العمل السياسي الاسلامي في فكر الشهيد عزالدين سليم

كرار طالب الحجاج

الحوار المتمدن-العدد: 3690 - 2012 / 4 / 6 - 16:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ونحن نقترب من ذكراه الثامنة نقف وقفة فخرٍ واعتزازٍ معززة بألم الفقد لمعلمٍ ومفكرٍ وسياسي ... انه شهيدُ الفكر والوطن عزالدين سليم ( رضوان الله عليه ) , وحتى لا نبقى في تقليد الاستذكار من الكلام عن حياته وما عاناه من تغييب وهو أمر مهم , ولكن لابد من تسليط الضوء ولو بشكل يسير على بعض افكار الشهيد ورؤاه وتصوراته حول بعض المفاهيم واحد هذه المفاهيم هو ( العمل ) الذي ورد ذكرهُ كثيراً في كلمات ومقالات أبي ياسين وكان يشكل عنده اولوية كبرى كما يبدو فقد قسم العمل الى قسمين رئيسيين وهما العمل العام والعمل الخاص وأعطى لكل واحد منهما تعريفاً خاصاً ووضح كل منهما كالتالي فقال في الأول (( هو البناء الداخلي للجهة الإسلامية العاملة في سبيله تعالى ... طريقة تعاملها مع المدمجين في خطها من ناحية التربية والانضباط والإعداد ))* وهو بهذا يريد أن تبني الجهة العاملة نفسها أولاً بناءاً صحيحا من حيث وضع الأسس المتينة للعمل كالنهج الذي ستسير عليه أو من حيث الأفراد الذين سيعملون تحت مظلتها وما هي إمكانياتهم ... وبعد أن انتهى من شرح القسم الأول شرع في الثاني حيث قال ( فيقصد به العمل العام الذي تمارسه الأمة بما فيهم المسلمون العاملون ضمن اطر معينة باعتبارهم جزء من الأمة , وهو يضم كل النشاطات والمشاريع والفعاليات التي تقوم بها الأمة سواء أكانت واقعية كالنشاطات التعبدية كصلاة الجمعة ... أم كانت واقعية ضمن أعمال اجتماعية تنهض بها الأمة من اجل إقرار دافع او إسداء خدمة للرسالة أو للأمة أو إحاطة سوء أو أذى بالمسلمين ))*
فهو يعتبر أن العمل الخاص هو جزء من العمل العام وهذا نوع مشترك للأمة كلها ولا يحق لأي احدٍ أن ينتزعه منها لشخصه لكي يستفيد هو وفي أي ناحية سواء أكانت مادية أو معنوية والعكس صحيح حيث من الأفضل أن تسجل الأعمال الخاصة من المشاريع التي يقوم بها البعض لمصلحة الأمة وعملها العام حتى يتحقق ولو جزء بسيط مما تتطلع إليه من وعي (( ولعل من أفضل الأعمال التي يباشرها العامل في سبيل الله تعالى أن يؤسس المشاريع والفعاليات ويترك الأمة تعمل ضمنها لتحقق نموا في وعيها الديني او السياسي باتجاه النهضة أو التغيير ))* فهؤلاء هم العاملون الإسلاميون الحقيقيون في نظر الشهيد والذين يكون هدفهم الرئيس هو إفادة الأمة وتوجيهها نحو الإسلام (( وباعتبار كون العمل الخاص إسلامياً , فلابد أن يهدف أساسياً إلى ايقاض الأمة وتحريكها باتجاه الإسلام فكرياً وعملياً ))*
وهذا ما طبقه الشهيد في كثير من مشاريعه , فلابد أن يكون العامل بعيداً عن أهدافه ومصالحه الخاصة وان يكون عمله خالصاً لوجه الله وان ينتظر جائزته منه أيضا (( ... ليس لهم أن ينسبوا النشاطات التي تنهض بها الأمة في أي حقل من الحقول إليهم , وان كانوا ساهموا في إعداد هذه النشاطات أو خططوا لها , لانها ملك للأمةِ ولهم المثوبةُ والأجر إن هيئوا الأجواء لتحريك الأمة بالاتجاه الصحيح ))* وكدليل واقعي على هذا النمط من العاملين استشهد أبي ياسين بدليل من ارض الواقع وليس ببعيد زمنياً وهو عمل رجالات الحركة الإسلامية في العراق في العقود الماضية (( ولعلنا نتذكر كيف نهض الإسلاميون في عراق الجرح النازف بأعمال ونشاطات ضخمة ضمن الأمة في الستينيات والسبعينيات فلم ينسبوها لأنفسهم )) وكخلاصة للموضوع يوضح الشهيد الخلل الذي يسببه الخلط بين جانبي العمل وما يسببه من إرباك في مسيرة الأمة (( إن الخلط في المفاهيم وحقول العمل يضر كثيرا بمسار العاملين وبمسار العمل كله ))* كما أوضح أن تقييم الأعمال يجب أن تكون كلمة الفصل فيه للأمة وليس لبعض الأبواق التي تحاول ان تنسب كل ما عمله الناس لأنفسها أو لمن تريد من أسيادها وهذا واقع الحال في الماضي والحاضر وربما المستقبل , ليبتعد العامل الحقيقي في سبيل الله عما يعكر إخلاص نيته بل ليميز من يريد الدنيا ومن يريد الآخرة (( إن التقييم للأعمال والنشاطات , لو ترك للأمة لكان علامة خير وسلامة مسير , واضمن للعبد من المن والرياء ))* نعم هذا هو مفهوم العمل الإسلامي في ضل فكر المفكر الشهيد عبدالزهراء عثمان والذي كما اعتقد قد أوضح فيه المسار الصحيح للعمل بعيد عن كل الشوائب والمزالق التي قد ينزلق إليها العمل والعاملون فيه , وهذا غيضٌ من فيض مما جاد فكرهُ حول هذا الموضوع الذي بحث فيه طويلاً , والسبب كما يبدو بأنه قد رأى الانحرافات التي تتعرض لها أعمال العاملين وخصوصا الإسلاميين وقد بانت بعض جوانب هذه الانحرافات , نتمنى من كل الباحثين أن يطلعوا على فكر هذا المفكر وعلى كل ما جاد به قلمه ويحاولوا نشره لتفيد مسيرة الأمة ومن يعملون فيها في حاضرها ومستقبلها .

* عزالدين سليم , من حصاد التجربة , بين العمل الخاص والعمل العام ص20 _ ص22

#كرار_طالب_الحجاج (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات