سعود القصيبي
الحوار المتمدن-العدد: 3675 - 2012 / 3 / 22 - 12:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مما لا شك فيه ان نظام الاسد ومن خلال المعطيات الاقتصادية زائل لا محالة, فالنفس الطويل الذي يدعيه للصمود لم يعد حقيقيا , ولم يعد في الوقت نفسه قادرا على استمرار سياسة نسج خيالات لنفسه من اجل البقاء لان التداعيات الاقتصادية تدحض ذلك وتدفع النظام برمته الى سقوط مدو ,ولن يحول ذلك لزوجة تواصل شراءالأحذية الثمينة في حين تهوي القنابل من قبل نظام زوجها الذي عذب وقتل واغتصب الحرائر وشرد الالاف وأفقر وذل شعبه. وتأتي المعطيات الاقتصادية بعد نحو عام من قيام انتفاضة ثورة الكرامة لتقف شاهدا وتؤكد حتمية زوال النظام مهما ارتفعت أعمال البطش.
من أهم المعطيات الاقتصادية قدرة المصرف المركزي على سداد فاتورة الوارادات وتامين العملات الصعبة. حيث فقد النظام جل الاحتياطي غير المؤكد والبالغ نحو 17 مليار دولار, ليتوقف حديثه عنه, مثلما توقف حديثه عن إحتياطيه من الذهب الذي اختفى من خزائن المركزي في سراديب أقطاب النظام. مما إضطره إلى تقليص أو الحد من تأمين الواردات التجاريه عن طريقه وإستعمال أرصدة البنوك المحليه والسوق السوداء من العملات الصعبة لتأمين إحتياجات التجار منها.
وكذلك من تحويل حسابته الى البنوك الصينية خصوصا ومن ثم روسيا لسداد تلك الدفعات من المشتريات الاجنبيه للنفاذ من العقوبات الدولية. وقد ذكرت مصادر اقتصادية وأخرى دبلوماسيه عده وكذا تصريحات لمسؤولين سوريين في الحكومة انه لم يتبق للنظام سوى 3 الى 4 مليارات دولارعلي الاكثر, مما يعني نفاد ذاك الرصيد الوشيك كما صرح عدد من الديبلوماسيين الغربيين ايضا بذلك, الامر الذي ينذر بتوقف سداد الرواتب الحكومية بعد تأخر سداد مستحقات بعض القطاعات والذي ينظر له بعدم أهميته الأمنية.
ومن المعطيات الاخرى دفاعه عن العملة السورية وحمايته لها من الهبوط. وقد دأب المصرف المركزي السوري منذ الايام الاولى لانتفاضة الكرامة الدفاع عن الليرة وتأمين الطلب المحلي لها, وبذات الوقت تقليل الفوارق السعرية بين الموازية والمركزي في سعيه لتوفير أكبر قدر منها لتأمين الوارادت . فنراه بالتدرج -وبصفة اسبوعية - يقلل من سعر الصرف ضمن إطار محدد بدأ في حوالي 10% الى أن انتهى بحوالي 20%. وبدأ من سعر صرف رسمي بلغ حوالي 46 ليرة للدولار إلى 59 ليرة للدولار. هابطا بسعره الرسمي منذ قرابة العام 28% مخصصا في الوقت نفسه ذاك السعرالرسمي لبعض القطاعات الحكومية. وأتى مؤخرا المركزي ليوقف صرف البنوك لعملائها من العملات الصعبة من تخوف نفاذها هي الاخري. فهوت الليرة في السوق الموازية كنتيجة إلى اكثر من 100 ليرة للدولار ومن حوالي 70 ليرة في أيام قلائل ليضخ المركزي بعد تردد وفي قلة منه في السوق الموازية ويسمح للبنوك للبيع لعملائه ضمن إطار محدد تحت سقف سعر جديد, كما قامت الجهات الأمنية ايضا باعتقال عدد من الصرافين خصوصا في دمشق. وكنتيجة هبطت الليرة إلى مستويات أقل إلى ان وصلت قرابة 80 ليرة للدولار لتبلغ نسب الهبوط الفعلي ومنذ ثورة الكرامه نحو 74%.
