أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي المسكيني - الشهداء...يحتفلون بموتنا














المزيد.....

الشهداء...يحتفلون بموتنا


فتحي المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3693 - 2012 / 4 / 9 - 18:28
المحور: الادب والفن
    



-1-
قال أحد البلابل الذين شهدوا الواقعة
من دون أن يتعمّد ذلك:
من قال إنّنا في الجانب الصحيح
من الأفق
ربّما كنّا نحلم
وهم يقظون ؟
مثل أعمدة من الضحك
فوق رؤوسنا
ونحن لا نعلم
الشهداء هم الذين وحدهم شهدوا اللحظة الأخيرة
من انتهاء عالمنا كما كنّا نعرفه
وهم قد رفضوا أن يتقاسموا المشهد الأقصى
مع أحد
من قال إنّهم لا يشاهدوننا الآن
بأعين من صوّان
ويأسفون لكلّ ما جرى
من دوننا ؟
لا يُسمّى شهيدا إلاّ من شاهد ما لم يشاهده أحد
هم آلهة المشهد
بلا منازع
أولئك الذين اقتلعوا الإنسان فيهم
من النسيان
وحوّلوه إلى مشهد أخير
لأنفسهم
هم من أفلحوا في الاحتفاظ
بالنسخة الأخيرة من أنفسهم
وطبعوها في أبديّات صغيرة
قابلة للاستهلاك
خارج أفق الإنسان
ما أصغر أعيادنا كلّها
متى قورنت بشهادة واحدة
على نهاية العالم
من دوننا

-2-
العصافير لا تفكّر
ولكن
هل تحتاج إلى ذلك ؟
العصافير وحدها في الشارع الكبير
رقصت حتى المساء
بعد سقوط الدولة على عجيزتها
وكان الشهداء يعلمون
أنّهم سيبقون وحدهم
بعد عودة الأحياء
إلى ديار أجسادهم
بلا طائل
سيجوبون الشوارع الفارغة مثل قلب الله
بعد اليوم السابع من الخلق
وسوف يدردشون قليلا
مع بعض الهتافات الخجولة
التي رفضت مغادرة الشارع الكبير
بعد إعلان منع الجولان
والعودة إلى المنازل بلا أصوات
كان الشجر
قد تعوّد على المشاركة في المظاهرات
وتنشّق الغازات المتحضّرة
المختلطة بعطر العذارى
وصيحاتهن التي تحمل عبق الحرية
الخارج للتوّ من ضحك الأطفال على شرفة
تحت دموع الشمس
كان الشهداء وحدهم
قد ركبوا
ولم يبق غير كسالى الوطن
في الشوارع الخلفية
ينتظرون
الدولة....
وتدريب القدر
على الحوار
مع الكفن

-3-
الشهداء
يحتفلون اليوم
بموتنا
عنهم
إنّ سكوتهم عنّا
أكبر من كل ضجيجنا
عنهم
لا أحد يدري
ماذا خبّئوا في جيوب الوقت
حين غادروا مسرعين
نحو أنفسهم الجديدة
لكنّ المطر الذي كان شاهد عيان
قال
والعهدة على من روى
إنّ الصوامع كانت شاهدة
ولم تنبس ببنت شفة
وأنّ كلّ مساجد المدينة
كانت مشغولة
بتراتيل جديدة
تمّ استيرادها بالعملة الصعبة
لمحاكمة القدر
واسترداد رقصة الحرية
من العنكبوت
ومثل كل الأشياء الرائعة على الأرض
كان الشهداء يعانون من الوحدة
ليس لأنّنا لم نكن هناك
بل لأنّ حبّ الوطن
لم يكن يتسع
لكل آلامنا
على الخارطة

-4-
إنّ بكاءهم
قد فقد اليوم رونقه
وصار غيوما من الحنظل
إنّ دماءهم
قد سكتت اليوم عن الصراخ
في أجسادنا المتعبة بأوطان
مصنوعة من الأحزاب الورقية
والزجاجات الفارغة
تحت شبابيك الحكومة
إنّ سماءهم
قد صارت انتقالية
وعليهم أن يتعلّموا، بعد موتهم
كيف يعبدون
دولا افتراضية
بلا وطن
.......
عذرا
أيّها الشهداء
ليس هذا يومكم
إنّ الجنات قد أُغلقت مبكّرا
درءً للشبهات
وكلّ مباريات الجحيم
صارت تجري
بلا جمهور
....
عذرا
للذين
سيموتون.......



#فتحي_المسكيني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغيمات الأخيرة تستقيل...من المساء -
- ترجمة الفلسفة...هل تسيء إلى لغتنا ؟
- الفلسفة لحماً ودماً...في مرآة مرلوبونتي
- اعتذارات مجردة...للأقحوان- قيامتين بعد الطوفان
- كيف صارت التأويلية فلسفة ؟
- جيل دولوز: ثورة كوبرنيكية في فهم الهوية
- حذار من النائمين على حافة اللهِ...
- أحمد فؤاد نجم... عذرا أيّها الطفل...في بلاد الأهرام
- اقتصاد الهوية أو كيف تكون البنى الثقافية علاقات إنتاج جديدة ...
- السلفي والمسرح: معركة رُعاة ؟ أسئلة للتفكير
- مفهوم الضمير...أو كيف صار للإنسان ذاكرة ؟
- الفلسفة -سؤال موجَّه لما لا يتكلّم-
- ما هذا الذي هو نحن ؟ ...في السؤال عن لحم الكينونة
- تعليقات مؤقتة على مستقبل -العقل العربي-. في ذكرى الجابري
- في براءة الفلسفة وصلاح منتحليها
- كل أغنيات الوطن جميلة...ولكن أين الدولة ؟
- حواسّ جديدة لعشتار - قصيد
- نيتشه وتأويلية الاقتدار ...تمارين في الثورة
- مقاطع من سيرة إله قديم...عاد من السفر
- فلانتينا....بكلّ أعياد الوطن


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي المسكيني - الشهداء...يحتفلون بموتنا