عبدالله صقر
الحوار المتمدن-العدد: 3688 - 2012 / 4 / 4 - 03:24
المحور:
الادب والفن
ذات يوم كنت أقف فى الباص , وكان مزدحما وأحسست بيد تعبث فى جيبى , ولكن فى بداية الآمر لم يراودنى تفكيرى الى أن هناك شخصا ما يحاول سرقتى , ونظرت عن يمينى وإذا بى أجد رجلا فى الآربعن من العر لكن علامات الآجرام تدل على أنه لص ومحترف , لكنه سرعان ما سحب يده من جيبى ونظر فى الآتجاه المعاكس محاولا تجاهلى ولا سيما أنى كنت أنظر له شذرا وغيظا , وعادة أنا لا احمل نقودا فى جيب البنطلون , حاول هذا الشخص النزول من الباص لكنى صراحة تتبعته , لآنى كان لدى فضول كبير للحديث معه كى أعرف منه بعض النقاط العائبة عنى , ونزلت وراءه فى هدوء تام , والرجل حين رأنى أسير خلفه تضايق وقال لى بلهجة عنف وضيق : ماذا تريد منى ؟ قلت له أنا أريد الحديث معك فقط , ولكى أهدئ من روعه مددت يدى فى جيبى وأعطيته عشرون جنيها , وأحسست به يبرد فجأة وقال لى أنا حولت أن أسرقك وأنت تعطينى نقودا , قلت له أنت باين عليك رجل مسكين ولازم أساعدك , فقال لى : بماذا تساعدنى أكثر من ذلك , قلت له سوف أعقد عك صفقة , ألا وهى أنى أريد مساعدتك فى العثور على عمل بدل مد اليد فى جيوب الناس والتعرض للقبض عليك .
فى البداية وجدته مندهشا وقال لى يا بيه أنا موش محتاج مساعدة من أحد , لآن دخلى فى الشهر يتعدى العشرة ألاف جنيه , بصراحة أندهشت من قوله , وقلت له أنت طبيعى تكذب على حتى لا أساعدك , قال أقسم لك بالله أن دخلى من السرقة يتعدى هذا البلغ , وقال لى أيضا أنت يا سعادة البيه ماذا تعمل , قلت له أنا كنت فى يوم من الآيام موجه فى وزارة التربية والتعليم ومعاش تقاعدى على القد , قال يمكننى أن أبحث لك عن عمل , فضحكت بهستيريا , وسألنى عن العمل الذى سأقدمه له , فقلت له : لى قريب يملك شركة يمكننى أن أكلمه كى يساعدك فى العمل بالشركة فى مهنة التنظيف وخلافه , لكن الفكرة لم تروق له ولم يستحسنها بالمرة , وقال أنا سلطان زمانى يا بيه , كثر خيرك .
وأنتهت المقابلة وهو يضحك على تصرفى الآحمق معه , لكنى أستغربت بأن لص هكذا يكون دخله أكثر من عشرة ألاف جنيه شهريا , إنها أعجوبة هذا الزمان الشرفاء كادوا يتسولون حتى يكملوا شهرهم , واللصوص يتكلمون بمنطق الآلاف , وقلت لنفسى طيب ماهو فيه لصوص سرقوا وطن كامل , أنت ليه بتعايب على واحد أمتهن مهنة وأتقنها وسارت فى دمائه , أنها الآقدار التى وجهته الى مهنته التى لا فكاك منها .
والسرقة فى علم النفس هى شعور الفرد الجانح بالميل للأستحواز على ما يملكه الغير دون وجه حق , أى أن السرقة ليست وراثية أو فطرية , والسرقة سلوك يعبر عن حاجات الفرد وهى حاجات نفسية وأجتماعية , حيث أن لها دوافع وأسباب .
والسرقة فى القانون العام
لقد عرف القانون جريمة السرقة فى المادة 311من قانون العقوبات المصرى ( كل من أختلس منقولا لغيره فهو سارق )
والسرقة فى القانون هى أختلاس مال منقول مملوك للغير بنية الآستحواز والآمتلاك , كما عرف المشرع القانونى السارق بأنه كل من أختلس ملا منقولا يملكه الغير بهدف أمتلاكه .
أركان جريمة السرقة فى القانون :
أن لجريمة السرقة أركان : الركن المادى وهو ما يتطلبه القانون من عناصر مادية ملموسه يمكن أدراكها .
والقصد الجنائى من جريمة السرقة ينشق الى جزأين : الجزء الآول هو القصد العام وهو أن يكون المتهم عالما بجريمتة السرقة وعالما بوقت الجريمة التى أرتكبها .
والجء الثانى وهو القصد الخاص وهو أن كون الجانى عازما على نقل ما سرقه فى حيازته الكاملة والمطلقة بغية الآستحواز الدائم والغير مؤقت .
ولجريمة السرقة أسباب ودوافع منها ما هو ظاهرى , ودواغير مباشرة .
