|
سوريا وحاجز الصمت
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 3668 - 2012 / 3 / 15 - 13:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتزايد هذه الأيام حالات الهياج والسعار التى أصابت النظام السورى، وسارع من ضرباته الحربية التى يشاهد العالم مشاهدها البشعة ولا ينجو منها أطفال أو نساء أو شيوخ، جيش الأسد يطلق نيرانه بلا رحمة لأن هدفهم الوحيد هو إسكات صوت كل سورى يرفض الأسد رئيساً عليه، وكما يقول المثل "الغاية تبرر الوسيلة"، والغاية هنا هى بقاء الأسد رئيساً مدى الحياة على سوريا، والوسيلة التى يستخدمها هذا الأسد هى سفك دماء السوريون حتى يتسنى له الحفاظ على كرسيه الرئاسى.
بشاعة ما يحدث يصرخ ويدين شدة التخلف الذى يتمسك به غالبية الشعوب العربية الخانعة للدكتاتور، لأنها لا تتعلم من تاريخها المتخلف عن ركب الإنسانية، ذلك التاريخ المسجل بدماء البشر سواء كانوا خلفاء أو ملوكاً أو أمراء، الكل كان يسعى للوصول إلى كرسى الخلافة والحكم على جثث من يقف أمامه بالحروب والأغتيالات، إنها ثقافة التسلط والتشبث المميت بحكم شعب لا يريد حكمه، لأنها الدكتاتورية التى تقتل الديموقراطية. نحن أمام شعب يتعرض لحرب حقيقية يقوم بها النظام السورى، رغم الإنكار المستمر لما يقوم به من حرب إستنزافية لأبناء الشعب السورى، وإدعاءاته بأن ما ينشره الإعلام فيه مبالغة كبيرة ولا يعبر عن الحقيقة، وهى أقوال تصدر عن نظام دكتاتورى أتقن اللعبة السياسية والإعلامية ويتعامل بحرفية شديدة ليس مع شعب بسيط الخبرة لكن نظام الأسد يتعامل مع دول كبرى بدهاء السياسيين الذين يجيدون لعبة المصالح حيث تحالفت معه روسيا والصين بأعتبارهم أكبر الدول العالمية ورفضوا أى قرار يصدر فى الأمم المتحدة يدين كل ما يرتكبه نظام الأسد الدموى.
ليس جديداً أن يجد الأسد له مؤيدين لسياسة القمع الدموى الذى يمارسها، سواء من روسيا والصين اللذان لم يعرفا بعد الديموقراطية، كذلك نجد التخاذل العربى بكل أطيافه الذى يعبر هو الآخر عن دكتاتورية لم تصلها بعد ثقافة الثورة ولا روح المدنية الحديثة التى تجدد سلوكيات البشر وتنقلهم إلى حضارة الشعوب الإنسانية، حضارة العلم والمعرفة والتقدم التى يفتخر كل إنسان بإنجازاتها الحضارية، وعلى العكس من ذلك يجب أن يخجل ويشعر بالعار كل عربى يتمسك بثقافة القمع والغزو وسفك الدماء. لسنا فى وقت يتحمل التنديدات والتصريحات ضد هذا الدكتاتور الذى أضاف إلى ألقابه القاتل سافك دماء الأبرياء، عندما يتحول المسئول الأول عن شعبه إلى مجرم لا تقف أمامه قيم أخلاقية أو إنسانية، معنى ذلك أننا أمام عدو يستحق من بقية الشعوب العربية مناصرة شعب سوريا ضد عدوها القاتل، وأن تخرج الأنظمة السياسية العربية عن صمتها الدبلوماسى لتصارح صديقهم الدكتاتور، أنه قد تجاوز حدود الإنسانية وأنهم كحكام دكتاتوريين لا يمكنهم مشاركته ما يرتكبه من جرائم وعليه التوقف فوراً عما يرتكبه بحماقة وجنون من يستشعر نهايته الوشيكة.
