|
لطخت النوافذ الأنيقة لشدة الدم
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3663 - 2012 / 3 / 10 - 23:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لطخت النوافذ الأنيقة لشدة الدم كتب مروان صباح / حسمت صناديق الإقتراع الروسية فوز الرئيس بوتين بولاية جديدة بعد إنقطاعه لفترة كاملةُ المدة عن الكرملين رغم أنه كان حاضراً في الظل وغائباً في العلن والتي جاءت بعد إعلان نتائج المتنافسين ببعض الإنتقادات الخارجية أو الداخلية المتحالفة مع الغرب إلا أنها شهدت صراع إستخباراتي عنيف وتوزيع أموال سوداوية بكثافة اضطرت الرئيس بوتين في وقوفه على منصة المهنئين أن تلمع عينيه لدرجة زرف الدموع المتماسك حفاظاً على سيرته العسكرية الصلبة مما يؤشر حجم التداخلات التي باءت بالفشل وتراجعت بسببها المعارضة إلى مربع آلا حول ولا قوة لها إلا التفرج ، إستحضار جميع الإحتياطيات في هذا الوقت من كِلا الطرفين الغربي والشرقي أسبابه كثيرة لكن تبقى القضيتين الأهم هما سوريا الآن وإيران لاحقاً وموقف موسكو منهما التي دفعت رئيس الحكومة خلع قناع الظل وتحدي روما الجديدة دون الكرملين . بعد إنهيار النظام الشيوعي وتقسيم الإتحاد لدول شهدت روسيا الإتحادية سنوات عجاف من النوع الثقيل أُهلك الإقتصاد وتراجعت التنمية وأصبحت البلاد من أغلى الدول بينما كانت الوعود غير ذلك تماماً بحيث مروجها وعد الناس برغيف ثم سلب منهم أخر حبة قمح ووعدهم بالحرية فاعتقلهم جميعاً تحت عناوين الإذلال والقهر والتسول مما اضطرت أعضاء المؤسسة الإستخباراتية أن تأخذ زمام الامور على عاتقها في بلورة شخصية قوية طابعها وطني تنتمي إلى التراث المتأصل في الذهن والعقل الروسي بحيث أعاد تجميع الحلقات المتناثرة وربطها من جديد على سكة بمقاييس تواكب العصرنة ثم أستخدم نفوذه في الحد إلى التوصل في إنهاء ملف الفساد التي عانت منه روسيا الجديدة من تشابكات إتسعت بسببها الفجوة داخل المجتمع لدرجة تبخرت الطبقة الوسطى ، لكن تمسكه بالحلم التاريخي والمحافظة على الحق المال العام وعدم التخلي عن حق روسيا بالدولة القوية المؤثرة في محيطها وإعادة إمتداد أذرعتها بشكل سلس وغير ملفت نهائياً ورفض بشكل قاطع السير على سنة من سبقوه جعله الأكثر حظاً بالجلوس على كرسي الكرملين فيما جعل الناس أن يتوافدوا طوابير على أبواب الإقتراع أرادوا القول أن الشعوب لا تخذل من قدم لها ومن أجلها كرس حياته . الرجل الأقوى في روسيا يرسل وزير خارجيته كي يلتقي العرب في جامعتهم محملاً بحقائب فارغة تحتاج إلى ملئها بتقديم عروض وإغراءات إقتصادية وتجارية ضخمة لكنها مشروطة بمشاريع إستراتيجية لأن العد التنازلي لسقوط النظام السوري من الناحية العسكرية أصبح قاب قوسين أو أقرب بعد أن وفرت كلاهما موسكو وبكين الفرص الغنية في إنهاء الثورة مما زادها إشتعال وتوسع بالمضي قدماً نحو التحرير وباتتا محرجتاً بسبب الوقوف المخجل مع النظام المعزول يرتكب المزيد من المجازر اليومية على مشهد ومسمع العالم وحيلولته المقصودة في عدم إجراء أي إصلاحات حقيقية التي يطالب بها الشعب الأعزل في الحرية والعدالة والكرامة والتغيير التداولي على السلطة ، فالحياة ترفض الفراغ الذي تدحرج له النظام في الوقوع بقدر ما ترفض المراوحة على طريقة محلك سر ، لهذا نرى تراجع كبير لخطابات الرئيس بشار من حيث التوقيت والمضمون الذي لا يأتي مؤخراً بشيء متجدد كون وعوده بإنهاء حالة الفوضى وهجمات الإرهابين كما يدعي مستمرة فالحياة أعقد وأغنى مما يتصور النظام الذي جعل سياسته مبنية من مفهوم الجبل حبة قمح والمحيط الأطلسي مجرد حوض ماء ويتظاهر بأن الرياح العاتية التي تضرب البلاد منذ ما يقارب السنة بأنها زوبعة فنجان ويمعن في الخيال بأنه تصدى لأعنف وأشد من ذلك لكن الواقع شيء أخر ، فقد إنتهت دولته ولم