محمد باني أل فالح
الحوار المتمدن-العدد: 3694 - 2012 / 4 / 10 - 20:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أدب الصمت
محمد باني أل فالح
لغة الصمت في الأدب الاجتماعي تعني الحديث المهذب المترفع عن مس الذات وقدح المشاعر والإساءة برديء القول من الكلام وتعني إنصات النبلاء لثرثرة المهرجين من العقلاء لدلالة القول في قلته وتعني التمعن في الحديث وفرز ما فيه من الغث والسمين وتفهم ما يتفقه به الآخرون وأن كان لهم في السذاجة باع طويل فأن في أفواه المجانين حكمة القول ولا تكن عبد كلامك وكن أميرة وأنصف أذنيك من فيك تعي أكثر مما تبوح به وأعلم أن حالك رهين لسانك فأن صنته صانك وأن أهنته هانك وأن تم ما فيك من العقل نقص كلامك ولا يحزنك صمتك مع السلامة ولا يسعدك كثرة القول مع الأهانة فأن اللسان وزير الإنسان فلا تجعله يصدعك بقبيح القول ويفضح ما فيك من الإهمال فأن ميزان العقل في نطق الكلام أصعب عليه من فعل الأنام والكلمة كسكين ذو حدين تصيب كالنصل عند قدح الجوانب فركن إلى صنيع الصمت تسلم عند بابه ولا تأتي الحديث وأنت به جاهل فما تعلم ما يأتيك من به عالم وصن وجهك بالصمت تعد حكيما وأن كنت جاهل فما تعسر على غيرك معرفة ما فيك بقولك وما سهل معرفة كنك عند صمتك وأعلم أن كلام اللسان مرآة لقلب الإنسان وقد يهابك أخ لك خشية لسانك احتقارا ويحترمك على ما فيك من الصمت لك جارا ولا تمدح بلسانك شخص ولا تذمه فأنك قد تحتاج بعد الذم مدح وقد يكون منك سوء تصور ويكون مدحك له قدح وسل عما تقول مائة مرة وأن كان القول حرف فقد يسلم الإنسان به وقد ينال حتف وأعلم أن جمال الإنسان في حلاوة اللسان وأعقل لسانك ألا عن حق تدحض به باطل أو خير يعم الناس ولو كان أجل وتزين بالصمت ترث كرامة ويشار إليك بأنك مبهم ولك السجايا الطيب وحسن رفقة وتكشف في كثرة القول ثرثرة ورأي عن أنك واهم جميل اللمح خاطرة ترن في الأذان دهرا وليس لثرثرة القول في الإذنين وقرا أعن نفسك على صمت وأن طال به أدب خيرا من حديث وأن قل بلا أدب وصن ما بك من سوء بعق لسانك ولا تذكر عيوب الآخرين وتعاب وكن جميل القول تكسب رفعة بين قومك وتنال هيبة ولا تسيء بالحديث وتخسر قومك وتمسك هيبة فأن لم تكن عالما متكلم فكن صامت متعلم لا يجدي المرء كلام يلام بنطقه والصمت أجدى إليه من النطق ولا تجعل كلامك يعاب فيك لو نطقت بعد الصمت كفرا فانظر كم من الناس حفروا بما قالوا لأنفسهم قبرا .
