|
طوافات عرفانية (3) الوصول البعيد
عادل علي عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 3676 - 2012 / 3 / 23 - 10:27
المحور:
الادب والفن
كل الموازين لا ترجح بمقاييسها / وكل كفة تستشعر خيانة أختها لها / الهواء المعبأ بالوزن ظل يهادن ويساوم / أملا بذلك النيل الكاسد الخاسر / قد نعتب كل العتب على الهواء والمقياس والكيل ، لكنما العتب العتب على أنفسنا التي لما تستقر في مكان ، ولم تثبت على أيك / اعتقد أن ثالثة أثافينا تكمن بالدم / الدم الذي راح يتوق إلى الكيف الموزون والجنس الراجح والنوع المفضل / فمال هواه قبل ميل الوزن ورجحة كفته تسابق رجحان أختها / المشكلة سيدي في تهذيب النفس قبل سلامة الميزان وصفاء الوزن / وهي مرتبة من المقامات لم نبلغها ، ومرحلة من الكرامات العالية المحمودة التي سصعب نيلها ونوالها / فالفوز بهذه المقامات يعني نيلك لتلك المنزلات العاليات الساميات التي تعينك على مرحلة التكشف والتمكين / وهذا التحقق لا تحسمه حتى سني العمر القاصرة القليلة / وحتى الحاح طوافاتنا ونحن نوغل في تقصي الجديد والغريب / ونجتاز شاهق النفس إلى مرحلة من التطلع البعيد / وهذه المنازل لا يمكن نيلها بدون تغليب الإيثار بطي مراحل هامة في سير الحياة / أما سر أسرار الحياة فيكمن بالنفس / الصور والأحداث والشخوص والوجوه ومنعكسات الخيال وشطحاته لا تشفع إليك وآنت تمتطي ذاتك وصولا إلى محطتك التي تغادرك / وهي مرحلة من الشد والجدب التي لا تستقر ولا تعرف القرار / قد تكون كل تلك المواطن تستهدفك وتثير فيك روح المشاركة / وصولا إلى استكمال غاياتك / فقد يكون العقل حيا لكن النفس هامدة ميتة / او يكون العكس ، ويا لها من معادلة لا يحسمها غير الوثوق والإيمان بالوجود المطلق ، والموجود الفاعل / المبرقات اللامعات التي تثير فيك الشهوة ، وتترك بقايا النشوة ، والغريبات اللواتي يحركن سواكنك ، يؤكدن حضورك في ساحة الوجود / وهي منن ونعم وكرامات إذا استثمرت وفق سلامة معطيات العقل / ولكنها ايضا نقم تنفي دور العقل إذا تلاعبت بك / إذ انك في كل حين أمام اختبار صعوب وامتحان عسير / قد تجد مخرجا من حيرتك / وتلتمس سكينة لنهاية صخبك / ودعة لقرارك المزدحم / ولكن ذلك الأمل وذاك النوال لا تحسمه رحلة العمر القصيرة / ها أنت تعلن حيرتك وتجدد قلقك وتشير نحو وجومك أمام صخب الحركة / المشكلة في غياب الإدراك الناصع / وصاحبه متأرجح بين المحنة والحيرة / قد يلعن صاحب العلم المعرفة ، ويرفض داعي الحجة والإدراك الناجع دهره / وهو يتصدر مواكب العارفين / فهو مطالب بكل تفسير / ومساءل حيال كل تأويل / فلا حجة او عذر او أمر يقبل التأجيل / المبرقات الوامضات المشتعلات بنجيماتها وكواكبها الثابتة والسيارة تزاحمك وهي تزيد من سيول حرائقها وازدحام البريق / / هكذا يتلبسك الإفراط والتفريط / وأنت توغل في الشهوات التي ترسل مهيمناتها ومسيطراتها / فالنفس بخواصها وغلبة أحكامها وطبائعها غافلة عن فطرتها / لكنها تسهم في أفعالها فتبقى تنظر إلى الحجب نظرة الفاني إلى المستحيل / ونظرة العاجز إلى إصلاح الشأن / وتبقى ترزح إلى عوالم العويصات والمعضلات من دون أن تحقق شيئا او تدرك معنى للسمو / تبصر في مرآتك المجلوة سيولا من تلك الخدوش والتصدعات والتعرجات التي تسبح على أديم الذكريات / وتحط منتشرة في تلك التشققات التي تشبه المنحدرات والخرائط التي تجتاز معالم وجهك ، فتنشر بحارها وسهولها وقفارها وجبالها وسهوبها وهضابها / وتقيم مداراتها / وتوزع مسطحاتها / وتعتمد حصونها وقلاعها وقصورها / وأنت ترقب تلك السنوات الجامحات التي مرت بمحطاتك وتزودت من زاد أحداثك استعدادا لتلك الرحلة الشاقة والعسيرة والمهمة المستحيلة / الأسئلة التي رحت تلوكها وتتذوق رشيف عصيرها لم تعد تمنحك من رحيقها سوى مرارة تشبه بقايا راحة طعام الأمس الذي لم يدرك ناصع الغبش / كنت بتردد تطلق أسئلتك في حضرة وجودك ، ولم تلق سوى صدى أجوبة خجلة تتوارى خلف زحامك الذي يضج بك / قد تشعل قناديلك من زيت نفسك / وتوقد شعلتك ، وتهتدي بظلك في ليلك الحائر وأنت تتعثر بحقيقتك باحثا متحريا عن سرك / لكنك سرعان ما تعود بعد أن أعياك الطواف ، وأنهكتك دياجير المسافات في دهاليزك المتشابكة / تعود خائبا تجر اذيال هزيمتك / وتفتش عن زاوية تطمر بها نفسك / ومكان ناء تتوارى بعزلته / وتظل تحلم بالطواف نحو مدنك البعيدة ومثاباتك القصية / فمتى تحط الرحال ؟
#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آخر الدواء الكي .. آخر الحلول الأدب
-
طوافات عرفانية (2) لذة الحيرة
-
طوافات عرفانية (1) صوم الكلام
-
فاضل حسن الكعبي ..غربة الموت أم موت الغربة
-
وقائع الجلسة المفتوحة التي عقدها مركز معلمات وتطوير الأعمال
...
-
طفوف (6)
-
شهادة لآخر الجنود المنسحبين
-
طفوف (5)
-
اخيرا مات محمود واقفا
-
طفوف 4
-
طفوف (3)
-
طفوف (2)
-
طفوف (1)
-
كتاب الحوارات - لعبة التضاد
-
كتاب الحوارات ( بقايا الأثر)
-
كتاب الحوارات (اقتفاء الطيف)
-
100قصة من 6 كلمات
-
ادباء المزاح والضحك والسخرية
-
بقايا سخام
-
وطء على الجمر
المزيد.....
-
بوتين يستضيف قمة في قازان لإظهار عدم عزلته المفروضة من الغرب
...
-
محمد بن زايد يدون باللغة الروسية: الإمارات مهتمة بتعزيز العل
...
-
لماذا ينبغي على الأطفال مشاهدة التلفاز مع الترجمة النصية؟
-
طفل روسي يلقي التحية ويتحدث باللغة العربية مع الشيخ بن زايد
...
-
روسيا تدخل اللغة العربية إلى امتحان الدولة الموحد
-
السنوار.. أديباً ومؤلفاً ومترجماً وفناناً!
-
“عيش مع الطبيعة” تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك نايل سات 2024
...
-
الفنانة ميرنا بامية تقدّم معرض -حامض- في باريس
-
-قازان- من أقدم وأجمل المدن الروسية.. إليكم جولة على أهم معا
...
-
الفيلسوف إيمانويل تود الذي يتنبأ بهزيمة الغرب كما تنبأ بسقوط
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|