محمد أبوعبيد
الحوار المتمدن-العدد: 3667 - 2012 / 3 / 14 - 23:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رُبّ ضارة نافعة. في الضراء نعلم عن شخصيات وأشياء كنا نجهلها في السراء. مثلاً، في الحروب أو في الثورات والأزمات السياسية، نكتشف أن عالمنا العربي مليء بالخبراء العسكريين والاستراتيجيين، فتطل أسماء على شاشات الفضائيات بعدد أسماء "مغني الفيديو كليب".
التعميم في العادة ظالم، وكي لا أكون جائراً، خصوصاً أننا في ربيع عربي ضد عواصف الظلم، فلن أعمم الكلام على الجميع، فثمة خبراء بالفعل يشعر المرء أنهم ممتلئون بالمعلومات الهامة والدقيقة، ويقدمون لمن يتابعهم تحليلات وتصورات قليلاً ما يجانبها الصواب، لكنهم قلة، لذلك الكلام عن الأغلبية.
صار أكثر الألقاب التصاقاً بضيوف يتحدثون في نشرات الأخبار، وبرامج حوارية أخرى، هو أحد اثنين: إما محلل عسكري، أو خبير استراتيجي. أما العسكري فمن اليسير علينا ان نجد له تعريفاً وهو أن له باعاً وذراعاً في الشؤون العسكرية بحكم مناصب شغلها، ولو شكلياً، باعتبار أن أغلبية القادة العسكريين العرب هم ألوية أو "جنرالات" بمنزلة "الركن" ولا نعلم عن انجازاتهم العسكرية اي أمر باستثناء أنهم إما شاركوا في انقلاب عسكري ضد نظام بلدهم، أو شاركوا في قتل شعبهم، فليس لهم إنجاز على جبهات "العدو"، ومع ذلك نرى أن بزته العسكرية تكاد لا تتسع للأوسمة التي يحملها من الأمام، فربما يضع البقية على البزة من الخلف.
أما الخبير الاستراتيجي، فهذا ما استشكل، ربما على الكثير، إيجاد تعريف له. فما هي الاستراتيجيات التي هي خبير بها وضليع؟. وما هو مفهوم الاستراتيجية؟. كأن اللقب صار يُعطى لمن لا لقب له. المشكلة أن هذا "الخبير الاستراتيجي" عندما ينفض من كلامه الفضائي، تجد أنه لم يرفد مخزون المعلومات لدى المتابع بأي جديد سوى كلام قد يقوله محرر في صحيفة أو مجلة. فليس من المعقول أن يتحدث "خبير استراتيجي" بهذا اللقب المهول عن استخدام قنابل مسيلة للدموع في فض تظاهرة.
الأنكى أن "الخبير الاستراتيجي"، يشاطره في ذلك المحلل العسكري، يوحي للمتابع أنه يعرف دهاليز المخططات والمؤامرات الغربية الامبريالية الصهيونية الماسونية الرأسمالية الفاشية الشيوعية الاشتراكية. إن كان لدينا كل هذا العدد من الخبراء العباقرة والجهابذة من عسكريين واستراتيجيين، لماذا، إذنْ، تاريخنا الحديث، وما قبله بقليل، مليء بالهزائم والنكبات والنكسات!.
#محمد_أبوعبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