أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - بلاغة الارتياب في -شبه لي- للشاعرالسوري سامي أحمد.














المزيد.....

بلاغة الارتياب في -شبه لي- للشاعرالسوري سامي أحمد.


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3659 - 2012 / 3 / 6 - 20:04
المحور: الادب والفن
    


تمتلك القصيدة العربية المعاصرة كثيرا من مشروعيتها من خلال انفتاحها على المستقبل ، إذ لم يعد التراث الشعري العربي القديم مانحا للشرعية ، فأصبح -نتيجة لذلك- انخراط القصيدة المعاصرة في التجريب و انفتاحها على آفاق جديدة ، شكلا ومضونا، الانشغالين القويين اللذين يهيمنان على الشعراء ، ليؤسسوا لأنفسهم أصواتا خاصة و متفردة بعيدا عن التقليد و الاستلاب..
يفرض هذا الاعتقاد نفسه على القارئ كلما توغل عميقا في تجارب القصيدة المعاصرة ، التي يبدو أنها قطعت أشواطا كبيرة في تشكيل هوية جديدة للشعر العربي ،لا علاقة لها البتة مع ما حكم شعرنا العربي من تصورات على امتداد تارخه الطويل .
إن المطلع على ديوان الشاعر السوري سامي أحمد الموسوم ب "شيه لي" ، سيشعر لا محالة بأنه أمام تجربة شعرية ذات نكهة خاصة و مختلفة ، ميزت كل قصائد الديوان تقريبا و وسمتها بميسم خاص ، فاعتماد الشاعر على الكتابة الشذرية و انتهاج أسلوب الهايكو منحا القصائد مسحة من التفكير و الدقة ، يقول الشاعر
لم علي أن أقول للظلام
أن يعترف لي
بأشيائه و أقفاصه و مناماته
وسادة للسديم؟
لقد تخلصت الكتابة الشعرية عند سامي أحمد من الغنائية المفرطة ،التي تميز الشعر العربي عموما ، و خطت لنفسها خطا تأمليا يتميز بتفكير عميق ، يختزن نظرة عميقة للذات و العالم من حولها ،بعيدا عن العواطف الجياشة و الأحاسيس المفرطة في قسوتها ، يقول الشاعر
لم علي أن أشهد بالخواء
و أرتدي كل هذا الجسد
و أن أتقنع بهذا الوجه
و غالبا ما يخرج الشاعر بقبسات مضيئة ، يصوغها في ما قل و دل من قبيل
لأنني أكبر
تكرهني طفولتي
و حتى حينما يلجأ الشاعر إلى الصورة الشعرية فإن تعامله معها يختلف عن التعامل الدارج على ألسن الشعراء ، فصور سامي أحمد تنبني بلبنات العمق الذهني الواضح ، يقول الشاعر
هاهي نجمة ترمي بأسمائها
فوق أهدابي
و ليلها قبري
كما تتميز هذه الصورة الشعرية بكثير من الغرابة ، خاصة حينما تجمع بين المتنافرات ، حتى أن الذائقة التقليدية لا تستسيغها ، وحدها الرؤيا الحداثية للشعر تحتفي بفتوحاتها ، التي تنأى بالشعر عن التقليد و الببغاوية ، يقول الشاعر
عصفوران ينامان تحت الوسادة
نهداك المائلان في العراء ينقران الزجاج
يستلقيان على رصيفي بلا تردد
و في قصيدة أخرى يقول
أنا السلم المعلق على الغبار
و الباب الذي لم يصرخ بعد
أنا المعلق بثياب متعبة
و بعقول تجهل المعنى
و قد يلجأ الشاعر في صوغ قصائده إلى تعابير عادية، لكنها عندما تنتظم في القصيدة تخلق دهشة مضاعفة ، دهشة بساطتها و دهشة عمقها ، و كأنها اكتسبت أبعادا جديدة بانتظامها في القصيدة ، يقول الشاعر
شبه لي
أن الشمس في بلادنا
تشرق من الشرق
و الأرض تدور
شبه لي أن لي بلادا
و حينما يتناول الشاعر بعض الثيمات ، التي تستهوي عادة الشعراء كالحب مثلا ، فإن الشاعر ينجح في إثارة إعجابنا بلمسته الفنية البسيطة و البديعة ، يقول الشاعر
الحب في ضيعتي
تفوح منه رائحة الحبق
إنها بلاغة شعرية جديدة يساهم الشعراء المعاصرون في تأسيسها ،كل منهم بمقدار -و ضمنهم بالطبع- الشاعر سامي أحمد ..هذه البلاغة تعتمد البساطة و العمق ، و تخلق في القارئ الكثيرمن الدهشة و الشك و الحيرة ، و ذلك باعتمادها على تعابير غير مألوفة ، يقول الشاعر
مرت جنازتي في الطريق
أمام بيتي
فحييتها كما يفعل الطغاة
و يقول في قصيدة أخرى
كموج يخلع صراخه
أجرد كمائني
من حسد الثعلب
و تمضي قصائد الديوان على هذا المنوال ، مفجرة في القلب و الذهن الكثير من الدهشة و الحيرة و السؤال ، و خالقة متعة القراءة ، التي تطفر من ثنايا القصيدة كفراشات حرضها دفء الربيع و سخاؤه..
و يطيب لي أن أختم هذه الوقفة العجلى عند ديوان الشاعر السوري سامي أحمد " شبه لي " بقصيدة اختار الشاعر أن ييختم بها ديوانه الجميل ، و تحمل عنوانا لها "مفارقة"
ما الجسد الذي سأرتديه
عندما أنام معها
ما السورة
التي سأتلوها على أعضائي
كي لا تنام
نساء كلما جامعتهن
حبلن بالفراق
نساء حبالى بالشك
يسبيهن اليقين.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غواية الرجل و فتنته في -رعشات- للقاصة سناء بلحور
- الاحتفاء بالتفاصيل في المجموعة القصصية -مملكة القطار- للقاص ...
- شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس ...
- الفصل الأول من رواية -ابن السماء- لمصطفى لغتيري.
- حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه
- بلاغة الصورة الشعرية في عتبات العناوين عند الشاعرة رشيدة بوز ...
- وحي ذاكرة الليل إصدار جدد للأديبة العراقية رحاب حسين الصائغ. ...
- متعة أدب الرحلة في -من القلعة إلى جنوة- للكاتب المغربي شكيب ...
- إصدار جديد للشاعرة رشيدة بوزفور ..تقديم مصطفى لغتيري
- القصيدة العربية بين البعد الشفوي و الكتابي
- شهادة مصطفى لغتيري ضمن ملف الرواية المغربية في مجلة سيسرا ال ...
- المبدعون المغاربة والنقد... أية علاقة؟
- مرور عشر سنوات على صدور مجموعتي القصصية الأولى -هواجس امرأة-
- حب و برتقال ..مقاطع من رواية جديدة كتبتها ولم يحن أوان نشرها ...
- الدكتورة سعاد مسكين تحفر عميقا في متخيل القصة المغربية القصي ...
- **هواجس و تساؤلات حول الكتابة القصصية في المغرب
- المحاكاة الساخرة في القصة القصيرة جدا عند أحمد جاسم الحسين
- لغتيري يوقع رواياته في معرض الكتاب بالدارالبيضاء
- مغرب جديد يصنعه شباب 20 فبراير
- لماذا يجب النزول إلى الشارع يوم 20 مارس للتظاهر؟


المزيد.....




- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟
- معرض مسقط للكتاب يراهن على شغف القراءة في مواجهة ارتفاع الحر ...
- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - بلاغة الارتياب في -شبه لي- للشاعرالسوري سامي أحمد.