أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - الصورة تعيد إنتاج الحلم في تجارب صلاح القصب المسرحية















المزيد.....

الصورة تعيد إنتاج الحلم في تجارب صلاح القصب المسرحية


صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)


الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 14:30
المحور: الادب والفن
    


يختلف المخرج (صلاح القصب) عن غيره من المخرجين في تصوره للعرض المسرحي، ذلك انه يرتكز على رؤية تعتمد الحلم مضموناً لها، وهو يبتعد عن مصادر العرض التقليدية ويرفض اللجوء إلى التراث واستنباط الأفكار منه فضلاً عن رفضه للغة المحلية التي لا تحيله إلى روح الصورة التي يسعى لاكتسابها من مصادر أخرى مثل (الشعر، واللوحة التشكيلية ، وغيرها ) والتي تدخل ضمن تصوراته الإخراجية ،ويؤكد على "أن المفردة في سياقها اللغوي تقابلها صورة افهامية واحدة تتجاوز المعنى الأساسي، معللاً ذلك بالمعنى السياقي، أن حذفه للمفردة اللغوية أو الجملة سيكون حتماً لصالح الصورة وتكويناتها" .
من هذا المنطلق يؤسس (القصب) معادلاً جمالياً في عروضه المسرحية مفضلاً اللغة البصرية على اللغة المنطوقة في النصوص المسرحية.
أن مسرح الصورة الذي تبناه (القصب) يتقاطع مع مفاهيم العرض التقليدية ويرفض أن يكون الحوار النصي المنطلق الوحيد لفهم العرض وإيصال المعنى إلى المتلقي لذلك فإنه يلجأ إلى طرح بدائل عن كلمات المؤلف بوساطة عدد من اللغات التي تحيل المتلقي إلى اكتشاف معانٍ عدة للنص، ذلك انه "يقوم بإرسال مجموعة كبيرة من الإشارات، والعلاقات والدلالات إلى المتلقي عبر سياق وشفرة، تولد في ذهنه مجموعة محاولات، مستبعداً أي عنصر من عناصر البناء المنطقية التي تستخدم عادة في العرض المسرحي التقليدي، كما انه يلغي بقدر المستطاع أي شكل من أشكال الحوار، ويستعيض عنه بلغة الحركة، والتكوين، والإيماءة" وهو بذلك يكون على تواصل مع اشتغالات (أرتو) في مسرح القسوة الذي يرفض اللغة ويدعو إلى إيجاد نوع جديد من "المسرح الذي لا يوجد في شيء، بل يستخدم كل اللغات: الحركة، الصوت، الكلمة، النار، الصرخة، يجد نفسه مرة أخرى عند النقطة التي يحتاج فيها الفكر إلى لغة ما للتعبير عن ظواهره" .
ويعد النص المسرحي في مسرح (القصب) حجر الأساس في صناعة المرتكز التخيلي ، ذلك أنه سرعان ما يغادر تلك الفرضيات التي يطرحها النص مستنبطاً من روحها فرضيات بصرية لم يطرقها غيره، كما هو الحال مع (أرتو) الذي يرفض التعبير المكرر في مسرحه، " فاللغة ميتة والكلمة ميتة لا تؤثر إلا في اللحظة التي يتم النطق بها، وبأن الشكل المستخدم لا يستخدم، ولا يدعونا إلا إلى البحث عن شكل آخر، وبأن المسرح هو المكان الوحيد في العالم الذي لا تتكرر فيه الحركة مرتين" .
أن أسلوب العمل على النص المسرحي والإفادة من أفكاره وتطويرها داخل منظومة العرض البصري من اجل أن تنقل المتلقي إلى عوالم الحلم الخيالية؛ والتي تعد خارجة عن بنية النص التي يدعو إليها المؤلف تجعل من (القصب) مؤلفاً جديداً للعرض ذلك أن التراكيب البصرية التي يؤسسها في عروضه المسرحية لا تتماثل مع الأفكار الواردة في النص، على الرغم من انه يلجأ إلى اللغة الموجودة في النص ذاته، إلا أنه يعمل على تقطيعها وبعثرتها ووضعها في سياق مغاير لسياقها التقليدي أو البنائي، كما هو الحال مع مسرحية (مكبث) التي كان اشتغاله عليها يستند على "حالة من البناء والهدم والبحث والاستنطاق داخل سطور النص المنتقاة وداخل بنية النص الأصلي لشكسبير لتحويل اللغة المنطوقة إلى لغة بصرية تحمل أسرار النص وتفكك شفراته" .
إن اشتغال (القصب) على فلسفة التحويل من بنية النص الشعري (الشكسبيري) إلى بنية صورية متداخلة في منظومة العرض لكي تتحول إلى رسومات بصرية، ترتبط بتفسيرات (فرويد) للحلم وتوظيف اللاوعي وصولاً إلى خلق تواصل جمالي مع متلقي من نوع مغاير لذلك الآخر القادم من العصور الجليدية، ذلك أن مغايرة (القصب) للزمان والمكان داخل بنية النص وتهشيمها من اجل أن "يستحدث في عروضه لغة مكانية ذات دلالات منفصلة عن الدلالات اللصيقة والمباشرة بالمكان النصي المقترح" كما جاء في البنية النصية للمكان في مسرحية (ماكبث) ،تلك القلعة التي تحولت إلى فضاء مفتوح وعلى وفق فرضيات العصر التي يتحول فيها النص (الشكسبيري) إلى فضاءات مغايرة لتلك المفترضة ، التي لا يتقاطع (القصب) فيها مع النص مؤكدا أنه "لا يتجاوز على النص بقدر ما يمنحه روح العصر، ويسحب شكسبير من عصره إلى القرن العشرين، عندما يفكك النص، فهذا يعني إنه قد منحه جواز دخول إلى عصور آتية" بمعنى أن عملية تحويل النص هي عملية بحث تتطابق فيها رؤى (القصب) واهتمامه باللاوعي، والأحلام مع صرخات (أرتو) بإيجاد مسرح لا يعتمد الكلمات بقدر ما يتمسك بالحلم .
أن تحول النص المسرحي إلى سيناريو صوري يعد واحداً من اشتغالات (القصب) ذلك أن بنية النص التقليدي تنتمي إلى عصر آخر، لذلك فانه يسعى إلى هدم هذه البنية وإعادة تركيبها مستفيداً من اللغة البصرية " التي تعمل لغة اشتغالها على مرتكز فكري منتقى من مرتكزات النص المتعددة، وهذا يتطلب معالجات إخراجية تتم فيها إزاحة المقولات النصية وإجراء تعديلات وإضافات على النص، بمعنى إعادة إنتاج بنية نصية تشتغل محاورها في البث بما يتلاءم ورؤية المخرج الصورية" وهو بذلك لا يلغي النص الأصلي بل يستنطق واحدة من فرضياته أو بمعنى آخر يجعل من الأفكار الهامشية مصدراً لرؤيته الحلمية، التي غالباً ما ينطلق فيها من نهاية كلمات النص الأخيرة، باحثاً عن أحلام الشخصيات السرية، وهو بذلك يستفيد من أفكار المؤلف الميتة داخل النص من اجل إحياء روحها داخل فضاء بصري ومع شخصيات تبحث عن روح جديدة في العرض، ومن هذا المنطلق يعد (القصب) مؤلفاً بصرياً لجميع عروضه المسرحية التي يشكل فيها "حركة الفضاء في العرض المسرحي وهو تأليف لروح الأفكار، وهو تكوين بصري لتلك الأدبيات واللغة التي يبثها النص، فالرؤية البصرية للمتلقي هي تأليف، لأنها تمتلك لغة، فعندما يمتلك العرض لغة بصرية فهذا يعني أننا قد أسسنا كتابة حية للنص" فالصورة في مسرح (القصب) بديل فكري وجمالي للغة المكتوبة ومنها يغادر النص الأصلي إلى نصوص صورية حية خارجة من روح ماتت في عصر تدوينها.

