|
في أحضان توزر مدينة أبي القاسم الشابي
مصطفى لغتيري
الحوار المتمدن-العدد: 3697 - 2012 / 4 / 13 - 18:34
المحور:
الادب والفن
في أحضان توزر
في محطة توزر وجدت في استقبالي الشاعرين شكري ميعادي رئيس فرع توزر لاتحاد الكتاب التونسيين، ومحمد بوحوش نائب رئيس اتحاد الكتاب التونسيين بما يعني أن اتحاد كتاب تونس مركزيا ومحليا كان في استقبالي. هذا الأمر لا يمكن إلا أن يدخل الغبطة على النفس. انتقلنا مباشرة إلى مقر إقامتي بفندق الوردة وسط المدينة، ليتاح لي زيارة المدينة كما برر لي الشاعران الاختيار. وضعت حقيبتي هناك في غرفتي، ثم توجهنا مباشرة إلى مقر دار الثقافة، حيث تعرفت هناك على مدير الدار، بعد ذلك توجهنا رأسا نحو ضريح الشاعر التونسي الكبير أبي القاسم الشابي. إنه ضريح مهيب يستحقه صاحبه، وتستحقه مدينته الصحراوية الجميلة، مدينة الجريد، التي يستهوي أبناءها مناداتها بهذا الاسم الأثير الدال .. الضريح أنيق ، يحيطه الكثير من العناية والاهتمام. يتكون من عدة أروقة يتوسطها قبر الشاعر المغطى بالرخام المزخرف ببعض الأشعار... على الجدران تستلقي صور لأبناء الشاعر وأصدقائه وبعض مجايليه. تبدو الصور موغلة في القدم، تؤرخ لمرحلة من تاريخ تونس الأدبي والسياسي، بل ومن تاريخ الشعر العربي الحديث كذلك .. بخشوع وقفت على رأس الضريح، فأحسست برهبة تخترفني...إنني أقف بين يدي شاعر حرك وجدان الملايين، ومن أشعاره اقتبست الثورات العربية شعارها المؤثر " الشعب يريد..." إنه بحق شاعر الربيع العربي بامتياز ..شاعره الأول العظيم، فرغم غيابه الجسدي عن دنيانا بما يتجاوز السبعين سنة فإن حضوره كان أقوى من حضور جميع الأحياء. إنها قوة الكلمة الصادقة تعبر عن نفسها بكل عنفوان...أما علاقتي به فطويلة جدا، كنت أحرص دائما ولا أزال على أن تكون أول قصيدة أدرسها لتلاميذي في بداية الموسم الدراسي هي قصيدة "إرادة الحياة" رغم عدم وجودها في البرنامج الدراسي، وأحث التلاميذ على حفظها.
أبهجني هذا الاحتفاء الجميل بالشاعر، والعناية بالضريح الذي ينام فيه الشاعر نومته الأبدية...رأيت في ذلك نموذجا يحتذى لاهتمام باقي الدول العربية بميدعيها، هذا الاهتمام يبرهن على شيء واحد كبير وغني بالدلالات. إننا أمة ليست أقل حضارة من باقي الأمم ، التي تحترم مبدعيها وتعتني بذاكرتها و تفاخر بهم الأمم . فشعب بلا ذاكرة، لا يستحق الحياة. وشعب تونس يستحق الحياة.. وجدت نفسي مرغما على التفكير في مصير مبدعي بلدي المغرب، مبدعين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس، لكن ما إن وراهم الثرى ، حتى طواهم النسيان.. أفكر في محمد شكري ومحمد زفزاف والمجاطي وراجع وعلال الفاسي وغيرهم كثيرين ...ألا يستحق هؤلاء التكريم والتوقير والاحتفاء بذكراهم. أم سيبقى ذلك حكرا على السياسيين؟ استفاض صديقاي الشاعران في الحديث عن الشابي وعن علاقته بالناس في مدينتهم المعطاء. وذكروا شعراء مبدعين آخرين أنجبتهم المدينة ، وتحتفظ ذاكرة أبنائها بأسمائهم وتفاصيل حياتهم، وكأنهم لا يزالون أحياء بيننا ، يسعون في دروب المدينة ويملأونها شعرا وإبداعا، ومن بينهم اخريف.
