ميسون البياتي
الحوار المتمدن-العدد: 3699 - 2012 / 4 / 15 - 10:09
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
منذ أن وقعت الحرب الأمريكيه الإسبانيه عام 1898 والتي إنتهت في نفس العام بمعاهدة باريس التي تم توقيعها في 10/12/1898 والتي تضمنت شروط إجبار إسبانيا على بيع جزر الفلبين وبإعتبارها جزر نائيه بسعر 20 مليون دولار فقط الى الولايات المتحده الأمريكيه , ومن شروط المعاهدة الأخرى إنسحاب إسبانيا من كوبا .
كوبا منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم ليست أكثر من مستعمره أمريكيه قام الأمريكان بتنصيب عدة حكومات عميله فاسده فيها .. الى أن قرروأ أخيراً إدخال الشيوعية إليها عن طريق الإنقلاب العسكري الذي قام به فيدل كاسترو عام 1959 .
من أول الأسباب التي دفعت الأمريكان الى تحويل مستعمرتهم الكوبيه الى الشيوعيه , أنه بنهاية الحرب العالميه الثانيه وإعلان الحرب البارده كان على الولايات المتحده الأمريكيه أن تظهر نفسها أمام العالم بمظهر الذي يتعرض الى تهديد جدي وفي عقر الدار من قبل الشيوعيه .. وهذا التهديد يبرر للولايات المتحدة الأمريكيه أي فعل تنوي القيام به في العالم أثناء تلك الحرب البارده , وخير مثال على ذلك نتذكر ما حصل في أزمة الصواريخ الروسيه المنصوبة في كوبا .
السبب الثاني الموجب لتأسيس نظام شيوعي في كوبا , هو أن الإسبان والفرنسيين والبريطانيين ( كحكومات ) كانوا قد غادروا كوبا بعد الحرب الأمريكية الإسبانيه , غير أن مواطنيهم كانوا يعيشون في كوبا ويمتلكون فيها مصالح كبرى , من مزارع قصب سكر , الى أراضي وأملاك لا تقدر قيمتها بثمن , وهذه المصالح والأملاك من الممكن أن ترتب حقاً لتلك الدول للتدخل في شؤون كوبا , ولهذا كان الحل وجود نظام شيوعي يقوم بعملية تأميم كل تلك المصالح دون رحمه .. وبتأييد من الجماهير الغفيره .
السبب الثالث هو أن الولايات المتحده الأمريكيه كانت تدير صراعا مريراً مع كل الدول الإستعماريه المتواجده في ساحة أمريكا الجنوبيه , ولهذا أسست النظام الشيوعي في كوبا ليكون بديلاً عنها في دعم حركات التمرد والعنف التي وقعت في جميع دول قارة أمريكا الجنوبيه من أجل طرد البريطانيين والإسبان والفرنسيين والبرتغاليين من تلك القاره وتحت مسمى ( ثورات تحرريه ) , ولدينا مثال جاهز على ذلك في تلك العلاقه التي جمعت كاسترو وجيفارا بجميع حركات التمرد في أمريكا الجنوبيه .
السبب الرابع الذي دعى الولايات المتحده الأمريكيه الى تأسيس نظام شيوعي في كوبا , هو لغرض أن يحل ذلك النظام الشيوعي واجهة بديله عن الولايات المتحدة الأمريكيه في دعم حركات طرد الدول الإستعماريه من قارة افريقيا , لغرض إحلال المحتل الأمريكي عوضاً عنها . ولهذا سأحدثكم اليوم عن الدور الذي تلعبه كوبا الشيوعيه في دعم حركة البوليساريو .
الدخول الى البوليساريو ينبغي أن يكون عبر بوابة المملكة المغربيه وما تتعرض له من تحديات , فالطريق البحري الذي يمتد من مضيق جبل طارق محاذياً لسواحل شمال أفريقيا , وصولاً الى قناة السويس ثم نزولاً الى مضيق باب المندب عبر البحر الأحمر , يعتبر من أهم الشرايين الحيوية التي تربط العالم , وتتعرض المملكة المغربية الى مشاكل محمومة بسبب إطلالتها جغرافيا على مضيق جبل طارق , وهذه المشاكل هي :
# أولا : مشكلتا ( سبتة ومليلة ) الواقعتان تحت الحكم الإسباني رغم أنهما أرض مغربية .
وهي مشكلة قائمة منذ القرن الخامس عشر ويمكن تحريكها كل وقت لتقوم بواجب الحراسة فيما لو تعرضت الملاحة الى أي عائق .
