أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسل سليم - قتلانا وقتلاهم














المزيد.....

قتلانا وقتلاهم


باسل سليم

الحوار المتمدن-العدد: 1082 - 2005 / 1 / 18 - 11:03
المحور: الادب والفن
    


عالم ابله ، مجنون ، حرب ابدية ، قصص بطولية وأفلام عن جنود يقتلون العشرات منا كما فعلوا في فيتنام في لحظة واحدة

الأم الفلسطينية التي أعلنت أنها لو أستطاعت أن تنجب عددا أكبر من "الأولاد " لكانت وهبتهم للثورة كما وهبت الأربعة الذين قضوا من عمر المقاومة وشربت حسرتهم واحدا تلو الآخر ودعت الثاني طالبة منه أن يسلم على الأول وواعدة له بآخر على الطريق .

أربعة من الأمهات " الاسرائيلبات" يقدن حركة تطالب "أسرائيل " بالانسحاب من جنوب لبنان ويثرن الكثير من الضجة ويحرجن الحكومة ويوهن العزيمة الاسرائيلية ، شكرا لهن ، وفرن على امهات غير مستعدات للتضحية بأبنائهن من أجل وهم أرض الميعاد ..

التلفزيون العراقي يعرض صور الجنود الغزاة مجندلين بالرصاص ومغطين بالدماء فتقوم الدنيا ولا تقعد، ويراجع الخبراء اتفاقيات جينيف ويفلون حتى النسخ المعدلة منها لإدانة هذا الاستعراض لجثث بشرية على التلفاز ، ويتوقع رئيسهم أن يعامل الجنود الذين أسروا احياء معاملة حسنة ..حسناً.

الطيار الاميركي يستشير على اللاسلكي الضابط الآخر متسائلا عما له أن يفعله بحفنة من المدنيين الذين خرجوا إلى الشارع ولا يبدوا من حركتهم انهم مسلحون ، فيأتيه الجواب حسما للشك وتحسبا لأن يكونوا ارهابيين اقصفهم ، يتناثرون في لحظة كالعصف المأكول والجميع ينظر ببلاهة في شاشات التلفاز الحمقاء ، وصمت ...

القوات الاميركية تقصف المدنيين الافغان في أحد الاعراس بالصدفة ، مستكثرة عليهم الاحتفال بزواج أحدهم بعد "التحرير" من نظام رجعي كان يمنع الموسيقى ، ربما أراد الطيار الامريكي اضفاء موسيقى خاصة على العرس فبدل الطبل والاحنفال باطلاق الرصاص أطلق صاروخ لا يخطيء الهدف في قلب العريس مباشرة .

المشهد يتكرر في عرس عراقي ، بدو يبتسمون في الصور فرحا بالعريس ، أطفال ملوحين من السمرة يضحكون انتشاءا في غفلة عن الحرب ، موسيقى بسيطة على القد لا تتناسب ومظاهر البداوة ، ولائم تعد على نار هادئة للضيوف حتى لو كان بينهم غزاة فالضيف ضيف ....وإطلاق نار في الهواء على عدو وهمي كعادة العرب إضافة إلى طيار غبي لم يتلق أي معلومات عن عادات الشعوب التي جاء لغزوها من وراء البحار فيرد على النيران المعادية بقذيفة حديثة تضمن الموت السريع ...والنتيجة خطأ متعمد ندينه بشدة ونسكت على قتلانا ونعذر الطيار المسكين لجهله متوقعين ذلك من خبرتنا بذكاء رئيس بلاده وحكمته...

موت بطيء على الشاشة في حصار أخرق يتهم كل طرف الآخر بتسبيبه والنتيجة واحدة ، مئات الآلاف من الاطفال يموتون ببساطة الشروق والغروب نتيجة لقرار أمم متحدة وشعوب متحضرة وعالم أصم لا يسمع ، أعمى لا يرى ....

