أحمد عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3670 - 2012 / 3 / 17 - 13:17
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في إحدى الليالي المظلمة، حيث تبدو السماء وكأنها مساحات سوداء تغطي سقف الأرض، السماء تبحث عن قمرها الذي ينيرها، والأرض تبحث عن من يزورها، الليل يطول، والعتمة لا مفر منها.
هكذا حال الإنسان، يمر بليال مظلمة، قد تطول، لا قمر في السماء، ولا زائراً على الأرض، فقط يجلس وحده ليتأمل بقاع الظلام المحيطة به؛ يؤكد حضوره في دفتر الحضور والانصراف من الحياة، لكنه لا يشعر بذلك، لا هو بالحاضر، ولا يستطيع التوقيع بالانصراف بعد، يتذكر الليالي المضيئة في حياته، قد يفتقدها، يمسك بسيرته الذاتية، هي أيام مضت، يقلب الصفحات، يتذكر أشياءاً، يرى مواقفاً، يصدر أحكاماً متأخرة، إنه اليوم في زمان آخر، لا يمكنه العودة للوراء، ولا يمكنه إعادة مشهد من الماضي، فالماضي قد مضى، واليوم ليس كالبارحة.
في ليلة أخرى قد يأتيه الماضي بشكل مختلف، وها هو قد اختلف، تغير الزمان، تغيرت الأحداث، وتبدلت الأماكن، قد يكون بالأمس على يمين المشهد، هو اليوم في أقصى اليسار، وهو نفس حال ماضيه، تلك هي لعبة الحياة، فهي تمارس دورها دوماً في تبديل المواقع، وتقف لتشاهد المشهد، تستمع بما يجِدُّ فيه، ماذا سيفعل الماضي المتبدل مع حاضر متغير؟
هي سنة الحياة التي اتبعها الإنسان، ولم يحرف فيها ولم يبدل، فلعب جميع الأدوار المقررة في مسرحيته التي يؤديها على مسرح الحياة، البعض اعتمد على الملقن، كما أن هناك من اتبع هواه، فأدخل ما شاء في النص، وحذف ما لا يريده، قد يحدث تغييراً في المشهد، لكنه لن يؤثر على سير المسرحية، قد يتغير المصير في لحظات بعينها، لكن النهاية لن تتبدل، اقصد لحظة التوقيع بالانصراف، ستأتي لاحقاً، لكن ما يعنيه دوماً هي تلك اللحظات التي تسبقها، كيف يعيشها؟ كيف يقضيها؟ كيف تمر؟ ومع من؟ وفي أي حال؟
المسرحية دائماً ما تحمل في طياتها التنوع، فلياليها لم تكن دوماً شديدة السواد، كما لن تتمتع دائماً بالأنوار المضيئة، فذلك التضاد جزء أصيل من قانون الحياة التي لم تذر شيئاً على حاله، فقيمة الأنوار المضيئة نعرفها جيداً وقت حلول السواد الحالك.
ما بين ليالٍ مظلمة وليالٍ مضيئة نمضي، نتعثر ونتدارك عثراتنا، نفرح ونرتفع لنلمس السحاب، وقد نمسك القمر بأيدينا؛ هي مشاهد متتالية في مسرحية الحياة التي شهدت بأن الحب سيبقى دوماً أحلى الأقدار.
#أحمد_عبد_العزيز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