المصادر :
1- انتونان أرتو: المسرح وقرينه، ترجمة :سامية أسعد، القاهرة: (دار النهضة العربية)، 1973 .
2-صلاح القصب: مسرح الصورة بين النظرية والتطبيق ، ط1 ، قطر: (المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث)،2003
3- كريم رشيد: جماليات المكان في العرض المسرحي العراقي المعاصر ، بغداد: (جامعة بغداد – كلية الفنون الجميلة)1989 .
4-عواطف نعيم : تعددية الرؤية الإخراجية للتراث الدرامي في العرض المسرحي العراقي ، بغداد :(وزارة التعليم العالي والبحث العلمي - جامعة بغداد – كلية الفنون الجميلة )،2003.
5-سلام مهدي الاعرجي: الموروث الدرامي التقليدي والرؤية الإخراجية المعاصرة في المسرح العراقي، بغداد :(جامعة بغداد – كلية الفنون الجميلة)2001.



#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)       Samem_Hassaballa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرح فاضل خليل :بين النص الواقعي والرؤية السحرية
- الفيلم العراقي (كرنتينة) صناعة الواقع من ذاكرة لا تموت !!
- مسرحية ( البَرَدة ) : جماليات المكان وحدود الاشتغال التأويلي
- (ندى المطر) عرض مسرحي يتجه نحو المجهول !
- (فيس بوك) :عرض مسرحي بعيد عن تكنولوجيا التغيير
- الإيقاع المسرحي في عرض خارج الزمن
- مسرحية (camp ) : محنة الرفض والقبول في الثقافة العراقية
- -غربة - سامي عبد الحميد على خشبة المسرح
- المؤسسة الرسمية تفتح الأبواب للمزورين
- مونودراما الممثل الواحد في مخفر الشرطة القديم
- رؤى ومعالجات إخراجية للأزمة الاقتصادية في مهرجان القاهرة الد ...
- جلسة مسرحية في الجحيم !
- -نصوص خشنة- : تقرأ الماضي بعيون المستقبل
- المعنى المفقود في الأسطورة*
- ذاكرة المكان الخالي(*)
- فلم (أبن بابل) العراقي : قراءة في وحشة الموت
- حامد خضر .. صورة للروح الحية
- سيمياء براغ المسرحية ... ونظرية العرض المسرحي(*)
- رحلة الانثربولوجيا في مسرح ايوجينيو باربا(*)
- المحنة العراقية في نص مسرحي من أميركا اللاتينية ..اين العذرا ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صميم حسب الله - الصورة تعيد إنتاج الحلم في تجارب صلاح القصب المسرحية