أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - فقه السياسة














المزيد.....

فقه السياسة


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 3670 - 2012 / 3 / 17 - 15:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حاول الفكر العربي جاهدا تأسيس تصوره الخاص للممارسة السياسية,وكان بفعل
الفتوحات السياسية وامتداده الحضاري إلى اليونان,أول المطلعين على سياسة
المدينة,وعلاقتها بالفضيلة,لمن استفادته ظلت محدودة,لأسباب أهمها رفض
الفلسفة والتحامل عليها من طرف الفقهاء,الذين استشعروا خطورة الفكر
العقلاني,فعملوا كل ما بوسعهم
للتخلص منه,وقد تنبهوا إلى أن السياسة كما تصورها اليونان تقوم على
فعالية الدولة وعدم ربطها بالمقدس,سواء كان أسطوريا أو دينيا,بحيث كانت
الدولة تصرح بغاياتها,وتخضع نفسها للمساءلة,وتحاول الحد من تدخلت
الفاعلين غير القابلين للتنافس,ونشأت منذ تلك الفترة صراعات بين الساسة
وقادة الجند وبعض حلفائهم من النبلاء وكبار أغنياء الحروب,وعندما أدرك
الفكر الفقهي خطورة النموذج اليوناني,سارع إلى التفكير في آليات تجرم
التفكير الفلسفي وتتحامل عليه,معتبرة الفلسفة الإسلامية مروقا ودعوة
لتقليد الغير,باعتبارهم وثنيين خارج الملة,مما يعني أن الصراعات الفكرية
بين الفقهاء والفلسفة كانت تحجب خلفها أبعادا سياسية غير مصرح بها من
الطرفين,درءا للفتنة,والصراعات,لكن الفكر الكلامي خاض المعركة حول
الإمامة بوضوح أكثر,عندما هاجم الفقهاء في عقر ديارهم,بفكرة
الإختيار,متسائلا عن حدود حرية الكائن العاقل,وفاصحا عن التضاد بين الجبر
والإختيار,فبدت السياسة هنا مغلفة بما هو عقدي,لكنها كانت حاضرة بقوة,حيث
يظهر جليا أن دعاة الجبر يبحثون عن مبرر لديمومة السلطان والقبول
بالحقيقة الواقع,أو الحق المطلق,فمادام الله ترك للسلطان القدرة على
الحكم,فهو خير للأمة أو ابتلاء لها,ولا يجوز للإرادة البشرية أن تتطاول
على الحكمة الربانية,بما هي تمكين للسلطة مستمد من الله,ولو كان غير راغب
فيها,لآتى الخصوم ما به يسقطون الحكم,لكن دعاة الإختيار,يصرون على أن
الكائن البشري مسؤول عما يقترف من الآثام وحده,وهو المسؤول عنها إن كان
حاكما,وللمحكوم وزر القبول به,يتقاسم معه والراضين به وزر الدنيا
والآخرة,هنا تكمن السياسة وتختفي,خلف جدران القضاء والقدر ومرتكب
الكبيرة,ولآن الأمر هكذا فقد صعب على الفكر العربي التفكير بشكل مستقل في
السياسة بعيدا عن المناوشات الدينية,وأقصى ما حققه من خلال ابن خلدون,أنه
كشف عن أهمية العصبية في الحكم بدل الديني,فبدت الدولة عبارة عن تجمعات
عرقية تحكم تجمعات أخرى,وكل واحدة تعتبر نفسها الوريثة الحقيقية لسلطة
الخلافة,وقد أدرك الفلاسفة المسلمون خطورة استحضار السياسي في الفكر
الفلسفي,فاكتفوا بسياسة الفضيلة كما كانت أكثر وضوحا عند الفارابي,لكن من
الملاحظ أنها كما سبقت الإشارة كانت حاضرة في ثوب غير ثوبها,وبلبوسات
تعمدت عدم توضيحها بما يجعل منها معتركا للصراع على الحكم,والدعوة إلى
التفكير الحر في النموذج المناسب لدولة العرب,بعيدا عن التجربة الرومانية
والفارسية,لكن الملابسات التاريخية للدولة العربية لم تكن كافية للتأسيس
لفكر سياسي,خال من الأبعاد التيوقراطية التي دشنها الرومان والفرس,بحيث
بدا أن الدولة الإسلامية لن تكون مقلدة لهم لآن الديانات مختلفة,ولن
تتشابه السلط,بل ظهر للمسلمين أن أية دولة لايمكن أن تكون إلا دينية,وإلا
كانت غير مستحقة لحكم مجتمع مسلم,ولازالت هذه الفكرة سائدة حتى يومنا
هذا,والغريب أنها امتزجت بالفكر المحافظ داخل المجتمعات العربية,التي لا
تتصور أي إصلاح سياسي بعيدا عن الدولة الدينية,وفي أقصى الحالات خارج
الحركات الدينية التي تحلم بوصولها إلى الحكم,لتباشر رسالة الإصلاحات
وحتى المواجهات مع المختلفين عن الأمة والطامعين في ثرواتها والمتآمرين
عليها لإبعادها عن دينها وحضارتها التي لاتنفصل عن الديانة الإسلامية,وهو
ما يشكل خطرا على أي فكر إصلاحي ينبعث من خارج المنظومة الدينية في
المجتمعات العربية
التي حاول مفكروها الأوائل الحسم ثقافيا في اختياراتها السياسية,لكنهم
وجدوا أنفهم خارج الفكر السياسي,أي في فقه السياسة,الذي به تفكر أغلب
النخب العربية التي تواجه حركات الإسلام السياسي باعتماد ثراتنا
الفقهي,ومحاولات البحث فيه عن المتنور والصالح للإنتصار في معركة,كان من
التاريخي الإنتصار فيها مبكرا,لكن مكر التاريخ,وروح المحافظة,ومرجعية
السلطة آنذاك الدينية,عطلوا وجود فكر سياسي عربي مدني,له آلياته
الفكرية,بها يتميز عن فقه السياسة,الذي انخرط فيه,بما يشبه سياسة
الإحتواء الفلسفي للخصوم,في السلطة والمجتمع معا.
حميدالمصباحي



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمانية الدولة ودينية المجتع
- ثقافة العدوان
- الخصومة والعداوة
- ثقافة الوصاية
- المسألة التعليمية في المغرب
- السخرية
- الربيع العربي
- الجسد في السياسة في رواية عندما يبكي الرجال لوفاء مليح
- الشموخ المجروح في رواية عندما يبكي الرجال لوفاء مليح
- الجوائز الأدبية
- سلطة المثقف والدولة
- العولمة والثقافة
- الفكر السياسي في المغرب
- بيض الرماد رواية سلطة العشق وعشق السلطة
- أزمة الحداثة في العالم العربي
- جوع السياسة والإسلام السياسي
- المثقف العربي ومخاضات التحول
- العقلانية والمثقف العربي
- علمانية حضارتين
- الثورات والمشروع الثقافي عربيا


المزيد.....




- -لم يكن من النوع الذي يجب أن أقلق بشأنه-.. تفاصيل جديدة عن م ...
- نجيب ساويرس يمازح وزيرة التعليم الجديدة بالإمارات: -ممكن تمس ...
- كسرت عادات وتقاليد مدينتها في مصر لترسم طريقها الخاص.. هبة ر ...
- من هو جيه دي فانس الذي اختاره ترامب نائباً له في رحلة ترشحه ...
- حرب غزة: قصف لا يهدأ على وسط القطاع وجنوبه وإصابة جنود ومستو ...
- ألمانيا تحظر مجلة -كومباكت- اليمينية المتطرفة
- مكتب نتنياهو ينفي تلقي إسرائيل رفضا من -حماس- بخصوص مواصلة ا ...
- -حماس- تنفي وجود خطط لعقد اجتماع ثنائي مع -فتح- في بكين
- -روسكومنادزور- تطالب Google برفع الحظر عن أكثر من 200 حساب ع ...
- علاج واعد يوقف الشخير نهائيا


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - فقه السياسة