|
في 17 شباط ذكرى اغتياله ال25، حسين مروة كرمز ضد الفكر الغيبي
جمال القرى
الحوار المتمدن-العدد: 3641 - 2012 / 2 / 17 - 15:59
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
لم يكن الثوري اليساري، والمفكر الماركسي، حسين مروة يدري أن ثمة أيادي غادرة، لقاماتٍ خاوية هاماتها إلا من الفكر الغيبي، ستطلق الرصاص في رأسه في17شباط 1987 ظناً منها أنه بإسكاته إلى الأبد تستطيع اغتيال الفكر المستنير الولاّد، والعقلانية الإبداعية، والتي أودعها لنا في كتب ومقالات عديدة، تشكِّل إرثاً فكرياً وثقافياً وسياسياً قيِّماً. ولكنها عن غير وعي منها، رفدته بكبار المفكرين والسياسيين الذين طبعوا كافة مراحل التاريخ العربي بطابع الثورية، وقضوا غيلة ًعلى يد قوى الشر المتمثِّلة إن بالسلطة السياسية الاستبدادية (خليفة الله على الأرض)، وإن بمجموعات ظلامية مجدبة عقولها، لا تجيد سوى الإعدام لغة للحوار.
في كتابه " تراثنا، كيف نعرفه"، تخطّى حسين مروة الطريقة السلفية في معرفة التراث باعتباره قضية الماضي لذاته، وإسقاطه على الحاضر وإعادة إنتاجه بالتالي بصورته الغيبية، ليقدم سبل معرفة له، تقوم على الفكر العلمي الديالكتيكي، وتنظر إليه في تاريخيته، وتُصوّر الحاضر كحركة صيرورة تتفاعل من داخلها منجزات هذا الماضي وتؤسس للمستقبل.
بهذا النمط من المعرفة العلمية، هدف حسين مروة إلى:
■إبراز الوجه الإشراقي، الإنساني والثوري لتاريخ الحضارة العربية في تفاعلاتها مع الحضارات الأخرى وانعكاساتها فيها. ■الكشف عن كنوز الإرث الثقافي العربي الذي طُمس عمداً في بعض أدوار التاريخ من قِبل السلطات الحاكمة ومن قِبل المستشرقين، وأُحرِق وأُغرِق على يد المغول والصليبيين. ■تبيان فضائل الشخصية العربية الأصيلة ذات الطبع الإنساني الصافي ونبذها رذائل الخيانة والمخادعة والطغيان. ■إثبات أن القصة العربية والقَصَص الشعبي والملاحم كألف ليلة وليلة، وسيرة عنترة وبني هلال، وقصة ذات الهمة والبطال، وسيف بن ذي يزن وغيرها، فيها من العناصر الميثولوجية والأُسطورية والملحمية، بما يضعها في مصاف تراث الأدب العالمي، فكراً وبياناً ووصفاً. ■التركيز على الاضطهاد والقتل الذي لقيه المفكرون والفلاسفة والاًدباء في عهود النهضة العقلية من قِبل الدولة الإستبدادية بغية إسكات لغة العقل والإبداع. ■دحض النزعة الشعوبية، أي نزعة التعصب العنصري ضد العرب، من قِبل العناصر غير العربية ولا سيّما الفرس منهم، من أجل تحريف التاريخ الثقافي العربي والانتقاص من قيمته، وسلخ النَّسب العربي عن مبدعيهم ولصقه بالفارسي، وإخلاء هذا التراث من بدائع أعلام الأدب والفكر والفلسفة. ونفذ من خلال دراسة وتحليل الآثار الأدبية والفكرية والعلمية لأدباء ومفكرين وفلاسفة، طبعت أعمالهم المرحلة الممتدة من العصر الجاهلي إلى العباسي، مروراً بصدر الإسلام والأُموي، بطابع الثورية، كالصعاليك، ابن سينا، ابن المقفّع، الجاحظ، المتنبي، أبو العلاء المعرِّي، ابو نواس، جابر بن حيّان، ابن سعد، اخوان الصفاء،المتصوفة، ابن حزم وغيرهم، نفذ إلى تأريخ أمرين أساسيين أولهما الصراع الطويل الذي خاضته اللغة العربية كأداةٍ تعبيرية حيّة للفكر والأدب والفلسفة، بين القديم والجديد، أي بين النُّقاد واللغويّين والنحوييّن المحافظين، وبين حاملي راية التمّرد، على التقاليد القديمة، وإثبات أن عملية تطويرها،لم تكن لتتم بطريقة ميكانيكيّة، بل كان ذلك إنعكاساً للتحّولات السياسية والانقلابات التي شهدتها كافة المراحل. والثاني، هو تأريخ مفاصل تمرحل التاريخ السياسي العربي وتطوره من العصر الجاهلي بنظامه القبلِّي المنبثق من حياة البداوة البسيطة إلى ما بعد العصر العبّاسي بنظامه الإقطاعي- التجاري- الثيوقراطي الأكثر تعقيداً وتطوراً، مرتكزاً لذلك على دراسةً ديالكتيكيّة، لحركة تطور وتفاعل الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي بمجمله، وتبيان ارتباطه بتطور حركة القوى الاجتماعية المنتجة وعلاقتها بالأشكال التاريخية المسيطرة، إن في زمن حكمها أو في زمن تحولاتها وانتقالها إلى مرحلة أكثر تطوراً.
حسين مروة، ربّما أصاب ببعض تحليلاته ونظرياته، وربّما أخطأ، لكنه اجتهد ونقد حتى الاستشهاد، أين الفكر والفكر الناقد اليوم الذي طالما اضطلع بدورٍ محرِّك في المجتمع، إن لم يكن لتغييره بل لتفسيره، وخاصةً بعد فشل التجربة الاشتراكية الأم بصيغتها السوفياتية، أين المعوِّقات النظرية التي كانت ترى بحتميّتها؟ هل هي أزمة النظرية، أم أزمة في التطبيق؟ أم أزمة انعقاد النظري على السياسي التطبيقي؟ أين الاجتهادات الفكرية اليسارية، الملحة اليوم من أجل إعادة تفعيل دور اليسار المغيّب؟ هل هو القحط
الفكري، أو الخوف، أو اليأس، ام هو الانزلاق بعينه نحو الفكر الطائفي؟
#جمال_القرى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة تقويمية ثانية واخيرة لنقاش تشكيل تيار علماني
-
قراءة اولية تقييمية لنقاش تشكيل تيار لبناني علماني وطني
-
قراءة سريعة ومقتضبة في الثورات العربية
-
دعوة لفتح نقاش جدي
-
الفتوحات العربية في روايات المغلوبين
المزيد.....
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|