|
مفهوم التنزيل الإلهي والعبور من الإسلام إلى المسيحية
إبراهيم عرفات
الحوار المتمدن-العدد: 3651 - 2012 / 2 / 27 - 23:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
صديقي عبد الله شاب مسلم نابغ (حاليا هو ترك الإسلام) ودفعه الفضول ذات يوم ليعرف ما في داخل صندوق المجوهرات لدى جدته. فتح الصندوق فوجد إنجيل قديم كانت "تيتة" تخفيه. فتحه فجأة فوقعت الصفحة على آيات من المزمور: "صعد دخان من أنفه ونار من فمه أكلت. جمر اشتعلت منه. طأطأ السماوات ونزل وضباب تحت رجليه" (مزمور 18: 8، 9). تساءل في نفسه: أين هذا الإله الذي يهرول لنجدتي في الكتاب المقدس ويأتي لي "فوريرة" في لمح البصر وكأنه خدام بيشتغل عندي من هذا الإله الإسلامي المتكبر المنعزل في سمائه والذي يكتفي بإصدار الأوامر والنواهي والترغيب والترهيب؟ عمومًا، الله في الإسلام هو "المتكبر" ورويّ عنه في الحديث القدسي قوله: الكبرياء ردائي، وهذا يدفعني للاستغراب إذ كيف يستبيح لنفسه ما هو مذموم من الأخلاق كالكبرياء ثم ينهانا عنها! تصور أنك تنجب طفلاً وتسميه "عبد المتكبر" وماذا يكون شأنه في المجتمع الحضاري اليوم!
يؤمن المسلم أن القرآن نزل منجمًا في ثلاثة وعشرين عاما، والمسيحي لا يوجد في أدبيات لاهوته المسيحي عبارة "نزل" إذ هو لا يقول إن الإنجيل نزل مثلاً بل الإنجيل قد أوحى به الله فألهم متى ومرقس ولوقا ويوحنا بروحه ليدونوا رسالة الله بأمانة وحفظهم في ما يخبرون لدرجة العصمة فكانت العصمة عصمةً في الرسالة وأما المفردات والتراكيب والمشاعر ومقومات الشخصية وجميع سائر هذه المقومات الإنسانية فالله يحترم وجودها ولا يلغيها أو يتخطاها عند كاتب الوحي بل يتركها كما هي لتؤدي دورها في نقل رسالته الإلهية. إذا، الإنجيل ليس إملاء وإنما هو ووحي وإلهام، ومتى ومرقس ولوقا لا يتم الإملاء عليهم فيكتبون بشكل آلي سلبي ما يُملى عليهم (كما لو كانوا أطفال في حضانة) كما هو حال التنزيل القرآني. يستهل الوحي الإلهي كما دوّنه البشير لوقا إنجيله على هذا النحو كمثال:
لأن كثيرا من النـاس أخذوا يدونون رواية الأحداث التي جرت بيننا، كما نقلها إلينا الذين كانوا من البدء شهود عيان وخداما للكلمة، رأيت أنا أيضا، بعدما تتبعت كل شيء من أصوله بتدقيق، أن أكتبها إليك، يا صاحب العزة ثاوفيلس، حسب ترتيبها الصحيح، حتى تعرف صحة التعليم الذي تلقيته (بشارة لوقا الفصل الأول والآيات من 1- 4).
فإذا كنا لا نتفق على أول الأساسيات في الإسلام والمسيحية وهي كيفية الوحي الإلهي فكيف ندّعي أننا نتحاور على أرضية مشتركة؟ المسلم يقول بـ "نزول" كتاب الله والمسيحي لا يقرّ مفهوم "التنزيل" في كتاب الله بصورته الإسلامية. إذن، ما بين المسيحية والإسلام ليس حوارًا، وإنْ ظننا أنه "حوار" فهو على الأكثر "حوار الطرشان" لأن الطرفين يتكلمان لغتين مختلفتين ويريدان برغم ذلك التفاهم فورًا. الأمر يشبه نظامين مختلفين في أجهزة الكمبيوتر هذا وندوز والآخر ماك ونزعم برغم اختلافهما الشاسع أن الإثنين متشابهان في حين كل منهما يعمل بكيفية مختلفة تمامًا عن الآخر. هذا هو المسلم ويتكلم بلغة "التنزيل" إذ يؤمن أن قرآنه قد "نزل" من عند الله والمسيحي لا يوجد في قاموسه "ذهنية التنزيل" الإسلامية لأن الإنجيل لم "ينزل" من عند الله وإنما جاء بـ "إلهام" ووحي الروح القدس. هذا يُفضي بنا إلى حقيقة لا مفر منها وهي أنه ما بين المسيحية والإسلام ليس حوار وإنما هو "لقاء" أي rencontre (بالفرنسية) و encounter (بالانكليزية) فيه يُعلن المسيحي خبر الله السار (الإنجيل) وبهذا فهو "يُبشر" أي يروي بُشرى الله للمسلم ويفرحه، وأيضا "يدعو" المسلم المسيحي للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ومن ثم فهو يقوم بواجب "الدعوة"، ويتقاضى عليه "الأجر والثواب" من إلهه، والحسنة بعشر أمثالها، (والحسّابة بتحسب!).
يؤمن المسلم أن القرآن كتاب سماوي، وهذا وذاك كتب سماوية، فماذا عن مفهوم الكتب السماوية؟ وهل هو عندنا في المسيحية؟ وهل الإنجيل كتاب من كتب الله السماوية التي قد أنزلها الله في وقت من الأوقات؟ الإنجيل ليس مجرد كتاب (كتاب سماويّ) ولكنه بُشرى إلهية للإذاعة بأن الله يمد يده للبشرية كي يمنحهم المصالحة. الإنجيل يُقرأ ككل وعندما نقرأه فإننا نبحث فيه عن يسوع المسيح محور الإنجيل لا أن نأخذ صورة معينة في الإنجيل ونقف عندها. أيضًا، لا نتعاطى مع الإنجيل بذهنية "الدليل والبرهان" وما هكذا تُقرأ النصوص المقدسة. عندما تقرأ النص الإلهي فأنت تبحث عن صوت الله يكلمك في قلبك. لست بصدد الدخول في ما يعتبره بنو العرب على أنه "مناظرات" وما هي من "فن المناظرة" في شيء بالمرة لأن الأديان ليست للمناظرة أو المقارعة أو المحاججة! كلا وإلا فإنها تخرج عن طورها وهدفها الرئيسي وهو عبادة الله والوله به والهيام بشخصه. الأمر صادر لنا دومًا بأن "نتذوق" الرب لا أن نتجادل حوله وكأنه فكرة قابلة للإثبات والدحض. إذن، المطلوب مني كمسيحي هو أن أعلن المسيح وأن أظهره؛ أن يظهر جلال المسيح من خلالي وبرغم ضعفي للعالم ويشع بنوره للخليقة بأسرها. وحدها شخصية المسيح تكون المحور في كلامنا هنا، والمطلوب منك كمسيحي أن تقود أنت النقاش وتعود بمحاورك المسلم لا إلى الجدل ولكن للكلام عن المسيح في كل ما قال وعجائبه التي صنع.
