أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ















المزيد.....


الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1076 - 2005 / 1 / 12 - 09:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعاني الشعوب العربية من قهر واضطهاد مزمن، فالمنطقة شهدت غزوات عديدة على أيدي الطامعين. وتم التنكيل بأصحاب الأرض وتدمير حضاراتهم ولمرات عديدة، بالإضافة إلى تعرضهم لاضطهاد وعنف على أيدي حكام قساة وعديمي الرحمة والضمير.
هذه الأحداث الجسام من القهر والعبودية والاضطهاد، خلفت حالة عدم الآمان والشعور باللاستقرار. وترافق ذلك مع ما أفرزته الحروب الراهنة في المنطقة، من نتائج سلبية رسخت بصورة أكثر الشعور بالمهانة والقهر والحقد ضد الأطراف المسببة لها.
يضاف إلى ذلك ما تمارسه السلطات العربية من العنف والاستبداد ضد شعوبها وبدعم من أطراف دولية، دفعت هذه الشعوب للبحث عن مخرج لحالة المهانة والقهر وما تعاني منه. ولم تجد أمامها سوى اللجوء إلى الدين كخيار أخير للدفاع عن ذاتها، فاستغلت الحركات الأصولية والسلفية- الظلامية المتشددة حالة المهانة واليأس وما يمر بها المواطن العربي لمحاربة مركز الشر (أمريكا) المسبب المباشر لحالة المهانة والقهر والداعم الأكبر للحكام العرب ضد شعوبها.
يبحث الإنسان المقهور عن المُخلص والزعيم (أيا كان شكله ومواصفاته ونزعته الدموية) لإنقاذه من براثن المهانة والقهر الداخلي، فيتبعه ويطلق عليه مواصفات التبجيل وينتظر منه المعجزة لقهر العدو المسؤول الأبدي عن هزيمته الدائمة!.
ويعتقد ((مصطفى حجازي))" أن الشعوب المقهورة، متعطشة بشكل مزمن للقوة في مختلف رموزها وعبر شكلين أساسين: البطش والغلبة من ناحية، والعظمة والتعالي من ناحية ثانية. وهي مستعدة للانقياد وراء زعيم (عظيم) يقودها في هذا الاتجاه، ويفجر ميولها للتشفي والعظمة ويعبر عنها. ذالك هو الزعيم الفاشي".
إن الزعيم الفاشي والقاتل والمجرم وبطل المقابر الجماعية، هو النموذج القادر على دغدغة مشاعر وعواطف الشعوب المقهورة عبر شعارات فارغة وكاذبة داعية لتحرير الأرض واستعادة الأمجاد القديمة وإلحاق الهزيمة بالعدو.
ويعد هذا الزعيم بنظر هذه الشعوب هو البطل الهمام وقائد المسيرة (ويتم تبرير أعماله الشنيعة بالقتل الجماعي) لأنه يمتلك من المهارات والأعلام لترويج الوهَّم الكاذب، بقدرته على الانتصار على العدو. وبالتالي ينجح في تفريغ شحنات الحقد واليأس والانتقام من صدور الشعوب المقهورة وما تعاني من أمراض نفسية مستحكمة!.
وفي المقابل فأنها مستعدة لتقديم التضحية والولاء والطاعة للزعيم المغوار (الصنم) من أجل أن يغدق عليها بالمزيد من الوعود والشعارات الكاذبة لتخفف عنها وطأة الذل والخزي والمهانة الناخرة لذاتها.
ويرى ((مصطفى حجازي))" أن الإنسان المقهور يراهن على خلاصه على يد الزعيم المنقذ دون أن يعطي لنفسه دوراً في السعي لهذا الخلاص سوى دور التابع المعجب والمؤيد دون تحفظ والمنتظر للمعجزة".
ويلجأ الإنسان المقهور أسير المهانة والوهن واليأس والقهر إلى البحث عن الزعيم المنقذ، ويكيل له المديح والعرفان وآيات التبجيل ليجعله بمنزلة رُسل الآلهة. ويقرَّ بادعائه لامتلاك الطاقات الخارقة، وبرسالته لإنقاذه من حالة الوهَّن والعار واليأس.
تلك الصفات الرنانة وآيات التبجيل تعبير عن الحالة النفسية وما ينتاب تلك الشعوب، فهي تمنح زعيمها (قائدها) صفات القوة والحكمة والعدل والخلاص..وهي صفات مضادة تماماً لما يركن في ذاتها من حالات الضعف والاستكانة والمهانة واليأس!.
ولا تتردد تلك الشعوب المقهورة من إلحاق الأذى واستخدام العنف والكلمات النابية بحق من يقلل من شأن زعيمها المغوار، وبذلك فأنها تدافع عن هزيمتها الداخلية أكثر مما تدافع عن قائدها!. كما أنها ترفض كل الأدلة والبراهين على عدم صدق دعواها، وتبرر الهزائم والإخفاقات وحالات الضعف والأداء السيئ لقائدها المزيف.
إن الحالة العدائية للشعوب المقهورة انعكاساً لحالة مرضية- نفسية، تسعى لعلاجها ذاتياً من خلال تعاطيها مسكنات وأوهام كاذبة تخفف من وطأة شعورها الكامن بالمهانة وجرح الكرامة وهزيمتها المزمنة.
