|
حتى يتنور العالم بنور الاتفاق
كرمل عبده سعودي
الحوار المتمدن-العدد: 3704 - 2012 / 4 / 21 - 16:23
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لفت انتباهي اليوم عند مشاهدتي لنشرة الاخبار الكم الهائل من العداء اعتدنا أن نري ذلك في مابين بعض الدول والزعماء ولكن الغير معتاد أن نراه مابين ابناء الدولة الواحدة شمال وجنوب واعلنت الحرب وبدا الشعب ينقسم ويعلن بصراخ يشبه الهذيان الحرب والانتقام والقضية هي من المركد ان لها اسباب وجذور ولكن لتعصب الإنسان وعدم مقدرته علي تجاوز تلك العصبية ومحاولة إيجاد وسيلة للتفاوض معتبرا أن كل فرد علي هذه الدولة هو أخ وشريك معه في التعايش بسلام وكرامة والارض خلقها الله ليعيش عليها الإنسان ويعمرها فكيف يتحول الي مخرب ومعادي لو حولنا هذا الجهد المبذول في الكراهية الي جهد في إيجاد المحبة والالفة واللجوء الي الطرق السليمة ومن خلال القوانين المشرعه والتي تسن للحفاظ علي الحقوق يمكن تجاوز هذه الازمات وبدلا من الخراب يكون العمار وبدلا من الهدم يكون البناء وفي الخطبة التالية والتي القاها حضرة عبد البهاء المبين لتعاليم الدين البهائي لحكمة وعبرة نطلع عليها عليها تزيل ظلمة وغشاوة الحاصل وتفتح في قلوب البشر نافذة جديده علي المحبة والالفة يا أهل العالم، إذا سرتم في الأرض ومشيتم في مناكبها وجدتم أنّ كلّ ما هو معمور سببه الألفة والمحبّة، وأنّ كلّ ما هو مطمور ناتج عن العداوة والبغضاء. ومع ذلك لم ينتبه الجنس البشريّ إلى ذلك ولم يفق من سبات الغفلة، وما زال البشر يفكّرون في الخلاف والنّزاع والجدال وحشد الجيوش لتصول وتجول في ميادين النّزال والقتال. وإذا نظرتم إلى الكون والفساد والوجود والعدم وجدتم أنّ كلّ كائن مركّب من أجزاء متنوّعة متعدّدة، وأنّ وجود الشّيء ناتج عن التّركيب بمعنى أنّ الإيجاد الإلهيّ إذا أحدث تركيبًا معيّنًا بين العناصر البسيطة تشكّل من هذا التّركيب كائن معيّن. وجميع الموجودات على هذا المنوال. فإذا حدث في هذا التّركيب خلاف أو تحلّلت أجزاؤه وتفرّقت انعدم هذا الكائن. ومعنى ذلك أنّ انعدام الشّيء ناتج عن تحليل عناصره وتفرّقها. وعلى هذا فكلّ تركيب وتآلف يتمّ بين العناصر هو سبب الحياة، وكلّ اختلاف وتحلّل وتفرّق يدبّ بينها هو علّة الممات. وبالاختصار إنّ تجاذب الأشياء وتوافقها سبب لحصول النّتائج المفيدة والثّمار الطّيّبة، وإنّ تنافر الأشياء واختلافها سبب للاضمحلال والاضطراب. فمن التّآلف والتّجاذب تتحقّق جميع الكائنات ذات الحياة مثل النّبات والحيوان والإنسان، ومن التّنافر والخلاف يحصل الانحلال ويدبّ الاضمحلال. ولهذا فإنّ كلّ ما ينتج عنه الائتلاف والتّجاذب والاتّحاد بين عامّة البشر هو علّة حياة العالم الإنسانيّ، وكلّ ما ينتج عنه التّنافر والاختلاف والتّباعد هو علّة ممات النّوع البشريّ. وكلّما مررتم بإحدى المزارع ولاحظتم الزّرع والنّبات والورد والرّيحان ينمو منسجمًا متآلفًا كان ذلك دليلاً على أنّ هذه الحديقة نمت على يد بستانيّ كامل تعهّدها بالتّهذيب والإنبات، أمّا إذا شاهدتم الحديقة مشعّثة مضطربة بلا ترتيب ولا نظام استنتجتم أنّها حرمت من عناية البستانيّ الماهر فنمت فيها الأعشاب الضّارّة فأتلفتها. من ذلك يتّضح أنّ الألفة والالتئام دليل على تربية المربّي الحقيقيّ، وأنّ الفرقة والتّشتت برهان على الحرمان من التّربية الإلهيّة والبعد عنها. ولعلّ معترضًا يقول: إنّ لأمم العالم وشعوبه وملله آدابًا ورسومًا مختلفة، وأذواقًا متباينة، وطبائع وأخلاقًا متعدّدة، وإنّ العقول والأفكار والآراء متفاوتة فكيف تتجلّى الوحدة الحقيقيّة ويتمّ الاتّحاد التّام بين البشر؟ فنقول: إنّ الاختلاف نوعان: أحدهما: الاختلاف المسبّب للانعدام والهلاك، كالاختلاف بين الشّعوب المتنازعة والملل المتقاتلة تمحو إحداها الأخرى وتخرّب وطنها وتسلبها الأمن والرّاحة وتعمل فيها القتل وسفك الدّماء. فهذا النّوع من الاختلاف مذموم. أمّا النّوع الآخر من الاختلاف فهو التّنوّع. وهذا هو عين الكمال وموهبة ذي الجلال. لاحظوا أزهار الحدائق: فمهما اختلف نوعها وتفاوتت ألوانها وتباينت صورها وتعدّدت أشكالها إنّها لمّا كانت تُسقى من ماء واحد، وتنمو من هواء واحد، وتترعرع من حرارة وضياء شمس واحدة فإنّ تنوّعها واختلافها يكون سببًا في ازدياد رونقها وجمالها. وكذلك الحال إذا برز إلى حيّز الوجود أمر جامع – وهو نفوذ كلمة الله – أصبح اختلاف البشر في الآداب والرّسوم والعادات والأفكار والآراء والطّبائع سببًا لزينة العالم الإنسانيّ. أضف إلى هذا أنّ هذا التّنوّع والاختلاف سبب لظهور الجمال والكمال، مثله في ذلك مثل التّفاوت الفطريّ والتّنوّع الخلقيّ بين أعضاء الإنسان الواقعة تحت نفوذ الرّوح وسلطانها. فإذا كانت الرّوح مسيطرة على جميع الأعضاء والأجزاء، وكان حكمها نافذًا في العروق والشّرايين كان اختلاف الأعضاء وتنوّع الأجزاء مؤيّدا للائتلاف والمحبّة وكانت هذه الكثرة أعظم قوى للوحدة. ولو كانت أزهار الحديقة ورياحينها وبراعمها وأثمارها وأوراقها وأغصانها وأشجارها من نوع واحد ولون واحد وتركيب واحد وترتيب واحد لما توفر لمثل تلك الحديقة أيّ رونق ولا جمال بأيّ وجه من الوجوه. أمّا إذا تعدّدت ألوانها واختلفت أوراقها وتباينت أزهارها وتنوّعت أثمارها تسبّب كلّ لون في زينة سائر الألوان وإبراز جمالها وبرزت الحديقة في غاية الأناقة والرّونق والحلاوة والجمال. كذلك الحال في تفاوت الأفكار، وتنوّع الآراء والطّبائع والأخلاق في عالم الإنسان. فإنّها إذا استظلّت بظلّ قوّة واحدة، ونفذت فيها كلمة الوحدانيّة تجلّت وهي في نهاية العظمة والجمال والعلويّة والكمال. ولا شيء اليوم يستطيع أن يجمع عقول بني الإنسان وأفكارهم وقلوبهم وأرواحهم تحت ظلّ شجرة واحدة غير قوّة كلمة الله المحيطة بحقائق الأشياء. فكلمة الله هي النّافذّة في كلّ الأشياء. وكلمة الله هي المحرّكة للنّفوس. وكلمة الله هي الضّابطة لروابط عالم الإنسان. والحمد لله أن قد أشرقت اليوم نورانيّة كلمة الله على جميع الآفاق، وأن استظلّ بظلّ كلمة الوحدانيّة قبيل من كلّ الفرق والطّوائف والملل والشّعوب والقبائل والأديان، وهم مجتمعون ومتّحدون ومتّفقون وفي غاية الائتلاف.
حضرة عبدالبهاء : خطب عبدالبهاء في أوروبا وأمريكا
#كرمل_عبده_سعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعملوا حدودي حبا لجمالي
-
القيادة الاخلاقية
-
وداعا ابراهيم الفقي
-
الصراع مابين المادية المنتشرة والدين
-
دين الله واحد
-
من اخل إحياء القيم الإنسانية
-
منع الاذدراء والعنف ضد المراة
-
هل حقا الغاية تبرر الوسيلة
-
خالص التهاني
-
العلم والدين هل يتفقان
-
تعليم المراة احد واهم اسباب محاربة الايدز
-
تغيير مسار البشرية للأفضل
-
تقدير قيمة الوحدة والعدالة
-
حتى لانسير عكس التيار
-
من أين اتي الاختلاف بين الاديان
-
في البحث عن الذات كن الاقوي دائما
-
التناقضات بين مانؤمن به وما نقوم بعمله
-
الاضطراب يعم العالم
-
نصائح للملوك والرؤساء من الآثار البهائية
-
الدين مابين الجوهر والمظهر
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|