|
مابين 21 فبراير 1946 و21فبراير 2012
رياض حسن محرم
الحوار المتمدن-العدد: 3642 - 2012 / 2 / 18 - 10:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يا عم حمزة احنا التلامذة، واخدين علي العيش الحاف والنوم من غير لحاف"..كان شعار الطلاب فى ثورة 1919 حيث لحنها وغناها فنان الثورة "سيد درويش"، واستمر الدور الوطنى للحركة الطلابية قويا ومتصاعدا حتى اليوم. يعتبر يوم الطلاب العالمي في 21 فبراير من كل عام يوما مصريا،وهو اليوم الذي اختارته الامم المتحدة للاحتفال، حيث اشتعلت الحركة الجماهيرية الشعبية عام 1946 و كان عمادها وطليعتها لجنة العمال والطلبة حيث نظموا مظاهرة خرجت من جامعة القاهرة بإتجاه كوبري عباس على نهر النيل لعبوره إلى كليات الطب والصيدلة على الضفة الأخرى ، ففتحت الشرطة الكوبري وأطلقت الرصاص على الطلاب حتى سقط منهم الكثيرمن الشهداء والجرحى وأصبحت ذكرى هذا اليوم عيداً يحتفل به طلاب العالم سنوياً. لقد سبق هذا اليوم انتفاضات طلابية متتابعة خلال القرن العشرين منذ أول مواجهة في العصر الحديث بين الطلاب والاحتلال عام 1909 وتحديدا في 28 مارس حيث اشتبكوا مع الشرطة وأسقطوا قائد قوات الأمن "هارفي باشا" من علي حصانه وهم يهتفون ضد استمرار فرض الاحكام العرفية ورفضوا تحية الخديوى وهتفوا ضد الإحتلال الانجليزى ونادوا بوحدة مصر والسودان.، كما لعب الطلاب الدور الرئيسى فى تفجير ثورة 1919 حيث اشتعلت هذه الثورة احتجاجا على اعتقال الزعيم "سعد زغلول" ورفاقه يوم 8 مارس وتم ترحيلهم الى بورسعيد ووضعهم على سفينة حربية ونفيهم الى مالطا، وفى اليوم التالى فى 9 مارس أشعل طلبة الأزهر وجامعة القاهرة شرارة التظاهرات التى بدأت بخروج طلبة كلية الحقوق ثم الهندسة والتجارة والزراعة ودار العلوم والطب وفي غضون يومين، امتدت الاحتجاجات لتشمل كل المدارس والجامعات، ومن الطريف أن الطلاب شكلوا ما سمى بالبوليس الوطنى وهويشبه اللجان الشعبية لحماية المظاهرات والمتظاهرين. لقد بدأت الأحداث فى عام 1946 بعد انتهاء اجازة منتصف العام مباشرة بإصدار" اللجنة التنفيذية العليا للطلبة" (والتى توازى الاتحاد العام للطلاب حاليا) دعوة عامة لجميع اللجان الطلابية بعقد مؤتمرات فى 9 فبراير تحت شعارات رفض مبدأ الدفاع المشترك مع بريطانيا ورفض اى مفاوضات الا على اساس الجلاء التام عن مصر والسودان والغاء معاهدة 1936، حيث انعقد المؤتمر فى جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) بحضور مندوبين عن لجان الطلاب بالمدارس، وفى اعقاب المؤتمر خرجت مظاهرة طلابية حاشدة من الجامعة ترفع شعارات الحرية والاستقلال لتطوف شوارع القاهرة ويلتحم بها الألاف من الجماهير، وقد ووجهت المظاهرات بقمع شديد من البوليس وادى ذلك الى سقوط عشرات الشهداء والجرحى، وفى 12 فبراير اقام الطلاب صلاة الغائب على ارواح الشهداء وحدثت اشتباكات واسعة بين جهاز الامن والطلاب امام كلية الطب وحدثت مظاهرات فى الاسكندرية والمنصورة والزقازيق سقط خلالها شهداء آخرين، وفى 15 فبراير خرج الطلاب والجماهير بعد صلاة الجمعة فى مظاهرات حاشدة ليتكرر نفس السيناريو مرة اخرى، وبدأ العمال يشاركون بكثافة مع الطلاب فى المظاهرات وتم تشكيل اللجنة العليا للطلبة والعمال بعد اجتماعات بينهم فى يومى18-19 فبراير شارك فيها نقابات الغزل والنسيج فى شبرا الخيمة وعمال المطابع الاميرية ومؤتمر نقابات العمال ورابطة العمال المصريين، وتم الدعوة لإضراب عام ومظاهرات يوم 21 فبراير وتسميته "يوم الجلاء".