أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نزار جاف - أزمة الحضارة الغربية و اللاأزمة في الشرق














المزيد.....

أزمة الحضارة الغربية و اللاأزمة في الشرق


نزار جاف

الحوار المتمدن-العدد: 1082 - 2005 / 1 / 18 - 10:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بينما کان الفيلسوف البريطاني برتراند راسل في نزهة يومية على دراجته ، قفزت الى ذهنه علاقته بزوجته" أليس" التي لم ير ضرورة لإستمرارها فقرر إنهائها . قرار هذا الفيلسوف قد يکون عاديا و مفهوما في الغرب ، لکنه في المجتمعات الشرقية يعتبر قرارا طائشا و غير مسؤول وينم عن عدم روية أو تعقل وبعد فاصل من الانتقادات الساخنة و الحادة تتدخل مجاميع "الحل و العقد" لإصلاح ذات البين وترجع المياه الى مجاريها وکأن شيئا لم يکن ! لکن الفيلسوف البريطاني الراحل حين أتخذ قراره الآنف فإنه لم يکن تحت ضغوطات إجتماعية ـ فکرية معينة وإنما کان بمطلق حريته و إرادته لذا فقد جاء قراره شفافا کعزمه ، فالانسان في لحظات معينة يکون في خلوة ذاتية أو بکلام أدق يکون مع " الانا " تماما وينقطع عن الموضوع وفي مثل هذه اللحظات يکون الانسان أمام ذاته ساحة مکشوفة لايستر عريه ورق التوت ذلک أن ورق التوت أساسا نتاج المجتمع وليس" الانا". عندئذ يکون القرار أي قرار يتخذه المرأ فيه المصداقية التامة . إن الانسان المشبع بثقافة شرقية لن يکون هينا عليه أن يتفهم مقولة" سيمون دي بوفوار" الشهيرة " أنا إمرأة لکل الرجال ولکنني لاأشعر باللذة الجنسية إلا مع سارتر " ، فحکمه الاولي على دي بوفوار سوف لن يکون أيجابيا بالمرة ، لکن الفرنسي أو أي أوربي يرى ماتقوله زميلة سارتر مسألة عادية تتعلق بها هي دون سواها . إن الاشکالية الاهم التي يعاني منها الرجل الشرقي هو إحساسه بالازدواجية في التعامل مع الواقع الموضوعي به و مع ذاته کفرد ، أو بتعبير آخر التناقض بين ذاته الاجتماعية و ذاته کفرد . وحين التدقيق في علل ذلک التناقض نجد أن مجمله يرجع أساسا الى ردود أفعال تتعلق بالذات الاجتماعية للانسان ، أي هو نتيجة لذلک الرکام الذي يتولد من جراء تعامل الذات الانسانية مع واقعها الموضوعي . صحيح أن هناک أزمة حقيقية في المنعطف الغربي لحضارة الانسان على الکوکب الارضي ، لکن ذلک لايعني بالمرة أن المنعطف الآخر لايعيش أزمة أو هو خارجها ، بل إن الازمة الاهم و الاخطر هي التي تعصف بالمنعطف الشرقي وسبب هذه الاهمية و الخطورة يأتي من التوهم بأن ليست هناک أزمة مادامت العائلة قائمة بکيانها ومادام المجتمع مايزال متراصا بقيمه و مفاهيمه ! إن التوهم ببريق الاشکال القسرية الخاوية في مضمونها يقود الى متاهات الظن بقدرات لاوجود لها على أرضية الواقع ، فليس کافيا أن نشعر بالدفء الاسري و الاجتماعي فنظن أننا على أحسن مايرام فنشرع في نقد طويل و عريض للحضارة الغربية و نطرح حضارتنا کبديل مقبول من مختلف النواحي . الامر لايکمن في البنيان الاسري و الاجتماعي فحسب وإنما يتعداه الى البنيان السياسي و الاقتصادي و الفکري و حتى التقني ، فأين الشرق من البنى الاخرى ؟ ثم إن الحضارة الغربية حين تعلن أن هناک أزمة ، فإن أزمتها أساسا تنطلق من تجربة حضارية خاضتها و عاشتها بعد أن نجحت في تقويض أرکان النفوذ الکنسي و حصرته في بوتقة الفاتيکان وإندفعت فيما بعد لتشيد على رکام المجتمع الاقطاعي المتهاوي تلک الحضارة التي عاصرت حربين عالميتين و شهدت إنحسار و تداعي التجربة الاشتراکية . إن الازمة في الغرب هي أزمة البحث عن البديل لکن الازمة عندنا هي التشبث بماض حضاري لايملک مقومات المجابهة و التحدي وطرحه على إنه البديل المطلوب للغرب ! إن المثقف الشرقي حين يقرأ کتب الدکتور يوسف القرضاوي " الحلول المستوردة و ماجنته على أمتنا" و التي يناقش فيها " الحل الليبرالي " و " الحل الاشتراکي " وبعد أن يسهب في تبيان عيوب و مساوئ کلا الحلين الانفين يطرح في کتابه الاخر " الحل الاسلامي " بديلا للحلين المستوردين من الغرب الليبرالي و الشرق الاشتراکي ! لکن الإشکالية المهمة التي تغافل عنها الدکتور القرضاوي هو إن تلک التجربتين لم تکونا أساسا وليدتا هذا الواقع ولم تترعرعا في حياضه حتى يصدر حکمه على إخفاقهما و " ضمان نجاح الحل الاسلامي " . إن التجربة الحضارية يجب أن تکون وليدة الواقع ذاته حتى نحکم على نجاحها أو فشلها ومتى ما کان هناک مشروعا حضاريا بإمکانه الوقوف على رجليه و النهوض من بين رکام الماضي حينئذ فقط بإمکان الدکتور القرضاوي أن يحکم على معطياته النهائية ويجزم بنجاح الحل الاسلامي .



