الثورة الفرنسية عام 1789

حسين عوض

الحوار المتمدن-العدد: 3673 - 2012 / 3 / 20 - 23:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

من أهم الثورات في العصر الحديث الثورة الفرنسية 1789والثورة البلشفية في روسيا (ثورة اكتوبر) عام 1917 وثورات الربيع العربي عام 2011.
لقد شمل تأثير الثورة الفرنسية كل انحاء أوروبا والعالم, وانعكست على الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في فرنسا وأوروبا بوجه عام.
بدأت الثورة الفرنسية عام 1789 وانتهت تقريبا 1799, وقد الغت الملكية المطلقة والامتيازات الاقطاعية للطبقة الارستقراطية, والنفوذ الديني الكاثوليكي, وأدت إلى ارساء الديمقراطية وحقوق الشعب والمواطنة, وبرزت فيها نظرية العقد الاجتماعي (لجان جاك روسو) الذي يعتبر منظر الثورة الفرنسية وفيلسوفها, وقد حدثت في الحكومة الفرنسية تقلبات بين الجمهورية والديكتاتورية والدستورية والامبراطورية. إلا أن الثورة شكلت حدثا مهما في تاريخ أوروبا.
من ابرز أسباب الثورة الفرنسية هو تسلط الكنيسة وتدخلها في حياة الناس ومحاربتها للعلوم التجريبية وربطها بالشعوذة ومن الأدلة على ذلك محاكمة العالم الفلكي الكبير جاليلوجاليلي من قبل الكنيسة التي وصفته بالساحر, ومن الأسباب السياسية قيام حركات فكرية تميزت بنبذ اللامساواة ونشرت افكار جديدة تنتقد النظام القديم وامتيازات النبلاء وبعض رجال الدين, ومن أهم زعماء التيار الفكري مونتسكيو الذي طالب بفصل السلطات وفولتير وروسو.
لقد استحوذ رجال الدين والنبلاء على اخصب الأراضي, وفرضوا على الفلاحين الضرائب, ومن الأسباب الاجتماعية تشكل المجلس الفرنسي من ثلاث هيئات متفاوتة, الطبقة العليا: تضم رجال الدين والأشراف, والطبقة المتوسطة: تضم جماعة من المعلمين والمحامين وضباط الجيش, أما الطبقة الثالثة: وهي الطبقة العاملة التي تمثل 96% من السكان.
لقد دامت الثورة الفرنسية عشر سنوات ومرت بثلاثة مراحل أساسية:
:المرحلة الأولى :- مرحلة الملكية الدستورية, والمرحلة الثانية: بداية النظام الجمهوري, والمرحلة الثالثة فترة تراجع التيار الثوري ودعوة البرجوازية المعتدلة التي سيطرت على الحكم.
من ابرز النتائج السياسية التي حققتها الثورة الفرنسية معارضة النظام الجمهوري الملكية المطلقة, وتم اقرار فصل السلطات, وفصل الدين عن الدولة, والمساواة وحرية التعبير, كما تم القضاء على النظام القديم وفتح المجال لتطور النظام الرأسمالي وتحرير الاقتصاد من رقابة الدولة, وحذف الحواجز الجمركية الداخلية.
من النتائج الاجتماعية تم الغاء الحقوق الفيوداليه وامتيازات النبلاء ورجال الدين ومصادرة املاك الكنيسة, كما اقرت مبدأ مجانية واجبارية التعليم والعدالة الاجتماعية وتوحيد وتعميم اللغة الفرنسية, وقد تحقق بعد ذلك انطلاق الثورات في اوروبا والعالم ضد الحكم المطلق الاستبدادي, بالإضافة إلى ايقاظ الروح القومية في اوروبا, وأصبحت دساتير فرنسا منبعا تأخذ عنه شعوب اوروبا والعالم , كما تم تحسين احوال فرنسا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتم نشر روح الحرية والاخاء والمساواة, واعتبر بعض المؤرخين الثورة الفرنسية بداية للتاريخ المعاصر.
لقد تمكنت الثورة الفرنسية من احداث تحولات في تاريخ فرنسا الحديث, وفي تاريخ اوروبا والعالم وكان تأثيرها على المجتمعات الأوروبية, وبداية انطلاقة جديدة للثورات في العالم ضد الديكتاتورية والطغيان والاستبداد.
أما ثورات الربيع العربي من المبكر الحكم عليها, لأن كل ثورة تقوم تصطدم بثورة مضادة, ومع هذا لا يمكن العودة إلى الوراء لأن الثورة تفتح أفاقا واسعة أمام الشعوب العربية لوصولها إلى الهدف, فالثورة الفرنسية عام 1789 كانت تهدف لبناء مجتمع الحرية والمساواة أي بناء نظام جمهوري ديمقراطي, ولكن مرت أربع سنوات قبل الإطاحة بالملك, ولم يمنع هذا من عودة الديكتاتورية من خلال نابليون الذي نصب نفسه عام 1804 ليس ملكا فقط وإنما امبراطوراً, وبعده عادت الملكية عام 1814 ممثلة في لويس الثامن عشر, ومن بعده شارل العاشر عام 1824 الذي قامت عليه ثورة 1848, ومع هذا عادت الديكتاتورية مجددا في تولي نابليون الثالث عام 1852, ولم تنشأ الجمهورية إلا بعد هزيمة نظامه في الحرب ضد بروسيا عام 1870 قرابة قرن قبل أن تتحقق أهداف الثورة الفرنسية.

#حسين_عوض (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات