رشيد شاكري
الحوار المتمدن-العدد: 3639 - 2012 / 2 / 15 - 17:09
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
إن الانتقال من الشفوي إلى المكتوب في اللغة الأمازيغية شرط أساسي لبقائها وانتشارها لأن الرواية الشفوية التقليدية لم تعد قادرة على الصمود في عالم اليوم، كما أن شروط إنتاج ووجود هذه الثقافة الشفهية وشبكات تواصلها بدأت تختفي، لذلك "فعن طريق التدوين والإبداع الكتابي تكون شفاهية الأدب الأمازيغي أكثر حداثة بفعل تطوير آلياته وخطاباته وأهدافه وذلك وفق تحديات ثقافات المجتمعات المعاصرة وفي سياق حوار حضاري" وإذا كانت الأمازيغية أمام ثلاث أبجديات لاعتمادها في الكتابة وفق نظامها الفونولوجي، فإن لكل منها (تيفيناغ، عربية، لاتينية) إيجابياتها وسلبياتها تحول دون الحسم في اختيار واحدة منها والتخلي عن الباقي، مع العلم أن الكونغرس العالمي الأمازيغي فرض الخط اللاتيني كحد أدنى للتفاهم بين الأمازيغيين .
لذلك سأجمل مختلف الآراء حول هذه الأبجديات لنستبين مدى ملاءمتها للحاجيات الصوتية للغة الأمازيغية.
1- أبجديات تيفناغ :
تعتبر "تيفناغ" من أقدم أبجديات لغات العالم فهي بذلك إرث حضاري وتاريخي قيم ولها دور رمزي مرتبط بالهوية الأمازيغية لشمال إفريقيا ورغم ذلك لم يتم اختيارها لأن اعتمادها كأبجدية متداولة يطرح مشاكل أكثر من أن يقدم حلولا "إنها إرث ليس له تراث مكتوب وفك رموزه ومعالجته من طرف الأركيولوجية اللسانية لم ينته بعد إلى يومنا هذا" كما أنها "لا تحتوي على جميع التمثيلات التصويرية للعناصر اللغوية التي تحتاجها الأمازيغية الحديثة كالحروف المشفهة والتي لا يمكن تكملتها بواسطة الحركات دون المساس بقابلية الخط للقراءة ".
2- الأبجدية العربية:
استعمل الحرف العربي لكتابة وترجمة بعض العلوم الإسلامية إلى الأمازيغية منذ القرن الثاني عشر، ومازالت بعض الجمعيات في وقتنا الراهن تتبناه في كتابة إصداراتها ومنشوراتها، وهناك من دعا إلى اعتماد الأبجدية العربية لتدريس الأمازيغية ومحو الأمية "...فإن محو الأمية في لغتهم وباستعمال وسيلة كتابة هي جزء من المحيط الثقافي (يعني الكتابة العربية ) قد تكون قارب النجاة من أجل تلبية عدد كبير من الاحتياجات التواصلية في الحياة العملية ".
إلا أن الحرف العربي لم يجد له متحمسين إذ أن معظم الأمازيغيين يرفضونه لأسباب متعددة منها :
الحروف العربية غير ملائمة للنظام الفونولوجي للغة الأمازيغية لأنها لا تتضمن رموزا تعبر عن بعض الأصوات الأمازيغية ، مثل الزاي المرققة أو حرف "g" كما أن " المسار الوحيد الذي تم اعتماده للتعبير عن أصوات غير موجودة في العربية (,p ,v g ) هو إضافة نقط فوق أو تحت هذه الحروف ( ب ، ف ، ك ) وهذه الطريقة ثقيلة تقنيا وليست موضع إجماع ".
اللغة العربية صامتية بامتياز، فهي لا تتضمن الصوائت القصيرة كحروف مستقلة أو بعدية .
الحروف العربية "غير قادرة على تحقيق الانتشار والتواصل بواسطة الدعامات الحديثة (وسائل معلوماتية أجهزة إلكترونية ، إنترنت ...) ".
اقتراح الأكاديمي {محمد شفيق } بتعويض الصوائت القصيرة (الضمة والفتحة والكسرة) بالصوائت الطويلة (الواو والألف والياء) يعيقه أمران هما " أنه يعطي كتابات غير مألوفة مثال :
o محمد ستكتب موحاماد، إضافة إلى أن هذا الاقتراح لا يحل مشكلة التضعيف (الشدة)".