تعد قادرة على المواجهة بذات الهمة التي بدأها في محاولات إخماد الإحتجاجات الأولى لإنتشار كتائبه في أرجاء الوطن مدة طويلة مما جعلها تُنهك وتصاب بتصلب وفي مراحل بشلل كامل ناهيك عن الإنشقاقات المتوالية بشكلها المتصاعد ، لقد أمعن في القتل المتعمد وحول الجميع إلى أعداء بحيث تساوى مع المستعمر بل المستبد السلطوي أنكى من المستعمر لكنه بقناع أخر فجعل الدم في كل بقعة من أجزاء الوطن فيما ساعد في تشكيل وعياً عند الشعب السوري بأن زمن الإستبداد صار شرطاً لوجوده والحرية ليست خياراً بل إنتزاع عالي التضحية . بين ترنح النظام وتقديم أوراق جديدة للعبة الروسية توجد منطقة غنية التأثير لا بد من الجامعة العربية أن تستثمرها بأفضل الممكنات فروسيا الإتحادية يسكن في داخلها أكثر من 30 مليون مسلم مما يشكلوا نسبة وضغط لا بأس بهما على الرئاسة إذ ما استطاعت الجامعة تدوير هذا الملف بعناية لصالح الشعوب الطارقة لبوابة الحرية ، تكون قد اسست لذوبان الجدران الجليدي الذي إرتفع بمجرد أن تفتح طاقة تتيح لشروق الشمس ، فالجدران ليست دائماً اسمنت وفولاذ بل أنها أحياناً تكون داخل الدماغ وتحتاج خاصةً عندما يفتقد الصبر إستحضار الإحتياطي لفهم ما يدور داخل السور ليس على الأرض ولا في الجغرافيا بل في داخل الدماغ الروسي وكل ما يدور من تداعيات داخله . لقد آل الوضع الدولي في السنوات الأخيرة إلى حقل تجارب سياسية مما تراجعت دور الأمم المتحدة وفي مقدمتها مجلس الأمن مع تعاطي لمبادئها وقوانينها على ما يشبه ثنائية الإنفصال والإتصال وهي ثنائية أريد منها توفير أغطية شرعية لتحسين شروط أعضاء مجلسهم المصغر الأمني وتعطيل فاعلية القوانين التي بدورها توفر حماية للشعوب المقهورة أو تلك التي ضربتها الجوع والتشرد بل أصبح المقياس مرتبط بالإستفادة المجردة من أي عمل إنساني بحيث تتحول القاعات التي في المبنى الزجاجي الطويل إلى خطابات وتصريحات وصراخ يقول كل شيء ولا يقول شيء وغير قابل للصرف ، لكن فظاعة الدم ولشدته لُطخت النوافذ الأنيقة وضربت أسواره وأهتز بناؤه فالشعوب استقت من خالقها حكمة خالدة في الإمهال وليس الإهمال وهي لا تسعى إلى خلق أعداء بل إلى ضغط جاد يحقن الدماء يليه تغيير ديمقراطي جدي وحقيقي . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهما علا كعبه ستنتقل الدولة من حكم العائلة إلى الشعب
-
أنوف متدربة على الاشتمام
-
الإبادة من أجل الإغاثة
-
أعمدت الكهرباء تحولت إلى مشانق إعدام
-
الطغاة لا يتعلمون
-
صراع ليس على الماضي بل على الحاضر أيضاً
-
كلمات مكتوبة بحبر الألم
-
منطقة غارقة في حوض من البترول
-
هي الرقصة الأخيرة من فرط الألم
-
نوافذ لا تقوى على صد العواصف
-
شخابيط كَشَفَتْ المستور
-
السينما وحجم تأثيرها على المتلقي
-
تحويل الهزيمة إلى إنتصار
-
إستحضار الضمير قبل الممات
-
الأحياء يزاحمون الأموات
-
ما بين نهر الرقيق ونهر الجوع ...
-
إختلط حابل السخط بنابل الغضب
-
عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان
-
بين المكتنزة والمتفجرة
-
طواف الباحث عمن يشتري حريته
المزيد.....
-
المصانع الصينية تنقل الحرب التجارية مع أمريكا إلى مكان جديد
...
-
الصين تحتفظ بورقة استراتيجية في صراعها التجاري مع ترامب
-
هذه الصور الزاهية هي رسالة حب لنساء المغرب القويات
-
ماذا نعرف عن الكلية العسكرية التي درّبت قوات المعارضة قبل ال
...
-
أمير قطر يزور موسكو
-
صراع النفوذ على النفط يعمق أزمات ليبيا
-
عراقجي يميط اللثام عن رسالة خامنئي لبوتين
-
غزة.. نزوح نصف مليون فلسطيني جراء استمرار العمليات العسكرية
...
-
توتر تركي يوناني حول التخطيط المكاني البحري
-
مصادر بوزارة الدفاع التركية: آلية خفض التصعيد مع إسرائيل لا
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|