درويش محمى
الحوار المتمدن-العدد: 3641 - 2012 / 2 / 17 - 00:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تقدم نحوي احد الفتية, صافحني وهو يعرف عن نفسه بكل ادب, ثم سألني بكل ود واحترام ان كنت ارغب بالقاء كلمة في الحضور, اعتذرت من دون تردد, فالتظاهرة التي جرت في ساحة مدينة "يفلي" السويدية, تكاد ان تنتهي, والبرد بدوره يكاد ان ينال من عزيمتي, فأنا لم اعد بحيوية ذلك الفتى, ولا بحيوية رفاقه الشباب وهم يسيرون شؤون تلك التظاهرة باسم تنسيقية شباب الكرد في السويد.
اكثر ما شد انتباهي في ذلك التجمع كان العلم السوري الكبير, علم الاستقلال, حيث كان طاغياً بالوانه على العلم الكردي, شدت انتباهي كذلك, اللغة العربية التي لم ينقطع صداها لمدة تكاد تقارب الساعتين, رغم ان معظم الحضور كانوا من الكرد السوريين, وصوت ابراهيم القاشوش الحموي يملأ المكان, انها الشعارات نفسها في بابا عمرو والخالدية ودرعا البلد والزبداني وحرستا ومضايا وباقي المدن السورية المنتفضة, نسمعها كل يوم عبر الاثير والفضائيات, شعارات يتغنى بها شباب كرد في اقاصي بلاد الله على بعد الاف الكيلومترات من وطنهم الام.
بعد انتهاء التظاهرة, وعودتي الى حضن منزلي الدافئ, تذكرت وجوه هؤلاء الفتية, بهزاد, بسام, بروسك, عيسى, كاوى, فيراز, وغيرهم عاتبت نفسي وندمت, فهم يستحقون كل الرعاية والاحترام, كان علي ان اخاطبهم, اشد من ازرهم, واحييهم على روحهم الوطنية, وطالما قلت ومازلت اقول, ومنذ اليوم الاول من الثورة السورية, "ان هؤلاء لا يشبهوننا في شيء, اتركوهم وشأنهم", هم اكثر تضحية منا, واكثر بسالة, واكثر ذكاء, واكثر حرية, واكثر وطنية, واكثر نظافة, واكثر واقعية وبراغماتية, وانا كلي ثقة, لو ترك الامر للشباب السوري بمختلف طوائفه وقومياته, لو تركنا لهؤلاء ان يقرروا مصيرهم ومصيرنا, لكنا في حال افضل مما نحن عليه اليوم.
اذا ما سنحت لي الفرصة, و اذا ما طلب مني الكلام في حضور الشباب السوري, هذا الشباب المتميز, سأكتفي بتلاوة بضعة اسطر للشاعر الفيلسوف ايليا ابو ماضي, وهو يقول : "ويا فرح القلب بالناشئين, ففي هؤلاء جمال الحياة, هم الزهر في الارض إذ لا زهور, وشهب إذ الشهب مستخفيات, إذا أنا أكبرت شأن الشباب, فإن الشباب أبو المعجزات, حصون البلاد وأسوارها, إذا نام حراسها والحماة, غد لهم وغد فيهم, فيا أمس فاخر بما هو ات".
#درويش_محمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