وفى يوم الخميس 21 فبراير 1946 تم الاضراب العام وخرجت المظاهرات تطوف الشوارع، وفى القاهرة خرجت مظاهرة ضخمة طافت شوارع وسط القاهرة دون أن تتعرض لها قوات البوليس بناء على تعليمات رئيس الوزراء، لكن ما إن وصلت المظاهرة إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير) حيث ثكنات الجيش البريطانى حتى اقتحمت السيارات العسكرية البريطانية المظاهرة، فدهست من دهست وأطلق الجنود النار على المتظاهرين فسقط 23 شهيدا و121 جريحا، وفي اليوم التالي دعت اللجنة الوطنية للعمال والطلبة للقيام بإضراب عام ثان في الرابع من مارس أطلقت عليه اسم "يوم الشهداء". ورغم أن مظاهرات 4 مارس كانت محدودة داخل القاهرة إلا أن أماكن أخرى مثل الإسكندرية والمحلة شهدت اشتباكًا بين حشد كبير من المتظاهرين وبين القوات البريطانية سقط فيها 28 شهيدا. أما جماعة الإخوان المسلمين فقد لعبت في الواقع دورًا تخريبيًا داخل الانتفاضة وكانوا الجناح من الحركة الوطنية الأكثر استعدادًا للتحالف مع الملك ضد الجماهير فعندما اشتعلت الاحتجاجات الطلابية في فبراير أنشأت الجماعة بمساعدة الحكومة "اللجنة القومية للطلبة" كمحاولة لإيجاد قوى موازية للجنة الوطنية للعمال والطلبة تعمل على تفتيت الحركة وإضعافها والتحالف مع اسماعيل صدقى رئيس الوزراء "جلاد الشعب" الذى قال عنه "مصطفى مؤمن" زعيم الإخوان فى الجامعة ( واذكروا فى الكتاب اسماعيلا، انه كان صادق الوعد) مريم 54 لقد جاء تشكيل " اللجنة الوطنية العليا للعمال والطلبة" تتويجا لنضال طويل للحركة الطلابية فى الجامعة ونضال الطبقة العاملة ضد الرأسمالية والإستعمار وخاصة منذ بداية القرن العشرين فى هبات جماهيرية ونضال طبقى قادته بالاساس المنظمات اليسارية وفى القلب منها الحزب الشيوعى المصرى (1920) والذى نجح فى تكوين الاتحاد العام للعمال الذى ضم 20000 عضو وهو الامر الذي افزع السلطة الاستعمارية البريطانية انذاك ودفعها الي توزيع نسخ من الفتوي الصادرة في 1919 عن الشيخ محمد بخيت مفتي مصر والتي اعلن فيها تحريم “البلشفية” اي الشيوعية. لقد استمر الطلاب يحملون مشاعل الثورة والغضب بعد ذلك، فهم أول من خرج فى مظاهرات بعد هزيمة 1967 احتجاجا على احكام الطيران، وفى بداية السبعينيات بلغت الحركة الطلابية فى الجامعات المصرية ذروتها باحتلال الطلاب لميدان التحرير (رمز الثورة) وانفعالاً بالمشهد البطولى الذي صنعه الطلاب ذاك العام حين شغلوا الميدان في ليلة قارسة البرد، كتب "أمل دنقل" قصيدته الكعكة الحجرية .ومن أبياتها المعبرة عن الموقف :"والمغنّون - في الكعكة الحجريّة – ينقبضونَ ، وينفرجونَ ، كنبضةِ قلبْ ! ، يُشعلون الحناجرَ، يستدفئون من البرد والظلمةِ القارسة ،يرفعون الأناشيدَ في أوجه الحرسِ المقتربْ ، يشبكونَ أياديهمُ الغضّةَ البائسة ، لتصيرَ سياجاً يصدُّ الرصاصَ !، الرصاصَ..الرصاصَ.. ، وآهِ..يغنّون: «نحن فداؤكِ يا مصرُ". وشارك الطلاب بفاعلية فى انتفاضة 18-019 يناير 1977 وخرجت المظاهرات من الجامعات والمصانع لتتحول الى انتفاضة عامة فى كل انحاء مصر، كما كان لهم الدور الأساسى فى الدعوة للإضراب العام فى 6 ابريل 2008 والمشاركة فى انتفاضة المحلة، بالاضافة لعشرات الفعاليات والوقفات الإحتجاجية والمظاهرات نصرة للقضية الفلسطينية وضد العدوان الإمريكى على العراق، وبلغت حركة الطلاب ذروتها فى ثورة 25 يناير حيث مثّل الشباب المنظم القيادة والمفجر لحركة الجماهير والتى شارك فيها جميع فئات الشعب وطوائفه. شارك طلاب الجامعات والمدارس الثانوية بفاعلية وقوة فى الدعوة للإضراب العام فى 11 فبراير 2012وخرجوا فى مظاهرات حاشدة لمحاصرة وزارة الدفاع احتجاجا على استشهاد زملاء لهم فى ماسبيرو ومحمد محمود ومحيط مجلس الوزراء وفى احداث بورسعيد الدامية مطالبين بمحاكمة المسئولين وسرعة نقل السلطة للمدنيين وتحقيق العدالة الإجتماعية ووضع حد ادنى واقصى للأجور وضد المحاكمات العسكرية للمدنيين..الخ. لقد عاد الطلاب مرة اخرى بقوة الى ساحة العمل السياسى مطالبين باستكمال اهداف الثورة مما يعطى املا فى استمرار سيرورة الثورة وبلوغها لكامل اهدافها، انهم الشباب الجانب الأكثر حيوية ونشاطا فى المجتمع والذين يمثلون المستقبل الواعد والوضّاء لثورة الشعب المصرى. رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تانى يامصر انتى اللى باقية وانتى قطف الأمانى
#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليهودية...ديانة مصرية
-
بهيجة حسين..وذاكرة الأمكنة
-
خلجنة المجتمع المصرى
-
nknown
-
القضية الوطنية والمسألة الفلسطينية فى الثورات العربية
-
لائحة طلابية جامعية.. فى زمن الثورة
-
يسار مغامر. أم مراهقة ثورية
-
الإخوان المسلمون...إختلافات ورؤى 2- إخوان السودان و الدكتور
...
-
الإخوان المسلمون .. إختلافات ورؤى 1-حركة النهضة التونسية
-
كلام فى الثورة
-
الشيوعية والأخلاق
-
رثاء الرفيق الراحل ( رفيق عبد الستار الشناوى ).
-
عن الثورة والحزب
-
الإخوان والعنف...مؤامرة 1965
-
هذه الثورة ..طبيعتها وآفاقها
-
الحسن والحسين... ذكر نصف الحقيقة
-
واحد من الشهداء
-
الإخوان والعنف .... حادث المنشية 1954 نموذجا
-
حزب الإخوان...مخرج أم مأزق؟
-
حقيقة الجهاد الأفغانى....تصحيح المفاهيم
المزيد.....
-
مكتب نتنياهو يتهم -حماس- بممارسة -الحرب النفسية- بشأن الرهائ
...
-
بيت لاهيا.. صناعة الخبز فوق الأنقاض
-
لبنان.. مطالب بالضغط على إسرائيل
-
تركيا وروسيا.. توسيع التعاون في الطاقة
-
الجزائر.. أزمة تبذير الخبز بالشهر الكريم
-
تونس.. عادات أصيلة في رمضان المبارك
-
ترامب: المحتال جو بايدن أدخلنا في فوضى كبيرة مع روسيا
-
روته: انضمام أوكرانيا إلى حلف -الناتو- لم يعد قيد الدراسة
-
لوكاشينكو: بوتين تلقى اتصالا من أوكرانيا
-
مصر.. اكتشاف مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني
المزيد.....
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|