من جهة أخرى، فإن الذهنية التنزيلية الإسلامية قد خلقت ناس يتحركون كالروبوتات بشكل آلي. انظر يا أخي إلى مليار من البشر يتحركون كالروبوتات مسلوبي العقل والإرادة وتحركهم ذهنية القدر. أنت مسلم إذا أنت عبد! وإلهك الذي تعبد إنما هو إله العبيد ومن ثم فتابعيه يفكرون بذهنية العبيد، توابع، أذيال، لا أبناء. الله لا يريدك عبد بل يريد أن يجعل منك ابن له بالتبني الروحي فتناديه بثقة واطمئنان: يا أبا الآب. أما الإسلام، دين العبودية لله، فقد أكسبكم روح العبودية للخوف ولذا فدينكم مؤسس على الترغيب والترهيب: إما الجنة بشبقها والذكور التي تنتعظ أو النار وعذاب السعير وقصص الرعب التي شحنوا بها خيالكم السادي المازوخي منذ الطفولة. في كل هذا تشويه لنفسية إنسان بريئة وما بعده من تشويه، فاشف نفوسنا يا إلهي. وماذا عن ذهنية القدر السائدة على التفكير العربي؟ هذه أقول لها: لا للقدر. بل قل: لا للقدر وتلك الذهنية الانقيادية العمياء لأنك من الآن فصاعدًا سوف تصنع واقعك بنفسك، وإذا الشعب يوم أراد الحياة فلابد أن يستجيب له القدر، إذا كان هناك قدر من أساسه! ارفض هذه الذهنية والتي تشلُّ ما بداخلك من قدرات إبداعية. الله يريدك إنسانًا مبدعًا يقول "لا" متى استطاع أن يقول لا في وجه من قالوا "نعم". كن صاحب فكر حر. كن إنسان. عش إنسانيتك وتمتع بها ولا تخجل منها. الحاضر لك. الحياة لك ولا يستحقها من يستخف بها أو يجعلها لا تساوي جناح بعوضة. الإسلام يقول إن الدنيا عند الله لا تساوي جناح بعوضة بينما هي عند الله تساوي الكثير وليست تافهة لأنه هو الذي صنعها للتمتع ولنا نحن. لا شك أن القدر يتخبط بمن يستسلمون لمقاديره العشوائية الرعناء (كما هو الحال في الوثنية اليونانية والإسلامية معًا)، وهنا الإنسان مغلوب على أمره، وأما أنت يا أبويا السماوي فهناك تدبير في عنايتك ولا تكتب عليّ شيء لمجرد أنك تريد أن تكتبه علي بل لأنك محبة فهناك تخطيط وتدبير ورعاية أبوية من جانبك وهي تسبق كل شيء حتى إنك تهتم بأصغر شعرة في رأسي، ولأني ابنك فأنا أؤمن أنك تريد لي الخير الأفضل على الإطلاق دائمًا.
هناك اختلاف جوهري. نظرتي للنصوص تختلف تماما عن نظرتك أنت للنصوص. أنت كمسلم تنظر للنصوص نظرة "إملائية" وأما أنا فلا. أنا أؤمن كمسيحي بـ "الوحي الإلهي" وهذا ليس فيه إملاء أو "تنزيل" كما هو الحال عندك كمسلم. لذلك، نحن نقيس مفهوم "كلام الله" بشكل مختلف عن بعضنا البعض بنسبة مائة في المائة. نعم أؤمن أن الكتاب المقدس كله كتاب الله. لكن مفهومي لكتاب الله يختلف عن مفهومك لكتاب الله بنسبة مائة في المائة كاختلاف جهاز الحاسوب الماك عن جهاز الحاسوب الوندوز.
أثناء فترة تأدية الخدمة العسكرية كـ "معلم لغة" بالثانوية الحربية بالاسماعيلية (سنة 1990) أخبرني أصحابي الأقباط ، قرة عيني، عن جرجس والذي سمع بي ومنذ فترة وهو يحاول أن يتعرف بي ولكن الخجل منعه. ذهبت بنفسي إلى جرجس وسألته عن رأيه في المسيح والإنجيل وكل هذه الأمور.. قال لي إنه يملّ من الإنجيل لأنه كلما فتحه من بدايته ليقرأه بشكل منتظم فكان أول ما يجده هو سلسلة نسب المسيح فلان ولد فلان وفلان ابن فلان. قلت له: اعبر على هذا الفصل من الإنجيل ولا عليك منه وانقل على ما بعده. لا تتعطل ويعوق حركتك شيء بل امضي في السير وادخل في الإنجيل يا جرجس وصلّ بالإنجيل. واليوم (في سنة 2012) فتحت نسخة أنيقة من الإنجيل بترجمة الأب يوحنا قمير ووجدت نفسي أمام "نسب المسيح". تبسمت وتذكرت جرجس، وتساءلت: هل يا ترى سأعبر على هذه السلسلة الطويلة المملة أم أني سأجد فيها إلهام روحي لي اليوم؟ إنه نسب المسيح ابن داود ابن إبراهيم. إبراهيم ولد إسحق واسحق ولد يعقوب. وجدت نفسي أصلي: أشكرك يا رب لأنك "إله العائلة" وهي عائلة أبينا إبراهيم وكم أنا شاكر لربنا أن أكون أنا ضمن هذه العائلة كذلك وأنتمي لها وأنا أضع يدي بيد إله يقطع العهد من جيل لجيل أي عائلة بني إسرائيل إذ لولاهم لما عرفت من هو المسيح ولا عرفت ما هي الكتب المقدسة. شكرًا لك يا رب على عطية بني إسرائيل الذين اصطفيتهم وأنعمت بنعمتك عليهم. شكرًا لك يا رب على عطية المسيح. شكرًا لك يا رب لأنه في نسب المسيح 4 نساء أجنبيات هنّ تامار الكنعانية وراحاب من أريحا وراعوت الموآبية وبتشابع الحثّية. نعم، بعضهن خاطئات ومع ذلك أردت لهن أن يكنّ أمهات في شعبك المختار. أمي راحاب وأمي راعوت وأمي بتشابع! رسالتك يا سيدي المسيح غير محصورة بالشعب اليهودي ورسالتك غير مقتصرة عليه ولكن منهم بدأ الخلاص وبهم بدأ الإعلان. شكرًا لك لأنك تحبنا ونحن خطاة ونحن زناة ونحن أشرار ولا تتشارط علينا في محبتك أبدًا.
