أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيوب بن حكيم - [ معاقرة التراث .,شطحاتُ الخَيال ]















المزيد.....

[ معاقرة التراث .,شطحاتُ الخَيال ]


أيوب بن حكيم

الحوار المتمدن-العدد: 3675 - 2012 / 3 / 22 - 01:57
المحور: الادب والفن
    


لمكان: مكتبة مقفرة متخمة بالكتب تكاد تلفظها..

الزمان : لم يخبرني الراوي ..بالمناسبة الراوي مجنون

الابطال: الفرزدق،جرير،الاخطل،ذو الرمة،الحضرمي،أبو تمام،ابن رشد،العقاد،شوقي،السيرافي،الخليل،متى المنطقي،المتنبي،



في مكتبة قديمة بتطوان العتيقة بحي المصلى التاريخي جلس العم موسى حنانا على كرسيه الخشبي المهترئ في عمق مكتبنه التي يملكها منذ 50 سنة حيث تنبعث روائح الرطوبة وعبق تاريخ ولى،متكئا على عكاز مصدف بني اللون معلقا على صدره قلادة بها صورة لا تكاد تفصح عن وجه صاحبها : انها صورة طه حسين..وعلى الحائط الايسر صور لأم كلثوم واسمهان وفريد وعبد الوهاب وعلى الحائط المقابل رسومات رديئة غير متقنة باهتة الالوان لفلاسفة عصر الانوار وما بعده : روسو،هيوم،هوبز،نبتشه،كانط،شوبنهاور،...

ومثل شوبنهاور قبع با موسى متشائما شاردا حزينا وحيدا تبدو عليه اتار حدثان الدهر ونوائبه...

فجأة دون سابق انذار انبعث من الراديو صوت هادر من زاوية خلف كتب االتصوف لا يكاد يبين: هنا تطوان نقدم لكم غلبت أصالح في روحي لأم كلثوم...ويشدو الصوت النادر...

وفجأة أيضا انقطع الصوت كما بدأ فجأة،ويبدو أن با موسى تعود على فجاءات الجهاز اللعين فلم يقم لإصلاحه...



المكتبة لمن يعرفها غاصة بالنفائس،فهناك في وسط المكتبة خزانة زجاجية منتفية اللون تقبع فيها كتب العقاد والى جانبها ديوان شوقي ومسرحياته...مفارقة أليس كذلك ؟ وفي الخزانة المقابلة دواوين العجاج وابنه رؤبة والمتنبي وابي تمام في صف عمودي والى جانبهت دواوين فرسان العصر الأموي..

وبفجاءة لن تصدقوا حدوثها،تحرك ديوان شوقي ورنا نحو كتب العقاد،تفاجأ با موسى وظن أنه يحلم فأمسك بعصاه متأهبا لضرب عدو وهمي،وسرعان ما سمع صوتا خافتا من ديوان امير القوافي:

_يا عقاد ،إن كان الموت قد فرق بيننا فقد تركنا للأجيال ما تفتخر به،وأنا لا ألومك على مهاجمتك إياي في الدنيا.

يرد العقاد بعصبية معهودة فيه من كتاب ابن االرومي:

_وهل تظن أنني بعد الموت سأمدح شعرك الببغائي...هل لي بسيجارة ؟

رد شوقي:

_أنت تعلم أنني تخليت عن مظاهر الدنيا بعد أن تبت وقصائدي النبوية تشهد بذلك.

العقاد غاضبا كما في الدنيا:

_وهل تسمي تلك قصائد ؟لقد قلدت القدامى ووضعت حافرك على حافرهم فاين أنت اذن وانفعالاتك ؟

قبل أن يرد شوقي يأتي صوت جهوري قوي من ديوان:

_أنا كذلك قلدت القدامى الجاهليين ولولا ذلك لضاع ثلث اللغة العربية ونصف أخبار الناس.

أطرق العقاد حياء من الفرزدق،لكن أبا نواس لم يدعه للحيرة فقال:

_القدامى عاشوا لحظتهم الراهنة فاين لحظة كل مبدع اذن ؟فتنفس العقاد الصعداء لكن جريرا لم يترك الامور هكذا فقال بخبثه المأثور :

_ياأبا نواس نحن نعلم أن دفاعك عن العقاد هو في عمق الامر شكر له على تأليفه كتابا عنك،وشوقي أميركم كما أناأمير شعراء بني أمية.

كاد الفرزدق يسب جريا كما في الحياة الدنيا:لكن الاخطل سبقه الى الكلام فقال:

_أنت أمير شعراء بني أمية ؟ لقد أفحمتك وقبيلتك ببيت شعر واحد..

فأطلق ذو الرمة شاعر الصحراء ضحكة مجلجلة وانشد البيت الشهير:

قوم اذا استنبح الاضياف كلبهمو__قالوا لأمهم بولي على النار

تابع ابن طباطبا من عيار الشعر قائلا:

_وأنا أشهد أنه أهجى بيت قالته العرب.