حقيقة يشعر المرء بالفخر والاعتزاز حين يسمع شاعرا يتحدث عن شاعر آخر يكل هذا الرونق والجمال...هنا في هذه البقعة من الأرض البعيدة جدا، القصية جدا مكانا.. القريبة جدا من القلب مكانة، شعرت بجدوى الأدب، وبالعمق الحضاري للإنسان التونسي، الذي يعض بالنواجذ على رأسماله الزمري، دون أن يفرط في حاضره ومستقبله. كل هذا حد من هول المفاجأة حين وجدت أكثر أدباء المدينة يتدثرون بالشعر، ويفترشونه ويتغذون به، بل ويتنفسونه، إنهم شعراء بالفطرة والسليقة. .أصغيت بتمعن لأحد أحفاد الشابي وهو يلقي قصائده. شعره يطفح بالرومانسية. شاعر يعشق المرأة ويهيم فيها شعرا، ويتمنى من أعماقه لو ينقرض جميع الرجال. ويستولي وحده على جميع النساء. وأنا أصغي لرغبته هاته فكرت أنه يعبر عن رغبة عميقة لا شعورية تستوطن كل الرجال ..من في العالم من الرجال من لا يطمح في أن يكون آدم عصره. شريطة أن تنجب حواؤه إناثا بلا حصر، بأشكال وألوان مختلفة.. ذكرني ذلك بأسطورة نسجها خيال فرويد حول الصراع حول النساء في عائلة مفترضة ، استحوذ فيها الأب على جميع الإناث وشرع ، بلا رحمة، في قتل أبنائه الذكور. لكن هؤلاء الذكور البؤساء تحالفوا ضده وقتلوه. ثم اتفقوا فيما بينهم على فكرة الزواج حتى لا تتكرر المأساة. هذا ما فضل في الذهن من الأسطورة، وقد تكون محرفة هنا، لكن لا بأس، فللمناسبة سطوتها وإكراهاتها، فلم أشأ أن أدونها إلا كما حضرت في الذهن في هذه اللحظة بالذات . بالمناسبة الشاعر المذكور يدعي خير الدين الشابي.تنقلنا مساء إلى منتزه جميل حيث الماء والخضرة والوجوه الحسان، وجوه الشواعر طبعا، أنصتنا جماعة إلى أكثر من شاعر وشاعرة، كان الجميع يتافسون فيما بينهم ليبرزوا وجه المدينة الأدبي الجميل، الذي يزيدك حسنا كلما زدته نظرا.
حاد بنا الحديث بعد ذلك عن العلاقات الإنسانية بين أدباء تونس وأدباء المغرب. كانوا يعرفون بعض الأسماء ، خاصة تلك التي تنتمي إلى الأجيال القديمة، وبعض الأسماء القليلة جدا من الأدباء الشباب... أسفت لقلة التواصل بين الأدباء في البلدين. تشعر بأدباء تونس وهم يتحدثون عن المغرب وأدبائه بكثير من الانتشاء. إنهم يحبوننا كثيرا كما نحبهم...اختلفنا في أحاديثنا واتفقنا، لكن الجميع عبر عن رغبته العميقة في التواصل وتبادل الزيارات من أجل تلاقح الافكار والتجارب والاستفادة المتبادلة. أحسسنا جميعا بحاجة بعضنا إلى البعض .. خططنا لشراكات مفترضة، واقترحت أفكارا عملية، أتيت محملا من هناك، من ضفاف الأطلسي الغامض والمثير ، خاصة وأن تجربتي في الصالون الأدبي المغربي منحتني الكثير من الخبرة في تدبير الفعل الثقافي .. لقد جئت محملا بكثير من الكتب المغربية وفي البال أن أدعو أصدقائي التونسيين أن يعرضوا الكتب على هامش فعاليات المهرجان، وأن أقدم لهم في نهاية المعرض الكتب ليؤسسوا بها نواة مكتبة مغربية في توزر، تتيح للأدباء التونسيين الاطلاع على جديد إصدارات نظرائهم المغاربة. كنت آمل أن أقوم بنفس الأمر في الدار البيضاء، بأن أحمل معي من تونس إصدارات أدباء تونسيين وأجعلها في متناول الكتاب المغاربة حتى يطلعوا عن كثب على التجربة الابداعية التونسية، ولو في حدودها الدنيا. هل أنجح في ذلك؟ لست أدري لكن من حقي أن أحلم.. الأدب من حيث العمق ليس سوى تجليات للحلم. وهذه الرحلة نفسها ليست في آخر المطاف غير قبس من حلم.
يثيرك في هذه المدينة الجنوبية هندسة معمارها وطريقة البناء المختلفة إنها مدينة جميلة ذات لمحة شرقية بارزة للعيان. الجدران مزينة بالآجور المصمم بطريقة خاصة، لتبدو أطرافه ناتئة، مشكلة مستطيلات صغيرة بلا حصر، تنتشر على امتداد المباني مشكلة فسيفساء لطيفة تبهج البصر، وتسعد القلب. علقت بصري نحو الأعلى فاستبدت بذهني ووجداني مآذن المساجد ،التي تختلف عن المآذن في المغرب العربي.. إنها ذات طابع شرقي واضح، كما أنها مزينة بشكل مبهر للعين والقلب ، تشكل كقالب مستدير يتصاعد نحو الأعلى، فلا غرابة والحال هاته أن تعمد المدينة باسم ثالث ،بالاضافة إلى الاثنين اللذين ذكرتهما سابقا ، وهما توزر والجريد، فيضاف إليها اسم "البصرة الصغرى" تيمنا وتشبها بمدينة البصرة العراقية، ذات التاريخ العربي والإسلامي التليد: ومما يزيد من طرافة التسمية أن بالقرب من توزر "البصرة الصغرى" مدينة اخرى، يطلق عليها اسم الكوفة الصغرى. هاتان التسميتان تعبران عن الطابع الثقافي العربي للمدينتين، اللتين تتمسكان بأصولهما، وتحاولان المزج بينهما وبين روافد التحديث الوافدة.