مما هو جدير بالذكر، يشرح الأب سارافيم البراموسي، أن النسب الإلهي كان وسيلة كرازيّة بالكلمة لليهود، فلن يؤمنوا بمسيا لا يأمنوا لنسبه، ولكن على المستوى الإيماني فالنسب بالفعل يحمل مفهوم العائلة الإنسانيّة التي نبت منها ثمر الخلاص. تلك العائلة تقول شيء واحد أساسي: الكل في المسيح، لا أحد خارج المسيح، إن قبل أن يكون من أهل بيت الله، ويحفظ وصيته يكون أخ وأب وأم = عائلة . وفي مجتمع كان شرقي متحفظ، المرأة لها مكانة فيه، في مجتمع يهودي متشدد، الأمم لهم مكان فيه، في مجتمع عبراني متدين، الخطاة لهم مكان فيه. الكل في المسيح ...
هنا يعترض المسلم اعتراضًا له الحق فيه: إنتوا يا نصارى! ليه ما بتآمنوش بسيدنا محمد على أنه نبي؟ احنا بنآمن بكل أنبياء ربنا وأنتوا كفار.. أيوة كفار عشان كافرين بسيدنا محمد.. مش مفروض تكونوا زينا مؤمنين بكل أنبياء ربنا؟ أما صحيح أنكم كفار.. وبتاكلوا مرتديلا كمان! جوابي: المسلم والمسيحي يقولان لفظة وهي "النبي" ولكن مدلولها في المسيحية يختلف تماما عن مدلولها في الإسلام. بالنسبة لنا كنصارى، النبي "يعلن" وينبيء بـ رسالة الله. رسالة الله لا تصل النبي في الكتاب المقدس من قبيل الإملاء كما هو الحال في الإسلام. في الإسلام، الرسالة تتنزل على النبي ومن ثم تقولون على قرآنكم أنه "تنزيل" ولكن الله عندنا لا "ينزل" وحيه على النبي وما هكذا يتخاطب الله مع النبي في الكتاب المقدس لأن النبي في الكتاب المقدس قد يصيغ رسالة الله بمفرداته البشرية وفي ذلك تظهر شخصية النبي ومفرداته وثقافته ومجتمعه وكل هذه العناصر التي تصنع شخصية أي بني آدم. الله لا يلغي شخصية النبي عند تبليغه الوحي الإلهي بل يستخدم شخصيته بكل مقوماتها من ألفاظ وعواطف وتعبيرات وانفعالات إلخ. الوحي في المسيحية ديناميكي وليس ستاتيكي تنزيلي جامد. عندنا في المسيحية ليس شرطًا أن يأتي النبي ومعه "كتاب" منزل كما تؤمنون في الإسلام. مثلا عندنا مريم أخت موسى كانت نبية ومع ذلك لم تأت وبيدها كتاب "سماوي" بل هي تواجه الفرعون برسالة الله وتبلغه وتعلن له مقاصد الله بكل جرأة. هنا كلام النبي أو النبية فيه مرونة وليس "عفريت" يركب النبي ويتقمصه ويلغي شخصيته. جبريل تقمص محمد فاتنفض محمد وتشنج وصار يرغي كالجمل وقال على كل هذه الحالات النفسية إنها "الوحي" وكان وحيه إملاء بشكل ميكانيكي كأنه مسخوط وشخصيته قد ألغيت بما أنه قد تملكه جبريل، بحسب الزعم.
كثيرًا ما تسبب لغة الإنجيل حيرة للمسلم أمام كل هذه الصور والرموز التشبيهية. مثلاً، الإنجيل يقول لي إن المسيح أسد ولكن ماذا يعني هذا؟ وماذا قال أباء الكنيسة حول هذه الأية؟ المسيح أسد يزأر عندما يرى خطيئتي. شر الإنسان يجعل الله شخصيا يزأر. ولكن هل الله يزأر فقط؟ وماذا عن ضيق الله؟ وماذا عن تضايق الله وكل هذه الانفعالات الإنسانية؟ الكتاب المقدس يقول أيضا "في كل ضيقهم تضايق". كما ترى، كل هذه صور تشبيهية تصف لنا لسان حال الله وشعوره تجاه تعدياتنا نحن الجنس البشري على ناموسه الأدبي. وعندما يقول لي الإنجيل "اخشعوا؛ ارتعدوا" فهناك فرق بين أني أخشع من نفسي وأن أرتعد من نفسي وأستحي وبين أن يكون الله ماسك لي بالسوط. نعم، أنا كمسيحي أؤمن أن الله لا يخيفني في شيء لأنه وكما قال الإنجيل لا خوف في المحبة، ولكني متى مثلت أمامه ووقفت في حضرته ورأيت ضعفي وفسادي فبالتأكيد أخشع وبالتأكيد أرتعب ومن تلقاء نفسي. يبقى السؤال: هل الله أرعبني؟ قطعا لا. ولكنه شعوري الشخصي وحرصي على أن أكون مثل نبي الله يوسف والذي قال عندما تعرّض للغواية: كيف أصنع هذا الشر العظيم إلى الله وأخطيء؟! وأيضا إيليا النبي قال: الله الذي أنا واقف أمامه. نحن نقف أمام الله ونشعر بمهابته فتأخذنة الرهبة وتأخذنا الرعدة ويأخذنا الخشوع من دون أن يرهبنا الله أو يرعبنا بالمرة ولكن الله في كل هذا لم يتغير من حقيقة كونه أبونا السماوي. إنه الحياء ولسوف يدفعني هذا الحياء من نفسي أمام الله إلى الخشوع ولكن وأنا خاشع ومرتعد أسمع الله من بعيد يعاتبني ويقول لي: إخس عليك يا إبراهيم. فيه حد يخاف من أبوه؟ دا أبوك! الذي وهبك المسيح فكيف لا يهبك معه كل شيء.. دا إنت ابنه؟ فيه حد يخاف من أبوه! فأرتمي في أحضانه لأن خالقي ورب الأرباب وملك الملوك هو أيضا أبي الذي يعانقني ولا حاجز بيننا.
إذن، أنا الآن كمسيحي ومن خلفية إسلامية، كيف أقرأ نصوص الإنجيل المقدسة؟ أجيبك بأني أقرأها بنور يقذفه الله في قلبي كما قال الإمام الغزالي وابن عربي وغيرهم. أقرأها طالبا أن يهتدي قلبي لوجهه تعالى فتتوافق مشيئتي أنا العبد الضعيف معه مالك الأكوان الرحمن الرحيم.
الله في الإسلام في سمائه السابعة منعزل متعالي متجبر متكبر جالس على الكرسي وينزل المطر، بينما في واقع الأمر الألوهة لا تنعزل عن البشر ولا تتعاطى معهم تعاطيا علويًا من فوق ولكن الله يساكن البشر بروحه وهذا يأتي على درجات والمسيح هو أعلاها درجة. الكتاب المقدس ليس مثل كتالوج نضغط فيه على زر فيأتينا الجواب الفوري إذ يأتي كل شيء فيه بنصه وحرفه ولكن هناك "سر المسيح" والذي يتكشف للتلاميذ بالتدريج وهم يعاينوه لحظة بلحظة إلى أن يدخلوا هم بأنفسهم في سره. معظم أقوال المسيح عن نفسه وعن أفعاله توحي بالألوهة وسلوكياته أقرب للألوهة منها للمستوى البشري الطبيعي، وهذا بنوعٍ ما معنى اعتقادنا بألوهية المسيح له كل المجد. المسيح مثلا قال: "أنا هو القيامة". هل يقدر داود أو أي نبي أن يدعي مثل هذا الادعاء؟ المسيح يحاور خصومه من اليهود ويقول عبارة يريدون أن يرجموه عليها ولا يتركوه حتى يثأروا منه على قولها وقول عشرات مثلها عندما قال: "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن". كلام غير مقنع على المستوى البشري العادي ولكن لو أخذناه على محمل صفة المسيح باعتباره "كلمة الله" لوجدنا أن فيه الكثير من المعقولية. ولعلك إلى الآن غير قادر على قبول الإيمان بلاهوت المسيح مثلما أؤمن به أنا الآن. يا أخي العزيز، القضية الكبري ليست أن تؤمن بألوهية المسيح أو عدمها ولا ينبغي أن تدع هذا يعرقلك بل القضية الكبرى هي أن نعيش في صحبة المسيح مثلما عاش تلاميذه في كنفه ورافقوه طوال المسيرة إلى الصليب ولم يبقوا كمتفرجين ولكن دخلوا في صميم هذا السر. وفي الوقت المناسب سوف نعرف كل شيء تمام المعرفة ولكن المهم أن نبدأ ونخطو خطوة أولى ونضع أيدينا بيد المسيح تاركين تعاليم الظلام والقهر مدركين أن الله لا يريد أن يعطينا جملة من التعاليم و"الأديان" وإنما يريد أن يدخلنا إلى صميم حياته هو فنشترك فيها ونتمتع بها ويكون فينا قبس من روحه فنمتليء بروحه وننعم بالأنس به كأحياء بروحه القدوس لأننا نكون قد دخلنا إلى "الحياة". المسيح قال لنا إنه قد جاء لكي ما يدخلنا إلى "الحياة" بمفهومها العميق الأشمل.
لعلك تؤمن أن القرآن كلام الله الذي قد تنزل من فوق ولكن يفوتك أن القرآن نفسه هو ما قال لك إن المسيح هو "كلمة الله". وعندها لنسأل أنفسنا: ما معنى أن المسيح كلمة الله ولا يصح أن نقول على أي إنسان آخر إنه كلمة الله؟ في الإسلام، القرآن فقط هو كلام الله، فما بالك عندما يصبح إنسان بلحمة ودمه، بشحمه ولحمه، هو نفسه كلام الله! الإنسان هنا هو "كلام الله"، و"كلام الله" هنا إنسان. لهذا نؤمن بألوهية المسيح، له كل المجد. يمكن لك أن تتشرب بهذه التعاليم المسيحية مثلما حدث معي أيها الحبيب ولكن لابد أن تخطو أول خطوة وتبدأ بمناجاة المسيح والله أبيك ولا ترهب أي شيء.
إنَّ القضية الكبرى ليست في أن ينتصر الإنسان لما يؤمن به ويعتقد ولكن في أن يملك آلية جيدة للنقد ويقدر أن يحكم حكمًا موضوعيًا فيحسن القراءة ويحسن النقد ويسمي الأشياء باسماءها. عندما ترى ما لا يعجبك في سلوكيات محمد فالحل ليس أن تفتش في نصوص الآخرين وتبرر بذلك الغث السقيم الذي هو عندك بل أن تسمي ما عندك بأنه سقيم وتقر أنك غير راضي عنه ثم تستخدم نفس المعيار وتقول لنفسك: بما أن "أ" بهذا المعيار غير مقبولة فينسحب عليه أن "ب" هي الأخرى غير مقبولة كذلك. وتلك هي أبسط أبجديات النقد الموضوعي. لعل صدق المسيحية يظهر في حضور المسيح الحي فيها وأنه لا يزال يعمل عمله الجبار المقتدر في حياة المؤمنين بقوة، بالأفعال وليس بالكلام. في عام 1987، وعندما تم القبض علي من مباحث أمن الدولة بفاقوس شرقية وأخذوني للاستجواب، اغتنمت والدتي الفرصة وذهبت إلى سيدة متخصص في أعمال السحر (العمولات). قالت لها: خذي ما تشائين من المال وأريد لإبراهيم أن يرجع مسلما كما كان. في ذلك الوقت، كنت أصلي صلاة مسيحية بإسم المسيح بينما الساحرة تقوم بتعزيم عزائمها عليّ أنا الضعيف وتستعين بما عندها من "جان" وشياطين. قبل التعزيم قالت السيدة لوالدتي في البداية، لا تقلقين فسيكون مسلمًا وكل شيء يتم بخير. ولكنها ما إنْ بدأت التعزيم بالسحر وتمتمة تمائمها حتى تراجعت عما قالت وأخبرت والدتي الآتي: "إبراهيم ماشي في طريق عمره ما هايسيبه، وهايفضل منصور في الطريق ده طول حياته مادام هو ماشيء فيه". عندما سمعت هذا الخبر نهضت لفوري من على الكنبة وقفزت قفزة الفرح وقلت: أشكرك يا رب على انتصار الصليب ويعظم انتصارنا بالمسيح الذي أحبنا وإنتصاري يا رب لا يكون إلا بصليبك. لا أحد يفصلني عن محبة المسيح، لا سيف الإسلام ولا الجان في الإسلام لأن دم يسوع المسيح يبطل مفعول كل هذه. أيضًا خراف المسيح في يده ولن يخطفها أحد من يده. ثم تذكرت ما جاء في الإنجيل المقدس من رسالة القديس بولس الرسول إلى مؤمني رومة الفصل الثامن والآيات من 35-39، وجعلت من هذا شعارًا لحياتي وهو أن "المسيح منتصر" وبه أغلب نفسي وجميع جنود الشيطان وكل قوى الظلمة وسلطان هذا العالم المحيط بي والذي يجرفني نحو النزول بعد أن أجلسني مسيحي معه في السماويات وأسكنني مساكنه وأقامني فيه لأحيا للأبد.
أحمد كامل يسألني: انا عاوز اسألك سؤال ازاى انت رافض العنف و القتل و السبى و الطبقية اللى فى القران و موافق عليهم فى العهد القديم!!!...اتمنى تجاوبنى على السؤال دة...انا مش شايف فرق كبير بينهم و لولا العهد القديم لكنت مسيحيا حتى النخاع بدل من اللف و الدوران!!!
فأجبته، عزيزي أحمد كامل: يسوع المسيح هو محور الكتاب المقدس. والعهد القديم هو تحضير للبشرية والبشرية فيه في مهدها الأول أي طفولية الوعي الإنساني. لذلك قال القديس بولس: لما كنت طفلاً فكطفل كنت أتكلم وأفكر وأتحاور ولكن لما صرت راشدًا أبطلت ما للأطفال وصرت أتحاور وأعي الأمور كالكبار. هناك دموية البشر في العهد القديم وهناك أيضا المسيح المصلوب والذي لم يسفك دم إنسان. إيماني كمسيحي يرتكز بالتحديد على هذا المسيح وما جاء قبله ليس سوى تمهيد. نحن نلبس المسيح ونلبس معه عقلية الكبار فنفكر بوعي الكبار ونعلم أن المسيح ما جاء إلا ليبين لنا بالأفعال قبل الأقوال أن الله محبة ولا شيء غير محبة. المسيح لم يرفع السيف في وجه أحد ولم يقاتل في سبيل الله مثلما فعل محمد ولكن حياته هو بذل لأجل الجميع من أبرار وفجار. هذا المسيح وحده أتبع وهو نموذجي الأمثل والأعلى. هو رئيس الإيمان ومكمله، وبعيونه فقط أقرأ جميع أسفار الكتاب المقدس لأنه قد جاء ليتمم كل ما جاء من قبل وكان بحاجة للتميم. المسيح هو سيد التاريخ وبه يبدأ التاريخ وبه يختتم التاريخ.
فيسأل أحمد كامل ثانية: اذ لما هو المسيح هو رب العهد القديم ايضا...لماذا لم يرتقى بالبشرية من تخلفها من بداياتها. لماذا كان يأمر اتباعه بقتل اتباع الديانات الاخرى؟!! هو ربنا افكاره بتتغير مع الزمن زى البنى ادمين؟
جوابي: المسيح يأتي في توقيت معين يا صديقي ولا يستبق الأحداث. وقبل هذا التوقيت لا يأتي وعندما يأتي فهنا استعلان الخلاص في ملء الزمان. بمجيء المسيح يكتمل الزمان ولذلك نقول "ملء الزمان". هناك تدريج في ظهور الإعلان الإلهي. دعني أسألك بالمقابل: لماذا هناك ظلام حالك طوال الليل؟ وفجأة يطلع علينا الفجر! ألم يكن من المكن أن يطلع الفجر دون حاجة لهذا الليل الطويل الحالك الظلام القارس البرودة؟ وهكذا فطلوع الفجر في تاريخنا البشري هو استعلان المسيح ابن الله الحيّّ في التوقيت الذي قد خصّ به الله البشرية.
وصديق مسلم يقول معربًا عن تسامحه: انته تعرف اني احبك في الله الذي شاء ان يكون هناك مسلم ومسيحي ويهودي وهندوسي والذي لا خلاص الا به . فأجيبه: فعلاً صديقي لا خلاص إلا بالله لأن الإنسان بما فيه من ذات عاجز عن خلاص نفسه وبالتالي هو يحتاج لقوة علوية تعلوه ويا حبذا ولو من إنسانيته كذلك في الوقت نفسه، وهذا تم- بحسب اعتقادي- في مجيء المسيح إذ هو الإنسان الكامل الإنسانية وهو الإله الكامل الألوهة ويقدر من حيث هو إنسان أن يمد يده البشرية ليرفعنا مما نحن فيه من وحل الخطيئة ومستنقع الذات وتشبثنا بهذا العالم. الله لا يكلمني بالتعليمات والإرشادات ولكن أفضل كلام لله يكون عندما يتدخل هو بنفسه ويمد يده و"يعمل حاجة" و"يسوي شيّ" وهالشي هو تدخله ومده يده لي لا أن يتحفني بكم هائل من التعليمات الدينية البراقة. أؤمن أنه في المسيح قد جاء الله ومد يده إلي لينتشلني من نفسي ومن تعلقي بالأرضيات وكأني قائم في هذه الدنيا للأبد. جاء الله في المسيح شخصيًا فالتقيته وأعطاني حرية داخلية. وهذه الحرية الداخلية نسميها "الخلاص". الخلاص يا صديقي ليس عقيدة دينية جافة ولكنه فعل إلهي ديناميكي يغيرنا عما نحن فيه إلى ما ينبغي أن نكون عليه. وعليه، فخلاص الله لا قيمة له إن كان جملة من الأفكار العقائدية إذ خلاص الله "عمل" لأجلي ولأجلك وليس جملة من العقائد أو التعاليم البراقة. ما أحلاه من إله لو هو تدخل وخلصني من عبودية نفسي! هذا تم في إله ألتقيه في المسيح يبذل نفسه ويتألم معي وعن طيب خاطر، يصل به الألم إلى الصليب. وبسبب هذا الخلاص الذي أتمه المسيح في حياتي فقد سمح لي بأن أشترك في حياته هو وأن أنعم به تمام التنعّم. هذا هو إذن معنى الفردوس/ الجنة المسيحية. هاي هي جنة النصارى!
يعود المسلم وقد أضنته الحيرة أمام كل هذه العقائد المسيحية التي لها نظامًا يختلف عن نظام دينه الإسلامي ويسألني: هل المسيحية فيها أسرار؟ ما بالكم يا نصارى تعجزون عن شرح عقائدكم ثم تقولون إنها "أسرار"؟ قال إيه أسرار! أسرار إيه وبتاع؟ أسرار مقدسة أم أسرار مكدسة؟! أقول له، يا أخي الحبيب، الله نفسه هو سرّ وأكبر سرّ. إله مختبي ومحتجب منذ الأزل ومع ذلك يتنازل في ملء الزمان ويظهر ذاته لنا في شخص المسيح الكلمة. هذا الإله السر يتكلم بأسرار ويتعامل معنا بأسرار وكل ما في المسيحية هو "أسرار". التجسد مثلا سر. الكنيسة سر. الزواج سر. تجاوزًا يقولون أسرار الكنيسة السبعة. ولكن في الواقع السبعة ما هي إلا رقم اكتمال. كل ما في المسيحية هو أسرار بالإضافة للأسرار السبعة. ودورنا هو أن نتحد بالمسيح ونسمع صوته لأننا خرافه وهو بالتدريج سيكشف لنا السر في قلوبنا بقدر ما نحتاج إليه وانطلاقًا من مبدأ "خبزنا كفافنا اعطنا اليوم". الهدف من وراء الكلام بأسرار وأنه سر هو أن لا ننقطع في طلبه بل ننتظره ونرقبه أكثر من المراقبين الصبح فيكون هو غاية مشتهانا. من المهم أن نوقن أن "سر" هنا لا تعني طلاسم أو غموض مبهم ولكن تعني "غمر ينادي غمر"؛ الغمر في باطن الله ينادي الغمر الذي في داخلي فيحن ترابي إليه وحده وأتوق إليه بحرارة ويجتذبني إليه كلما بردت محبتي وبطريقته الخاصة. كما نرى، فجانب السر في المسيحية "الأسرارية" يتحدى عجرفة المتباهين المتماهين بعقولهم فهنا الرب يخزي حكمة الحكماء ويقول: سأعلنها للأطفال والرضع وأخفيها عنكم يا من تظنون أنكم تصلون إليها بعقولكم وتفلسفكم ومجادلاتكم البيزنطية. كونوا كالأطفال حتى تستقبلوا السرّ! موضوع الاسرار المسيحية هذا طبيعي أكثر منه غريب لان الله نفسه سرّ . إنه معلن ومخفى فى نفس الوقت؛ إله محتجب مثلما يقول اشعيا النبى. فعلا هو غمر ينادى غمر.