ولا تزال العملات الصعبة شحيحة في "السوق الموازية" بظل الطلب الكبير على تامينها مما يدعم السوق الموازية كسوق رئيسة وينذر بهبوط لها آخر وشيك خلال الاسابيع القادمة وإلى مستوى 100 ليرة للدولار كما أفادت تقديرات عدد من المحليين.
ومما يزيد من الأمور حدة, إنخفاض إحتياطيات البنوك السورية من العملات الأجنبية بحوالي 28%, الامر الذي لم يمكن البنوك من الصرف لكل عميل مع استمرار نزيف سحب الودائع من المصارف الذي بلغ حوالي 30%. وقد أشارت مصادر إعلامية عده من إتجاهها إلى لبنان والخليج وأوروبا في سعيها للبحث عن ملاذ آمن, متخفية بذات الوقت تحت ستارشركات متعددة لها نشاطاتها في المنطقة. وكذلك بالاضافة من إستغلال أسماء أبناء الادارة الاسديه وأصدفائهم لإخفاء تلك الاموال وخاصة من طالتهم العقوبات الدولية بالتجميد.
وفي ظل هذا النزيف تخلف العديد من عملاء المصارف عن السداد الشأن الذي ينذر بتوقف عدد من البنوك عن العمل خصوصا البنوك الصغرى منها بأسباب عجز موازنتها بظل هذا التخلف, مما أجبر نظام الاسد الخروج بقرارات من شأنها عدم جعل المتخلف منها ديونا معدومة أو مشكوكا في تحصيلها, ومن ثم عدم عمل إحتياطيات ومخصصات مصرفية لها وخاصه تلك للشركات الحكومية وقطاع المصانع.
وفي ابتكار جديد لأنظمة التدقيق المحاسبي سمح بإستعمال فروقات العملة الناتجة عن انخفاض الليرة بجعلها أرباحا ومن ثم تخصيصها كإحتياطي للديون المعدومه والمشكوك فيها. وكنتيجه لذلك فقد أظهرت البنوك ارباحا غير حقيقيه وهمية في طبيعتها لتحسين مظهر موازناتها المالية, مع حث المركزي البنوك بنفس الوقت على رفع رؤوس أموالها بعد مهلة لتغطية العجز. ولا تزال البيانات المالية المفصلة للبنوك السورية متأخرة عن الصدور مع توقف المركزي عن إظهار البيانات الماليه للقطاع المصرفي ككل منذ أكثر من 9 أشهر مما يعد مؤشرا على عجز كبير لاخفاء المعلومة ولعدم اثارة الهلع بين التجار والشارع مع إستعمال وسائل ترغيبية وأخرى تأديبية من رسوم للحد من سحب الارصدة المستمر من القطاع .
ومما لاشك فيه أن الاعلام السورى قوي وذا قدرة خيالية لنسج الروايات مثل الف ليلة وليلة ومن تزييف للحقائق وإظهارها بمنظر آخر كما مع نشر الإشاعات المؤيدة في مضمونها للنظام. إلا أن الارقام لا تكذب لتأتي الحقائق والمعطيات على الارض نافية مقولات القدرة على النفاذ من ثورة الكرامة لإقناع التجار والشارع وأعوان النظام لضمان إستمرار مؤيديه بأعمالهم القمعية. ويأتي السؤال كيف يدار الاقتصاد بلا مال كاف لدى المصرف المركزي لتأمين شراء المستوردات ودفع الرواتب وبلا بنوك تسانده لتحريك دفة الاقتصاد اما الباقي فيترك لمخيلة النظام, ولعل لأفلام هاري بوتر من أعمال سحرية تأتي لتمجد أحاديث نسجت من خيال!!
#سعود_القصيبي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