ويشخص ((مصطفى حجازي)) الحالة النفسية للشعوب المقهورة قائلاً:" أن الإنسان المقهور يسبغ على شخص الزعيم كل تصوراته: القوة والقدرة وكل مثله العليا. ويجعل منه باختصار الصورة النقيضة تماماً لصورته عن نفسه والتي يجهد في الهروب منها لأنها نموذج النقص والمهانة. إن الإنسان المقهور لايعيش في علاقته مع الزعيم، علاقة فعلية بين إنسان وآخر (على اختلاف المقامات) بل بين إنسان وتصور خرافي يسقطه على الزعيم. وهذا ما يحمل الزعيم أعباء لا قدرة لأحد من بني البشر عليها، ويتصور الإنسان المقهور علاقته مع الزعيم المنقذ بشكل تملكي. فهو تابع، ولكنه يحس في قرار نفسه أن هذا الزعيم مجرد أداة لتحقيق آماله. كما يحس أن علاقته معه، لايمكن أن يعتريها الوهًّن وأن ما وضعه فيه من رجاء لايمكن أن يخيب".
لايمكن للإنسان المقهور الاقتناع حتى لو قدمت له عشرات الأدلة والصور على أن زعيمه المغوار، جبان ومهزوم وأخرج من حفرة بائسة خائف ومذعور ويستجدي العطف. ويبقى يبحث بين أكوام أوهامه عن مبررات ساذجة وكاذبة، ليبرر حالة الذعر والجبن لقائده المغوار!. وبهذه المبررات والأوهام الكاذبة، أنما يحاول الدفاع عن ذاته المهزومة ويصالح ذاته الحقيقية على ذاته المهزومة ويقلل من حجم خسارته النفسية.
إن انتزاع مبررات القهر والظلم واليأس من حياة الإنسان المقهور في الوطن العربي، يتم من خلال إحلال السلام في المنطقة وإزاحة الأنظمة المستبدة والشمولية. وإطلاق عجلة التنمية ورفع مستوى دخل المواطن، والمساعدة في إقامة أنظمة ديمقراطية تحتكم لشريعة القانون في إداراتها لشؤون الدولة والمجتمع. مما يسهم في معالجة الأزمة النفسية المزمنة التي يعاني منها الإنسان المقهور، والمسيطرة على مجمل نشاطه وحياته اليومية.
حينئذ سيتحرر من الأوهام الكاذبة، ويكف البحث عن زعماء (وأصنام) وقادة مزيفين. ليوكل إليهم مهام إنقاذه من واقعه المزري، دون أن يعي أن تلك الأصنام والزعامات والقادة هم المسؤولون في المقام الأول عن هزيمته ويأسه وفقره وبؤسه وليس (الأعداء) المفترضين والقابعين في ذاته كمشجب لتعليق هزائمه وأوهامه عليهم!.
إن الجهات الدولية والإقليمية والوطنية الباحثة عن مصالحها والساعية لإنقاذ المنطقة من بؤر الإرهاب والعنف، عليها أن تنتزع مبررات العنف ودوافع الإرهاب. وإنقاذ أبناء المنطقة من حالة القهر واليأس والمهانة التي يشعرون بها نتيجة الحروب المتكررة، وتسلط الأنظمة الاستبدادية والشمولية عليها ولعقود طويلة وبدعم غير محدود منها ضد شعوب المنطقة.
لذا يتوجب على المعنيين في شؤون المنطقة المساعدة على إحلال أنظمة ديمقراطية والتسريع بإدارة عجلة التنمية وإنهاء حالة اللاحرب واللاسلام في المنطقة لتعيش الشعوب بحالة من الأمان والطمأنينة وتجني ثمار السلام وتنظر إلى مستقبلها ومستقبل أجيالها بنظرة تفاؤل وثقة.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العسكرة والأدلجة في الثقافة والإبداع
- نتائج العنف والاستبداد على الشعوب المقهورة
- الحثالات والرعاع في المجتمع المادة الخام للإرهاب
- موقف الفلسفة من الشعر والشعراء
- سلطة الطغاة والشعوب المضطهدة
- السياسيون وراء قضبان العدالة
- أنماط الوعي والإدراك في الصراع الاجتماعي
- إعدام شيخ الفلاسفة بكأس القانون وسَّم السياسة
- مفهوم الثقافة والمثقف
- الادعاء والتهويل المعرفي في الوسط السياسي والثقافي
- صدر كتاب جديد للمؤلف صاحب الربيعي بعنوان (المثقف بين المهادن ...
- البعد الثالث في التوجهات الجديدة في العالم
- رؤية فكرية في النظرية والتطبيق
- شرعية استخدام العنف في النظم الشمولية والديمقراطية
- مفهوم الثورة والتحديث في المجتمع
- التوجهات الأساسية في الفكر الليبرالي
- الانتخابات وعملية إرساء أسس النظام الديمقراطي
- العلاقة بين السياسة والاقتصاد في النظم الشمولية والليبرالية
- ظاهرة النزاع والعنف في المجتمع
- وزارة الموارد المائية العراقية ما لها وما عليها


المزيد.....




- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الشعوب المقهورة والزعيم المنقذ