كل ما في الحياة المسيحية سر. مشكلة الناس أنها بتفكر أنها استوعبت كل شيء وعندهم جواب على كل سؤال. كل واحد أبو العريف. ولهذا كثرت السطحية والسذاجة في النظر لأمور الإيمان. مسيحيتنا مسيحية أسرار. وأسرار هنا تقتضي "الغوص"... واحد يغوص في عالم عميق وكلما غاص فيه ما يشبعش منه. الله يعلن أسراره ولكن يا صديقي ليس الهدف هو استعلان السر ولكن أن نقف نحن مندهشين أمام هذا السر. لو عرفنا كل شيء ما الجديد! لابد لنا أن نقف أمام كل شيء ويستوقفنا ونندهش. هناك ترنيمة حلوة تقول: لا تلمني إني دهشت بجمال ربي. كل ما في الرب ينبغي أن يدفعنا إلى الاندهاش لا محاولة العقلنة والتفلسف. هناك أشياء وُجدت فقط للتذوق والتلذذ لا التفلسف. اليوم وقفت قدام صورة "مبخرة" يستخدمونها في الكنيسة وصراحة أخدتني الدهشة. ليس من اللازم أن أعرف سر المبخرة أو يستعلن لي ولكن يكفيني أني أقف قدامها مبهور وأن أدخر تلك اللحظة. هناك الانبهار بالرب. الانبهار بكنيسة الرب. الانبهار بكل ما في الحياة عمومًا واعتباره سر يستوقفني للتأمل والإعجاب. كل هذه أسرار تدفعنا لأن "نتذوق" كمن ذاق أن الرب صالح، وذاق الله نفسه وذاق أسراره.
ثم ترى من هو إلهك يا إبراهيم؟ هنا يتساءل الأخ المسلم
أعبد الله الواحد الأحد لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، والذي لم أكن أعرفه إلا بواسطة كلمته سيدنا يسوع المسيح والذي فيه قد تجلى الله تجليًا كاملاً ولولا المسيح لما عرفت الباري جل شأنه. وتسألني لماذا أعبده؟ أجيبك أني أعبده حبًا فيه وأحبه عز سناؤه لأنه قد سبق وأحبني وكيف لي أن لا أبادل الحب بالحب وثمة مبادلة كتلك هي ما ندعوه عبادة له المنفرد بكل عبادة وحده.
نعبد الله الواحد الأحد لأنه أب لنا (أبونا السماوي) وندعوه أب ونحن عياله. الإله الواحد ناطق بكلمته وهو المسيح ابن مريم وحي بروحه القدوس. من حق الله أن يكون ناطق ومن حقه أن يبث الحياة في المؤمنين به بروحه القدوس. وإذا كان المولى تبارك وتعالى أزليًا وهو حقًا كذلك فنطقه أزلي كأزليته جل شأنه. لا يصح أن يكون الله أزلي وكلمته فانية فكلمة الله أزلية بأزلية المولى تبارك وتعالى. ما يهم هو أن تعرف أنت يا صديقي واعرف أنا أن الله هو أبانا القدوس وأنه يحب الإنسان محبة شديدة ومن أجل ذلك فقد أدام له الرحمة للأزل.
ثم تعود وتسألني: كيف تقول الواحد الاحد وقانون ايمانك يقول الاب والابن والروح القدس هؤلاء ثلاثه يا صديقى؟
أجيبك أن الله الواحد الأحد هو أب وندعوه أب ونحن عياله. الإله الواحد ناطق بكلمته وهو المسيح ابن مريم وحيّ بروحه القدوس. من حق الله أن يكون ناطق ومن حقه أن يبث الحياة في المؤمنين به بروحه القدوس. وإذا كان المولى تبارك وتعالى أزليًا وهو حقًا كذلك فنطقه أزلي كأزليته جل شأنه. لا يصح أن يكون الله أزلي وكلمته فانية فكلمة الله أزلية بأزلية المولى تبارك وتعالى. ما يهم هو أن تعرف أنت يا صديقي واعرف أنا كذلك أن الله هو أبانا القدوس وأنه يحب الإنسان محبة شديدة ومن أجل ذلك فقد أدام له الرحمة للأزل وأن نقتبل هذا بإيمان وفرح شديد.
ثم تسأل: كيف يكون المسيح أزلي وقانون الايمان يقول منبثق من الاب؟ أتحداك لو أتيت بهذا النص من قانون الايمان ؟
المسيح إنسان يا صديقي والله الآب ارسل المسيح إلينا وفي الوقت ذاته المسيح له طبيعة إلهية. المسيح كإنسان خضع خضوع كامل لله الآب الذي أرسله. أطاعه حتى موت الصليب. في هذا الله الآب أعظم من المسيح. المسيح له طبيعة إلهية كما أن له طبيعة إنسانية، إنسانيته تبلغ مائة بالمائة مثلما تبلغ ألوهته مائة بالمائة. من قال إننا ننفي عن المسيح إنسانيته؟ ومع إنسانيته التي نعترف بها كواقع ظاهر لذي عينين نقول إن المسيح قد ارتضى المحدودية. كيف يكون إنسان مثلنا في كل شيء وهو لا يرتضي المحدودية؟ بل هو شاركنا محدوديتنا في كل شيء ما عدا الخطيئة إذ أنه كما أن الله تعالى معصوم بلا خطيئة فكلمته المسيح والذي هو نطقه تعالى هو أيضًا معصوم من الخطيئة ولم يستغفر الله على ذنب من الذنوب. وعندما واجه خصومه في فئة من اليهود قال لهم جهارًا: من منكم يبكتني على خطيئة؟ ولم يجسر أحد على أن يسجل عليه سقطة أو يحسب عليه خطيئة. والمسيح من حيث طبيعته الإلهية يشترك مع الله أبيه في أشياء كثيرة. في الحديث القدسي نقرأ "عبدي أطعني تكون عبدًا ربانيا تقول للشيء كن فيكون" فإن كان هذا هو حال العبد الرباني فما بالك بالمسيح شخصيا يا صديقي إذا هو يأمر الرياح والبحر فيطيعانه ويشفي المرضى ويقيم الموتى! هذا المسيح رأيت قوته في حياتي وسط أقسى الاضطهادات. في عام 1987 بعض الناس ثاروا علينا وأرادوا حرق المنزل وشربنا الرعب كاسات. ظللت متنكر ومتخفي إلى أن خرجت من مصر. في كل مناسبة كنت أتذكر كلام المسيح: يا أبتاه، اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. كنت أصرُّ على أن تنتصر المسيحية وينتصر قول المسيح إننا سوف نحب أعداءنا. نعم، كانت هناك جراح ولكن طوال الخمس سنوات في مصر كنت في سلام عجيب جدًا. لما أتيت لأميركا بعد أن هربت وأتيت لدراسة اللاهوت بدأت جراح الماضي تظهر من جديد واتضح لي إني مصاب بحالة نفسية تسبب فيها من اضطهدوني واسمها الـ بي تي إس دي وهي اختصار لـ عبارة: Post Traumatic Stress Syndrome فكان أكتر شيء أفادني هو حرصي على الاصطلاح مع الماضي. في سنيني الأولى في أميركا كانت تأتيني كوابيس رهيبة كانت تجعلني أقوم من النوم مفزوع. وفي شهر العسل زوجتي كانت تستيقظ على صراخي المفزوع حيث كنت أرى أعدائي قادمين ليقتلونني. اكتشفت أن الحل ليس في وصفة من وصفات الشفاء الإلهي ولكن الحل هو أن أصطلح داخليا مع أعدائي. قمت ببعض الخطوات لإظهار الحب لهؤلاء الأعداء والسعي لخدمة بني جنسهم قدر المستطاع وعلى غرار المسيح. راحت الكوابيس؛ وهؤلاء "الناس" أذكرهم الان بابتسامة وهم ذكرى من ذكريات الماضي وشغلي الشاغل الآن إذ كل ما يهمني هو أن يعرفوا المسيح مثلما عرفته وأعظم هدية هي أن يصلي واحد منهم/ منهن معي على التليفون ويصبح مسيحي مثلي. كلها مسألة وقت ونرى عجائب شفائه تمتد لأعماق نفوسنا!
ولصديقي مصطفى أقول موضحًا: في حالتي الحالية أنا مثلك أؤمن أن بأن سيدنا المسيح عيسى أبن مريم هو رسول ونبى من أنبياء الله. ولكن حتى القرآن نفسه يعطي المسيح مواصفات وامتيازات لا ينالها نبي آخر يا مصطفى. لمن من الأنبياء مثلاً في القرآن قال عنه إنه "كلمة الله"؟ وروح منه؟ لفظة "منه" بحد ذاتها ليست لفظة عابرة بل لها قيمتها اللغوية وقد تفيد الانبثاق مباشرة منه وعنه تعالى مباشرة. وبما أن المسيح هو كلمة الله فالله سبحانه قد أفاض ذاته بالكامل في المسيح والمسيح هو هذه الكلمة. يمكن أن أكون أنا مرسول لمصطفى وعندها ما على الرسول البلاغ ولكن يمكنني أيضا أن أكون، إن جاز التعبير، روح مصطفى، توأم الروح. هذه كلها ألفاظ تطلق من قبيل حميمية التعبير. إذن، المسيح وهو كلمة الله، فهو روح الله، فيض الله الكامل، روحه تعالى بتمامها الظاهرة بصورة إنسية نتلاحم نحن معها وتفيض فينا لعلنا نتغير عن صورتنا ونصبح مشاكلين للطبع الإلهي فننطبع به. الموصوف واحد وهو الله إذ هو ناطق بكلمته (المسيح) حيُ بروحه. الله واحد أحد فرد صمد لا شريك له؛ له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير.
وأما معنى قول الكتاب المقدس "أبي أعظم مني" فهو أن الله الأب والذي أرسل يسوع المسيح إلينا هو أعظم من المسيح من حيث كونه إنسان. المسيح كـ إنسان كان خاضع تمام الخضوع لأبيه السماوي وجاهد لأن يفعل مشيئته حتى وإن اقتضى ذلك بذل نفسه حتى الصليب. المسيح عندما سار نحو الصليب فعل ذلك طاعة لأبيه ولكي يتم المكتوب. طاعة المسيح لأبيه السماوي تجعله يقول: أبي أعظم مني. في الوقت ذاته، المسيح له نفس الصفات الإلهية التي لـ الله أبيه ولك أن تتأمل في "الكلمة" ومن نطق بها. الكلمة تخرج عن صاحبها وتمثله؛ والمسيح كذلك خرج من عند أبيه ويمثل أبيه تمام التمثيل لأنه هو نطق أبيه الذي أرسله إلينا. إذًا، المسيح وأبوه الذي أرسله واحد وفي الوقت نفسه الأب أعظم من الإبن من حيث إنسانية المسيح. إذا فكرت في ما للمسيح من طبيعة إنسانية وطبيعة إلهية فسوف يتم حسم المشكلة في ذهنك بسهولة.
ثم تعترض عليّ قائلاً: أنا الآن أتكلم عن دينك وكتابك الذى تعتنقه فالمسيح لا يعلم يوم القيامه فكيف يكون إله؟
وجوابي عندها: وماذا يضر سواء علم يوم القيامة أم لم يعلم؟ هل أنكرنا إنسانية المسيح؟ هل نحن هنا بصدد تحليل لما يعلمه المسيح وما لا يعلمه؟ المسيح كإنسان له محدوديات هو نفسه ارتضاها لأجل أن يكون إنسان ويعيش معنا إنسانيتنا حتى ما يرتقي بنا نحن الخطأة إلى الحياة الإلهية. إذا المسيح بنفسه ارتضى محدوديات الإنسانية لأسباب خلاصية فما المشكلة؟ هو حر. من حقه أن يرتضي المحدودية مادامت ستعود علينا بخير أكبر وهو خلاص وحياة أبدية.
