أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري حمدان - المجتمعات العربية ومعضلة البحث عن هوية















المزيد.....

المجتمعات العربية ومعضلة البحث عن هوية


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 3634 - 2012 / 2 / 10 - 12:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تبدو المجتمعات العربية المعاصرة، كأنها مجتمعات في مهبّ الريح، تبحث عن مكانها فوق خريطة الشرق الأوسط، قبل أن تحلم بالتواصل مع المجتمعات الدولية. مع أن بدايات الربيع العربي جاء نتيجة للتواصل مع العوالم المتقدمة عبر نافذة الانترنت، وبعد أن أدرك المواطن العربي بأنه من الممكن الحصول على حياة كريمة أفضل بكثير مما تعرضه الأنظمة العربية، وهكذا اندلعت الثورات الواحدة تلو الأخرى من تونس وحتى سوريا.
إذا جاز القول بأن المجتمعات العربية غير ناضجة، فهذا لا يعني بأن الأنظمة الحاكمة أكثر نضوجًا من المجتمعات التي تحكمها بقوة السلاح والنار. ولو كان الأمر غير ذلك لما واجهت هذه الأنظمة الثورات العربية بهذا العناد الغريب، مهما كان الثمن المتوقع. وها نحن الآن نقف أمام صورة دراماتيكية مؤلمة في سوريا، حيث انقسم المجتمع وبات هناك في كلّ بيت قتيل ومشروع لثأر. لا يمكن فهم موقف النظام االسوري، مهما بلغ حجم الدعم الروسي والإيراني، لأنه ليس من المتوقع أن تقف روسيا ضدّ المجتمع الدولي إلى أجل غير مسمّى، ونحن ندرك طموحها بالضغط على حلف الناتو ومنعه من نصب عناصر الدرع الصاروخية في الدول الأوروبية ليس بعيدًا عن الأهداف الروسية الاستراتيجية. بل وتمّ عمليًا نصب أول رادار لإرسال إشارة إنذار مبكر فوق الأراضي التركية، وهناك نوايا بنشر المزيد منها في رومانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى. لروسيا أهداف واضحة، وترغب بالحصول على جزء من قطعة الجاتو التي قد يتمّ تقسيمها بمنأى عن الروس، ولن يتبقى للنظام الروسي من داعم وسند سوى الشعب السوري حال تخلّي روسيا عنه.
التعنت الذي أصرّت عليه الأنظمة العربية، خلق حالة من العداء الشديد، ما سيؤدي بلا شكّ إلى تأخير إعادة بناء هذه المجتمعات، وهي تبدو ألآن تائهة في مهبّ الريح، فلا هي استفادت من التغيير لتسارع في بناء المؤسسات الديمقراطية، ولم تبقِ على الإنجازات التي خلفتها هذه الأنظمة. وأكبر مثال على ذلك ما نشهده في مصر من تخبط واضح على كافة المساقات. شاهدنا عمليات قتل على خلفية كروية، وهو أمر يصعب تصديق حدوثه في مجتمع متماسك، ما أدى إلى حالة من الكراهية ضدّ رياضة كرة القدم الجميلة، والتي تعدّ بمثابة امتحان لمعرفة مدى التسامح بين طبقات المجتمع على اختلاف مشاربها. الشأن الآخر الذي لفت الأنظار، محاكمة الفنان عادل إمام مرتين. المرة الأولى حين وقف ضدّ الثورة الشعبية وناصر الرئيس الدكتاتور حسني مبارك، والثانية محاولة الإسلاميين محاكمته لإساءته للإسلام في أفلامه وأعماله السابقة العديدة، التي صفقنا لها مقدّرين لموهبة هذا الفنان الفذّ. وبالرغم من كلّ هذا التناقض نرى بأن محاولات طمس شخصية المواطن مستمرة من قبل الأنظمة الجديدة، لكن جاء القمع والتهميش هذه المرّة على خلفية إسلامية عقائدية، وهذا ما كان يتخوف منه المجتع الطامح للمدنية بحقّ، بعيدًا عن سلب الإرادة والإسكات وبالتالي الإذلال. كأنّنا لم نحرّك ساكنًا للأسف ولم نعتبر من أخطاء ودروس الماضي القريب.
ندرك جيدًا بأن أعمار الثورات طويلة ولا يمكن قطف ثمارها بهذه السرعة، لكن لا بدّ من وضع أسس للبدايات، فنحن لسنا حقل تجارب دائم، ونستحق الحصول على حرياتنا، ولا يمكن السماح مجددًا لأصحاب اللحى بأن يفرضوا على المجتمعات العربية طرق التعامل الحياتية اليومية، وتحديد القدم التي ندخل فيها الحمام ومتى نأتي نساءنا وكيف نشرب ونأكل وماذا نقرأ ولمن نكتب! لا يمكن قبول هذا النمط الجديد من الحكم تحت مسميّات عقائدية. أغلبية المجتمعات العربية مسلمة، وقد تكون مختلفة في طريقة إسلامها، هناك أيضًا المسيحيون واليهود وأقليات عديدة أخرى، ولا بدّ من احترام إرادة الأقليات المختلفة والمطالبة بإقامة نظام سياسي قادر على جمع كافّة طبقات المجتمع حقنًا للدماء، واحترامًا للاختلاف فهو وحده القادر على خلق حالات الإبداع والارتقاء بالمجتمعات العربية إلى آفاق واسعة وكبيرة، تسمح بالتالي بنطور الاقتصاد وفتح المجال لقطاع العمل للنمو والتطور، وجذب الاستثمارات الأجنبية، التي تخشى التوتر وتأمل بوجود تربة مستقرة آمنة لوضع الأسس الملائمة لاستثمارات واعدة.
الاستثمارات الأجنبية ليست صعبة أو مستحيلة، لكن يجب أن ندرك بأن أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة هم بشر مثلنا، يرغبون بأن يذهب أبناءهم إلى مدارس في مناطق مستقرة آمنة، ويريدون أن يستمتعوا بحياة هادئة بعيدًا عن القلاقل والحقد والثأر والخطف والموت.
جميع المؤشرات تقول بأن المجتمعات العربية ما تزال قلقة متوترة، لكنها مجتمعات شابّة، وعنصر الشباب هو القادر على التغيير فهو الذي يحمل جينات التطور. المجتمعات العربية تملك الفرصة لأن تصبح فاعلة وقادرة على التأثير، كما يوجد من الخيرات والنفط ما يكفي للارتقاء باقتصاد هذه الدول إلى مستويات جيدة، يكفي بأن يُفسح المجال للإبداع والعطاء ووضع برامج جادة لمكافحة البطالة بين الشباب، علمًا بأن تقارير "اليورو ستات" تشير إلى أن البطالة آخذة بالارتفاع بين عناصر الشباب في القارة الأوروبية، التي وصلت إلى معدلات مقلقة، ففي أسبانيا بلغت هذه النسبة 20%، أما اليونان وإيطاليا والبرتغال فحدّث ولا حرج، ولا يختلف الوضع عنه في دول البلقان.
في ظلّ الأزمة العالمية التي تركت ظلا ثقيلا في معظم الدول، نجد بأن العالم العربي يمتلك فرصة تاريخية للتميز وتحقيق معجزة. ويمكن خلط الأوراق بطريقة جيدة والاستفادة من أزمة المديونية الأوروبية، وإقامة جسر اقتصادي مع الصين، التي تمتلك سلة النقد والقادرة على الاستثمار بمليارات الدولارات واليورو أينما طاب لها ذلك، وهي تسعى حاليًا لبناء خط سكك حديدة سريع جدًا وعابر للجمهوريات السوفييتية السابقة حتى إسطنبول، ومن ثمّ تجاه اليونان وبلغاريا فأوروبا، بغية الوصول إلى الأسواق الأوروبية بأقل التكاليف الممكنة. تُرى، ما الذي يمنع من الاستفادة من هذا المشروع العملاق، وسوريا تقع على الحدود التركية. نعم لكن لا بدّ قبل ذلك من وقف تيار الدمّ المتدفق من الشريان السوري، ولا بدّ من إعادة المياه إلى مجاريها. من يدري متى يمكن أن يتحقق ذلك؟ قد تفكر الصين عندها في بناء خط سكك حديد إلى المريخ! وهذا منتهى التشاؤم. وقد تصل هذه الخطوط إلى الحدود التركية السورية قبل الربيع المقبل، وهذا منتهى التفاؤل!.



