أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادية الشربيني - أبو إسماعيل نموذجا للسلفية السياسية














المزيد.....

أبو إسماعيل نموذجا للسلفية السياسية


نادية الشربيني

الحوار المتمدن-العدد: 3699 - 2012 / 4 / 15 - 23:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


وتتوالى الأحداث ملتهبة في قضية جنسية أم حازم أبو اسماعيل... فمبدئيا السيدة لم ترتكب خطأ بحصولها على الجنسية الأمريكية، بل، ومما يثبت أنها كانت تأخذ موضوع جنسيتها الأمريكية بجدية، أنها شاركت في انتخابات الرئاسة الأخيرة بالولايات المتحدة. ومن الواضح أيضا أن عائلة أبو اسماعيل لديها أفراد آخرين من الجيل الأول والثاني حاصلين على الجنسية الأمريكية. ولابد أن أبو اسماعيل كان يدرك تماما وجود شرط "نقاء الجنسية" للمرشح الرئاسي فيما استفتي عليه الشعب من تعديلات. لكن المرشح السلفي تجاهل هذه الحقيقة المرة، وتكاتف مع التيار الإسلامي كله لقول نعم في استفتاء مارس، لأن الصفقة كانت "نعم" مقابل احتكار الدستور وكراسي البرلمان. أبو إسماعيل كان يتبع قانون المكسب والخسارة وليس المصلحة الوطنية مع شديد الأسف. فلو كان مقتنعا بنفسه كمرشح رئاسي، لكان اعترض على تلك المادة التي تشترط عدم حصول المرشح أو أحد والديه على جنسية دولة أخرى حتى لو تنازل عنها. لم يفكر أبو إسماعيل في النضال في هذا الاتجاه لإزالة هذا الشرط العنصري من شروط الترشح والذي يتضمن طعنا في وطنية ملايين المصريين ممن عاشوا خارج مصر وتجنسوا بجنسيات أخرى، وحرمانهم من أحد الحقوق الدستورية. بل ترك أبو إسماعيل الأمور تسير في طريق التمهيد لحكم الإسلاميين لظنه أن حظه الأوفر في هذا الاتجاه. رغم أن أبو إسماعيل كان صوتا ثوريا مختلفا في المشهد السلفي وانحاز إليه أشخاص لا ينتمون بالضرورة إلى التيار السلفي، إلا أنه في النهاية ملتزم بالمنهج السلفي مذهبيا وكذلك سياسيا. فقد أدار أزمته تلك بنفس الطريقة التي أدار بها البلكيمي أزمة أنفه. فالبلكيمي أخذ على حين غرة حين انكشف ستره، وسارع حزبه بالتبرؤ منه علنا، إلا أنه في الحقيقة ما زال يمارس عمله تحت قبة البرلمان، أيا كان حجم إنجازاته كنائب. وقد جنى شهرة واسعة جعلت اسمه، الذي كان مقدرا له أن يظل مجهولا، يخرج للعلن، ولم تطاله يد التأديب أو المساءلة. بل إن كذبه قد تحول بقوة الفكر السلفي إلى "وسوسة شيطان" ورغبته في تحسين شكل أنفه تحول إلى أن "أنفه كان يعيقه أثناء السجود". أي أن اعتذاره المبدئي كان فارغا من المضمون، ويبدو أنه أتى نتيجة ضغط حزب النور والمتحدث باسمه نادر بكار. لم يلتفت البلكيمي ولا مرة لأي قيمة أخلاقية أو حتى لمنطق النزاهة في تعامله مع أزمة الأنف، بل حول الأمر برمته إلى دفة المقدس، حين تكتسي المعاني بكساء مقدس يمنع الاقتراب منها بالتشكيك والنقد، وحين يكون من السهل خلط الصح بالخطأ بطريقة تجعل الخير والشر متساويين.