ترى النساء هنا كنساء البصرة كما يدعي أبناء المدينة متلحفات بالسواد ولكم كانت دهشة أصدقائي كبيرة حين أخبرتهم أن نفس الزي ينتشر عندنا في جنوب المغربي، ففي مدن جنوبية كورزازات وطاطا وغيرهما ،لا يمكن للنساء أن يغادرن بيوتهن إلا إذا يتشحن بالسواد. ربما هذه الخصيصة جنوبية بامتياز، فأينما استقر الجنوب في البدان العربية صاحبه السواد، عكس الشمال على الأقل في المغرب وربما في الجزائر كذلك، فالنساء الشماليات كن ولا يزال البعض منهن يتدثرن بالبياض الناصح، هذا الاستطراد في ألوانأزياء النساء
ذكرني بلابسة البياض الأشهر عندما في المغرب. أقصد " عايشة قنديشة" التي خصصت لها إحدى رواياتي تحت عنوان " عائشة القديسةة " فحكيت لهم حكايتها: جنية ترتدي اللحاف الأبيض وتتجول ليلا على ضفاف الأطلسي تغوي الرجال، يتبعونها مسلوبين بجمال عينيها و رشاقة قدها ، فتصيبهم بالأذى استمتعت بسرد حكايتها " الواقعية" . امرأة مناضلة توظف جمالها لمناهضة الاستعمار والانتقام من المستعمر البرتغالي الذي سطا على الشواطئ المغربية، فأرعبتهم ، لكن هذا الرعب انتقل إلى المغاربة بعد أن شد البرتغاليون الرحال نحو بلادهم الإيبرية..
صباح الغد، بعد أن تناولت طعام الفطور في الفندق، ثم تجاذبت أطراف الحديث مع قس فرنسي يقوم بنشاطه التبشيري في منطقة قفصة.. تحدثنا عن تونس والمغرب بكثير من المقارنات التي تستهوي المرء حين يتحدث عن بلدين، أثار انتباهه عنوان روايتي " ابن السماء" فقرر أن يعرف ما تحتووي عليه بين دفتيها. كيف لا وهو المسيحي الذي تطابق ديانته بين الله والسماء. لكنني خيبت أفق انتظاره عندما شرحت له بأنني لا أهتم بالأديان، رغم أنني أحترمها جميعا. ولا أفضل أي دين عن دين آخر. كل دين بالنسبة لي هو صحيح مادام يحقق لمعتنقيه التوازن النفسي المطلوب ،أما توازني الشخصي فأجده في أشياء أخرى ضمنها الأدب.
ودعت القس، تاركا أباه في طمأنينته المسيحية بعد أن سلمته نسخة من الرواية. ثم توجهت نحو المنتزه النيفر للقيام بجولة صباحية ، تحن غليها النفس في هذا الصباح الجميل..
ما إن خطوت بضع خطوات ، حتى وجدت نفسي في رحاب النخيل.. غابة من الجريد تغمر المكان بأخضرها الداكن، سواقي المياه تتخلل البساتين، خريرها يتهادى في خيلاء ليضفي على المكان روعة يستحقها ..كنت أبحث عن مقهى أقضي فيه جزءا من الصباح متدثرا بوحدتي وتأملاتي ..تهت وسط المنتزه،فصادقت تمثالا ينتصب في مكان مختارا بعناية ،يبدو بمهابته العربية حارسا للغابة والمياه، وللمدينة كذلك، إنه تمثال" ابن شباط" الذي عاش ما بين 1221و 1285، وللتعريف به كتب بخط بديع على لوحة رخامية" مهندس قسم مياه وادي توزرالكبير على جناته بميزان عادل وهو أيضا شاعر ومؤرخ-"
في جولتي الصباحية هاته كنت متهيبا من التوغل في أعماق المنتزه ، حتى لا أضيع في أدغاله ، خاصة وأنني سمعت سابقا بأنه يشبه المتاهة، قررت حينذاك أن أعود من حيث أيت ..
بخطوات كسلى عدت إلى المدينة توجهت نحو محطة العربات التي تجرها الخيول ونطلق عليها نحن في المغرب ماسم " الكوتشي".. استفسرت عن ثمن جولة داخل المنتزه ، فطلب مني الرجل خمسة عشر دينارا. عرفت أنه بالغ في الثمن لذا قررت تأجيل الأمر إلى حين. لست مستعجلا وأفضل أن تكون معي في جولتي رفقة طيبة، على الأقل تساعدني في التقاط الصور .. حملتني خطواتي نحو أعماق المدينة. كانت الأقواس مثيرة للانتباه، بديعة في شكلها وهي تتوج رأس المدينة .على الأقواس أبيات شعرية خطت بأناقة ملفتة أقرأ في أحدها:
جنة الدنيا وينبوع المفاجر توزر الأنس تحيي كل زائر
وعلى قوس آخر:
هذا الجريد مواقع الأحباب ومواطن الأمجــاد والآداب
يبدو أن حكاية المدينة مع الشعرلا تنتهي إلا لتبدأ من جديد إنها مدينة شاعرة، بأبنائها وجريدها، وخرير مياهها وأقواسها ، وبغير ذلك مما يعز على الحصر.
