أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الاستبداد والعنف وانعكاسه على المجتمع















المزيد.....


الاستبداد والعنف وانعكاسه على المجتمع


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1077 - 2005 / 1 / 13 - 11:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الدافع الأساس لاستخدام العنف والاستبداد ضد المجتمع من قبل السلطات الحاكمة، يعود إلى هواجس السلطة بأنها غير شرعية ولاتتمتع بالتأييد اللازم لها. لذا تلجأ إلى استخدام العنف المفرط، بغرض إخضاع القسم الأعظم من السكان لسلطتها، وكلما زاد الرفض الاجتماعي لها ضاعفت من وتيرة عنفها واستبدادها ضد المجتمع.
هذا الأمر يؤدي بالنتيجة إلى تحول السلطة وأجهزتها القمعية إلى مافيات كبيرة ليس لها علاقة بماهية السلطة والدولة، وأنما تمتهن أعراف عصابات المافيات في إدارة شؤون الدولة. وبالمقابل يتحول المجتمع إلى أفراد مسلوبي الإرادة والفعل تقودهم عصابات السلطة كالقطيع إلى حيث تشاء ودون اعتراض أو مناقشة!.
وحينها يتولد لدى الفرد في المجتمع الإحساس بالخطر الدائم الذي يتهدد حياته، ويجعله متحفزاً للأخطار ودائم الشك بمحيطه وعلاقاته مع أفراد المجتمع. وتدفعه هواجسه في الشك والريبة نحو إيقاع الأذى بالآخرين، كنوع من الدفاع عن النفس المهددة في كل حين في مجتمع الغابة المليئة بالوحوش المتحينة الفرصة للانقضاض على ضحيتها وفرض هيمنتها على الآخرين.
يعتقد ((مصطفى حجازي))" بأن عالم الإنسان المقهور هو أشبه ما يكون بغابة ذئاب، عليه أن يعبئ نفسه ويظل يقظاً طوال الوقت لمجابهة أخطارها. وعندما يحس كل مواطن إحساساً من هذا القبيل، فأن علاقات التعاطف تنهار لامحال لتحل محلها علاقات اضطهادية".
تنهار منظومة القيم في المجتمعات القهرية، ويلجأ الإنسان الضعيف فيها إلى أساليب خادعة للذات ومنافية للقيم المنهارة للدفاع عن ذاته المسلوبة قسراً أو المعرضة للانتهاك والتجاوز. ومن تلك الأساليب التماهي بالسلطة المستبدة، وممارسة العنف والاضطهاد لأقرانه من البشر الضعفاء، مستمداً نفوذه الجديد في السطوة والاضطهاد من المستبد ذاته وساعياً لتقديمه فروض الطاعة العمياء والخضوع الذليل والعمل كأداة عنف واستبداد قادرة على إخضاع الآخرين في محيطه لسلطة الاستبداد.
هذا النموذج من الإنسان المقهور غالباً ما يكون من حثالات ورعاع المجتمع، لاتردعه منظمومة القيم الاجتماعية والدينية والأخلاقية التي أضعفتها السلطة. وهو في الأساس يعاني من الضعف في ذاته الهشة والحاقدة على الأنماط الاجتماعية السائدة.
ويصف ((مصطفى حجازي)) سلوك هذا النموذج من الإنسان المقهور قائلاً:" يتحول الإنسان المقهور من ضحية إلى معتدِ على أمثاله الأضعف قدرة والأقل خطورة. وهذا التحول يجعله أداة بطش بيد المتسلط نتيجة معاناته من حالة وهًّم القيمة والاعتبار الذاتيتين، مما يدفعه إلى (الاستزلام) لدى المتسلط وهذا هو التماهي بعدوان المتسلط".
أساليب القهر والاستبداد التي تمارس ضد المجتمعات، لاتنتهي آثارها بزوال مسبباتها (سلطة الاستبداد) وأنما تظهر نتائجها الكارثية والمدمرة على المجتمع حال انهيار سلطة الاستبداد، حيث يتماهى المجتمع بسلطة الاستبداد المنهارة, ويعبر عنها من خلال استخدام العنف والتسلط كنتيجة عن آثارها السلبية الكامنة في وجدانه منذ أمد طويل.
هذا المسعى الجديد للمجتمع المقهور، يعد تنفيساً عن حالة القهر الكامن في ذاته. ويكون أكثر بروزاً حينما تكون السلطة الجديدة تعاني من الضعف في أجهزتها القمعية للحد من تعدد السلطات في المجتمع.
إن انهيار سلطة الاستبداد وتفكك أجهزتها القمعية (وضعف أداء السلطة الجديدة) يؤدي إلى خلق حالة من تعدد السلطات داخل المجتمع، تقودها عناصر من أجهزة القمع للسلطة السابقة بغرض استعادة امتيازاتها وفرض سطوتها من جديد على المجتمع.
وبالمقابل تتحين بعض عناصر المجتمع المقهور الفرصة، لتشكيل سلطتان: الأولى سلطة داخل المجتمع تفرض نفسها بقوة السلاح والعنف لابتزاز بعض فئات المجتمع، وتحقيق المصالح الخاصة وتعويض سنوات الحرمان والجوع من أجل انتقالها من مستوى القاع إلى مستوى القمة في المجتمع. والثانية، سلطة داخل السلطة الجديدة تسعى لاستغلال مراكزها في الدولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من عمليات السلب والنهب لما تبقى من أموال الدولة كتعويض لها عن سنوات الحيف والحرمان، وكمكافأة لها عن سنوات (النضال) ضد السلطة السابقة. بالإضافة إلى سعيها لإيجاد مركز اجتماعي لها من خلال نفوذها داخل السلطة الجديدة، ومن خلال الثروة المنهوبة من الدولة باعتبارهما سلطتين متوازيتين.
هذا المشهد من الخراب الذي يطال المجتمع، يضعف السلطة الجديدة وينذر بتفكك روابط وأواصر المجتمع ما لم تفرض السلطة الجديدة هيبيتها من خلال احتكارها لأجهزة القمع وإنهاء تعدد السلطات في المجتمع.
ويعتقد ((مصطفى حجازي))" أن الإنسان المقهور الذي اتيحت له فرصة التزود ببعض أسباب القوة، وفي ظل غياب السلطة. يعتقد أن له حق التعويض عَّما أصابه من حيف مزمن، فهو يحقق ذاته من خلال الملكية المادية كمثل أعلى للقيمة الذاتية. وهو يتشفى من خلال استباحة من يمثلون الخطورة في نظره، وهو يتبع في كل ذلك نموذج من قاموا على أمره في اغتنام الفرص التي يتيحها المركز أو الظرف. من هنا نلمس إلى أي مدى تتهدد قيمة الإنسان في المجتمع المتخلف".
لقد أثبتت نتائج التجارب للمجتمعات القهرية بعد انهيار سلطة الاستبداد، تصدر المشهد العام للسلطة الجديدة أعداد كبيرة من حثالات ورعاع المجتمع، تسعى لتحقيق ذاتها وتعويض نفسها عن سنوات الحرمان والقهر من خلال استباحة أموال الدولة الجديدة وفرض سطوتها على المجتمع بأساليب لاتقل همجية وعنف واستبداد من سلطة الاستبداد المنهارة.
ويستمر هذا المشهد من الخراب لسنوات عديدة، ريثما تستعيد السلطة الجديدة سطوتها وتؤسس لدولة القانون، حينها سيبدأ العد التنازلي لإزاحة الحثالات والرعاع عن مراكزهم في السلطة الجديدة. فتتوحد مراكز القرار وتزول ظاهرة تعدد السلطات مع الزمن لصالح الدولة الحديثة.
حينئذ يقتصر الخيار أمام الحثالات والرعاع، إما الاندماج في النظام الجديد وإتباع الأنماط الاجتماعية في التنافس الحر والنزيه، وإما انقلابهم على السلطة الجديدة وبالتالي يترجح أن يكون مكانهم السجن لتجاوزهم على القانون وخروجهم عن أعراف المجتمع.
وبغياب مشهد الخراب وعناصره (من عناصر أجهزة القمع لسلطة الاستبداد المنهارة وحثالات ورعاع المجتمع) تبرز نخبة المجتمع الحقيقية المكونة من العلماء والخبراء والباحثين والتكنوقراط والسياسيين الأكفاء لإدارة الدولة الجديدة، لتعويض المجتمع عن سنوات الحرمان والحيف الذي طاله. وتبدأ مرحلة جديدة من البناء والتنمية والتقدم نحو المستقبل بخطوات مدروسة، وبدولة حديثة تستند للقانون والدستور في أداء عملها وتسعى لرفاهية الإنسان.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ
- العسكرة والأدلجة في الثقافة والإبداع
- نتائج العنف والاستبداد على الشعوب المقهورة
- الحثالات والرعاع في المجتمع المادة الخام للإرهاب
- موقف الفلسفة من الشعر والشعراء
- سلطة الطغاة والشعوب المضطهدة
- السياسيون وراء قضبان العدالة
- أنماط الوعي والإدراك في الصراع الاجتماعي
- إعدام شيخ الفلاسفة بكأس القانون وسَّم السياسة
- مفهوم الثقافة والمثقف
- الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي
- العلاقة بين السياسة والاقتصاد في النظم الشمولية والليبرالية
- ظاهرة النزاع والعنف في المجتمع


المزيد.....




- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الاستبداد والعنف وانعكاسه على المجتمع