
كما إنهم كثيرا مايبدون قصورا في نظرتهم الى المستقبل او في التفاؤل بالمستقبل وغالبا ماتهتز افتراضاتهم الأساسية عن الحياة وعن أنفسهم وعن الآخرين . ونستخلص مما سبق عرضه الى أن مرحلة الطفولة مرحلة مهمة جدا تحتاج الى الرعاية والحماية والى ضمان حقوق الطفل . وعندما يشعر الطفل بالأمن والحماية يصبح مستعدا لمواجهة تحديات النمو وتتوثق علاقاته بأسرته وأصدقائه وجيرانه مما يشعره بالسعادة ويسهم كل ذلك في بقية مراحل حياته بشكل ايجابي
ان الأعمال الإرهابية وأعمال العنف والإساءة للطفل سيكون لها التأثير البالغ على المدى القريب والمدى البعيد من حياة الطفل الذي يتعرض للإساءة في طفولته فقد يصبح عنيفا ، مشاغبا " حركيا ، قلقا " منطويا" مكتئبا" ، خائفا " فضلا عن اصابته بالعديد من الاضطرابات النفسية ومعاناته من العديد من المشاكل التربوية والاجتماعية .



#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)       Sawsan_Shakir_Majeed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اهمية الرضا الوظيفي للمعلمين في العملية التربوية
- العدوان، مفهومه، نظرياته، اشكاله، والفروق بين الجنسين
- مشكلات السلوك التكيفي للاطفال بطيئي التعلم
- ترتيب الجامعات العالمية مالها وماعليها
- تعرف على الويبومتركس لترتيب الجامعات العالميةWebometrics Ran ...
- تطوير مناهج التعليم العام ( الرياضيات) بدءا من رياض الأطفال ...
- ضبط جودة التعليم، وفوائده ، ومجالات تطبيق الجودة الشاملة في ...
- المخاوف المرضية وأعراضها وأساليب قياسها
- معايير التقويم الشامل وأساليب تحقيقها
- مَفْهُومِ الجَوْدَةِ ومراحل تطورها
- مفْهُوم الجَوْدَة الشَّامِلَة فِي التَّعْلِيْم
- الشخصية العصابية واهم خصائصها
- عناصر ومجالات جودة التعليم الجامعي
- تعرف على أَبْرَزُ الرُوَّادِ والعلماء الَّذِيْنَ أَرْسَوْا ق ...
- ابرز المؤشرات والمؤسسات المعتمدة في ترتيب الجامعات الصينية
- ابرز المؤشرات والمؤسسات المعتمدة في ترتيب الجامعات البريطاني ...
- الشخصية الاتكالية خصائصها وعلاقتها ببعض المتغيرات
- التقويم التربوي وانواعه ومجالات استخدامه
- الرهاب الاجتماعي مفهومه وأنواعه و مظاهره وأسبابه وأساليب الو ...
- أهمية استخدام التقويم البديل Alternative Evaluation في العمل ...


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سوسن شاكر مجيد - الصدمات النفسية وآثارها على الاطفال