بعد قليل سيفتتح المهرجان الوطني للأدب والفنون، ويتضمن فقرات متنوعة تحتفي بالفنون يشتى أنواعه: تشكيل وأدب وسينما وما إلى ذلك ستكون الفرصة سانحة لي لاستمتاع إلى أكبر عدد عدد من الشعراء والأدباء والنقاد ، حتى يتاح لي تكوين صورة تقريبية عن الأدب التونسي. خاصة في مدينة تفتخر بأدبائها، وتنظم لهم مهرجانات كثيرة حتى أن أحد أبنائها يدعي أن المدينة تحتضن أكبر عدد من المهرجنات الأدبية في الجمهورية التونسية ، ومنها مهرجنات تجاوز عمرها ثلاثين سنة . إذن فتوزر مدينة للشعر والمهرجانات والجريد.
تتمتع المدينة بجو دافئ في فصل الربيع، رغم أنه دفء مشكوك فيه دافئ مخاتل لا يستقر على حال. أهل توزر يعرفون ذلك ويصوغون فيه الأمثال..
في هذه الربوع الصحراوية لا يتوقع المرء أن تجود السماء بأمطارها لكنها نكابة في توقعاتي فعلت، لتذكرني بمبدأ النسبية ..نزلت قطرات خجلى ، تداعب وجهي على استحياء، ربما غواية الشعر حفزتها على الانسياب، فكان اسيابها ناعما أقرب منه إلى التحية ،ورغم ذلك فسخاء السماء بدا لي مربكا و غير ذي معنى ..ارتشفت قهوتي على مهل، وأنا أتطلع إلى سحنات المارة، أبحث عن الاختلاف في وجود ، فلا أظفر بشيء، وكأن المرء لم يغادر بلده ،وإنه لا يزال بين أهله يسعى.. نفس الوجوه والسحنات. كل وجه يذكرني بوجه تركته هناك...
.تتميز توزربكونها مدينة النخيل أو الجريد، وهذا ما تحدث عنه بإسهاب صديقي الشاعر شكري ميعادي حتى كاد يخلق منه اسطورة ، تستحق ان تسطر بماء الذهب . يقول شكري ما معناه أن الجريد يقصد النخيل يرافق المرء في توزر من المهد إلى اللحد. استفسرته عن معنى كلامه، فاستطرد قائلا: ما إن يهل الوليد إلى دنيانا في توزر كقطعة لحم ديقة حتى تنتسج بينه وبين الجريد علاقة وطيدة .. منه يصنع مهده ثم لعبه وجزء كبير من مسكنه وطعامه يقصد التمور طعبا وشرابه أيضا، للنخيل هنا عصير يستحلب من جذوعها يقبل الناس عليه إقبالا كبيرا وهو يباع صباحا في السوق، و يعده الكثيرون دواء مناسب لكثير من الأمراض، لكنه في المساء يتحول إلى شراب " الشيطان" يطيح بالعقل والاتزان، وقد يتسبب للمرء في كوارث وقد حدث ذلك حتى لبعض النسوة الغريرات، اللواتي شربن بعضه ففعل بهن الأفاعيل.. التمور، التي تجنى خريفا- ذات منافع شتى، وقد كانت إلى وقت قريب تعتق في الخوابي توقيا من تقلبات الزمان، يتابع صديقي ومن الجريد تصنع مروحة الإنسان، التي لا يمكن الاستغناء عنها في صيف توزر، الذي لا يحتمل، ومن الجريد توقد النار للتدفئة و لطبخ الطعام، وحين يصاب المرء بالمرض العضال أيا كان نوعه، فإن من الجريد يستخرج بلمسه الشافي ، أما حين يتعب المرء من الدنيا وتتعب منه، ويغادرها إلى مثواه الأخير، فإن ألواحا من جذوع النخيل تغطي قبره، وتلازمه هناك إلى أبد الأبدين. كيف- والحال هاته - أن لا يصدق المرء أن الجريد هو عمق المدينة الوجودي الباذخ؟ و هي بالفعل تستحق اسمها الجميل حد الفتنة. أقصدها اسمها الثاني " الجريد".. وأنا أنصت لصديقي الشاعر ميعادي خمنت أنه - و هو الشاعر الجميل- مسكون بالحنين إلى ماض ، لم يعد سوى ذكرى ، يحملها أهل المدينة في ذاكرتهم ويأبون التفريط فيها، إنهم يمنحون بذلك قوة للتاريخ ليستمر حيا بيننا في عصر تنكر للجريد ولغيرالجريد..الصناعات الحديثة - يا صديقي - غزت كل شيء والتكنولوجيا اكتسحت حياة الانسان، حتى أضحى من الصواب أن يدعي المرء أنها هي التي أضحت ترافق المرء من المهد إلى اللحد، بدل الجريد ومعجزاته ..و مع رغم ذلك راقتني هذه الرومانسية الأثيرة الطافحة من كلام شكري، والتي رأيت مثلها تتراقص في تعابيرغيره من شعراء المدينة وأهلها، إنها بحق جزء من تكوينهم النفسي والثقافي ، وليس ذلك بمستغرب ولا بغريب، أليست توزر مدينة الشعر والشعراء ، وهل يستقيم الشعر دون حلم رومانسي يشد من أزره، ويسيح به في دنيا الخيال والخلق الإبداعي الجميل.