مقاتلون بسطاء بأحذية بلاستيكية وملابس رثة وأسلحة مهربة قد تنفجر بين أيديهم يموتون بالعشرات بدون تعقيدات تكتيكية ولا نظرية ثورية تبرر المقاومة ، كل ما يملكونه قلوب بسيطة تحن للشاي المعتق بالنعناع في مساءات باردة وعالم بدون أصوات رصاص وأطفال مشاغبون ..

مقاتلون متثاقلون من أسلحة خفيفة وثقيلة ، ومناظير ليزرية وسترات واقية ، لكنة عوجاء وحلم بفتاة وبيرة باردة تبرد القلب ، بسطاء أيضا من نوع آخر والتعليمات واضحة " نفذ الاوامر واقتل كل هدف متحرك " .. مساكين حين نقتلهم دون شفقة ليعودوا ملفوفين بأكياس بلاستيكية معدة خصيصا لموتهم ولا نجد الوقت للتفكير في معنى موتهم فما زال عندنا الكثير منهم بالانتظار ...

مخيمات وأطفال شتات ، مصانع الموت البطيء ، نموت فيها كالأشجار ، قابضين على مفتاح الدار ، حاقدين على جيوش وهمية وعدتنا بالعودة بعد أيام ، واذا جائت الحرب نذهب للموت مزنرين بعار الانتظار لا يمحو غضبنا إلا موتا سريعا قريبا من هناك ، من أرض لم نرها بعد .....

هل يموتون كما نموت ، هل تعد لهم جنائز يصرخون فيها غضبا واعدين بمزيد من القتلى على طريق الحياة ، هل تعد لهم أكفان مثل أكفاننا ، هل يضيقون بالمقابر الجماعية التي ندفن فيها اذا قتلنا بالجملة توفيرا لأرض تتقلص مع كل احتلال ، هل تبث صور قتلاهم مرتبين في الشاحنات فوق بعضهم البعض ، هل يموتون بلا معنى كما نفعل ، هل يتركون نساءا خلفهم يتشحن بالسواد أبد العمر أم تنسى نساؤهم بعد حين ويتابعن الحياة بهدوء ، هل يبكي اطفالهم اذا ماتوا بكاء اطفالنا أم يعانون من صدمة غياب الاب ويعين لهم مستشارون لمعالجة الحزن والاكتئاب ، هل يتوعد اطفالهم بالثأر وهم بعمر الورد ويغضبون ويبعثون برسائل للغزاة كما يفعل أطفالنا ، هل يعذر طفلهم أباه على الموت كما يعذر أطفالنا آباءهم ويسكتون على الجوع أم يتحسرون متذكرين هدايا العيد والآيس كريم والوجبات السريعة ، هل يعاملون كأرقام ولا تذكر اسماؤهم كما يفعل بقتلانا فذكر اسماء من يموت منا كل يوم سيطول على المشاهدين والمستمعين ، هل يلف قتلاهم بأعلام الوطن البالية أم بأعلام نظيفة ترتب بعد الدفن ويلف العلم ويعطى للاهل امتنانا وشكرا على شهيد "نشر الديمقراطية"،،،،
هل و هل وهل
" قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار "
اذا صدق الوعد !!!



#باسل_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن المقاومة التي نريد
- رسالة مفتوحة إلى خوسيه ساراماغو
- أبو مازن والركض وراء الجزرة
- كي لا نضل الطريق - إلى الشبيبة الشيوعية
- عشبة في جدار
- أعور بين العميان
- فسحة للضوء: الحوار المتمدن نموجا
- كم ظلمنا العدس
- القابض على الجمر
- بل الوقوف على ارض الواقع يا رفيق هادي
- حديث الليالي الطويل
- نشر الجريدة الحزبية أم سقوط وطن: أزمة الحزب الشيوعي العراقي
- الفلوجة واسلحة الدمار الشامل


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسل سليم - قتلانا وقتلاهم