عبد الفتاح طوقان
الحوار المتمدن-العدد: 1078 - 2005 / 1 / 14 - 10:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
توماس فريدمان :المقرر الدراسي لهذا العام د.عبدالفتاح طوقان
الغريق لا يهاب البلل وبحكم عقود خمسه مضت اضنت الامة العربيةالهزيمة
تلو الاخرى و هلوسات بائعي اكاذيب الانتصارات فقد وصل الحال الى ضرورة تغيير المقرر الدراسي لهذا العام. و لا نتعب التربويين و مراجعيي النصوص الدراسية و لجانهم الدائمة و ممحاكاتهم مع مديريات التربية عن الوقت الفائض و المخصصات الغائبة و لغوياتهم لهذا النص او ذاك و نحيلهم الى اجازة دراسية اجبارية يستمتعون فيها بالفضائيات العربية و الفيديو كليبات المستحدثة و التى تقدم بعضا منها كل يوم دروسا في الفن الحكومي و الموضة الاقتصادية و الازياء السياسية لا حقيقة السياسة و الساسة في الوقت الذي قدم لنا توماس فريدمان نموذجا دراسيا جديدا بعد ان ابتل العرب حتى الغرق. فهو يهودي امريكي " لعين والدين " كما يصفه السلفيون العرب و الاعاجم حيث يكتب عن السياسات الخارجية في نيويورك تايمز و لازم وزير الخارجية الامريكي جيمس بيكر في رحلاته لاربع سنوات، و لكنه في النهاية يستحق ان يسمع له و ان اختلف معه العديد من قرأه بمن فيهم زوجته" آن " في طريقة شن الحرب الامريكيةعلى العراق و في اراء اخرى كتبهاكما صرح في محاضرة له في دبي. و لكن هذا الاختلاف هو اول ايجابية يجب ان يتعلمها الشرق حول المرأة و الرجل. المرأة التابعة للرجل في كل شيء في الشرق و الا تحولت حياتها الى غار من الكأبه و المرأة في الغرب التى لها حق الاختلاف و حرية الرأي مع المجتمع و زوجها. و الرجل المتحضر الذي يتحدث عن الاختلاف في الرأي مع زوجته و يجاهر به امام الفي شخص في قاعة دون حساسية او خوف من اتهام بانه فقد رجولته لان زوجته لها رأي مخالف. الرجولة في الشرق كانت لزمن قريب و ربما لا تزال في بعض من دولها كبح المرأه و اغلاق فمها و عقلها . هذا هو اول درس في الاصلاحات الاجتماعية المطلوبة. حق المرأة في ابداء الرأي علنا و دون هجر او ضرب او طلاق. و للاسف فان العلاقة بين المواطن و الحكومات العربية هي اشبة بعلاقة المرأه المقهورة ذات الحقوق المغتصبة و الرجل المتسلط. توماس فريدمان ولد في مينوبوليس 1953 و تخصص في الدراسات الشرق اوسطية في جامعة براند الامريكية و امضى فصولا دراسية متنقلا بين الجامعة العبرية و الجامعة الامريكية في القاهرة الا ان حصل على بعثه الماجستير في الدراسات الشرق اوسطية الحديثة من جامعة اكسفورد البريطانية. و هو حاليا صحفيا يكتب في النيو يورك تايمز و ينشر مقاله نفسه في اكثر من مائة جريده في العالم و التى تتعامل مع خدمة نيوزوييك للتوزيع و خصوصا الجرائد العربية في مقدمتها جريدة الشرق الاوسط. طريقة اعداد توماس فريدمان تستحق العناية و الدراسة فهو حاصل على بعثات دراسية و و جائزة بوليتزار لثلات مرات و عمل مراسلا في النيويورك تايمز في بيروت 1979 لثلاث سنوات و من ثم مديرا لمكتبها في اسرائيل من 1984 و الى 1988 حيث منح جائزة دراسية من مؤسسة "جوجن هايم" ليكتب كتابا عن انطباعاته في الشرق الاوسط و الذي حصل من خلاله على جائزة احسن كتاب عن السياسة الخارجية و افضل كتاب مبيعا لمدة اثنا عشر شهرا على لائحة كتب النيو يورك تايمز و بعدها انطلق ليكون المحرر الدبلوماسي احيانا و اوقاتا اخرى المحرر المالي المختص لمتابعة الاوبك و النفط العربي و من ثم المسؤول الصحفي عن البيت الابيض حيث امضى العام الاول مع الرئيس بيل كلينتون ثم مرة اخرى ليصبح المحرر الدولي الاقتصادي ليغطي السياسة الخارجية و الاقتصاد الدولي و اخيرا ليستقر في عام 1995 ليكون خامس شخص في تاريخ الجريدة الامريكية يحتل عامود يومي يتحدث فيه عن السياسة الخارجية و يتوج ابداعاته الصحفية بجائزة لن تكون الاخيرة من الجامعة العبرية . و هذا هو الدرس الثاني حيث تجد الرعاية و الاعداد و البعثات و الترويج و الاستخدام الجيد لشخص لديه موهبه في الصحافة لتمرير رسائل في السياسة الخارجية الامريكية الى العالم و خصوصا العربي في محاولة للتاثير في الفكر تحت مسميات حرية الراي و الابداع و الرأي الاخر ،في الوقت الذي تطرد الدول العربية مثقفيها و مفكريها و لا ترعاهم او تهتم بصناعتهم و تقديمهم الى عالمهم العربي و لا اقول العالم الامريكي او الغربي ، فيهاجرون و يتركون بلادهم الى دول تحترم فكرهم و تصقل ابداعتهم فيخسر العرب ابنائة و يكسب توماس فريدمان المقرر في كل صفحات و فضائيات العرب لهذا العام. و بالمناسبة فهو يستحق كل هذا و ان اختلف معه البعض و اعتقد انه في حال رحيل لاري كنج المعلق الامريكي اليهودي الشهير في السي ان ان سيكون خليفته هو توماس فريدمان. انها نفس طريقة الاعداد الاعلامي لمن يريد الغوص في النجاح و اصوله . تذكرت ايام دراسة الثانوية و القصص في الادب الانجليزي حيث كان هناك قصتان او ثلاث في كل منهج و يستطيع الطالب ان يختار احدهم للامتحان فيها ، و لكن هذه الايام القصة واحدة و المقرر اجباري و لابد من النجاح حيث لا مكان للفشل او الاعاده. فالعالم اليوم مسطح و ليس كرويا كما يقول فريدمان في
كتابه الجديد.
[email protected]
#عبد_الفتاح_طوقان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