قرأت ماأعلنه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس الأربعاء، أن "موسكو حليفة لدمشق ولا تدافع عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بل عن الحق". هل معنى كلام لافروف هذا أن العرب يسيرون على نفس الفلسفة التى تغمض عينيها عن المذابح اليومية وفى نفس الوقت تقول أنها تقف مع الحق وليس مع الأسد؟ أين الحق هنا حق ملكية الأسد لسوريا بالوراثة أم حق السوريين فى طرد دكتاتور يرتكب جرائم يومية؟ للأسف الكل خائف أن يقترب من قول الحق بل يحاول المسئولين فى الجامعة العربية وعلى الأخص رئيس بعثة المراقبين العرب" الفريق الدابى" صديق "البشير السودانى" أن يستر عورات النظام السورى وأن يتغاضى عن إنتهاكاته الوحشية لحقوق الإنسان، وهى إنتهاكات لا يخجل من كشفها الأسد الجريح لأنه وصل إلى درجة الثمالة وليس أمامه إلا الموت أو إفناء شعبه. منذ بداية مذابح الأسد الدموية وحتى الآن ودول الجامعة العربية لا قدرة لها على إيقاف نزيف الدم اليومى، وموقفها هذا الذى لا طعم له ولا مذاق بل لا هو حاراً ولا بارداً، قد أعطى الشرعية لنظام الأسد لكى يستمر فى عربدته على أرض سوريا دون وجود رادع له، لأن ما يحدث كان بحاجة فورية من الجامعة العربية إلى تشكيل لجنة حقيقية من رجال لديهم ضمير إنسانى، يذهبون إلى سوريا وينزلون إلى أرض الأحداث التى يسمعون عنها وعن المذابح التى تقع فيها ويتحلوا بالشجاعة ليقولوا بالحق ما شاهدته عيونهم وما سمعته آذانهم.
بالرغم من متاحف الجهل والتخلف التى تسكن كل زاوية وكل حارة وكل شارع وكل مدينة فى بلاد العرب، لكن نوافذ الحرية مفتوحة للجميع لكل من يمتلك إرادته فى التحرر من عبودية التخلف المسيطرة على مجتمعاتنا بأسم الدين وأكرر دائماً بأسم الدين، لأن حرية العربى سلبتها آلهة الأديان التى غيبت عقولهم، وبالرغم من أنهم يعيشون ويتعايشون فى عالم التفاعل والتواصل الإجتماعى، عالم الأنترنت الذى هدم كل الأساطير الغيبية التى توارثناها دون التحقق من منطقيتها وواقعيتها، لكنهم يحتاجون إلى الشجاعة والحرية حتى يخرج العربى عن صمته الموروث ويعلن تضامنه مع أخيه السورى ضد بشاعة الأسد وزمرته الإرهابية.
ليس لدى ما أقوله أكثر من بضعة تساؤلات واجبة.... متى يصمت دوى القذائف وتنجو سوريا من نحيب الضحايا؟ متى ينتهى العنف والصراع المدمر لكل رموز الحضارة والثقافة السورية؟ متى تنتهى مأساة شعب يعانى من القتل والإبادة على أيدى أقلية مريضة بالنرجسية؟ كلمة أخيرة: التغيير قادم لا شك فيه.
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شريعة الوجود الديناصورى
-
المرأة ضحية العقلية البدوية
-
المرأة والثورات العربية فى المجتمع الذكورى
-
العامرية وغياب القانون
-
خواطر فى ذكرى 25 يناير
-
سنة أولى ديموقراطية
-
مصر الجديدة بنت القديمة
-
الإجرام الرسمى فى حق المرأة
-
عيد ميلاد الحوار المتمدن
-
الأنتخابات الدينية فى مصر
-
غيبوبة صاحب القرار
-
القمع الدموى للشعوب
-
عورة الرجل وعورة المرأة
-
النظام العسكرى المصرى
-
الإعلام والقانون فى مصر
-
مصرع الطغاة
-
ماسبيرو وأسوان أين مصر
-
شكراً ستيف جوبز
-
فوز إسرائيل على مصر تسعة صفر
-
الفرعون الحبيس
المزيد.....
-
الجيش الأمريكي يعلن استهداف -أحد كبار قيادات- تنظيم تابع لـ-
...
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تعيين دوغ بورغوم وزيرا للداخلية
-
مباحثات إيرانية قطرية حول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة ولبنان
...
-
ترامب يعلق على تقارير سحب القوات الأمريكية من سوريا
-
روبيو: ترامب مقتنع بضرورة حل الصراع في أوكرانيا بالوسائل الد
...
-
واشنطن: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها في الأرا
...
-
المغرب.. تفاصيل دقيقة حول الآليات والمواد والمساحيق التي تم
...
-
الولايات المتحدة تخطط لفرض رسوم جمركية على الصين بسبب -شحنات
...
-
روبيو: عرض ترامب شراء غرينلاند -ليس مزحة-
-
العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المتحطمة في واشنطن وإر
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|