أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعاء حوش - مروراً بدير ياسين














المزيد.....

مروراً بدير ياسين


دعاء حوش

الحوار المتمدن-العدد: 3694 - 2012 / 4 / 10 - 18:02
المحور: الادب والفن
    


على جثثٍ أقاموا ألمائدة, وتقاسموا الإعجاز بالإعجاز, كيف لهم أن يقلبوا التاريخ ويقيموا فوقه المستوطنات وينكرون حقائقاً باتت بعهر فضيحةٍ رَشَقت على جوائزهم دنسَ الدماء..
كلما اقتربَت الذكرى انفجر معها الف احتقان وتلاشى معها مئة احتمال للصمت وكُشفت لنا يد خفية اخرى كانت طرفا في مأساتنا, كَثُر المرتَكبون والجريمة واحدة, سيناريو اخر لـ"راشومون" أقل حَداثة وذكاءً منها, يعترفون ليحصدوا الألقاب هذه المرّة, ما أبشع الجرائم التي ارتُكبت في زمن الفوضى, ما أبشع التاريخ إذ يلعب دور المُحقّق, ما أبشع ذكرى الميلاد الثانية عشر لو سألتم غسان كنفاني !!
في التاسع من نيسان أُصاب بحمى الذهول وتتراكم كل تلك الأسئلة التي تملك اجابة واحدة, وأستعيد بلاهة الايام الاولى في القدس.. تلك التي كانت تُستيقظ باكراً في باب العامود وتُسهر على غرار مساءات الشمال في مقاهي الشيخ جراح, التي انشطرت لتصبح ألف توأم منظمين في زيارتهم في رتابة لا تُطاق..
أذكر كيف في بداية أسبوع منها أشرت لسائق اجرة رَكن بجانب البناية ففتح زجاج العدم لأجيبه دون سؤال: "جفعات شاؤول", أشار لي بالصعود حيث كان يضمر لي سقوطاً حاداً, مرت ثوانٍ على نيته حتى تنفس المخلوق وخرجت كلماته الاولى في زفيره الثاني: "على فكرة, اسمها دير ياسين, بتعرفي؟"...
وحده الذي رأى نظرة المقدسي تلك, يعرف حجم الإتهام الذي حظينا به جميعاً ويستطيع رصد احتمالات الأحكام القادمة عليه.. ثمة صعقات تدفع بملامحك المصدومة أن تجيب عوضاً عنك.. ويسألني إن كنت أعرف, أعرف لكن واقعك العتيق يؤلمني, نعم أعرف لكن اسمها مِلحاً لا أريد لجرحك أن يُكشف عليه..
فهل تطاولتُ يومها على 60 عامأ مضوا حين أجبته: "إلى دير ياسين إذاً" ؟ تلك التي قصدتُ بها دير ياسين الحَدَث هذه المرَة, وهل تماثل معي حداً يفهم فيه قصدي الملغوز؟ لا أدري حقيقةً, بيد أنه أسرع نحو الهَدَف !
أنظر عبر العدم, والوطن يمر بي على عجل غير معهود, كيف استأمنتُ هذا المُسرع نحو النهاية ولم أجرؤ على النظر لساعة تفضح توقيت المغادرة ولا حتى "تمهّل" تلفظني فتبقيني على قيد الهدوء دقائق أخرى, كنت أشعر أن أي كلمة أقولها هي ارتكاب لحماقة أخرى كانت القدس بما فيها بغنى عني وعنها, كيف استأمنته والوطن على حياتي لربع ساعة من الذهول, أنا التي ما خنتهم سوى بمساحة مجزرة!
اقتربنا من الحَدَث وباتت ملامح القرية أكثر اختفاءً وطمساً, ما الذي كان يراه المقدسي حين كنت استحضر أشلاءهم, هل كان يشتم رائحة الخبز المحلّى حين مررنا بـ "أنجل" أم رائحة البارود؟ وهذا البيت الذي أبقى تفاصيل العروبة حيةً فيه أكان يراه وحيداً أم محاطاً ببنادق الـ "إرجون" والـ "بلماح" ؟
صامتةً كنت أسأل كل تلك الأسئلة, وتمثالاً كان هو يجيب كأنه يدري أن الصمت كان أقصر مسافة بيننا, ومثله أصلاً أريد لهم الصمت, "زرادشت" لو ظل صامتاً أيضاً لأراحني من نصف همومي على أقل تقدير..
ذلك اليوم الذي أعدّته لنا دير ياسين منذ 60 عاماً, هل لها أن تدري بما حكمت علي لأربع سنين تلت ؟ كيف تواطأت معي تلك العظيمة حين وصلتها, نظر المقدسي بثلث وجهه العلوي بعد أن أوقف العدّاد, أُهيئ محفظة النقود وهروبي معاً, ويهيئ هو السهم الأخير, ملء القدس قالها, ملء رئتاي شهقتها, ألقاها: 48 !!



#دعاء_حوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعاء حوش - مروراً بدير ياسين