بالمقهى الشعبي المكتظ بالزوار كن أحتل كرسي على الرصيف . يبدوأكثر رواده حرفيين ينتظرون فرصة شغل. الجميع يتحدث عن الثورة. كان أسلوب حديثهم يشي بتمتعهم بقدر من المعرفة،هذا الأمر أثارني كثيرا في تونس ، التي استطاعت أن تقضي على جزء كبير من أمية شعبها. تلتقي شخصا بسيطا توحي ملابسه وسحنته أنه يمتهن عملا متدنيا من حيث أجرته. لكن عندما تحدثه تحس بأنك أمام شخص متعلم، لا يستعصي عليه الفهم والتعبير عما يفكر فيه. الجميع هنا منشغل بالمطالب بعد نجاح الثورة.إنهم يحملون بغد أفضل يستحقونه ..صدمة وصول الاسلاميين إلى السلطة تغطي على جميع الأحاديث. لم يستسغ بعد قطاع كبير من الشعب هذا الاكتساح الأخضر لتونس الخضراء. الشباب يتملكهم الحماس، ولا تخلو تعابيرهم من المقارنة بين العهد الجديد والعهد البائد، غالبا ما تميل الكفة لصالح العهد الجديد، لكن آخرين رغم قلتهم يتدمرون من عدم قدرة الثورة على تحقيق الثورة أهدافها،و يخشون أن تكون الثورة مجرد"كاميرا خفية".. في حديثي معهم كنت أحاول تعليل الأمر بأن العهد الجديد لا يملك العصا السحرية، وأنه يحتاج إلى الوقت والصبر.
. قرب توزر من مدينة سيدي بوزيد التي أشعل فتاها فتيل الثورة، يشعرهم بكثير من الفخر فالولاية التي تنتمي إليها توزر تتناخم ولاية البوعزيزي الشهيرة.
استغللت ما تبقى لي من وقت يفصلني عن انعقاد الجلسة الصباحية للمهرجان لأتجول في بعض أحياء المدينة، وإن كان ذلك دائما بكثيرمن الاحتراس ، اشتريت بعض الهدايا من هناك، وركزت على منتوجات المدينة المحلية. اقتنيت بعض التمور، و السلال الصغيرة المتقنة الصنع وبضائع أخرى، تتجلى فيها براعة الصانع التقليدي.في أغلب الهدايا ، التي نلت نصيبا منها كنت حريصا على أن يكون اسم مدينة توزر موثقا عليها.
من أجواء المهرجان
في رحاب دار الثقافة يتجدد الموعد باستمرار ،أصغينا لمداخلة الدكتور محمد الغزالي حول شخصية البطل في الرواية ، من خلالها حاول الدكتورجاهدا الإحاصة بأنواعها، و الحديث عن مدى مساهمتها في تطوير الأحداث ووسم العمل الروائي بميسمها الخاص. الدكتور الغزالي رجل أدب خلوق، عاش مدة طويلة في فرنسا، واشتغل هناك سائق طاكسي، و حين اشتد به الحنين نحو بلده ،عاد إلى توزر التي يعشقها، وفيها أخلص للأدب و الأدباء..ذكرياته في فرنسا لا تنضب ..بكثير من الانشاء يحكي عن يومياته هناك، لقد أتاحت له مهنته الاختلاط بالناس ومعرفة معدنهم الحقيقي، لقد كان ولا يزال مولعا بالنفس البشرية ومكنوناتها ،يحضر بحثا في النزوعات النفسية للبشر، و هو الآن يشرف على جمعية محلية تهتم بمشاكل الناس البسطاء.. يتدخل لهذا من أجل التطبيب ، ولذلك من أجل قضاء مرآب أخرى ..رجل منح نفسه للناس والأدب ، لذا لا يمكن إلا أن تحبه من أول لقاء به.