ومن الآسباب التى تؤدى للسرقة , حب التملك الزائد عن الحد , أو بغرض الحاجة أو حب أمتلاك الآشياء , وأيضا هناك نوعيات من البشر لديهم ميولا عدوانية , يحبون إيذاء الآخرين , فيضطرون لسرقة الغير لإذائهم وهذه نتيجة للميول العدوانية التى تتملكهم , وهناك نوعية أخرى يميلون الى الآنتفاع من الآخرين عن طريق السرقة , وفى أعتقادهم أن السرقة منفعة .
دوافع السرقة الظاهرية :
هناك إناس يكونوا فى حاجة ماسة الى المال فيضطرون الى الحنوح للسرقة , فالحاجة تضطرهم الى سد رمقهم من خلال السرقة , أو لآشباع ميل أو هواية أو عاطفة , أو تقليد أخ أكبر قد يكون راه وهو يسرق , أو بدافع الآنتقام من الغير , أو الشعور بأن الشخص منبوذا من الآخرين , ولذا يحاول أن يسرق لينفق على أقرانه الذين ينبذونه , حتى ينال رضاهم ويكون محبوبا منهم .
وهناك دوافع غير مباشرة :
منها حب الآنتقام وألحاق الأذى والضرر بدافع الكراهية المفرطة , أو ميل الفرد اللص الى العدوان ولديه دوافع أنتقامية من الغير .
كما أن الشدة أو الآفراط مع الآبناء أو التدليل واللين الزائد مع الآبناء يجعلهم يجنحون الى السرقة .
كما أن الشعور بالنقص وفقد الطفل للحنان قد يضطر الطفل الى السرقة .
ولا ننسى أن الطفل حين يفقد قواعد التربية أو الرعاية الآسرية السليمة يمون معرضا الى شروده مع رفقاء السوء .
وقد يلجأ الطفل الى السرقة لآحساسه بعدم ملكيته للعبة ما أو لشئ ما محبب لديه .
هناك أطفال يشعرون بالغيرة المفرطة , نظرا لآنهم ينظرون للأطفال الآخرين وهم يمتلكون أشياء لا يستطيع الطفل الجانح أن يمتلكها , ولذا يضطر الى اللجوء الىالسرقة ليعوض مركب النقص الذى به .
وهناك نوع من العقاب قد يلجأ الطفل إليها , فهو يعاقب من هم أكبر منه سنا , فيلجأ الى سرقتهم كى يعاقبهم .
وقد يلجأ الطفل السارق الى السرقة حتى يظهر عضلاته وقوته أمام أقرانه والآخرين , وهذا أسلوب لفرض سيطرته عليهم .
علاج المشكلة
يجب علينا نحن الكبار أن نظهر أمام الطفل بمظهر القدوة الحسنة .
يجب علينا أشباع حاجات الطفل , وعدم حرمانه من الآشياء المحببة لديه , وأحترام ملكية الطفل حتى يحترم ملكية الغير .
تدعيم الوازع الدينى والخلقى لدى الطفل , ومراقبة الآهل للأبناء بصفة دائمة وتقويم سلوك الأبن الحانح .
إذا ما صادفنا حالة طفل سارق , فيجب علينا ألا نناديه بلقب لص أو حرامى حتى لا نترك فى نفسيته أثر سئ , حتى لو كان مزاحا , وعدم توصيفه باللص .
تدعيم دور التوعية لدى الطفل السارق وبيان مدى خطورة السرقة عليه .
عدم توجيه الآهانة للطفل أو نهره أو تحقيره أو ضربه أو تخويفه .
تدعيم ثقة الطفل بنفسه وبالأخرين .
يجب أن يكون العلاج فى مرحلة مبكرة , قبل أن تصبح السرقة سلوكا نتأصلا مع الفرد , وحتى لا يكون العلاج فيما بعد فى الكبر من الآمور الصعبة والمستحيل علاجها .
محاولة تكوين صداقات وطيدة مع الطفل حتى يمكننا أن نؤثر ى الطفل بسهولة .
كما يجب على القائمين على علاج الطفل الجانح أن يراعوا الحالة النفسية للطفل حتى يسهل العلاج ويكون ملائما مع حجم المشكلة , كما يجب ألا نضخم من المشكلة أمام الطفل حتى لا تترك أثارا سلبية فى نفسية الطفل ونزيد الآمر تعقيدا .
يجب ألا نلجأ للعقاب البدنى الشديد أو الآستهزاء والسخرية من الطفل ؟
كما يجب علينا دائما أتباع التوعية والآرشاد والتوجيه النفسى والآخلاقى .
الآهتمام بالحالة السيكولوجية ( النفيسية ) للطفل حتى لا ينعكس على سلوكه وأتجاهاته .
محاولة التعرف على الآسباب التى أدت الى ظهور تلك المشكلة لد الطفل السارق حتى يسهل علاجها .
وأخيرا العمل على تعويض الطفل السارق ما يفتقده , حتى يمكن أن نؤهله ونعيد تكيفه مع المجتمع الذى يعيش فيه .
#عبدالله_صقر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