وجوابًا على مسيحية اعتنقت الإسلام وتخشى على نفسها الآن من الشرك أقول لها إننا نسمع مصطلحات ومصطلحات فيها العديد والعديد من المحاذير والتخويفات لأن الإسلام يبث روح العبودية والخوف فيقول هذه حلولية وهذا شرك وهلم جرًا. سأقولها لك صراحة يا أختاه: لي الفخر أن أكون مشرك بالله. ليس هذا فحسب بل أنا أتحد بربي وألتصق به دون خوف. إلهي ليس مجرد عقيدة نظرية ولكن إله تربطني به علاقة حميمية. الحميمية تقتضي الاتحاد بمن نحب. إلهي حي وحياته لي أنا. لابد أن أشترك في حياة الله، وإلا ما قيمة معرفتي بالله؟ هل الهدف هو مجرد دين والسلام؟ جملة من الأفكار والعقائد البراقة؟ وما حاجتي للدين من أساسه؟ ما الذي يضيفه إلي الدين وليس موجود عندي الآن؟ بل أنا بحاجة لمن يدخلني إلى صميم قلب الله. نحن نصلي لأننا نتواصل مع من نحب. صلاتنا المسيحية هي تواصل وشركة حب. لابد لله أن يخترق حياتي ويدخل في صميم كيانها لا أن يتطلع لي من عليائه وأقف أمامه كالعبد الذليل كما هو الحال في الإسلام. كلا! أرفض هذه العبودية الإسلامية. الله في كل مكان ولا يوجد مكان في الكون إلا والله حاضر فيه إذ أننا لا نقدر أن نحد تواجده ونحصره على بقعة معينة كما يتوهم البعض منا. الله فوق، والله تحت. الله أعلى، والله أسفل. الله حاضر في كل شبر من أشبار الكون، في أدق الذرات وهو الذي يضبط حركتها وتعمل به. هذا هو إيمان الفلاسفة وكذلك آينشتاين وأرسطو وغيرهما: الله هو المحرك الأول، والكون والذرات والمجرات تتحرك بالله ولا يحركها إلا الله. فما يمنع حضوره وحلوله في حشا مريم وحشا ربى وحشا المسيح؟! لا يمنع ذلك شيء بالمرة. الله بالفعل حال في الكون ويتداخل فيه وكل نفس نتنفسه هو بالله. شهيقنا وزفيرنا هو بالله. وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى. طاقة العمل هي الله وبه يكون الفعل. لأننا به نحيا ونتحرك ويكون كياننا. فكيف أفرض على نفسي مساحة بُعد وعزلة كما هو في الإسلام في حين أن ربي هو الحبيب الحبيب، القريب الذي لا يغيب، وكل أنفاسي به؟ الله لا نعرفه بالكتب ولا بالأديان لأنه هناك مستوى أعلى وهو مستوى العشرة مع الله بأن نختبره في حياة عشرة اختبارية شخصية. في داخلك ترمومتر تجسين به نبض الله وتتحركين بكل هذه الإيماءات منه. لذلك نقول في المثل الشعبي: "أنا قلبي دليلي". كيف يكون قلبي دليلي وأنا أرفض حلوله في قلبي أو في حشا مريم أو في الكون أو أي فضاء يريد هو؟! بل هو حال فيّ الآن! به أتكلم وبه أتحرك وبه أحيا وبه أتواجد وأكتب كل هذه السطور، وبهذا يكون كياني.
هل تنشد الرقي الإنساني؟ يتجلى الرقي المسيحي في نظرة المسيحي إلى جسده ذلك أن جسدي ليس خصم لي ولا أنا في معركة ضده وبالتالي فإن اتخاذ موقف سلبي منه سيجعلني في معركة العفة. البديل هو الانسجام لا التعارك، تقريبًا. انسجامي مع جسدي هو ما سوف يساعدني على قيادة حياة عفة ناجحة بفضل عمل الروح في باطني. إذا لا ينبغي أن يكون تركيزي على جسدي وكم هو يتعبني وإنما يكون على الروح وما يقدر أن يعمله في حياتي باقتدار، فوق ما أقدر أن أتصور أو أفتكر. يلزمنا التركيز على إيجابية الروح لا على سلبية الجسد. عندما يشكو الشباب همهم عن العادة السرية ويشعرون باحتقار لأجسادهم بسببها أتألم لأجل مثل تلك المعاناة النفسية لأني اعلم أن تلك مرحلة وسوف تمضي لحال سبيلها؛ وأنه كلما زاد التركيز على العادة السرية كلما زادت حمية الليبيدو (الغريزة الجنسية)، في حين أنه كلما زاد التركيز على عمل الروح كلما انحسر التفكير في العادة السرية والأمور الشبقية التي تبدد طاقة الإنسان وتهدرها دون داعي. ينبغي التركيز بالأحرى على إيجابية الروح لا على سلبيات جسدي إذن وليجعل الرب الروح محط أنظارنا وتفكيرنا. لا تبدأ بالقداسة وتجعلها شغلك الشاغل وهل أنت وصلت لأعلى درجات القداسة أم لا بل انشغل أيها الحبيب بالرب نفسه ودعه هو يستولي على عقلك وفكرك وكل كيانك. القداسة ستكون عمله فينا وسوف تفيض عن محبتك الشديدة لربنا. القداسة ليست أعمال صالحة نبتغي بها مرضاته عزّ وجل وإنما هي تنبع عن محبة قلب خالصة كاملة بعزم القلب للرب. وهكذا فالمؤمن المسيحي متصالح مع نفسه حق المصالحة وليس في انشطار مع ذاته أو في عراك داخلي بل يحمد الله ويشكر على بديع ما صنع فيه دون أن يتأفف من جسده أو يتقزز من إنسانيته، وهذا ما أدعو كل مسلم إليه في أن يتصالح مع إنسانيته وكفانا شيزوفرونيا وازداوجية. المسيحية هي دعوة لأن أعيش إنسانيتي لا أن أخجل منها، والله في المسيحية ما جاء ليلغي إنسانيتي وإنما في هذه الإنسانية التي وهبها لي، بكل ما لها وبكل ما عليها، تراه يتجلى ويشرق في النفس. أشكرك يا إلهي لأنك قد باركت طبيعتي الإنسانية فيك بل ولبست أنت هذه الطبيعة الإنسانية التي لي.
#إبراهيم_عرفات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهادة الحب من المسيحيين للمسلمين- الفقرة الأولى
-
تاء العورة والانتكاسة الحضارية في مواجهة الرقي الإنساني
-
ما الهدف وراء أن يصبح المسلم مسيحيًا؟
-
اللهم أعز الإسلام والمسلمين!
-
ما معنى قول المسيحي للمسلم إن الله يحبك؟
-
تنزيه الله أم عزلته؟
-
محورية الإنسان في المسيحية
-
هل تصلح اللا دينية كمنهج في الدفاع عن المسيحية؟
-
أخلاق المسلمين أم أخلاق الكفار؟ وأيهما أولى بالأخلاق من سواه
...
-
من يسيء إلى الإسلام؟ ومن هو المجرم الحقيقي؟
-
ولَمَاْ تَثَلّثَ مَحْبُوْبِيّ فِيْ أقانيمِه- وقفةٌ مع دين ال
...
-
ما بين الإسلام والمسيحية: حوار أم جدال؟
-
أزمة التحول الديني في المجتمع العربي: مصر كنموذج
-
عشرون عاماً عشتها في كنف نبي يتمّم مكارم الأخلاق
-
هجر الإسلام واعتناق غيره دون رجعة
-
نحو حضارة إنسانية عربية: الإنسان أولاً
-
السلام على من اتبع الهدى يا كافر
-
الروح الإسلامية والروح المسيحية
-
حرية الفكر في الإسلام
-
معضلة الحوار الإسلامي المسيحي
المزيد.....
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|