إياد أبازيد
الحوار المتمدن-العدد: 3671 - 2012 / 3 / 18 - 18:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الذكرى السنوية الأولى للثورة السورية , ثورة الكرامة المباركة , أبعث لكم سادتي الأطفال الرجال بعد التحيه و السلام عليكم , هذه الرساله و تفصل بيننا مسافات كثيره , مسافه شرفيه و مسافه تقديريه و مسافه بطوليه , و هناك مسافه روحيه بيننا , فأنتم هُناك حيث سطرتم طريق المجد و العزة , و أنا بذهول أشاهده , و أخبركم أيها السادة العظام بأن أصابعكم الطاهره التي أشعلت النور لنا لم تذهب هباءً منثوراً , و بأن أظافركم الطاهره كانت هي الشمعه التي أنارت طريق كل سوري , فقد كنا يا سادة نعيش في ظلام دامس , و لا نستطيع أن نرى طريقنا حتى أصبحنا نظن ان الظلام هو الشىء الوحيد الحقيقي بالكون .
بكل فخر أبعث لأبناء حارتي و أعتز بهم رسالة إكبار وإجلال إلى هؤلاء الصغار الكبار الذين أيقظوا سبات شعب طال رقاده، وعظمت محنته، وطال قهره وظلمه وإذلاله.. رسالة إلى هؤلاء الرياحين الذين فاحت أزاهيرهم مسكًا فواحًا على النفوس البائسة والقلوب الداكنة.. رسالة إلى هؤلاء الشموس المشرقة التي أضاءت ظلمة العزائم والإرادات الخائرة.. الأطفال الرجال الذين ألقوا حجرًا كبيرًا في ذاكرة الشعب العريق، فذكروه بأمجاده التليدة، ومشاهده الخالدة.
ليس فقط من أجلكم اجتمع رجال درعا ليلاً في السابع عشر من أذار . لكن أنتم كنتم شرارة الثورة و أنتم من أشعلتم ظلامنا و حولتموه لنور يرينا أبعد مما كنا نحلم , أنتم من ارشدنا لهويتنا الحقيقيه , التي أعادت لنا الكرامه المسلوبه , كنتم المفتاح الذي فُتح به سجننا الذي سُجنّا به منذُ عقود , براءتكم هي التي أعادت الشرف لنا بعدما فقدناه لسنين طويله , عفويتكم هي السكين التي نحرنا به الخوف و الهلع من ذواتنا ,شجاعتكم هي من ارجعتنا لأصولنا الأصيله الرافضه للوهن و الضعف , صِدقَ تصرفكم جعلنا نعرف قيمتنا و قوتنا و ندرك بأننا نستطيع أن نفعل المستحيل إذا توحدنا , أنتم بإختصار يا سادتي العظام من ارجعتنا لهويتنا التي فقدناها منذُ سنين .
في تلك الليلة و الجميع كان غاضب يمر أمام كلّ منهم شريط قهر و استبداد لا ينتهي بدأ بولادتهم و وصل الآن إلى ذروة ما يمكن للصبر أن يحتمله.
الاقتراحات كانت كثيرة , لكنها انتهت بكلمة مزلزلة من كبيرهم ختمها عندما رمى عقاله أرضا بقوله
” هذا العقال ما يرجع إلا و الحرية ترفرف فوق روسنا”
في التالي في الثامن عشر من أذار من الجامع العمري في درعا البلد خرجت جموع الرجال إلى الساحات تهتف بملء أفواهها
“الله..سوريا ..حرية و بس”
في كل تالية يعلو الصوت أكثر كأنهم يزيحون الصدأ الذي تراكم من أصواتهم .
لهتافهم دوي ملأ سماء الوطن , و هتافاتهم كانت كمثل الكفر بمعتقدات قطاع الطرق الجاثمين فوق قلوبنا منذ حين.
لم يكن لذلك جواباً إلا زخ للرصاص مطر شتاء منهمر
صدور عارية إلا من قلوب ملؤها الإيمان بالوطن و الحرية يقابلها أجساد خاوية تحمل الأسلحة النارية تطلق الرصاص حياً ليدخل قلب الحي فتحيا الشجاعة في قلوب الرجال و تسطر العهد بأننا على ما بدأنا مستمرين
اختلطت المظاهرات و أعراس تشييع الشهداء ببعضها, فكل مظاهرة تزيد الشهداء و كل عرس شهيد يزيد المظاهرات.
و كل يوم أصبح لدينا دماً طاهراً يروي الأرض الظمآى للحرية و الكرامة و العزة.
انطلقت تلك النار التي ستطهر أرضنا من طغاة الليل المستبدين , وقد علمنا التاريخ أن النصر للأوطان و الشعوب , و آن الآوان لينال الشعب السوري كغيره من شعوب العالم حريته وكرامته التي فقدها منذ عقود طويلة ...