تناوب الشعراء على المنصة، يقرؤون أشعارهم.. خير الدين الشابي صريع الغواني دائما في جبته مفاجآت من العيار الثقيل ، خاصة إذا أحاطته النساء من كل جانب ..كان الشاعر شكري ميعادي يناوشه بتعاليق ذكية ومفحمة، عرفت من خلالها أن علاقته به متوطدة جدا، وأن الكلفة ارتفعت بينهما منذ زمن طويل أعلن .. الشابي أنه لا يستطيع التحكم في نفسه أمام امرأة جميلة ، فرددت عليه في نفسي" ومن يستطيع ذلك يا صديقي" إنه شاعر ظريف، من دواوبنة المنشورة" " نوبل الحب" و"أتعبني النساء" ..في أحد حواراته عبر عن رغبته العميقة والصادقة في تصوير كليب شعري غنائي مع الزميلة المبدعة هيفاء وهبي أو الزميلة نانسي عجرم ..إنه شاعر ساخر يخلط الجد بالهزل، ويحب قراءة أشعاره واقفا ..لخير الدين مشكلة مستعصية أخرى تؤرقه ولا يتوانى في طرحها بإسهاب أمام مخاطبيه، فيقول بأنه ضحية أبي القاسم الشابي" الذي جنى عليه، وغطى على اسمه ، فلولا أبو القاسم الذي شغل الناس لبرز أسمه كشاعر لا يشق له غبار. لكن للأسف الشديد فشاعر توزر المبجل حجبه وحجب غيره من الشعراء ..مرة أخرى قلت في نفسي " لاشيء مطلق يا خير الدين. قد يكون أبو القاسم قد خدمك أكثر مما تتصور" قلت ذلك وفي البال أن لقب الشابي جواز سفر نحو قلوب الناس ،قبل أن يستمتعوا لشعر الشاعر، الذي يحمل هذا الاسم الشهير ،وما عليه بعد ذلك سوى أن يقدم نفسه للناس بشكل مقنع ..خير الدين يلقي قصائده بتعابير مسرحية متقنة، ويحسن التحكم في مخارج الأصوات، وهو يفخر بذلك، حتى أنه ينبه مستمعيه إلى تقارب الأصوات صعبة النطق في قصائده ،هذه القصائد التي لا تخلو من استمالة لقلوب النساء، وكأنها كتبت فقط لتكون طعما للنواعم ..أيتها النساء احذرن قصائد خير الدين الشابي.
كنت مدعوا إلى المهرجان بصفتي شاعرا لذا كان لزاما علي أن أقرأ بعض قصائدي.
لا أصدق بعد أنني شاعر، أنا أكتب في السرد ، وجميع كتبي لحد الآن في القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا وفي الرواية ، لكن القصيدة تناوشني في فترات متباعدة فاستجيب.. أرسلت بعض ما كتبت من قصائد إلى مجلات عربية، فانطلت على المشرفين عليها الحيلة، وصدقوا أنني شاعر، ونشروا تلك القصائد.. بعد أن استمعت إلى الكثير من القصائد في تورز ولاحظت طغيان شعر التفعيلة، وحضور النفس الرومانسي القوي على أغلب القصائد، قررت أن أقرأ قصيدة تبدو لي مختلفة عما سمعته، قصيدة وظفت فيها عشقي للسرد، فجاءت مخللة بالحكاية هذه القصيدة كنت قد نشرته في مجلة " عبقر" المتخصصة في الشعر وعنوانها في رأس جدتي:
كل مساء
تفتح لي جدتي
كوة في رأسها
أتسلل إليه خلسة
أقتعد كرسيا بألوان
الطيف الجميلة
أرتشف قهوتي
وأدخن سجائري المقسطة
هنالك في رأس جدتي
كانت الغيلان تمرح هنا وهناك
تعسكر للحظة في دمي
ثم تهيم بحثا عن طريدة جديدة
في رأس جدتي
كنت أرى امرأة جميلة
من ضفائرها الحريرية
تنسج لي سجادة سحرية
تحلق بي في الأجواء البعيدة
هنالك في رأس جدتي
وحش كاسر
يخفي ضراوته بين
طيات أحلامي المسترة
يمني نفسه بدماء امرأة
تدثرها أشعة شمس دافئة
هنالك في رأس جدتي
أظل ساكنا
أعب كؤوس وحدتي
أغزل بروية حذري
أسترق النظر إلى طيف
المرأة الجميلة
أراه يستلل بين
أغصان أحلامي المنفلته
يحضنه بلطف فرح محتضر
من هناك أرقب الغيلان
تقترب
يرتعش الدم في عروقي
تتقافز أنفاسي كضفادع
بركة آسنة
مرتجفا أرشف قهوتي
قطرة قطرة
أرقب دخان سجائري
يركض في الفراغ
الغيلان تلحس دهشتي
تدغدغني، وهي تنصب
الكمائن للمرأة الحالمة
وحين ترتب المرأة عريها
تتسلل الغيلان
تسرق فرحتي
وتغلق جدتي كوة رأسها
بعد ذلك غادرت المنصة واحتللت مكاني في المنصة إذا أصر المنظمون على أن أظل هناك ،معلنا عن حضوري المغربي في رحاب تورز. استمعت بعشق لقصائد الشعراء ، الذين كانوا يحفظونها عن ظهر قلب، ويبدعون في إلقائها. روح النكتة كانت تتخلل االقراءات الشعرية، تعاليق من هنا ومن هناك ، تزيد من الألفة بين الحضور، وتكسر الحواجز النفسية التي قد تكون عائقا للتواصل، كان الشاعر محمد عمار شعابنية يتكئ على عكازته، التي أصبحت جزءا منه، لا يكاد يفارقها أبدا ، خاصة بعد مرض ألم به ، وهو يتعافى منه ببطء .. له مع العكازة حكايات لا تنتهي، رجل ساخر ومتفتح وجسور. يلقي بأرائه أمام الجميع بدون تهيب ..يسخر من العكازة ومن المرض ومن الشعر ومن الحياة. إنه فنان يحب الكاريكتير حد الشغف، ويمارسه كذلك. فاجأني برسم صورة كاريكاتيرية لي، جعلتني أضحك من نفسي.. الكاركاتير فن يعلم الانسان التواضع، يجعله ينظر إلى نفسه بعين ساخرة، بعيدا عن تلك النظرة النمطية للصور الفتوغرافية ، التي نتفنن في التقاطها ،لنقدم الدليل لأنفسنا وللعالم من حولنا بأننا الأفضل ، حتى وإن كانت هذه الصور تخالف الحقيقة.
