|
آخر الدواء الكي .. آخر الحلول الأدب
عادل علي عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 14:41
المحور:
الادب والفن
آخر الدواء الكي .. آخر الحلول الأدب قد يترفع سياسيونا وصناع قرارنا ومن بيده لحانا عن إشراك الأدب ضمن توجهاتهم وبرامجهم السياسية والمصيرية ، ولا داعي لتحري الأسباب والمسببات ، فهذا أمر تحسمه قناعاتهم وتفرضه توجهاتهم وثقافتهم ، وأنا أؤكد أن هذه التقليعة تقليعة (عراقية) يتفرد بها المشهد السياسي العراقي دون غيره من المشاهد التي تجعل الأديب مرجعا ومستشارا ، الأمر الذي تدركه وتعمل عليه جل الأدبيات السياسية العربية والعالمية .. ولا عجب او غرابة في قولي (المتحيز) ، فبإمكان أي منا أن يقتحم كواليس ما بعد الأروقة والبلاطات الرخامية ، ويكشف عما بعد الستار والجدر الغليظة التي تنزوي في غرف البرلمانات ، ليجد صناع القرار المصيري والراهن هم من الأدباء الذين لا نراهم ولا يروننا . وهذه اللعبة (الختيليه) موجودة في اغلب مشاهدنا السياسية ، ولكن لا يجرؤ أي سياسي عن الإفصاح عنها ، او حتى التصريح او التنويه عن أبعادها !! لأننا نعلم أن ذلك يسبب حرجا وخدشا لثقل ومكانة السياسي ، ويقلل من دوره الكبير في التفرد في صناعة القرار . أقول إن الأوان قد حان للالتفات بنصف بصّة إلى دور الأديب ، الذي ينعت وللأسف لدى اغلب المتخصصين بالشأن السياسي بالانزواء والانعزال والسوداوية ، وينعت اشتغاله بالعمل الجمالي والترفي والوجداني !! وثقوا أن أمرا راهنا يشغل السياسيين ، تبتعد مخارجه ، وتنأى ثغراته ، ويحقق حيرة لا تحسم إلا برأي من أديب ، او إشارة من مفكر ، او تنويه من شاعر ، او التفاتة من فنان .. واسمحوا لي أن أقول إن بعهدة هذا الأديب وصفة ما يعرف بآخر الدواء . قد تغيب هذه الأمور عن خلد وتفكير السياسي ، وهو يعيش زحمته المتلاحقة ، وسباحته العسيرة ، وطوافه الصعوب في يم السياسة الذي لا تؤتمن سواحله ، وبحرها المتلاطم الأمواج ، وهو ( يرسل للقريب جواهرا جودا .. ويبعث للبعيد سحائبا) . وهو ايضا لا يفتأ أن تتلاعب به أهواء السياسة ، ويطوف بين شعابها وقفارها ومفازاتها ، حتى تضطره الأمور والضغوطات التي تحتاج المواجهة والحسم لاعتماد من يشهر راياته البيض ، معتمدا على من يخلصه من هذه الزحمة . وعندما تقدم نصحك لتشير إليه باعتماد الأديب كمخلص من هذه المآزق ، يوجم ويشهر رايات حمر ، ويعلن عن خط ناري جديد !! .. وقد اعذر مثل هؤلاء السياسيين الذين لا يعرفون خمسة أدباء مدينتهم على اقل تقدير ، وبما تحمله نتاجاتهم ومنجزهم الأدبي ، إن لم اقل أسماءهم . بالأمس القريب سمعنا إشارات صادقة منصفة بحق مدينتنا المبدعة ، تلك التي حملتها كلمة الشاعر إبراهيم الخياط عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام للكتاب والأدباء في الجلسة الافتتاحية لملتقى قصيدة النثر ، بودي أن يلتفت إليها السادة المسؤولين او أصحاب القرار وصناعه كما يسمونهم . وهذه الإشارات ليست إشارات طارئة ، جاءت على حساب المجاملات او المهادنات السياسية ، كالتي نراها في المؤتمرات السياسية والتي دائما ما تشوبها النزعات الغائية والتجاذبات البراغماتية .. إنما صدرت وفق تحليلنا المتواضع عن وعي ودراية وقناعة