كانت الدبابات القمعية على وشك أن تنتهي صلاحياتها لولا أن هبّ الشعب السوري لحظة حرية, فطوقت الدبابات كل المدن و البلدات الثائرة و حوصرت بقوات الظلام التي كان جولاننا المحتل على مرمى بصرها, إلا أنها أبت إلا أن توجه مدفعيتها إلى صدور أولئك الذين يشاطرونهم هواء و ماء الوطن.
عمّ الخراب و الدمار كلّ مكان طالته جنازير دباباتهم و مدرعاتهم, قطعت المياه و الكهرباء و الاتصالات و علّت ضحكاتهم على صدى قول قائدهم ممسكا باللاسلكي”سيدي ,انتهت المهمة و سترجع الامور كما كانت, بل و أفضل مما كانت عليه”
و في تلك اللحظة التي ظن الشيطان بأن الرجال استكانت,هبّت سورية عن بكرة أبيها حشودا مرعبة تزلزل الأرض, مطلبهم بسيط جداً , لم يكن لديهم طمع في ما عداه فإما الشهادة أو الحرية , كان هذا جلياً جداً في هتافاتهم “الموت و لا المذلة” و بدأ الشهداء يحلقون للسماء للعلياء حتى أنك لترى أولهم فوق الأرض و أخرهم في أعلى السماوات.
و اشتد الحصار حيث تذرف الجبال سهولها باتجاه البحر لبى الرجال و النساء النداء و خرجوا متزاحمين صرخاتهم تشق عباب السماء
“الشعب يريد إسقاط النظام”
“الله سوريا ..حرية و بس”
كان ذلك كمثل الصاعقة على أولئك الجاثمين على احلامنا فلقد اهترأت عقولهم نتيجة استكانتنا ليس لجبن و إنما لقهر و قتل و دمار و لكن اليوم ليس كالأمس.
أحاطت فرق الموت بالهاتفين بالديمقراطية و الحرية ينظرونهم من بعيد تعلو وجوههم نظرة خوف يحاولون الضحك بصوت عالٍ لكي تتبدل معالم الخوف في وجوههم إلى غيرها من معالم .
و لأن دماء الحرية تعكس الخوف على وجوههم, فقد كان حرصهم واضحاً على رش المياه في الطرقات . سيارات لإزالة أثار الدماء من شوارع الحي.
ألم يعلم هؤلاء الطغاة بأن الدماء الطاهرة لا يمكن لشيء أن يزيل أثرها!
ألم يعلم أولئك القتلة بأن كل قطرة دم ذرفت , ستحول أيامهم إلى جحيم في هذه الحياة قبل الحساب.
لم يكن أهل حمص و جسر الشغور و درعا و إدلب و دير الزور و حماه و الشام و ريفها و الرقة و الحسكة و القامشلي وبانياس و تلكلخ و دوما و القابون و تلبيسة و البياضة و أنخل و جاسم و بصرى الشام و داعل و البوكمال و كناكر و كل بقعة ارض في سوريا لم يكونوا بأقل كرماً.
كانوا يخرجون كل يوم لتقديم الشهداء لنسج البطولات و ما زالوا يخرجون و سيستمر خروجهم حتى نيل مبتغاهم “الحرية”
كثيرة هي البطولات التي سمعتها و شاهدتها كثيرة هي الأساطير التي سيرويها التاريخ عن تلك الملحمة المتوسطية و الفرق بينها و بين الأساطير بأنها ستكون قصصاً حقيقية لن تنسج من خيال خصب.
فما من خيال يرقى لنسج أسطورة كمثل حمزة الخطيب و هادي و القاشوش و رهف و لا أولئك الذين فاقوا عشرات الألاف شهيد و شهيدة.
كل واحد منهم كان طفلاً أو أخاً أو أبا أو أختا أو أماً لنا . قريب جداً ذلك اليوم الذي ستسمعون عن تلك البطولات. و اليوم فقط بإمكانكم أن تضموا أسماؤكم إلى تلك القصص البطولية. اعلموا جميعا أننا منتصرون , و اعلموا بان أحداً يضنّ علينا بكلمة ستقتل فرداً منا هو أخٌ أو أختٌ لكم .
منكم و بكم أخذت الثورة تتوسع في شتى أنحاء سورية مؤذنة بدوران عجلة ثورة لن تتوقف حتى تقتلع أقدم نظام قمعي في المنطقة، وذلك كله بفضلكم يا رجال سورية، الذين سيذكركم التاريخ يوماَ بأنكم كنتم مَن قمتم في تحرير سوريا من أسوأ عهود الظلم والطغيان.
نعم إننا نكتب التاريخ من جديد , إنها الثورة السورية المباركة الثورة المعجزة عند حدوثها والمؤثّرة عند استمرارها والقوية بثباتها و المذهلة بأبنائها. نسأل الله أن يعجل في نصرها .
د . إياد أبازيد
#إياد_أبازيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