أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الإعلان وتكريس المفاهيم التقليدية














المزيد.....

الإعلان وتكريس المفاهيم التقليدية


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3656 - 2012 / 3 / 3 - 20:44
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يتحدث الكثيرون عن أهمية الإعلام ودوره المحوري في التواصل، ونقل المعلومة، والحدث، والرأي، والرأي المضاد. وقد هبت علينا رياح التغيير مع الربيع العربي، الذي خلف وراءه فضاءات إعلامية مفتوحة إلى حد ضاق بها ذرعًا القائمون على الأمر في مصر، الذين ما فتئوا يتحدثون عن ضرورة الالتزام بالمهنية، والحيادية، ويطالبون الإعلاميين بعدم إثارة الرأي العام، ويصفون مخالفيهم في الرأي بالعمالة. فقد امتلأ بر المحروسة بالمحللين السياسيين في أعقاب الثورة من شتى الأطياف الأيديولوجية. ومع ذلك يغيب دور المرأة المأمول عن التحليل الرصين - حتى بين من يدعي الدفاع عن المكتسبات النسوية، وأهمية الدور الرائد للمرأة في المجتمع المصري بعد الثورة.
فلقد خرجت علينا شركة ملابس داخلية بإعلان يبث منذ أيام على عدد من القنوات الفضائية، يمكن وصفه بأنه مهين للنساء، ومع ذلك لم نسمع بأحد يندد به، مع أن إعلانات ذات الشركة أثارت منذ أقل من ستة أشهر عاصفة لم تهدأ إلا بسحب الإعلان من التداول. وامتدت العاصفة لتشمل صفحات ومنتديات تندد به، وتطالب بمقاطعة منتجات الشركة، وأقلام تتحسر على الرجولة الضائعة (انظر المصري اليوم عدد 2627 بتاريخ 23 أغسطس 2011 مقالة د. غادة شريف "الرجولة ما بتجيش بسهولة") ناهيك عن البكاء على الأخلاق التي ذهبت بلا رجعة. ولا شيء من هذا يعني أنني ضد تلك العاصفة، وإنما وددت لو رأيت مثلها على الإعلان الجديد، لأشعر أن المرأة ستتبوأ مكانتها المنشودة في مصر بعد الثورة.
دعونا إذاً نلقي نظرة على الإعلان: يتحدث صديقان يبدو أنهما يقطنان معا في نفس العقار على الهاتف، ويقول أحدهما للآخر : إنه ينوي الزواج، فيحذره الثاني من مغبة الأمر ويدلل على صدق قوله بأمثال من الأزواج الذين يقطنون في ذات العمارة، فماذا لو كانت زوجته مثل زوجة فلان الذي يقطن معهم في الدور الفلاني، والتي تخنقه؛ أو زوجة فلان والذي يقطن معهم في الدور الفلاني التي لا توليه أي اهتمام، أو زوجة فلان التي حاصرته بإنجابها عددًا كبيرًا من الأطفال. وينصحه بأن يبقى أعزب وحرًّا مثل فلان والذي يقطن معهم أيضًا في الدور الفلاني. ولا بد أن أشيد أولا بالإخراج الفني للإعلان، والذي استطاع أن يعبر عن الفكرة في كل لقطة من خلال حبل الغسيل وما عليه من ملابس داخلية : فالزوج الذي يفترض أن زوجته تخنقه ملابسه محكمة بالمشابك، والجار الأعزب ملابسه شبابية، وهكذا دوليك.
وربما كان الإخراج الجيد هو ما ألهاني عن مضمون الإعلان، فلم ينفرني منه عند أول مشاهدة. ولكنني كلما تمعنت في معانيه أدركت كم هو مهين للنساء والزوجات. فإلى متى سوف نلقي على الزوجات بالمسوؤلية في الإنجاب؟ أوليست العلاقة الزوجية هي فعل يقوم به طرفان ويتحملان معًا المسؤولية عما يترتب عليها من حمل وإنجاب؟ وإلى متى سنهادن الأقوال المرسلة التي تدعى بأن المرأة تتآمر على الرجل لتجنب منه، وبالتالي لتربطه؟ نعلم جميعًا أن النساء هن من يتحملن تبعات الإنجاب، فهل علينا أن نعدد ما تقوم به النساء من مهام لتربية الأطفال في مقابل ما يقوم به الزوج من أدوار؟ فالزوجة هي التي تطهو، وتطعم، وتجلي الأواني، وتنظف المنزل، وتعتني بالملابس من غسيل، ومكواة، وتراجع مع الأطفال دروسهم، وتقوم بعدد لا يحصى من المهام بشكل يومي وعلى مدار أعوام حتى توفر بيتًا ملائمًا وصحيًا للزوج والأطفال؛ في مقابل ما يقوم به الأب من العمل لتوفير المعيشة للأطفال، ليعود كي يستريح في البيت الذي ترعاه الزوجة، بالإضافة إلى عملها خارج المنزل. فمهمة الزوج تنتهي مع انتهاء يوم العمل، بينما تستمر مهام الزوجة في ’الفترة الثانية’ داخل منزلها.
ومما أثارني في الإعلان أيضاً هو اختزال دور الزوجة في الرعاية، وإطلاق الأحكام عليها من منطلق مدى رعايتها ’المتخيلة’ لزوجها، ونقدها كما في السيناريو المطروح لكونها: إما متسيبة فهي إذاً لا تهتم بزوجها، وإما متشددة فهي بذلك تخنقه، أو أنها المتآمرة الكبرى على حياته بإنجابها العديد من الأطفال. ففي هذا أيضًا تسطيح للعلاقة الزوجية التي هي “مودة ورحمة” وتحميل تبعاتها بالكامل على المرأة. بحيث يقدم شبابنا على الزواج ولديهم فكرة مشوهة مفادها أن دور الزوجة يتمحور حول تلبية احتياجاتهم، وأن تلك الزوجة في المقابل ستكون بلا احتياجات شخصية. وعندما تتبدد أحلامهم الوردية بسبب عجزهم عن التعاطي مع المرأة بكونها إنسانا ذا مشاعر، وأحاسيس، وتطلعات، وأحلام، تنهار الأسرة لأنها لم تبنَ على توقعات واقعية، وإنما على أوهام متخيلة.
ولست أبالغ في تأثير المخرجات الثقافية على وعي شبابنا، فالصور الثقافية تتسرب إلينا من خلال تلك المخرجات (مثل الأفلام، والأغاني، والإعلانات وغيرها) لها أكبر الأثر على تشكيل وعي الشباب عن الأدوار الاجتماعية المرسومة في الثقافة، وبالتالي المتوقع منه. وعلينا عدم التساهل فيما نطرحه من أفكار إن كنا بحق نأمل في بناء مصر الجديدة.



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام الأبوي والدولة الجديدة


المزيد.....




- مصر.. جملة السيسي -قولي لماكرون- ردا على امرأة غزاوية مستمرة ...
- العفو الدولية: قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات جنسية واسعة ...
- لينك التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت في الجزائر والشرو ...
- خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت الجديد 2025 والش ...
- مؤتمر مارس: “الحقوق الاقتصادية للنساء بين منهاج عمل بكين وخط ...
- غادة الشعراني و-الهستيريا-: اتهام ذكوري تاريخي لإسكات النساء ...
- 50 شهيدا بغزة ومجزرة بالشجاعية ضحاياها من النساء والأطفال
- العراق.. مبادرات إدراج الفتيات غير المتزوجات في مشاريع حكومي ...
- لبنان.. مقتل امرأة مسنّة بعد سرقتها
- مجزرة جديدة في حي الشجاعية.. الاحتلال يدمر منازل فوق رؤوس سك ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الإعلان وتكريس المفاهيم التقليدية