عبدالله صقر
الحوار المتمدن-العدد: 3662 - 2012 / 3 / 9 - 07:07
المحور:
الادب والفن
منذ ولدت ووعيت على الدنيا , أتذكر أن أشقائى الآكبر منى سنا ووالدتى , كانوا يعلمونى حب الآخرين , تعلمت منذ الصغر ألا أكره أحدا , وكيف أحب المحيطين بى ,وأحب حتى من يخطأوا فى كشخص , لا أكرههم ولكن أكره أفعالهم وتصرفاتهم معى , إن الكراهية تميت القلب , وتعلمت أن أحب الناس والسماء والآرض والبحار والآنهار والرمال والطين والآشجار والسحاب والمطر , وألا أعترض على ما يأتى لى إذا كان خيرا أو شرا .
إن حب الآخرين يعود علينا بالأحترام والمودة , كما يجب علينا أن نكون واضحون فى تعاملنا ولا نكون متلونون كالأفعى القرطاء التى تتلون حسب الظروف , ولا نظهر بأكثر من وجه على الناس , كما علمونا ألا نكن ثرثارون فى الحديث مع الآخرين لآنه سلوك غير محمود , وسرعان ما يولد كراهية الأخرين للأنسان الثرثار , كما البعد عن الغيبة والنميمة , وأن ننتقى كلماتنا حين نتحدث , كما يجب أن نكون مستمعين مصغين للأخرين وألا نقاطع غيرنا فى الحديث , لآن ذلك يخلق غضبا وتوترا للطرف الآخر .
وإذاأختلفت مع صديق أو زميل لى فى العمل فيجب ألا أكون فاحشا فى القول والفعل , ودائما أحافظ على الخيط الذى يربطنى بهذا الآنسان , فإذا أحتد على زميل أو صديق , فيجب أن أهدئ من روعه وغضبه وأمتص غضبه , ولا أحاول أن أحرج أحاسيسه , ربما تعود علاقتنا من جديد , فلا يكون فى الآنفس ضغائن ولا أحقاد , وتكون الآنفس راضية وصافية , لآننا حين تخاصمنا , كان خصامنا بأدب وأحترام , لآنه يفترض بأن العقلاء لا يسيئون للأخرين .
الآنسان مميز بعقله عن الحيوانات , لآن العقل هو ميزان البشر , فإذا ما فقد الآنسان عقله فهو غير مكلف بالأمور الحياتية , لآنه يكون كالحيوان الضارى , العقل هو الذى يميزنا عن الحيوان . الآنسان الكيس هو الذى يتمالك نفسه وقت الغضب , والغضب له معايير لآنه يندرج تحت العاطفة البشرية , ونحن نعلم أن الغضب له حدود معينة , فإذا ما تخطى الغضب هذه الحدود فمن الممكن أن يؤدى الى مشاكل وخيمة وربما يكون عواقبه مدمرة .
يقول الأخصائى النفسى تشارلزسبيلبيرجر وهو أخصائى فى الغضب , إن الغضب هو إحساس أو عاطفة شعورية تختلف حدتها من الآستثارة الحقيقية أنتهاءا الى الثورة الحادة , وهذه العاطفة الجياشة مثلها مثل الآحاسيس الآخرى تصاحبها تغيرات فسيولوجية وبيلوجية أخرى , فنجد معها تغير فى حالة عضلة القلب وأرتفاع فى ضغط الدم , كما تزيد معدلات إفرازات هرمونات الطاقة من الآدرينالين وغيرها من الهرمونات الآخرى .
فإذا تعدى إنسان على إنسان أخر وبالذات ما يمس كرامته أو شرفه , هنا تتحرك فيه مشاعر الغضب ويؤدى الآمر الى عملية رفض وصراع داخلى مما يدخلنا فى دائرة الخلاف والصراع البين , وربما يكون الصراع الحاصل نتييجة دوافع حقيقية أو ربما نتيجة لخيال من أحد المتصارعين , أو ربما يكون له أعماق وجذور ماضية , أو نتيجة لتوقعات قد تحدث مستقبلا .
والغضب له أسباب قد تكون خارجية أو داخلية , والآسباب الخارجية للغضب تتمثل فى المضايقات التى قد تحدث من المحيطين فى العمل أو خلال السير فى الشارع أو حين ركوب السيارة أو نتيجة الآزدحام أو لوفات قريب . أما عن الآسباب الداخلية , فتتمثل فى الشعور بالحزن الذى يراود الآنسان نتيجة لحدث ما أو الضجر أو الشعور بالقلق , أو نتيجة ذكرى مؤلمة تراود الآنسان تحفز مشاعر الغضب لديه , كما أن الشعور بالتعب والمرض والآحساس بالفشل أو الآرهاق الزائد , أو الآحساس بالجوع والشعور بالألم والخوف أو الآحساس بالأكتئاب أو الآنسحاب نتيجة لتعاطى المخدرات , كله يسبب لغضب داخلى .
وللغضب أعراض منها ما يظهر على ملامح الشخص الغضبان , ومنها ما لا يظهر ويكون الغضب داخليا , وعموما أعراض الغضب تكون على هئية ضيق الصدر , وخفقان فى القلب , وأرتجاف الجسد كله وأرتعاش اليدين والشعور باللعثمة فى الكلام أو نرى الأنسان الغضبان يتحدث ولا نستطيع أن نميز كلامه لآنه ينطق بسرعة وبطريقة غير مفهومة , أو الآحساس بالدوخة وزيادة أفرازات لهرمونات الآستثارة أو الآحساس بالصمت والميول للعزلة أو النفور , أو نقد الذات أو نقد الأخرين .
وكى نعالج حالة الغضب عند الآنسان الغضبان , فيلزم أن يتجنب الآنسان ألآسباب التى تؤدى الى الغضب , وأستثارة النفس , وأن نغير الحالة التى عليها الغضبان بالجلوس إذا كان واقفا أو الميل الى أحد الجانبين والآسناد على وسادة , أو الآمساك عن الكلام , أو الخروج والبعد عن المكان الذى حدث به الغضب , أو كظم الغيظ والتنفس بعمق بحيث يملأ رئة العضبان بالهواء , أو السماع للموسيقى الهادئة , أو الآسترخاء , أو عن طريق البناء الآسدرا كى ويقصد به تغيير فكر الغضبان , أو عن طريق حل الأشكالية التى تسببت فى الغضب , أو اللجوء الى روح الدعابة لآنها تخلق حالة من الآنبساط وتعيد حالة الآتزان للغضبان , أو تغيير البيئة التى بها المشكلة , لآن فى كثير من الاحيان تكون البيئة لها أثار سلبية على نفسية الشخص الغضبان .
على وجه العموم نحن لسنا فى حاجة الى الغضب أو اللجوء إليه ما دمنا محافظين على هدوئنا , لآن خلاصة الغضب مهلكة للنفس البشرية , وفى كثير من الآحيان أدى الغضب لآصحابه الى دخول السجون أو الى طريق المشنقة , لآن الغضب أدى لفقدان حالة الآتزان النفسى لكثير من البشر مما أثر فى سلوكهم العام وفقدهم السيطرة على أنفسهم . ولذا نقول أن الغضب هو العدو الآول للأنسان .
#عبدالله_صقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