فجأة تدخل أبو الطيب المتنبي فصمت الجميع له احتراما فقال:

_الخلق الشعري ليس محكوما باحنذاء أو ابتداء ،فإنما هو صدق فني لا صدقية واقعية،وإنما الصدق نتحراه من الانبياء،أنظروا الى أستاذي العظيم أبي تمام لقد اتبع و ابتدع وأنا ماثلت شعره و مايزته ،وقد وصفنا النقاد المحدثين بكوننا أفضل شاعرين في تاريخ الشعر العربي..

وتابع حبيب بن أوس أبو تمام بغروره المعهود:

_صدق تلميذي أحمد المتنبي،أتا بلا فخر اذا أنشدتك بيت شعر حسبته للمولدين و اذا قلت اخرا اعتقدته للشنفرى او لبيد.

يغتاظ البحتري و أبو نواس وبشار،لكن الخليفة المعتصم من كتاب الصولي أخبار أبي تمام أطل فقال:

_شعراء بني عباس بهم اكتملت الصورة النهائية للشعر العربي ولا يجب أن نقول أن أحدا افضل من الاخر.

انفجر السيوطي مقهقها من كتابه تاريخ الخلفاء قائلا:

_أمازلت ترتكب الاغلاط اللغوية و النحوية با أنير المؤمين رغم أنني نبهتك في الفصل الذي عقدته للكلام عنك في مؤلفي عن خلفاء الاسلام ؟

وتابع فالق النحو العربي عبد الله بن أبي اسحاق الحضرمي :

_عليك يا أمير المؤمنين أن تقول : يجب ألا وليس لا يجب ،ويقول إن وليس يقول أن.

فتكهرب الجو وغام،وكاد العسكر يخرجون من كتاب تاريخ بغداد بأمر من الافشين صاحب أشروسنة،إلا أت الفقيه ابن أبي دؤاد راجعه فارعوى بدعوة كريمة من صاحبه الجاحظ،الذي قال من كتابه البيان و التبين:

_لله دركم يا شعراءنا،أنتم كلكم فوق جباهنا نستشهد بكم كلما أظلم الليل وتمطى بصلبه في طريقنا،ولا فضل لمتقدم على متأخر الا بالنظم الحسن الكثير والماء الكثيروالمعاني المكثفة.

_قاطعه الخليل الفراهيدي:

_لا يمكن الاستشهاد بكل الشعراء الا ما قد سلف من شعراء ما قبل البعثة والامويين أما العباسيين فلا..

وهز سيبويه رأسه موافقا أستاذه من الكتاب،فزمجر بشار من ديوانه قائلا:

_أرجعت الى ما كنت فيه يا سبويه وتناسيت البيتين الذين أبكيانك مني ؟

فأطلق الفرزدق ضحكة مستفزة كبيرة فهو لديه صولات وجولات مع اللغويين أيضا،فصمت النحويون اشفاقا منهم على انفسهم،مما أفسح المجال لمتى بن يونس المنطقي الذي قال بحذلقته المأثورة:

_علينا بالمنطق،فبه نعرف صواب الكلام..فقاطعن النوحيدي من مقابساته مستهزئا:

_أصمت يا أبا بشر فقد أفحمك السيرافي وأفحم منطقك في تلك المناظرة التي تحولت فيها الى تلميذ لابي سعيد..

وتابع البحتري :

_كلفتمونا حدود منطقكم__والشعر يغني عن صدقه كذبه

فقال حينئذ الكسائي:

_أنت منافق يا أبا عبادة لقد قصدت بالمنطق هاهنا اللغة وماينطق وليس المنطق الارسطي.

فسكت البحتري...وساد صمت قصير فتدخل ابن رشد من كتابه الضخم البيان و التحصيل قائلا:

_لقد أعطيتم لهذا الامة ما جعلها تغتخر بكم كلكم...لكن أنظروا الى حالها الان و انظروا الى كتبكم لا يلمسها متطفل حتى..فانتهت المناقشة عند هذا الحد ..لكن قبل رجوع الكتب الى سباتها قالت لباموسى:

_لو حدثت أحدا بما سمعته لمشينا اليك بالسيوف نعاتبك..

ولولا الفضول الفطري من صديقي الراوي لما وصلت الينا هذه الشطحات الجميلات.



#أيوب_بن_حكيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [ لماذا الرجزُ ليسَ شعرًا ؟ ] بكل اِختصار تعميمًا للفائدة ..
- إيناع الإلحاد من فرط التدين أو -اِكتفاء الدعاة الجدد بتجهيل ...
- مفهوم الوليمة في ثقافتنا الكريمة
- نظرية الانزياح عند جان كوهن - الوصف التفسيري لإشكالية اِنفرا ...
- كلنَا آلهة ٌ......دَعُونَا نَعيش
- [ تفكيك العقلانية الدينية ] .
- [ غشاء البكارة بين التقديس الحالم و التدنيس الهادم ]
- [ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ : تفكيكُ مَلفوظاتِ المُقدمة ] .
- مكائد التسمية : من اللواط إلى الشذوذ إلى المثلية [ 1 تفكيكا ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أيوب بن حكيم - [ معاقرة التراث .,شطحاتُ الخَيال ]