مدينة سبتة في أقصى شمال المغرب وهي عبارة عن رأس بحري على الساحل الأفريقي يقابل الساحل الأوربي الذي يندفع لتشكيل مضيق جبل طارق الذي يفصل البحر الأبيض المتوسط عن المحيط الأطلسي . وتبلغ مساحة سبتة 19 كيلو مترًا , أما عدد سكانها فهو 74 ألف نسمة , الموقعٍ الستراتيجي لهذا الرأس البحري هو الذي جعل الرومان يشيدون مدينة سبتة عام 42 بعد الميلاد , قام الوندال بطرد الرومان من المدينة , ثم طرد البيزنطيين الوندال , ثم جاءها القوط الغربيون قادمين من إسبانيا , ثم فتحها المسلمون وانطلقوا منها لفتح الأندلس .
أما مدينة مليلة فهي الأخرى عبارة عن رأس بحري يقع على الساحل الشمالي الشرقي من المملكة المغربية , وحالها مثل سبتة , تعاقب عليها الفنيقيون والقرطاجيون والرومان , أما إسبانيا فقد سيطرت عليها منذ عام 1497 ميلادية . ثم منحتها الحكم الذاتي عام 1992 ميلادية .
فرضت إسبانيا قوانين كثيرة للحد من هجرة المسلمين نحو المدينتين ، وشجعت الهجرة الإسبانية وهجرة اليهود الذين تزايد عددهم في الستينيات والسبعينيات خصوصًا في مدينة سبتة ، وللحد من تسجيل نفوس المغاربة في هذه المدينة . أصدرت إسبانيا قانونًا يعتبر بموجبه كل من يولد في مدينة سبتة إسباني الهوية ، وأعلن الأسبان أنهم لن يعيدوا المدينتين بالسهولة نفسها التي تخلت بها فرنسا عن الجزائر الفرنسية . ومنذ بداية التسعينيات أصبحت نقطة الحدود المسماة ( باب سبتة ) بين سبتة والمغرب هي الحد الجغرافي للاتحاد الأوروبي ، عند بوابة هذه النقطة الحدودية ثبت لوح معدني كبير خطت عليه عبارة : (( أهلاً بكم في الإتحاد الأوربي )) .
# ثانيا : مشكلة جزر ماديرا
جزر ماديرا هن 5 جزر واقعات في المياه الإقليمية المغربية قبالة سواحل الدار البيضاء ( كازابلانكا ) وهن : جزيرة بورتو سانتو , جزيرة فونشال , جزيرة ماديرا التي تعتبر كبرى هذه الجزر , إضافة الى جزيرتين صغيرتين واقعتين على نفس خط عرض مدينة أغادير وداخل مياهها الإقليمية .
رغم أن هذه الجزر واقعة في المياه الإقليمية المغربية إلا أنها محتلة من قبل البرتغاليين منذ إكتشافها , ويرفضون أي حق للمغرب فيها , ويتصرفون معها لا بإعتبارها جزراً تعود الى بلد بعيد عنهم جغرافيا , ولكن إذا جاز لنا التشبيه وكأنها دراهم وجدوها في الشارع فإستحلوها لأنفسهم لأن ليس لها صاحب .
# ثالثا : مشكلة جزر الكناري
مشكلة هذه الجزر تعود الى فترة سقوط الأندلس بيد الإسبان وملاحقتهم للعرب والمسلمين الى هذه الجزر من أن أجل أن لا يعودوا الى الأندلس ذات يوم . تقع هذه الجزر داخل المياه الإقليمية المغربية قبالة سواحلها المحصورة ما بين مدينتي أغادير والعيون . وهن 7 جزر : لانزاروتي , كروز , تناريف , لاس بالماس , هايرو , جميرا , لا بالما . ولو تصفحت أي أطلس خرائط في العالم فإنك ستجد هذه الجزر ملونات بنفس لون خارطة إسبانيا وليس لهن أي علاقة بالمملكة المغربية .
# رابعا : مشكلة تدويل طنجة
الموقع الحيوي الخطير للمملكة المغربية لم يتسبب في تقاسم الجزر المحيطة بالمغرب فقط , بل تعدى ذلك الى تقاسم النفوذ الإستعماري على أرضها , بما سيؤدي لاحقا الى مشكلة تدويل طنجة . إستولى البرتغاليون على طنجة ثم أهدوها كهدية زفاف إلى ملك بريطانيا عام 1660 لكن بريطانيا خرجت منها عند إحتلالها لجبل طارق الإسباني عام 1704 وسمحت للإسبان بفرض سيطرتهم على تطوان عام 1860 مقابل سكوت الإسبان عن المطالبة بجبل طارق . كانت بريطانيا وقتها تقوم بإستخدام إسبانيا لدفع الفرنسيين بعيدا عن طنجة , حتى لا يستخدم الفرنسيون وجودهم في طنجة وسيلة لتهديد وجود بريطانيا في جبل طارق .
ومن أجل تلهية الفرنسيين والإسبان بالنزاع فيما بينهم داخل المغرب , صرح وزير خارجية بريطانيا سولسبري (( إن أي تقدم لفرنسا في المغرب يعتبر عملاً عدائياً ضد بريطانيا , وإذا تحتم تقسيم المغرب فستكون شهية بريطانيا مفتوحة )) .
المهم أن هذه الصراعات جعلت طنجة تقع عام 1923 تحت الإدارة الدولية لكل من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا , أما بنهاية الحرب العالمية الثانية فقد إنضم الى هذا الفريق الدولي كل من روسيا والولايات المتحدة وإيطاليا . وعند مطالبة المغرب بطنجة بعد ( الإستقلال ) فقد منحت للمملكة سلطة صورية عليها , بينما بقيت القوى العالمية تتحكم في مصير المدينة , حيث أصبحت مركزا عالمياً للتجسس وتهريب المخدرات وغسيل الأموال .
# خامسا : المشكلة البريطانية
بريطانيا العظمى ولكي لاتكون بعيدة عن هذا الموقع العالمي الجغرافي الخطير , قامت بإحتلال جبل طارق على الساحل الإسباني للمضيق عام 1704 ومن منطلق أن الحق مع القوة دائما , فهي ومنذ ذلك التاريخ ترفض أي تفاهم مع إسبانيا بشأنه , ومنحت عوضاً عنه منطقة تطوان المغربية للإسبان ثمنا لسكوتهم عن المطالبة بجبل طارق .
جبل طارق عبارة عن صخرة كبيرة تقع على حافة الماء في النقطة التي يفترق فيها البحر الأبيض المتوسط عن المحيط الأطلسي وتفصله عن المغرب مسافة 14 كيلومتر فقط هي عرض المضيق , المساحة التي تحتلها بريطانيا تبلغ حوالى 6 كيلومتر وقد أقامت عليها مدينة محصنة يبلغ عدد سكانها حوالى 30 ألف نسمة .
# سادسا : مشكلة الوجود الأمريكي
مثلما لا تتمكن بريطانيا العظمى من أن تكون بعيدة عن هذا الموقع الجغرافي الخطير , فكذلك لا تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية , لذلك نجدها ومنذ العام 1942 وهي تدير ( حلف شمال الأطلسي ) وقد ملأت المحيط والبحر بالغواصات والقطع البحرية التي تنتشر من سواحل الولايات المتحدة الأمريكية وحتى سواحل تركيا وتشمل مضيق جبل طارق والمملكة المغربية ب ( حنان ) خاص .