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يصلح العطّار ..
- القصيدة العارية
- ظلّ النورس
- أورهان باموق يتحدث عن الحياة والأدب
- حفل تشريح جثة مثقف عربي قتل متلبسًا بالحياة
- بلا أجنحة
- من قتل الرقيب
- تقاويمي المغدورة
- حتى السنابل تتمرد
- على شفا هاوية
- قصور وأعراس -2- مسرحية في حلقات
- قصور وأعراس
- نساء مترو الأنفاق
- الطريق نحو الماضي
- وحدها ابتسامتك تهزمني
- توازن - قصص قصيرة
- انفرط العمر يا وردة
- سقوط القلم
- البيت العتيق
- قهوة العصر وامرأة


المزيد.....




- -لماذا لا تقوم بعملك يا سيناتور؟-.. حشد أمريكي غاضب بعد ترحي ...
- مسؤولون لـCNN: خفض عدد القوات الأمريكية في سوريا إلى النصف خ ...
- موسكو: كييف تستخدم التعبئة لصالحها
- الذكرى الـ 80 لبدء معركة برلين
- الإمارات: القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تمث ...
- وزير الداخلية التركي يكشف عدد السوريين الذي عادوا إلى بلادهم ...
- -بوليتيكو-: تسريح موظفين في وزارة الدفاع الأمريكية بسبب إدار ...
- وزير خارجية مصر: جهودنا لم تتوقف لإنهاء الحرب -الظالمة- على ...
- قازان.. طائرة Tu-144 السوفيتية الشهيرة تتحول إلى متحف
- نجيب بوكيلة لن يستطيع -تهريب- من تم ترحيله خطاً للولايات الم ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خيري حمدان - المجتمعات العربية ومعضلة البحث عن هوية