أن أفات اللسان هي الغيبة والسخرية والتنابز بالألقاب واللغو وشهادة الزور وعند الكثير من الأحيان وفي معظم القضايا السياسية التي تحدث نتيجة اختلاف المواقف بين الحركات والأحزاب السياسية تأخذ بعض الأمور شكلا مغايرا لواقع الحال لما يتداوله بعض الساسة والمسؤولين من أقوال وتصريحات تستعر معها الإحداث بفتيل التناحر المقيت والسجال المتعصب الذي يرمي الشارع بشرر الاضطراب والتخندق وصعود موجه من الاحتقان الطائفي الذي يؤطر ثنايا المجتمع بالحقد والبغضاء ويشحن بعض النفوس بما يثير العداء بين الأخوة وأبناء المجتمع الواحد وتأتي أحاديث بعض السياسيين كالنار في الهشيم لا تستند إلى واقع تحليلي أو سند قانوني أو رؤية حقيقية لواقع الأمور ويتمنطق الكثير من السياسيين بأسلوب تهجمي واستفزازي لإثارة المشاحنات والمناكفات بغية أثارة الشارع السياسي وأحداث نوع من الإرباك المقصود في الحياة اليومية وزعزعة الأمن والاستقرار تأخذهم بذلك مصالحهم السياسية وأهدافهم الشخصية ونظرتهم الضيقة للأمور وفي بعض الأحيان الجهل السياسي وعدم امتلاك الحنكة السياسية في تدبر شؤون المجتمع وعامة الناس وتدخلات بعض الطارئين على العمل السياسي والذين يبتاعون الكلام الرخيص وتجار المهاترات والخطابات الإعلامية ومما يربك المشهد بتوتر متزايد وجود عدد من الفضائيات المعادية للعملية السياسية التي تنعم بوسادة القتل ودعم الإرهاب وزرع الفتن في قلوب الضعفاء والأبرياء من عباد الله وتتعمد بعض القنوات الفضائية تكثيف البث المقصود باتجاه الإحداث التي تتخذ طابعا عنفي وصفة جرميه تتأطر بشكل أو بأخر لأحدى الجهات الإرهابية عامدة إلى زرع الشكوك والاتهامات باتجاه تصعيد وتيرة الإحداث والمغالطة في كشف الحقائق أمام الرأي العام وتبرئة المتهم وإدانة الجهات الرسمية بغية خلط الأوراق واللعب على الوتر الطائفي والإساءة لبعض العناصر باعتبارها جهة مسؤولة غير مؤهلة مما يحدث تهريجا ولغطا أعلامي لتمرير طبخة أو أثارة ضجة إعلامية لفبركة الإحداث بما يؤزم الوضع العام ويربك العملية السياسية ويمنح الجهات الأخرى فضاء أوسع لنشر غسيلها الرث على حبال النفاق السياسي لتأمين بعض المصالح النفعية والشخصية الضيقة وكسب نوع من الدعاية الرخيصة التي سرعان ما تنكشف خيوط تلك اللعبة التي تمارسها فضائيات الدجل وزرع الفتنة وشراء الذمم التي ارتضت لنفسها العمل لصالح أجندة خارجية معادية ومشبوهة من خلال برامجها المشحونة بالدس والبهتان والتلفيق وفبركة الخبر الإعلامي .
وفي حوادث سابقة نرى هذه الفضائيات وبعض المسؤولين من كبار الساسة يعمدون إلى أثارة قضية حقوق الإنسان بحق بعض الجناة الذين تم اعتقالهم بسبب جرائم القاعدة وعمليات القتل والتسليب وسرقة المال العام ويؤكد هؤلاء الساسة في خطاباتهم المتشنجة عبر فضائيات التسول الإعلامي المسخ على ضرورة إعطاء هؤلاء الجناة من سياسيون وغيرهم رغم جرائمهم البشعة حقوقهم الإنسانية في التعامل والإيداع والمحاكم المحايدة حسب زعمهم وتوفير كافة سبل العيش الرغيد من الإقامة في مباني مكيفة خمس نجوم وتغذية بروتينية عالية الجودة ووسائل ترفيه متعددة مرئية ومقريه ونت وورك وليت الأمر ينتهي عند تلك المطالب بل هناك ما هو أمر وأدهى بأن يصار إلى إصدار قانون العفو العام ليشمل أولئك المجرمون ويؤكد أطلاق سراحهم وتبرئتهم من الجرائم الموثقة بشهادة أصحابها واعترافات بقتل العشرات بدم بارد لضمان تطبيق عادل لحقوق الإنسان بحق الجلاد وهو ما أكدته مجريات قضية الهاشمي وغياب دعاة حقوق الإنسان عن المشهد السياسي وتجاهل حقوق الضحايا بالاقتصاص من القتلة المجرمون والوقوف على دوافع الجريمة والمحركات والدوافع الخفية التي مهدت ومولت وخططت لتنفيذ تلك الجرائم النكراء وتصاعد أصوات العهر والرذيلة من بعض الساسة والفضائيات المشبوهة التي صعدت من خطابها المشحون بالنفاق والرياء والابتزاز واستعراض الأحداث بما يقلل من شأن الضحايا من خلال تصريحات غير مسؤولة ساعدت على تأزيم الموقف وأيقاظ لفتنه يمكنها لو استفاقت أن تأتي على من نهض أو تخلف للفرار منها ويقينا فأن التزام الصمت في تلك المواقف يمهد الطريق للسلطة في بسط نفوذها وتحقيق العدالة للمجتمع وأن كان عليك النطق حينها يكون بما يبسط على الآخرين رؤية الحقيقة وإزالة الشبهات وبذلك يكون لصوتك صرخة مدوية في أثبات حقوق الإنسان ورأيك حاسما في أنصاف الآخرين وإذا لم تكن مؤهلا لذلك عليك بأدب الصمت .
#محمد_باني_أل_فالح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