من ديوان الشاعر الشعابنية " ثلاثون سماء تحت أرض الخوارزمي" نقرأ:
جئت من أغنية أخرى..
إلى معزوفة
يحتد فيها العوص
حاملا صنارة الحرف التي
لم تجد في الصمت ما تقتنص
فإذا لم يدخر صوتي فمي
وهو صوت
-مثل برق- عرص
لا أرى في اللفظ معنى
مثلما
لا يرى الأعمى كفيفا يرقص
*****
ضاعت الفرصة
ما حوجتني
كلام إذ تضيع الفرص
وقصيد هارب من حالتي
هو مثل امرأة لا تخلص
من بين شعراء تورز استوقفني الشاعر شكري ميعادي، هذا الشاعر الذي يعض بنواجذه على الاختلاف ،لقد فاجأني بكونه يرفض نشر شعره في كتاب ، بل يصر على الدواوين المسموعة في الأقراص المدمجة. ويعتز بكون شعره يصل سمعا إلى جمهوره. لقد حاول أصدقاؤه ثنيه على قراره برفض النشر الورقي، وقد ساهمت بقسط في ذلك ،غيرأنه لحد الآن لم يقتنع ،وأظن أن الاقتناع سيحدث يوما يوما ،فللورق سلطته وإغواؤه على الجميع.
قصائد شكري ميعادي ساخرة وجميلة يتقن إلقاءها. وهي تشبه القصة القصيرة جدا في احتفائها بالطرفة. لذا فرضت علي سطوتها- أنا العاشق للقصة القصيرة جدا- وكنت استغل لحظات الاختلاء به للاستزادة من شعره، ويطيب لي أن أورد إحدى قصائده هنا، مع الاعتذار للشاعر لأنني سأشاكسه قليلا ،وأصالح قصائده مع الورق.
ميكروفون:
لماذا تطأطئ رأسك لي
فأنى اتجهت
وأنى ذهبت
ذهبت معي
كذبت عليك طويلا
وصدقتني
مثلا
لو قلت :إني صادق
في كل ما أقول
تقول: إني صادق
في كل ما أقول
أو قلت: إن الأرض لا تدور
تصيح: إن الأرض لا تدوور
يا سيدي
هل مرة تستفسر الأمور
هل مرة تثور
أو كلما أدرتك
في لحظة تدور
للشرق أو الغرب
كخاتم بإصبعي تدور
يا أيها المصدع وا أسفي
كم تشبه الجمهور.
أعجبتني قصائد شكري،و وقرت في القلب ميعادي وذكرتني بالشاعر أمل نقل أحسست بنفس الروح، وإن كان ميعادي أكثر سخرية ودنقل أكثرحزنا و التزاما.
كان المهرجان فرصة للالتقاء بكثير من أدباء تونس.. أعرف أنها عينة من الأدباء لا يمكنها أن تختزل تونس الخضراء في عطائها وبذخها، لكنها على الأقل تمنح المرء صورة تقريبية عن الأدب في هذا البلد، الذي طالما تعلق به شغاف القلب من خلال صديقي الجميل عبد الدائم السلامي، من بين هؤلاء الأدباء شاعر، سرعان ما يتعلق به الوجدان إنه الشاعر محمد بوحوش ..رجل متخلق وهادئ إلى حدود الخجل يحافظ على أناقته ويقدم خدماته بصمت ودون ادعاء ..شعره مثقف وعميق.. ثقافته الفرنسية الواسعة أتاحت له الاطلاع الكبير على الأدب الفرنسي ،فانعكس ذلك على قصائده، لذا تجدها موشاة بأعلام الشعر الفرنسي، خاصة أولئك الذين أثروا ويؤثرون في مسار الشعر العالمي من أمثال بروتون ويودلير وغيرهما، وله الكثير من الاصدارات والاهتمامات، يكتب باللغة العربية واللغة الفرنسية، وترجمت أشعاره إلى الكثير من اللغات، يقول في قصيدة وقوف:
تحت المطر الأسود
والغيم أبيض
وقفت على الجسر وحدي
القاطرات تمر
والموت يضحك......
لا مطر في الانتظار الطويل
لكن أغنية عبرتني
ويداي من تعب تدمعان
وقفت على الجسر وحدي
كأني في جفن الردي ....
والغيم أبيض...
