|
ربيع الشعوب ام اعدائها
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3664 - 2012 / 3 / 11 - 21:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جاء استخدام كلمة ربيع على التحرك السياسي الشعبي عام 1968 ، عل اثر التحرك التشيكي بقيادة ( دوبتشك ) للاصلاح وبما عرف حينها برنامج الالف كلمة ، وهي مشروع التحرك الي وزع على الجماهير التي اقتنعت به وتحركت على اساس منه ، فهللت اميركا واوروبا ، للمشروع من حيث جاء في دولة من دولة المنظومة الاشتراكية حينها وسعت الى احتواء الحركة، وزمانيا وقع ضمن الحرب الباردة المحتدمة ، فاطلق عليها تعبير ( ربيع براغ ) والذي انتهى بالتدخل العسكري السوفياتي يومها وانتهى على ان هذا المعسكر لا ربيع له ، او انه يعيش شتاءأ بارداً بصقيع لا يزهر له ربيع!! . اصبح هذا مصطلح سياسي يستخدم عند كل هبة شعبية ، بغض النظر عن المعاني و المضامين ، لكنه تعبير يفهم من خلاله ان شتاء مضى وربيعاً اهل ، او ان ما مضى كان ظلاماً واظلاماً ، وليس بالضرورة كل ربيع ينتصر او يكون منعشاً ، لكنه يعطي مؤشراً كما انتج ( ربيع براغ ) حيث كان اشارة الى ان كل هذا الشكل من الانظمة لم يعد يستطيع الاستمرار ، فقد جاءت بعده تحركات ( وارسو ) حتى وصلت الامور الى ( بيرسترويكا ) جورباتشوف ، والتي تعني ( اعادة البناء ) ويبدو ان العلاج جاء متأخراً ، فلم ينجح بل اطاح بالاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية . ويطلق اليوم هذا المسمى عربياً ، احياناً بشكل رومانسي ، وحيناً اخر تعبيراً عن قصد يراد به الباس ما نحن فيه كعرب وامة، الى ما قد سلف من فكر سياسي عروبي تقدمي كان او قومي حين يقال ( الربيع العربي ) وكان المقبل بالضرروة افضل واكثر ديمقراطية واقل قمعاً ولو انه قادم بدعم سعودي وخليجي ، وامتازت هذه الدول بالكثير من الحرية والانفتاح والتحرر ، ولا توجد لها اية تحالفات امريكية او حتى اسرائيلية ، لا يعني ذلك ان الانظمة التي انتفضت جماهيريها كانت جيدة بل بالعكس هي انظمة انظمة عفنة مستبدة مشبوهة ، اعاقة تقدم شعوبها واستباحة حقوقها ، لكن هل من الممكن ان يكون التغير الى الافضل عفوياً ، ربيع براغ انطلق حسب برنامج الالف كلمة ، تضمن خطة عمل سياسي واجتماعي واقتصادي ، فما هو برنامج الربيع العربي ولما انطلقت الثورات ؟ لتصل الى اين ؟ ما هي خطة عملها مثلاً ، فاذا كان الفساد والاضطهاد دفع الجماهير لنتطلق فما هو البديل في ذهن هذه الجماهير ، وان هدفها فقط ان الشعب يريد اسقاط النظام ، فقد تحقق ، والفراغ الغير ممكن في الحياة والطبيعية جاءت فرصة نادرة للتيارات الاسلامية ، وهي صاحبة مشروع سلفي رجعي مثاله الاعلى السعودية ، حيث شرطة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتحجيم دور المرأة على قاعدة ( ما فلح قوم تولتهم امرأة ) او ان ضرب المرأة ضرورة ، وان الثقافة والعلم هو الدين ، وفتاوي هؤلاء السدنة المتكلسين علماً وتطوراً وادارك لضرورات الحياة خارج صيفهم وتأويلاتهم . اصبح واضحاً كيف استولى الاسلام السياسي على ثورات الشعوب وتضحياتها سواء في تونس او في مصر بشكل اوضح، وان الحراك لا زال متفاعلاً حيث ادرك الشباب انهم اول الخاسرين ولم يجلبوا لانفسهم التقدمية بل الرجعية ، والخطأ كان هو غياب خطة عمل وبرنامج محدد ، فالعفوية لا يمكن ان تحقق انجازا ، بقدر ما هو ممكن رده الى الخلف ، يدفع ثمنها لسنوات طوال،وتكون التضحيات ذكريات ، ورغم عن ما وصلت اليه الامور ، وحيث ان الاسلام السياسي اظهر انه ليس خصما الشعب سوا كانوا خارجين او من الداخل ، وها هو يدخل في حورات مع اميركا بوضوح ليبدو حضاريا ومقبولاً، وهي لتمرر خططها المتعدد وليس اقلها لانفتاح على اسرائيل ، وهذا ليس تقديراً ، فالقيادة المركزية للاسلام السياسي في السعودية وقطر والكويت والبحرين وغيرها تحتضن قواعد عسكرية متقدمة لاميركا ، وهي القوى العسكرية الضاربة لليد الامريكية والمناط بها انجاز اهداف اميركا في المنطقة، التي منها مهمة ردع ايران، ولاعادة تشكيل المنطقة حسب الخطة التي فشلت حين واجهتها القوى التقدمية والقومية العربية ومنها ( اوميغا ) والفراغ بالشرق الاوسط) وحلف يغداد ، وهذا الوضع يرتب على القوى الشعبية المستنيرة ، وشباب الثورات اصحاب التضحية والذين انطلقوا بالحراك لمواصلة ثورتهم ، وطرح برنامجهم ليكون واضحاً الى اين تسير ثورة شعوبنا العربية ، فالهروب من السجن وكسر القيد لا يؤدي الى الحرية بالضرورة ، ولكن هدم السجن والسجان وفرض قانون عصري يشكل الطريق الى الحرية ، وليس استبدال نظام بنظام على طريقة الانقلابات العسكرية العربية في الخمسينات والستينيات ، وقد حلل ماوتسي تونغ وضع البرجوازية الصغيرة حين تقوم بالثورة على الراسمالية ، فتستعين بالشعب وطبقته العاملة ، وحين استلام السلطة تاخذ مكان السابقة مع الاحتفاظ بالشعار وقمع من تحالف معها من الشعب ، واضاف ان البرجوازية الصغير كبندل الساعة ، وهذا ما كان حال برجوازية الخمسينيات لم تستطع مواصلة مهام الاستقلال والتحرر واصطدمت بالشعب ، والمعنى ان الفكر القومي واليساري لا زال هو الحل لازمة الامة العربية ، لكن المطلوب قيادة ثورية طبقية شبابية ذات برنامج مرحلي وديمقراطي . وهذا يقودنا الى ما يجري في ليبيا وسوريا ، فغياب المنهج سهل عملية الانكفاء والعودة مع قوى الاسلام السياسي الى تقسيم البلاد بالمذهب السنوسي ، والسني وغيره وهذا ما يسهل استغلال ونهب ليبيا ، وتجميد طموح اهلها وثوراها وايصالهم الى شكل جديد من الاضطهاد ، وعلى ذات الطريق نتطلع اليوم الى ما هو جار في سوريا ، حيث بدأت تتضح الامور اكثر ، اذ ربما تحرك الشعب فعلا من اجل التغير ورفض الجمود والقمع ، ولكن غياب الرؤيا الواضحة والتحالف على برنامج نضالي يتم تعبئة الشعب بموجبه ،جعل قوى الاسلام السياسي بهامش اوسع وتجد في الدعم الخليجي اباها الروحي دعما مالياً وعسكريا يشجعها على مواصلة تدمير سوريا ، لصالح من ؟! فطالما لا يطرح