# سابعا : المشكلة الإسرائيلية
رغم بعد المسافة بين إسرائيل والمملكة المغربية , إلا أن البلدين تربطهما علاقات قوية لسببين : الأول هو حاجة إسرائيل الى التواجد في منطقة مضيق جبل طارق لأن هذا المضيق يمسك الطريق البحري الإسرائيلي من عنقه , ولا يقل خطورة بالنسبة لإسرائيل عن خليج العقبة ومضيق باب المندب .
السبب الثاني وهو سبب قائم منذ القرن الخامس عشر حين طردت إسبانيا والبرتغال جميع اليهود من أراضيها فإلتجأوا الى العيش في المغرب وشكلوا جالية كبيرة فيها . بعد تأسيس الوطن العبري نزح إليه من المغرب مليون يهودي لم تزل تربطهم بوطنهم الأم ( المغرب ) علاقات وطيدة , حيث لا يقل عدد الزائرين القادمين من أحد البلدين الى الآخر عن نصف مليون زائر سنويا . ولهذا نجد المغرب يحتضن عددا من الجمعيات والمحافل اليهودية التي لها تأثير مؤكد على سياسة المغرب .
# ثامنا : مشكلة مصر والجامعة العربية
أسست بريطانيا العظمى الجامعة العربية على أرض مصر , لتقوم الجامعة بطرح شعارات تتماشى مع الميل العربي .. فتتيح لبريطانيا (( إستعمال )) العرب وطموحاتهم .. لتحقيق أجندات بريطانية .
مصر والجامعة العربية ومنذ فترة حكم الملك فاروق كانتا قد فعلتا الكثير في هذا الإطار وفي جميع أقطار الوطن العربي .
عند تأسيس الجامعة العربية كان البريطانيون (( يستعملون )) عرب المغرب التواقين الى الحرية لمقاتلة كل من النفوذين الفرنسي والإسباني , ولهذا نجد أن مصر قد إستقبلت عام 1947 ( عبد الكريم الخطابي ) رئيس جمهورية الريف بعد عشرين عاما من نفيه الى خارج المغرب .
جمهورية الريف هي ( الجمهورية الإتحادية لقبائل الريف ) قامت في 18 سبتمبر 1921 عندما دعمت بريطانيا سكان منطقة الريف وهي سواحل مراكش من جهة الغرب , فتمرد هؤلاء وأعلنوا استقلالهم , لتضمن بريطانيا بذلك منع وصول الفرنسيين الى سواحل المغرب الغربية . عاصمة الجمهورية كانت مدينة ( أغادير ) . تم تشكيل الجمهورية رسميا في 1 فبراير 1923 وكان الخطابي رئيس الدولة ورئيس الوزراء .
تم إسقاط الجمهورية في 27 مايس 1926 حين هجمت عليها قوة فرنسية إسبانية تقدر بنصف مليون جندي مستخدمين الأسلحة الكيماوية . عند خسارة المعركة سلم الخطابي نفسه الى السلطات المحتلة فسقطت جمهوريته وتم تقاسم أرضها ما بين فرنسا وإسبانيا , كما تم نفيه الى جزيرة لاريون في المحيط الهندي حيث بقي فيها حتى عام 1947 .
حين أسست بريطانيا الجامعة العربية في مصر .. تم إستقبال الخطابي في القاهرة .. وبمجرد وصوله الى مصر جمعوا حوله قادة من شمال أقريقيا ونصبوه ( رئيسا للجنة تحرير المغرب العربي ) حيث بدأت الجامعة العربية تعلن أن ( تحرير ) تونس والجزائر والمغرب يقع ضمن ( أولويات سياستها ) .
لم يمض وقت طويل حتى تم تقسيم فلسطين , بعدها قلب الأمريكان الطاولة فوق رؤوس البريطانيين فأخرجوهم من مصر عام 1952 .. وكان من ضمن التركة التي ورثها الأمريكان عن البريطانيين : كيان ( الجامعة العربية ) التي ستبدأ منذ الآن بممارسة نفس دورها القديم بإستخدام العرب بالنيابة ولكن هذه المرة لخدمة الأهداف الأمريكية بدلا عن البريطانية .
