أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الطاغية المستبد والشعب المقهور














المزيد.....

الطاغية المستبد والشعب المقهور


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1082 - 2005 / 1 / 18 - 11:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تؤكد الدراسات السيكولوجية لحياة الطغاة في العالم، انحدارهم من وسط الحثالات والرعاع في المجتمع. وتعاني البيئة التي نشأوا فيها من العوز والفقر والجهل والاحتقار الاجتماعي، تلك الظروف عكست ترسباتها السلبية في وجدانهم وأخذت تفعل فعلها في سلوكهم العام.
وعموماً تشكل التقاليد والأعراف الاجتماعية منظومة رادعة للسلوك والتصرف المنافي لقيمها في المجتمعات المتخلفة، ويكون فعلها أكثر قوة من فعل القانون الوضعي. وتبرز السلوكيات والتصرفات الشاذة للأفراد غير الأسوياء بصورة ملحوظة في المجتمع عندما تنهار منظومة القيم الاجتماعية وتضعف آليات الردع القانوني.
ويعد سلوك وتصرف الطاغية الشاذة انعكاساً لذاته المشوهة، ويلجأ الطاغية إلى الكذب والخداع والمراوغة لإقناع المجتمع بقدراته. وعندما يفشل في محاولته في الإقناع، يلجأ إلى العنف والقسوة لأجل فرض توجهاته القسرية وانتزاع الاعتراف بدوره (المميز) في المجتمع.
ويصف ((مصطفى حجازي)) سلوك وتصرف الطاغية قائلاً:" أنه يمتاز بالكذب والخداع والتضليل، أنها قوام اللغة التي يخاطب بها المتسلط الجماهير المقهورة. ويمتاز خطابه بالكذب والنفاق والتهديد الصريح، إضافة إلى الوعود المعسولة والتضليل تحت شعار الغايات النبيلة: الوعود الإصلاحية، والخطط الإنمائية، والأخلاق، والرقي والتقدم والمستقبل الأفضل. كلها هراء اعتادت عليها الجماهير، وهي بدورها تخادع وتضلل حين تدعي الولاء وتتظاهر بالتبعية".
وكلما تزايدت مظاهر التأييد والولاء للطاغية، كلما تولد لديه إحساساً بالعزلة والخوف لاعتقاده في اللاوعي أنه مرفوض اجتماعياً وتلك المظاهر من الولاء كاذبة وخادعه تتحاشى من خلالها الجماهير السطوة والبطش، ولكنها تتحين الفرصة للتآمر عليه.
إن عقدة الخوف والريبة التي تنتاب الطاغية المتسلط تجعله دائم الشك والحذر بمن حوله ويدفعه هذا الإحساس أكثر لبث عيونه حتى في داخل أجهزته الأمنية. كما أنه يلجأ لاستخدام غطاء الدين لإضفاء (الشرعية) على نظامه، وترسيخ الاعتقاد لدى العامة من الناس بالإثم ومعصية الخالق. لذا سلط الله عليهم من لايرحمهم، عقاباً لهم عن المعاصي ونكران فضله عليهم وما الظلم والاضطهاد المسلط عليهم إلا مشيئة ربانية ينفذها الطاغية.
وبهذه السياسة من التجهيل والبدع والغطاء الديني، يشكل الطاغية نظام حماية (رباني) لنظامه المستبد، حيث يشجع التيارات السلفية-الظلامية ويسخرها لترويج البدع واختلاق الأحاديث الدينية الخادعة والمضللة لإحكام سيطرته على المجتمع ولأمد طويل.
ويعتقد ((مصطفى حجازي))" إن الطاغية المتسلط يشجع السلفية، تشجيعاً مستمراً لانتشارها وتعزيز مكانتها لأنها تكرس امتيازاته وتعطيها صبغة الأمر الطبيعي، والقانون الطبيعي الذي يحكم الحياة. وبالتالي لايجوز المساس به من ناحية (التمسك بالتقاليد) وهي تصرف الإنسان المقهور عن النهوض بواجب التغيير وتقديم التضحيات التي يستلزمها. ومن ناحية أخرى (الاحتماء بأمجاد الماضي)".
ويعد قوام الأجهزة القمعية لنظام الطاغية المستبد من حثالات ورعاع المجتمع، وهو ذات الوسط الذي نشأ وترعرع فيه الطاغية. لاعتقاده الجازم بأن تلك العينة الضالة من المجتمع التي تتأصل فيهم روح الحقد والانتقام ولاتردعهم منظومة القيم الاجتماعية، لأنهم عديمي الضمير والأخلاق ويمتازون بالقسوة والعنف لذلك هم الأكثر قدرة على إخضاع المجتمع لسلطته.