منصفة وغير مؤدلجة ، عطفا لما تحمله تطلعات هذه المدينة ، وما يحققه مبدعوها من اثر ودور يترفعون عنه ، لإشراك الآخر ضمن دائرة الاستعراض والمغالاة كالتي نراها في بعض الأروقة والتي تعلن عن شعار (اللهم اشهد لي عند الأمير ) . فالأديب يعمل بصمت ، ويتطلع برسالية استثنائية إلى منجزه الذي يخدم مدينته ، ويفصح عن وجهها ويترفع عن أن يسمع صوته إلى الآخر . نعم ، ذلك هو همه ، وتلك هي رسالته ، وهذا هو مفاد ديدنه . فمثلا جاء في كلمة الشاعر إبراهيم الخياط إشارات انعطافية مثل ( إننا نتعلم من البصرة ، فهي مدرسة النحو ومدرسة الشعر ورحم الحكايا وعروة الحلقات والدروس وحاملة الطين والتمر وواهبة المحار والأفكار والملائكة ) . قد تتكئ هنا على إحالة التاريخ والتراث كمنجز نمر به ويمر بنا ، ونعتقد أن مصادفة المولد هنا لا تعني لنا صناعة ولا تقرب لنا منجزا ، وهي كلمة او شهادة لتاريخ هذه المدينة الذي يضج إشراقا ويتألق إشعاعا .. ولكن في مكان آخر نجد الشاعر يقرب ادوار التاريخ ليعلن حقيقة غريبة وحقة بعد أن يؤكد قوله : (وهي لا تنقضي سنوات عراقيات عشر إلا تتحفنا بكبير وغالبا بكبار ) ، وهو ما يتثبت ويتحقق لدور هذه المدينة وادوار مبدعيها الذين يجودون بل يفيضون جودا وعطاء . ويعطف الشاعر قوله بعبارة معجونة بامتنانه بعد أن يختم كلمته : ( الشكر العميم للبصرة المدرسة ) . في لقائنا الأخير الذي حضرة الأستاذ رئيس مجلس إدارة الجريدة وصديقي الشاعر المبدع طالب عبد العزيز رئيس تحرير جريدة البصرة السياسية ، أفصح السيد المحافظ ، عن جملة من الأمور التي تحتاج إلى تجاذب وتلاقح الرأي واستقراره ، ضمن حالة تخدم توجهات المحافظة وتضطلع ببنائها وفق السبل السليمة المعتمدة عالميا ، والتي تختزل الزمن بطرق استثنائية . وأشار السيد المحافظ إلى ضرورة اعتماد الخبرة والكفاءة والتي تستقر بالعمل الاستشاري كعمل تقويمي يعطف الرؤى ويصحح المسارات .. لكن همسا كان يموء فيّ يقول : لماذا لا يتوجه هذا الرجل إلى الأدباء والمبدعين ، وهم خير من يحسم نشيده ، لكنني غصصت بجوابي ولم انبس ببنت شفة تحسبا من أنني أسوّق لزملائي و(المّع) وجه الأديب .. المهم أن الجواب يحتمل جملة من أمور وتأويلات احتفظ بها .
#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوافات عرفانية (2) لذة الحيرة
-
طوافات عرفانية (1) صوم الكلام
-
فاضل حسن الكعبي ..غربة الموت أم موت الغربة
-
وقائع الجلسة المفتوحة التي عقدها مركز معلمات وتطوير الأعمال
...
-
طفوف (6)
-
شهادة لآخر الجنود المنسحبين
-
طفوف (5)
-
اخيرا مات محمود واقفا
-
طفوف 4
-
طفوف (3)
-
طفوف (2)
-
طفوف (1)
-
كتاب الحوارات - لعبة التضاد
-
كتاب الحوارات ( بقايا الأثر)
-
كتاب الحوارات (اقتفاء الطيف)
-
100قصة من 6 كلمات
-
ادباء المزاح والضحك والسخرية
-
بقايا سخام
-
وطء على الجمر
-
هناك في القبر
المزيد.....
-
إنطلاق مهرجان فجر السينمائي بنسخته الـ43 + فيديو
-
مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي
...
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
-
عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
-
موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|