قامت مصر والجامعة العربية وخدمة للمصالح الأمريكية بمحاربة البريطانيين والفرنسيين والإيطاليين والإسبان , بدماء العرب وأرواحهم ومقدراتهم في جميع أنحاء الوطن العربي , وتحت شعارات ( القومية والعروبة والوحدة ) .. وفي نهاية المطاف تفاوضت مصر ( منفردة ) على السلام مع إسرائيل في ( رحلة العار ) التي أقدم عليها السادات .
وما يهمنا في موضوع المغرب في هذا السياق .. أن الملك الحسن الثاني ( فرنسي الهوى ) حين سيرث العرش بعد وفاة والده محمد الخامس ( أمريكي الهوى ) , مبتعدا عن سياسة أبيه المتقاربة مع رغبة الأمريكان في السيطرة التامة على المغرب , لصالح الموازنة بين جميع القوى المؤثرة في هذا البلد العزيز .. قامت حرب شعواء بين عبد الناصر والملك الحسن الثاني لاتقل ضراوة عن الحرب التي أعلنها عبد الناصر على عبد الكريم قاسم , وكان من نتيجة الحرب على الحسن الثاني أن خطط المصريون ضده محاولتي إنقلاب فاشلتين .
كما لم يسلم الملك الحسن الثاني وحتى اليوم .. رغم مرور كل هذه السنوات على وفاته , من تشهير بعض ممن كان يستكتبهم عبد الناصر في الصحف والمجلات المصرية وأولهم محمد حسنين هيكل , للنيل من كل العرب الذين لا يتفقون مع السياسة الناصرية .
# تاسعا : المشكلة الشيوعية
بحكم كون المملكة المغربية كانت دولة مستعمرة من قبل فرنسا فقد دخلتها الشيوعية عن طريق الحزب الشيوعي الفرنسي , وهو حزب يكثف نشاطه في المستعمرات الفرنسية لإستقطاب المثقفين اليساريين لتنظيمهم بما يخدم تطلعات فرنسا بدلا من تركهم ينضوون تحت تنظيمات تعطي ولاءها للإتحاد السوفييتي .
بعد الإنشقاق الشيوعي ( السوفييتي _ الصيني ) فقد كانت مهمة الحزب الفرنسي أكبر من أجل أن لا يتحول بعض اليساريين الى ( ماويين ) يوالون القيادة الصينية .
تضررت المغرب من صراع الأحزاب الشيوعية على أرضها , فيما بين هذه الأحزاب نفسها , أو فيما بين الأحزاب والعالم . خير شاهد على ذلك الضرر :
# صراع الأحزاب الشيوعية المغربية فيما بينها بعد عودة محمد الخامس الى الحكم حول شكل الدولة التي يريدها الشيوعيون , فمنهم قائل ( ملكية إشتراكية ) وأخر يقول ( ملكية دستورية ) وهكذا الى أن وصل الصراع الى حد إختطاف وقتل رؤساء العشائر والقبائل , والعنف المسلح الذي لم يهدأ بسهولة .
# تدخل الأمريكان في أمور البلاد لمقاتلة الشيوعيين مثل قضية إختفاء الشيوعي ( المهدي بن بركة ) عام 1965 والتي لم تعرف تفاصيلها حتى اليوم .
# التدخل السوفييتي بواسطة هذه الأحزاب في قضية الصحراء المغربية ( البوليساريو ) الذي وسع الخلاف الدولي , وزاد من حدته على حساب مصالح الشعب المغربي .
وجدت أن كتابة هذه المقدمة عن تاريخ المغرب ضرورية لسببين أولهما لنتعرف على التحديات التي يواجهها هذا البلد العربي الواقع في أقصى شمال غرب الوطن العربي , ولتكون هذه المقدمة هي الأرضية التي سنعرض عليها مشكلة البوليساريو .
# عاشراً : مشكلة الصحراء الغربية ( البوليساريو )
عند تقاسم السلطة الإستعمارية على المغرب وقعت ( تطوان في أقصى شمال المغرب , ومدينة سيدي أفني وسط البلاد , والصحراء المغربية في جنوب البلاد ) تحت السيطرة الإسبانية , أما ( مراكش وإمتدادا من مدينة وجدة القريبة من الحدود الجزائرية نزولا حتى الصحراء المغربية - عدا مدينة سيدي أفني - فقد وقعت تحت السيطرة الفرنسية ) عام 1956 قامت الولايات المتحده الأمريكيه بإجبار فرنسا وإسبانيا على سحب قواتهما من المغرب والإعتراف بإستقلال البلد تحت حكم محمد الخامس .
هنا يجدر بنا التوقف لملاحظة الفرق بين الموقفين الفرنسي والإسباني من هذا الإجراء , فسقوط باريس بيد النازية خلال الحرب العالمية لم يكن أمرا سهلا أبدا .. ومن تداعياته أنه بعد أن قام الحلفاء ( بتحرير باريس ) فإن التحرير لم يكن بلا ثمن أو دون مقابل , بل تم ( تسليب ) الإمبراطورية الفرنسية من كل ما أمكن من أملاكها حول العالم تسديدا لثمن ذلك التحرير , جزر الباسفيك , وفيتنام , ومقاطعات في كندا , وسوريا ولبنان , ولذلك فحين أجبرت فرنسا على مغادرة المغرب فإنها نفذت ذلك على مضض ولكن دون عصيان أو مشاكل . مكتفية بإعلان رفضها بالوسائل الدبلوماسية , والتخطيط والعمل من تحت الطاولة .
إسبانيا كانت على العكس من ذلك .. فمدريد لم تسقط أثناء الحرب وليس على إسبانيا دفع مقابل عن تحريرها , كما أنها تعاني من قروح طردها من كوبا والفلبين وأي مستعمرة لها في قارة أميركا اللاتينيه .. ولذلك فهي تعتبر مسألة وجودها في المغرب ( مسألة حياة أو موت ) وحتى اليوم تصرح أنها لن تتخلى عن سبتة ومليلة بالسهولة التي تخلى بها الفرنسيون عن الجزائر ( رغم أن خروج الفرنسيين من الجزائر كان صعباً ومكلفاً بشدة ) .
فيما يتعلق بالصحراء الغربية فقد رفضت إسبانيا مغادرتها بالأوامر الدولية وبقيت فيها حتى عام 1975 , وساعدت الإنفصاليين فيها على إعلان تمردهم , وهكذا تأسست حركة البوليساريو في 10 مايس 1973 وتسعى الى الإنفصال عن المغرب وتأسيس دولة مستقله عن المغرب حليفه لإسبانيا .
( الولاء لمن يدفع أكثر ) ولهذا باعت البوليساريو ولاءها للإسبان مقابل تسلم المزيد من الدعم الأمريكي الذي وصلها عن طريق الجزائر( وهي جمهوريه أمريكيه منذ عام 1962 ) وليبيا ( وهي جمهوريه أمريكيه منذ العام 1969 . مال وسلاح وفتح مقرات تدريبية لمقاتليها على أراضي الدولتين لإبقاء الصراع في المغرب قائماً .
وفي الوقت الذي ترفض فيه إسبانيا الإعتراف بسقوط سيادتها عن أجزاء المغرب التي كانت تحت سيطرتها , وتحاول فصل الصحراء المغربية في دولة مستقلة تكون تابعة لإسبانيا , نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن فصل هذا الجزء من المغرب تحت حكومة تابعة للأمريكان قضية حتميه خصوصاً بعد أن قام الأمريكان عام 1960 بطرد الفرنسيين من ( غرب أفريقيا الفرنسيه ) وأعلنوها ( جمهوريه أمريكيه ) تدعى موريتانيا .
عند الثمانينات تمكنت المملكة المغربية من بناء ( الجدار الرملي ) لتمنع به الهجمات العسكرية التي يشنها البوليساريو من داخل الصحراء أو من الحدود مع الجزائر . بدأت إقامة الجدار منذ عام 1980 وإستغرق العمل فيه سبع سنوات ويبلغ طوله 2000 كيلومتر وهو مزود بحقول ألغام وخنادق عميقه وأجهزة مراقبه متطوره ومقرات للجنود المغاربه كل 2 كيلومتر . كلف مشروع الجدار الرملي 2 مليون دولار أمريكي .