وبالإضافة إلى ذلك يعمد الطاغية المستبد لتسخير قطاعات من المجتمع لإدارة عجلة قطاعاته الإنتاجية، وتحقيق فائض مالي يغطي نفقات أجهزته القمعية غير المنتجة. وفي البلدان غير الريعية، يلجأ الطاغية المستبد إلى إضعاف المرتكزات الإنتاجية للقطاع الخاص لزيادة جيش العاطلين في المجتمع. ومن ثم العمل على استقطابهم في أجهزته القمعية والجيش وقطاعات الدولة ليكون ربًّ نعمتهم ويتحكم بحياتهم المعيشية.
ويتحكم الطاغية المستبد بجميع الموارد المالية للدولة، ويتصرف بها بما يخدم سلطته المستبدة فيغدق بالمكافآت على المدافعين عن نظامه ويُفقر القسم الأعظم من السكان للتحكم بسُبل حياتهم المعيشية. وبالمقابل يغرس مفاهيم العمل والإنتاج في ذهنية المجتمع من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الموارد المالية للدولة دون أن ينعكس ذلك على دخل المواطن نفسه.
وتهدف تلك السياسة إلى ترسيخ مفهوم القدرية في ذهنية المجتمع، بأن شقائهم وبأسهم في العمل المضني هو قدرهم (الرباني) وعملية التذمر من هذا القدر يعد تذمراً من حكم الله المفترض وبالتالي خروجاً عن تعاليم الدين مما يتطلب إنزال العقاب الشديد بالفئة الباغية.
ويرى ((مصطفى حجازي))" بأن المتسلط المستغل، يغرس في ذهنية الإنسان المقهور قيم الجهد والإنتاج. ويحاول قولبته حتى يصبح أداة منتجة تخدم أغراضه، ويصل ذلك حداً يفلسف له العمل المضني كشقاء فرضه القدر عليه ولاسبيل إلا لتقبل أحكام القدر".
وبالرغم من كل الأساليب القهرية والترسيخ القدري، والتجهيل وزرع الخرافات والسحر وإضعاف القيم الاجتماعية وتفكيك أواصر المجتمع، وخلق الفتن الطائفية والعرقية بين فئات المجتمع لإحكام السيطرة عليه ولأمد طويل....يستعر الغليان والرفض الاجتماعي المستور لسلطة الطاغية!.
وحين تصل أوجه الطغيان والقهر الاجتماعي إلى حدودها القصوى، وتفعل التوجهات السلفية-الظلامية فعلها (المعاكس) في تسفيه الحياة الدنيا وتتراجع قيمتها للفرد المقهور...تتأسس حالة من رد الفعل المعاكس على الطغيان والقهر نتيجة لتلاشي عقدة الخوف والإحساس الكبير بعدم جدوى الحياة.
مما يدفع الإنسان المقهور نحو استخدام العنف المضاد والانتقام العشوائي..وتنامي نزعة التدمير لديه لكل ما يمت لسلطة الاستبداد بشيء (من منتسبي الأجهزة الأمنية والحزبية وممتلكات الدولة..وغيرها). وهذا الظاهرة لردة الفعل المعاكس، هي تماهي للفرد المقهور بسلطة الاستبداد وتميل أكثر نحو ظاهرة تدمير الذات والمجتمع على حد السواء.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستبداد والعنف وانعكاسه على المجتمع
- الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ
- العسكرة والأدلجة في الثقافة والإبداع
- نتائج العنف والاستبداد على الشعوب المقهورة
- الحثالات والرعاع في المجتمع المادة الخام للإرهاب
- موقف الفلسفة من الشعر والشعراء
- سلطة الطغاة والشعوب المضطهدة
- السياسيون وراء قضبان العدالة
- أنماط الوعي والإدراك في الصراع الاجتماعي
- إعدام شيخ الفلاسفة بكأس القانون وسَّم السياسة
- مفهوم الثقافة والمثقف
- الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي
- العلاقة بين السياسة والاقتصاد في النظم الشمولية والليبرالية


المزيد.....




- رئيس وزراء لبنان يزور سوريا لـ-فتح صفحة جديدة-.. ويكشف ما نا ...
- لافروف: الجيش الروسي استهدف اجتماعا لقادة عسكريين أوكرانيين ...
- رئاسة الوزراء اللبنانية تكشف تفاصيل لقاء رئيس الحكومة والوفد ...
- مخيم زمزم بالفاشر.. شهادات مروعة عن قتل وتشريد للمدنيين السو ...
- نبيل العوضي.. الكويت تسحب جنسية الداعية الإسلامي للمرة الثان ...
- ديك رومي -غاضب- يقتحم صيدلية في ولاية إنديانا الأمريكية ليجد ...
- طهران تؤكد: جولة التفاوض المقبلة مع واشنطن خارج الشرق الأوسط ...
- محمد نبيل بنعبد الله يعقد لقاء مع فريق الحزب بمجلس النواب
- مصادر: السعودية تعتزم تسديد ديون سوريا للبنك الدولي
- ماذا يحدث لجسمك عند التوقف عن تناول السكر لمدة شهر؟


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الطاغية المستبد والشعب المقهور