منذ أن وقع بصري على الشاعر محمد بوحوش تمنيت أن يكون صديقا لي، أحسست بمدى الصفاء الذي يؤثت سريرته، وأبدا لم يخب ظني... طوال أيام المهرجان كان الرجل يقوي لدي هذا الانطباع حتى أصبح صرحا شامخا، يليق بما تبرعم في دواخلي قلبي من حب لهذا الشاعر الوديع، الذي يمنح المرء إحساسا بالصدق والأمان، ويجذر في أعماقك الشعور بالألفة والاطمئنان.
استمعت كذلك للشاعر محمد علي الهاني، الذي يدا لي متعبا بالشعر، يحمل همومه على كتفيه ويمضي ،كان حريصا جدا على قواعد اللغة، وحين يرتكب أي شخص خطأ لغويا أو نحويا حتى لو كان عفويا خاصة من طرف الشعراء الشباب الوالجين حديثا دنيا الأدب ،كان الامتعاض يبدو على سحنته وملامحه. الهاني يرتبط بعلاقات مع كتاب مغاربة، ويسأل عنهم بإلحاح، مثل ما فعل الكثير من الأدباء التونسيين ومن بينهم الكاتب فوزي الديماسي.
الشاعرات كن حاضرات بقوة في المهرجان ومن بينهن الشاعرة عواطف كريمي التي أختار من قصيدتها جنون الورد المقطع التالي:
أريدُكَ، أن تطرقَ قلبي بباقةِ وردٍ .. وبعضِ القرنفلِ، والأقحوانْ.. وتذكر.. أنّى أحبُّ الزهورَ فألقاكَ .. مثلَ فراشة روضٍ تعبُّ الرحيق.. وتشرب منكَ، زهوري الحنانْ وسحر العطورْ.. ونبض الحنين، وهمس الطيورْ بكلّ أوان.. أريدك، أن تشرقَ الشمسِ.. في ليل حزني وتمتشق النور.. والعنفوانْ فتسري الحياة .. بعمق الحياة ويومضُ كالنجم في الأفق عمري وعمركْ.. فأعرفُ أنّك عمري.. وأسرق ليلا.. نجومَ الجمانْ.. بشوقٍ رجعت ؟ أتعلم أنّي فتنت بحبّك ؟ وأنّي أحنّ لوردِ اللقاءْ..
لباقة حبّ جميل جميل مسربلة بعميق الوفاءْ تعيد إلي طفولة قلبٍ..
في رحاب المهرجان كانت هناك شاعرة أخرى خفيفة الظل، لا تفارق الابتسامة شفتيها إنها الشاعرة و القاصة لطيفة الشابي التي لم أحصل - للأسف-على ديوان لها و إنما على مجاميع قصصية ..كانت هناك كذلك الشاعرة منيرة بن عمر التي أهدت لي " لهيب الرماد" والسيدة نصري صاحبة " مزامير الفرح"، و تقول في إحدى قصائدها:
يا فرحي المشراب
تملص من ربقة الانتظار
واحضن حنوني ولون ترانيم هذا المساء
اشرع لي أفقا مشمس الوجنات
وسوره بالأمنيات ..
سوف أمضي مع الوقت
أسابق مهراته في انتشاء
طمن عبروا الضفة الفاصلة
ما بين مهجتي والسراب
موحش قمري وموغل في الضباب....
يشاكسني شبح طالع من سكون الظلام
فانتجع للهوى البابلي مئننة...
لأخرج عن عاديات الكلام
#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطريق إلى توزر..مدينة أبي القاسم الشابي
-
تونس..الإنسان والأدب والثورة
-
سطوة الزمن في ديوان الشاعر التونسي محمد عمار شعابنية -ثلاثون
...
-
استدعاء الشخصية الأدبية في -شوارد- للشاعر التونسي محمد بوحوش
-
-طيف اللقاء- للشاعرة التونسية نجاة المازني أو عندما تشبه الش
...
-
لغتيري للمغربية : رواية -ابن السماء - معنية ببنية العقل الخر
...
-
العوفي و لغتيري يتحدثان لجريدة التجديد عن علاقة الأدب بالسيا
...
-
الكتاب الشباب درع الاتحاد الواقي
-
اندغام الذات في الطبيعة في -ابتهالات في العشق- للشاعر نورالد
...
-
جمالية الحوار في - مطعم اللحم الآدمي - للقاص المغربي الحسن ب
...
-
بلاغة الارتياب في -شبه لي- للشاعرالسوري سامي أحمد.
-
غواية الرجل و فتنته في -رعشات- للقاصة سناء بلحور
-
الاحتفاء بالتفاصيل في المجموعة القصصية -مملكة القطار- للقاص
...
-
شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس
...
-
الفصل الأول من رواية -ابن السماء- لمصطفى لغتيري.
-
حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه
-
بلاغة الصورة الشعرية في عتبات العناوين عند الشاعرة رشيدة بوز
...
-
وحي ذاكرة الليل إصدار جدد للأديبة العراقية رحاب حسين الصائغ.
...
-
متعة أدب الرحلة في -من القلعة إلى جنوة- للكاتب المغربي شكيب
...
-
إصدار جديد للشاعرة رشيدة بوزفور ..تقديم مصطفى لغتيري
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|