#نزار_جاف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة و الخرافة
- حزب البعث الالماني الاشتراکي الخجول جدا جدا
- القضية الفلسطينية بين خيار الحماسة و منطق العقل
- أحمد سالار ...من أجل مسرح کوردي أصيل و معاصر
- رجل أم مجرد ظل لديک
- شئ عن الموقف و أصحاب المواقف
- الى أنظار صحفيي و ناشطي حقوق المرأة و الانسان في العالم : شم ...
- مظفر النواب : کلام متواضع في حقه
- أحمد رجب..معلمي و أستاذي و مناري الاول في عالم الصحافة
- فتاة طارت من أربيل الى مکة
- الى الاخ نزار رهک قليلا من الموضوعية في تقييم خيار الشعوب في ...
- أقتلوا الاشباح
- المسرح الکوردي و سبر أغوار المرحلة المقبلة
- نحو نظرة أکثر إشراقا للمستقبل الانساني
- کلام هادئ مع الراحل الکبير الدکتور علي الوردي
- عبدالجبار عباس وشئ من ذکراه
- سوريا ..البحث في المحال في الوقت المحال
- أصالة دور المرأة في المجتمع الکوردي
- الرجل المثالي جدا
- ماتحقق للمرأة في العقود المنصرمة : صفر و باليد حصان !


المزيد.....




- حلبجة: ماذا نعرف عن المحافظة العراقية رقم 19؟
- كلمة الرفيق حسن أومريبط، في مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية ...
- ترامب لإيران.. صفقة سياسية أو ضربة عسكرية
- كيف نفهم ماكرون الحائر؟
- إسرائيل تعلن إحباط محاولة -تهريب- أسلحة من مصر
- مبعوث ترامب يضع -خيارا واحدا- أمام إيران.. ما هو؟
- أول رد فعل -ميداني- على احتجاجات جنود إسرائيليين لوقف الحرب ...
- مقاتلة إسرائيلية تسقط قنبلة قرب -كيبوتس- على حدود غزة.. والج ...
- باريس تُعلن طرد 12 موظفًا من الطاقم الدبلوماسي والقنصلي الجز ...
- عامان من الحرب في السودان... تقلبات كثيرة والثابت الوحيد هو ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نزار جاف - أزمة الحضارة الغربية و اللاأزمة في الشرق