خطة عنان.........و خيارات النظام السوري

احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3699 - 2012 / 4 / 15 - 15:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مع تفجر الثورة التونسية و انتصارها السريع, ثم انتقال هذه الثورة الى مصر لتدشن ما بات يعرف بالربيع العربي, ادركت كل الانظمة العربية سواء الملكية منها ام الجمهورية ان الثورة ستنتقل الى بلدانها لا محالة ,و لتجنب مصير النظام التونسي و النظام المصري, عمدت الانظمة العربية على استباق الاحداث, و المبادرة الى التقرب من شعوبها كل نظام حسب ظروفه و حسب ما جادت به عقول المستشارين السياسيين لهذه الانظمة ,فبدء النظام السعودي بسلسلة اصلاحات اقتصادية لرفع مستوى المعيشة, مع رفع جزئي ليد الشرطة الدينية عن كاهل الشعب ووعود بالمزيد من الديمقراطية ,و كذلك فعل النظام المغربي بإعلانه عن تغييرات دستورية تمهيدا للطريق من اجل الوصول الى مرحلة الملكية الدستورية الحقيقية. على الاقل حسب ما اعلنه هذا النظام و حسب ما وعد به الشعب المغربي ,و من الملاحظ تعمد الانظمة العربية جميعا عدم استفزاز شعوبها و السماح لها بحيز اكبر من الحريات ريثما تمر هذه العاصفة, كما فعل المغرب الذي سمح بالمظاهرات الحاشدة التي انطلقت في وسط شوارع الرباط, و ايضا كما حدث في الاردن, و نوعا ما في الجزائر ,
لكن ما يميز الحالة السورية ان النظام السوري هو النظام العربي الوحيد الذي سبح عكس التيار ,و اتخذ عدة اجراءات قمعية مفرطة و استفزازية بدرجة كبيرة للشعب السوري ,و ذلك بهدف القضاء على اي نوايا ثورية قد تكون قد داعبت مخيلة البعض ,فاعتقل عدد كبير من عائلات و اصدقاء المعتقلين السوريين الذين تجمعوا بشكل هادئ امام وزارة الداخلية في دمشق مطالبين بالإفراج عن معتقليهم, ثم تعامل بقساوة شديدة مع اطفال درعا الذين كتبوا بعض الجمل المسيئة للنظام على حيطان مدارسهم,
هذا العناد و السباحة عكس التيار ,كان يؤشر بشكل واضح على ان النظام في سوريا لم يستوعب خطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة ,و انه عازم على الاستمرار في التصدي للمعارضة الشعبية حسب الاسلوب القمعي التقليدي ,مما ميز حالة الحراك السوري عن حالة الحراك في بقية الدول العربية و ادخل الدولة السورية في نفق مظلم لتعبر الثورة السورية من حالة دموية الى حالة اكثر دموية بالتزامن مع انتقال النظام من مرحلة الحل الامني الى مرحلة الحل العسكري
والان و بعد اكثر من سنة على الثورة السورية, و مضي عدة اشهر على مرحلة الحسم العسكري ,اثبتت الوقائع ان المسارين اللذين اتبعهما النظام كانا خطأ فادحا, ادى الى خسارة الاف من ارواح السوريين من مدنيين و عسكريين, و انهيارات اقتصادية و امنية, و احدث عدة شروخ في بنية المجتمع السوري ,بالإضافة الى فشل هذين الحلين في القضاء على الحراك الشعبي الذي ما برح بالتمدد الافقي ليشمل في كل اسبوع انضمام المزيد من القرى و البلدات و المدن السورية الى الحراك الشعبي ,كان اهمها ركوب الرقة و حلب قطار الثورة السورية بعد سنة تقريبا من الصمت , او بمعنى ادق من المشاركة الخجولة
بالتأكيد فان هذا الفشل في القضاء على الحراك الشعبي من قبل النظام من جهة, و فشل الثورة السورية في القضاء على النظام داخليا من خلال المظاهرات او خارجيا من خلال استجرار التدخل الخارجي على النمط الليبي و الذي عولت عليه كثيرا من جهة ثانية, هذا الفشل المتساوي من الطرفين ادخل الحالة السورية في نفق مظلم تماما, نفق قد يمتد طويلا جدا ويرهق كل الاطراف مما يعود بالأضرار الجسيمة على الدولة السورية ككل
من هنا تأتي أهمية مبادرة عنان بنقاطها الستة لتحدث ثقب في هذا النفق السوري المظلم ,و لتنقل الصراع من أجل نيل الحرية الى منطقة اخرى بين النظام و الشعب السوري بعد فشل الطرفين في تحقيق اهدافهم خلال السنة الماضية , و بعد التكاليف الباهظة للصراع الدموي و التي دفعها كلا الطرفين,
اي تنقلها الى ساحات الحل السياسي و السلمي و غير المكلف قياسا الى تكلفة الصراع الدموي
فقيام النظام السوري بسحب الياته العسكرية من المدن و البلدات و السماح بالتظاهر السلمي يخفف العبء عن النظام و يعطيه مجال اوسع للمناورة مع قوى المعارضة متمثلة بالمجلس الوطني و هيئة التنسيق الوطنية و يعيد اليه شيء من الثقة أمام المجتمع الدولي بعد التزامه بتعهداته و تصبح بالتالي استمرار مرحلة الصراع و طول أمدها الزمني غير مرهقة لأي طرف و ربما تفضي المناقشات التي تجري في جو من السلم الى خطة عمل ما ترضي كل الاطراف
اذا يمر النظام السوري الان بمرحلة شبيهة بتلك المرحلة التي مر بها قبيل انطلاق الثورة, و قد فشل هذا النظام في استشعار تلك المرحلة و خطورتها آنذاك, فهل يتفادى الخطأ مرة أخرى و يجنب الشعب السوري المزيد من الويلات ام نحن على عتبة الدخول في مرحلة صراع جديدة اكثر ايلاما و قسوة
الجميع يتمنى الخيار الاول,,,,,,,,,,,لكن لندع الايام تطلعنا على الخيارات التي سينتهجها النظام في الايام القادمة
و ان كان ( المكتوب مبين من عنوانه) كما يقول المثل السوري لكن لا باس من الحلم بمفاجأة قد تحصل لنا عند فتح هذا المكتوب و ربما نرى رسالة غير الرسالة التي نتوقعها الان

#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات