راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 20:54
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
هذه مساهمة منا أو هي مشاركة منا في تذكير المرأة العربية بدورها و بمسؤولياتها الوطنية والإنسانية ، في ظل هذا الحراك الذي طال بعض البلدان العربية ، كذلك هو موقف منا حيال مايحصل في ظل عالم متجدد ومتطور ، وهي منا إجابة على جملة الأسئلة التي وردتنا من موقع - الحوار المتمدن - مشكوراً ، إحتفاءً في اليوم العالمي للمرأة .
ومن نافلة القول التأكيد : على إن المرأة العربية لن يكون بمقدورها كسر حاجز الهيمنة الذي تفرضه عليها السلطات التقليدية والتراثية في البلاد العربية ، أعني سلطتي الدين و القبيلة ، المرأة العربية هي محكومة بالوهم الذي أسسه التاريخ الديني وتراث الخلفاء الملوك ، كما إنها محكومة بطريقة الحكم البدائي التي سادت في الوسط العربي سنيين طوال ، وهناك ثمة تقليد حاكم وميثيولوجيا فرضت نفسها عززت لدى الإنسان العربي حسه المريض الذي يختزل المرأة ودورها وحقوقها .
وثمة حقيقة لا يصح نكرانها أو القفز عليها وتجاوزها ألاّ وهي : التركيز الدائم على دور المرأة في خدمة حاجات الرجل الذكورية وخدمة عياله وحضانة أطفاله ، وهذه الحقيقة هي سلوك قام وأنبنى على أخبار وروايات نبوية ، قالوا عنها : إنها حديث النبي محمد وموقف اصحابه والتابعين له ، ونعلم جيداً ماذا تعني هذه الأخبار؟ عند الإنسان العربي البسيط ، نعم هي عنده : التابو أو المقدس الذي لا يجب نكرانه أو رده ، ومن جانب المرأة العربية يعتبر الكلام في حديث النبي جريمة تُعاقب عليها ، فمابالك لو ردت هذه الأخبار أو ناقشت في صدقيتها .
نعم هناك ثمة محاولات قامت بها نساء عربيات شجاعات ، لكن هذه المحاولات جوبهت بالعنف والتنكيل والملاحقة والتهم وشديد العبارات في شرف المرأة واخلاقها ، جاء هذا من قريبين لها ومن أوهام القبيلة ومن أوهام الدين وبعض الناس الطوطمين .
من هنا أقول : لا تبدو الصورة واضحة تجاه الموقف من المرأة في ظل مايسمى إدعاءاً بالربيع العربي ، ذلك الحراك الذي أختزلته تيارات الدين السياسي لمصلحتها ، أقول : ليس لدي الشعور القوي الذي يدفعني للإيمان بان هذا ( الربيع ) قد يُسهم في توعية المرأة وتحفيزها للمطالبة في حقها وحقوقها أو لتكون فيه عنصرا فاعلا ، وهذا الذي أقوله ليس من باب التشاؤوم ولا هو من باب تيئيس الفاعلات والنشيطات ، لكنما هو وصف حال أو إستقراء وضع عام أو قراءة في الخطاب السياسي والإعلامي الذي تصدره قوى الإسلام السياسي الجديدة .
الذين مافتئوا يذكرون في خطابهم وإعلامهم المقروء والمسموع ، إنهم جادون في تطبيق الشريعة أحكاماً وحدوداً ، ولا أظن إن هذا الخطاب يدعونا إلى شيء من التفاؤل أو الإطمئنان به ولما يؤول إليه مستقبل المرأة العربية في ظله ومن خلاله ، ربما قد نسمع بين الفينة والأخرى من يحاول التزييف والخداع والترتيق فيما هو بينّ ، نسمع هذا ونشاهده في بعض الإشارات والتلميحات الإعلامية الغير فاعلة والغير مؤثرة والغير منتجة ، وأقولها بمرارة : لقد سمعت حديثاً لإمرأة سلفية من الجيل الجديد في مصر وهي برلمانية بالمناسبة ، قالت وبالحرف : إنها لن تنافس الرجل على السلطة والحكم ، إنما ستعاونه في إدارة شؤون الأسرة والتربية وتعليم الصغار ، هكذا قالت هذه البرلمانية العتيدة ، قالت : هي لا تصلح لذلك ولاتطمح بذلك لأن هذا المقام عندها حصرياً يكون للرجال !!! ، هذا الكلام يعزز نظرتي حول الطبيعة الدوغمائية لما يمكن أن ينتجه أو يؤوسسه ما يسمى - بالربيع العربي - من ديمقراطية ورقية مرتبة على الكيفية التي ترغب بها الطوائف والملل والمذاهب وتريد .
ولهذا أقول : إن تغييراً ملموساً وواضحاً في طبيعة المنظومة الإجتماعية والثقافية العربية لن يكون ممكناً في المدى المنظور ، مع هيمنة صريحة وواضحة لسلطة الذكر في شؤونات الحياة كافة ، سلطة في الأمر وسلطة في النهي سلطة في التشريع وسلطة في السلوك - أعني حسب مقاساته وفهمه وشروطه - ، هذه السلطة قامت وتأسست على مفاهيم ماورائية عتيقة وبالية ، هذه السلطة هي التي أسهمت بشكل مباشر وسلبي في تشكيل العقل العربي والإعتقاد العربي .
ولقد قلت ذات مرة : إن هذا العقل العربي المريض جعل من الشخصية العربية ضعيفة ومهزوزة وغير فاعلة وميالة إلى الكسل والتواكل ، العقل العربي يعتقد بوعي أو بلاوعي بأن : ( المرأة ناقصة عقل وناقصة حظ وناقصة إيمان !!! ) ، وفي ظل هذا سادت وأزدهرت كل المقولات الخرافية والإسطورية والتسطيح ، ولهذا يناكف ويُمانع ويعترض على كل رأي أو فكر يدعوا إلى تحرير المرأة وإعادة الحق لها في الحياة وفي المشاركة .
إن الإنسان العربي يؤمن بنقصان - المرأة في حظها وحظوظها وإيمانها - ، وذلك عنده إيمان راسخ ، والتبرير فيه إنما يأتي من أجل تعزيزه وقبوله لمن يناكف أو يمتنع أو يرفض ، إذن فالقابلية العربية على تغيير سلطة الذكر تكاد تكون ممتنعة أو معدومة ، ولأن ذلك كذلك : - فإمكانية حصول تغيير في العقل العربي يعطي للمرأة حقوقها الطبيعية هي إمكانية ممتنعة ومعدومة كذلك ، ولأن الكلام هنا في الجوهر لذلك نقول : إن صراخ زيدا أو نهيق بكر في وسائل الإعلام وأكرر في وسائل الإعلام ، إنما هو صراخ ونعيق من أجل إيصال ذلك إلى المدافعين عن المرأة وحقوقها في العالم المتمدن ، وليس ذلك نابع من حرص و خوف ودفاع عن المرأة وحقوقها ، وليس مايعزز هذا عندي ، من قوى التغيير الجديد ومن الأحزاب الإسلامية التي أستولت على الحكم .
إذن هي رسالة لا تتعدى هذا المضمون وقد سبقتهم إلى ذلك إيران ، ولكنها تطبق على المرأة ماتقول إنه حكم الشريعة وحدودها ، - في المواريث وفي الأحوال الشخصية وفي الشهادة وفي العلاقات الجنسية وفي تمام الحريات العامة - ، وعندي إيران من حيث الوعي هي أكثر وعياً و تطوراً في مجال الفهم الديني وأقل حدة في الراديكالية والمحافظة وذلك يعود لطبيعة البيئة والتركيب الثقافي للمجتمع الإيراني ، إذا كان هذا حال المرأة في إيران ، فمابالك إذن بمن يقولون إنهم سلفيون ويمنعون الإجتهاد ويحاربون إعمال العقل وما ينتج عنه .
الحراك الشعبي كما ورد في بعض الأسئلة : لم يستطع التخلص من الأرث الماضوي للعقلية التراثية والقبلية ، كما ولم يشكل لنا ثورة كما نفهمها ونفهم معناها ، سواء في ثوبها الفرنسي أو لباسها اللينيني ، العرب تحركوا في أكثر البلدان تحركاً عاطفياً أو هم مدفوعين أو مستلهمين من الآخر تجربته أو غيرة منه ، لكنهم في كل ذلك لم يغيروا سوى وجه الحاكم في بعض البلاد ، وظل نمط الحكم وسلوكه السياسي كما هو من غير تغيير .
ومن هنا أقول : إن الحراك العربي كان حراكاً تعوزه الذهنية الصحيحة والوعي الصحيح والثقافة الصحيحة ، ولذلك تآه هذا الحراك في وسط الطريق ولم يغيير في سلوك المجتمع وثقافة الناس ، وأرجوا التنبيه : لا يهم كثرة الشعارات عن الديمقراطية والخطابات عن الحرية ، فالناس كما يقولون - تريد أفعالاً وليس أقوالاً - ، وأما هذه الشعارات وتلك الخطب فلقد ملها الناس وسئموا منها ، لأن الذي حصل من وراءها كارثي وغير أخلاقي وسبب لنا جميعاً خيبات أمل وترجي .
إنني أومن بان المرأة العربية إن أرادت أن تكون فاعلة وموجودة فعليها ، أولاً : أن تقوم بنضال مستديم وطويل ومحدد وشجاع وغير متخف ، وأن تمارس دورها في تنشيط الذهنية والثقافة العامة ، وأدعوها للإستفادة القصوى من وسائل الإتصال الحديثة ، من الإنترنيت ومن مواقع الإتصال الإجتماعي ، وعليها أن تبث قضاياها وماتؤمن به من غير خوف أو تردد ، كما إن عليها واجب أخلاقي أن تثور على الواقع وعلى الثقافة القديمة ، وأن تؤمن بالحرية ولا تنتظر أن تهب لها من قبل الذكور ، عليها إذن ان تثور وان تكون جرئية وان تستفيد من الطبيعة الجديدة التي تتبناها هيئة الأمم في مجال الدفاع عن الحريات وعن الحقوق ، المرأة وحدها هي من تستطيع ان تأخذ زمام المبادرة ولا تستسلم لخطاب الدين التراثي ورجال الدين المتخلفين .
إن على المرأة العربية أن لا تؤمن بما يقوله الرجل العربي ، فهو ذاك القديم الجديد ، لم يتطور ولم يتحرر من عُقد الماضي وحاكمية التراث ، قليل ماهم من العرب أستطاعوا التحرر ، وقليل من هم الذين آمنوا بحق المرأة في الحرية والكرامة على حد متساو مع الرجال ، قليل ماهم الذين يشاركون الناس في العالم الحر دعوته ونداءه لتحرر المرأة وحريتها ، ثمة خلل وثمة وهم وثمة ميثولوجيا وخرافة حاكمة ، وثمة سياسة وسياسيون أعداء للمرأة ، وثمة رجال دين يعرفون ويزيفون ، وثمة قصص وحكايا تربينا عليها ،
ولازلنا نغزلها ونلفها ونلوكها ، ثمة أشياء وأشياء وأشياء ....
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