بديل سياسي برنامجي موضوعي ، يكون العمل عشوائيا يدفع ثمنة المواطن السوري ، حيث للاخرين غايات واهداف وليس مجموعات الاسلام السياسي فقط بل اميركا ومن معها ، من حكام التعاون الخليجي الى اسرائيل ، فسوريا ليست مجرد موقع جغرافي عادي ، وليس الهجوم عليها والتشجيع على الصراع فيها لانها تملك خبرات يفترض نهبها بل بالعكس، فهي بلد عادي ، تعيش على جهد شعبها وابداعاته، ولكن موقعها الجيوسياسي هو اخطر ما في الامور لشرق اوسط جديد او لحل سياسي يخدم اسرائيل ويطيح بالحق الفلسطيني المنتظرللنصرة العربية منذ ستون عاماً . والنظام السوري لا زال مصراً على موقفه دون ان يدرك مسؤوليته في تصويب الامور وتفويت الفرصة والتحالف مع الشعب وليس اسالة دمائه ، تماماً كما لم تستطع المعارضة توحيد صفوفها وبقيت متعددة مما يخدم مصالح الاسلام السياسي وان اي جهد تقوم به حالياً دون توافق يخدم عملهم وخطتهم ، وعليهم الدعوة الى حوار موسع يجب على النظام الاستجابة معه، والوصول الى خطة تخرج سوريا من ازمتها وتيعدها الى قيادة الحركة الوطنية، وتنقذ معها تقسيم الشرق الاوسط وضياع الحق الفلسطيني وتسلط الاسلام السياسي لسنين طويلة على المنطقة ، فسوريا حجر الزاوية في معادلة الصراع سواء بالمواجهة الوطنية دفعا عن شرف الوطن والامة او حين اسقاطها ستكون حجر الزاوية في اعادة صياغة المنطقة وهذا اخطر ما في الامر وهذا ما يجب ان يجري حسابه ، وليس بقاء بشار الاسد او غيابه اكثر اهمية من مصلحة الامة والشعب والقضية .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن اذار المراءة والثورة
-
المصلحة والايدولوجيا
-
مطلوب ثورة في الثورة
-
مهام الثورة المضادة
-
سوريا والطريق الصعب
-
العاصفة تقترب
-
استكشاف المفاوضات
-
اتفاق مصالحة ام مصلحة
-
نعم اسرائيل ايضا تتغير
-
سوريا يا ذات المجد
-
الحوار المتمدن متراس للديمقراطية
-
حول الوحدة الفلسطينية
-
عن الحاضر والمستقبل للراسمالية
-
الاسطورة الدينية والواقع التاريخي
-
الثورة العربية لماذا لا تنتصر !.؟
-
عن الثورات العربية والتحديات
-
لماذا يفوز الاسلاميون ؟!
-
حوادث لها مؤشرات
-
اجابات مختصرة لاسئلة معمقة
-
لا للفتنه نعم للوحدة الوطنية
المزيد.....
-
ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية.. كيف يؤثر ذلك على المستهلك؟
-
تيم حسن بمسلسل -تحت سابع أرض- في رمضان
-
السيسي يهنئ أحمد الشرع على توليه رئاسة سوريا.. ماذا قال؟
-
-الثوب والغترة أو الشماغ-.. إلزام طلاب المدارس الثانوية السع
...
-
تظاهرات شعبية قبالة معبر رفح المصري
-
اختراق خطير تكشفه -واتساب-: برنامج قرصنة إسرائيلي استهدف هوا
...
-
البرلمان الألماني يرفض قانون الهجرة وسط جدلٍ سياسيٍ حاد
-
الرئيس المصري: نهنئ أحمد الشرع لتوليه رئاسة سوريا خلال الم
...
-
إسرائيل.. تخلي حماس عن السلاح أو الحرب
-
زكريا الزبيدي يتحدث لـRT عن ظروف اعتقاله
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|