وإجمالا وحسب جل الباحثين الأمازيغيين "إن تبني الحرف العربي في كتابة الأمازيغية هو تبني فاشل بيد أن العربية نفسها لم تستطع أن تتخطى الهفوات التي تحول دون تطويرها ومسايرتها للتكنولوجيا والاقتصاد، كما أن صعوبة قراءة الأمازيغية بالخط العربي سبب رئيسي لعدم إمكانية هذا الخط استيعاب النظام الفونولوجي الأمازيغي".
3- الأبجدية اللاتينية :
الأبجدية اللاتينية هي الأبجدية الوحيدة التي تحظى باهتمام كبير من طرف الباحثين الأمازيغيين، إلا أنها مازالت تختص بالنخبة إذ " لا يجب أن ننسى أن أغلب الناطقين بالأمازيغية يعيشون في البوادي وبالتالي ليس لهم إدراك بالحروف اللاتينية ".
ومع ذلك فاستعمال الحروف اللاتينية له إيجابيات عديدة نجملها في ما يلي :
• "الحرف اللاتيني هو الكتابة التي تلائم النظام الفونولوجي الأمازيغي، ولا يمكن لأي أبجدية أخرى أن تلائم المطالب الإملائية والنحوية لهذه اللغة ".
• " يمكنها (أي الأبجدية اللاتينية) أن تعبر عن جميع الاختلافات التصويتية في الأمازيغية بدون حشو، ولأن أيضا الصوامت والصوائت تكتب أفقيا ".
• " نشر الإنتاج الكتابي بالأمازيغية، باستعمال الدعامات الحالية للاتصالات يتطلب نظام كتابة ملائم للأجهزة المتوفرة (يعني نظام الأبجدية اللاتينية) ".
• الأبجدية اللاتينية مستعملة من طرف عدد كبير من اللغات وعدة مجموعات لسانية وفونولوجية " وهذا يعني أنها تتميز بالمرونة، وهذا يعني أيضا أن نفس الرموز الموجودة في الأبجدية اللاتينية تتخير قيمتها وتنطق بشكل مختلف كلما انتقلنا من لغة إلى أخرى ".
وختاما لا بد من استحضار بعض التوجهات العامة لتأهيل الأمازيغية ومنها ( *:
يجب التذكير بأن التنوع والاختلاف هما معطيان موجودان في كل مجموعة لسانية.
لا يجب أن يعتبر وضع لغة أمازيغية موحدة ومشتركة هدفا آنيا.
يجب تجنب خلق وضع جديد في الحقل الأمازيغي كما بين العربية الكلاسيكية والعربية الدارجة مما سيكون غير منتج بالنسبة لهدف نشر وتعميم اللغة البربرية.
إن هدف شكل موحد لجميع اللهجات لا يمكن تصوره إلا على المدى البعيد من خلال التعود والالتقاء التدريجي ما بين مختلف اللهجات الأمازيغية.
إن فرض قيمة لسانية واحدة لجميع اللهجات الأمازيغية ستقطع الناطقين بها مع تراثهم الثقافي والأدبي الخاص بهم، وستتحول الأمازيغية إلى لغة خشبية بدون ارتباط اجتماعي حقيقي، وبدون دينامية ثقافية.
1) كريم البعيادي من 17الى23 يوليوز1998 ": إشكالية الكتابة بالأمازيغية.المستقل الأسبوعي عدد 23 من7الى23 يوليوز1998.
2) Abderrahim Youssi , lnguistique et choix graphiques ,Tifinagh vol.1 n 5/6 mai 1995 p : 5 - 11
3)A.LAHMA,Phonémes et graphemes du pansysteme de tamazivt .Arabian alhilal.rabat.p :79-80
4) Abderrahim YOUSSI , lnguistique et choix graphiques ,Tifinagh vol.1 n 5/6 mai 1995 p : 5 - 11
5) Lahcen OULHAJ ,Grammaire du tamazight ,elements pour une standardisation .édition centre tarik-2000 p16-17
6) LAHBIB Fouad ,Orthographe et transcription de tamazight .Contribution écrite au colloque organisé par la confédération des Associations Amazighes du Nord du Maroc sur l’enseignement de la langue tamazight les 16.17.18 juiellet 1999 à Nador
http://www.inalco.fr *) للتوسع أكثر تصفح ورشات حول الأمازيغية على الموقع التالي :
#رشيد_شاكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