في قلب أزمة جنسية والدته، أدى أبو إسماعيل نفس أداء البلكيمي، لكن بطريقة أوسع نظرا للفارق بين أهمية الشخصيتين السلفيتين، البلكيمي وأبو إسماعيل. فقد أنكر أبو إسماعيل الأمر في البداية باستخفاف لأنه، كما يبدو، لم يتوقع أن تكون جنسية والدته عائقا أمام ترشحه، ليس اعتمادا على تفعيل قانون الترشح للرئاسة، لكن اعتمادا على الصفقة المعقودة بين الإخوان والعسكر. وهذه الصفقة تشمل السلفيين باعتبارهم أصحاب مشروع مشابه لمشروع الإخوان وباعتبارهم التابع المخلص الأمين لهم، والذي أثبت إخلاصه وولاءه في البرلمان برفع الأيدي حين يتطلب الأمر دعم قرار من الإخوان والانحياز لهم في تكتلهم ضد كل ما هو خارج التيار الإسلامي السياسي. بعد الإنكار توالت الاثباتات من كافة الاتجاهات وكان أقواها، بعد شهادة من عرفوا السيدة الراحلة، هي الأوراق الرسمية التي أتت من الولايات المتحدة. لكن أبو إسماعيل فضل المضي قدما في طريق الكذب المدثر بالمقدس، والذي يحميه من العصف به على مقياس الأخلاق. فصار أعداؤه هم أعداء الدين، متهما الجهات الرسمية بالكفر والعربدة، كما هدد أنصاره بالقيام بعمليات استشهادية. وهي لغة معتادة في الخطاب السلفي القائم أساسا على تجريم كل ما هو غير سلفي واستعمال العنف اللفظي والجسدي، في حال التمكن والقوة، ضد معارضيه أو منتقديه. وأبو إسماعيل، كنموذج يبدو عصريا من الخارج، اثبت بشكل لا يرقى إليه الشك، أنه لا ديمقراطي حتى النخاع، وأنه مستميت في الوصول إلى كرسي الرئاسة سالكا طريقا مكيافيليا خالصا. ومنطقه قائم على الإصرار على الكذب والدفع بالجدل في اتجاه قانوني عبثي، مع التلاعب على حبل المفاهيم وتأويل الأحكام وإرهاب العامة والخاصة، أملا في الخروج من الأزمة، على الأقل بالسماح له بدخول سباق الرئاسة. وهو يلعب بأوراق كلها خاسرة إلا أنها تزغلل أعين مريديه. فبعد حكم المحكمة الذي لم يحدد جنسية لوالدته، أشاع أنصاره أن الحكم نصر لمرشحهم. واتضح بعد قليل أنه دخان للتعمية، وربما أرادت هيئة المحكمة الموقرة النفاذ بجلدها من الأصوات الهادرة داخل القاعة وحول المحكمة. وأخيرا أخرج المرشح العنيد ورقة أخرى خاسرة مفادها أن بحوزته مستندات تفضح وقائع فساد ورشوة لأعضاء اللجنة الرئاسية. وأيضا هذه المرة يقع أبو إسماعيل في مأزق أخلاقي جديد. فالرجل لم يدرك أنه اعترف أنه متستر على وقائع فساد تضر بمصالح مصر العليا وبشفافية العملية الانتخابية، وأنه يستخدمها علنا لابتزاز اللجنة، وأن هذا تصريح ضمني أنهم لو قبلوا أوراق ترشيحه، فهو لن يفضح سترهم.
المشكلة الكبرى هو تصدير هذا التيار للمصريين على أنه تيار الحق والعدل والصدق. وهذا ليس قدحا في أبو إسماعيل شخصيا، لكنها قراءة لمسلكه منذ تفجر قضية جنسية والدته. ذلك المسلك الذي لم يخرج عن الآتي: الكذب مرة وثانية وثالثة، ثم الإصرار على الكذب، اللعب بورقة الجماهير، الابتزاز العلني. من المعلوم أن الحملات الدعائية يشوبها الكثير من المعارك، لكن الطريقة التي يدير بها المرشح معركته هي التي تميزه عن غيره. والسؤال هو إن كان المرشح أبو إسماعيل الذي لا يملك سلطة حقيقية في يده، يتوعد ويتحدى ويهاجم بضراوة من يحاول تطبيق القانون عليه، فما سيكون حاله لو أصبح رئيسا للدولة مع من ينتقد سياساته أو قراراته؟ هل سيهددهم بأنصاره المستعدين للشهادة أم سيلجأ إلى الابتزاز بفضح فسادهم؟



#نادية_الشربيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يتمسك الإخوان والسلفيون بكتابة الدستور منفردين؟
- دستور وصاحبه غائب
- مرحبا بكم في دولة الإخوان الفاشية
- القاهرة وواشنطن متلبستان بالجرم المشهود
- جحافل الظلام تغزو التحرير
- الدم المصري
- الدولة الجلاد
- من يقطع أوصال الوطن؟
- طرائف رمضانية
- الثورة القادمة لن تأتي من التحرير


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادية الشربيني - أبو إسماعيل نموذجا للسلفية السياسية