وصل النزاع بين الحكومة المغربيه وجبهة البوليساريو الى الأمم المتحده التي أسستها الولايات المتحدة الأمريكيه , فكان قرار الأمم المتحده ( أمريكيا ً ) يقضي بأن تقسم الصحراء الغربيه ما بين كل من المغرب وموريتانيا , وهكذا حصلت موريتانيا ( الأمريكيه ) على جزء من الصحراء الغربيه , فيما حصلت المغرب على الجزء الثاني .
لكي تبقى جبهة البوليساريو مشتعله , تم الإيعاز الى موريتانيا بالإنسحاب من الجزء الذي حصلت عليه من الصحراء الغربيه , فأصبح هذا الجزء غير خاضع الى دوله , وهكذا تأسست عليه ( الجمهوريه العربيه الصحراويه الديمقراطيه ) 27 شباط 1976 . وهي الى حد الآن ليست عضو في الأمم المتحده ولا عضو في الجامعة العربيه , ولكن بسبب ثقل الجزائر وليبيا الدولتين النفطيتين الغنيتين جداً فقد تم قبول عضويتها في ( منظمة الوحدة الأفريقيه ) وهذا ما جعل المملكة الغربيه تنسحب من هذه المنظمه .
منذ بداية السبعينات تساند كوبا منظمة البوليساريو تحت حجة أن الحكومه المغربيه قامت بقتل الشيوعي المغربي ( المهدي بن بركه ) في عهد الملك الحسن الثاني وتحت إشراف جنرال المخابرات المغربي ( عبد الله أوفقير ) .
طبعاً التدخل الكوبي لدعم حركة البوليساريو هو في حقيقة الأمر ( تدخل أمريكي ) ولكن من خلال واجهة كوبيه , ولهذا تمد كوبا البوليساريو بالمال والسلاح والغذاء وتقوم بتدريب مقاتليهم في معسكرات خاصه تقام على الأراضي الكوبيه . كما أمنت لهم ( جسرا ً ) من الخبراء والمختصين الكوبيين الذين يباشرون العمل على أرض الصحراء الغربية نفسها .
تدّعي البوليساريو بأنها تسيطر فقط على 20 % من أرض الصحراء الغربيه وبواسطة ( النضال ) ستجبر المملكة المغربيه على التنازل عن 80 % الباقي من الصحراء الغربيه لصالح البوليساريو .
( النضال ) الأمريكي في المغرب نضال مرير وهي تحارب على جبهه يقابلها فيها : البريطانيون , الفرنسيون , الإسبان , البرتغاليون . ولهذا فهي تريد توسيع مساحة وحدَّة القتال فما هي خطتها للفترة المقبله لطرد جميع هؤلاء ؟
الخطوه الأولى .. كانت تخفيض المساعدات والمعونات الأمريكيه القادمه الى البوليساريو عن طريق كوبا .
الخطوه الثانيه .. قام سفير البوليساريو في هافانا بتقديم تحذير الى الحكومة الكوبيه , أنه في حالة إستمرار تخفيض المعونات , وفي حال تعرض البوليساريو الى تهديدات مغربيه .. فالبوليساريو ستكون مضطره الى أخذ العون من تنظيمات القاعده ( والقاعده منظمه أمريكيه ما في ذلك شك ) وهذا يعني أن الولايات المتحده الأمريكيه تريد خلال المرحلة المقبله , المزاوجه بين الشيوعيه وتنظيم القاعده ... من أجل تحويل المغرب الى صومال ثانيه ... لكي تجبر البريطانيين , الفرنسيين , الإسبان , البرتغاليين على الفرار بجلدهم من هذه الأرض المحروقه .
بترافق هذا الحلم الأمريكي الطموح مع إنهيار الدولار الى معدلات لم يتدن لها سابقاً .. فربما سيكون كارثة على الحكومة الأمريكيه لا تقل لعنة عما وقع لهم في العراق .
#ميسون_البياتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