|
ماتت مصر .. والعزاء بمسجد -عمر مكرم-
مجدى نجيب وهبة
الحوار المتمدن-العدد: 3633 - 2012 / 2 / 9 - 12:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
** بعد صراع طويل مع المرض أعلنت وسائل الإعلام المحلية والدولية المقروءة والمرئية .. تعرض مصر الحزينة لأزمة قلبية حادة أدت إلى توقف جميع شرايين الحياة وأصابتها بإنفجار فى شرايين الرأس وسكتة قلبية .. هذا وقد خرجت كل من قناة النيل الإخبارية والقناة الأولى والفضائية المصرية ببيان أذاعت فيه الخبر وقالت فيه "بمزيد من السعادة .. نزف إليكم الخبر الذى إنتظرناه طويلا فقد تم بحمد الله تشييع المرحومة "مصر" إلى مثواها الأخير وبهذه المناسبة السعيدة تقام سرادق العزاء بميدان التحرير .. ويتم توزيع الأنواط والنياشين إلى بعض السياسيين لدورهم المتميز فى إجهاض المرحومة .. كما ستقدم الجوائز العينية ، والشهادات التقديرية لمقدمى البرامج الإخبارية لتميزهم والذى شهدت له "واشنطن" ، ودول الإتحاد الأوربى ..
** أما عن تشخيص الحالة الصحية وتطورات المرض فقد أفادت جميع القنوات المصرية والفضائية ، وقناة الجزيرة القطرية ، وقناة CNN .. أن المؤسف عليها مصر ظلت طوال سنوات عديدة تعانى من أمراض عديدة أدت إلى تصلب شرايين الجزء الأيمن من الجسد وأصابته بشلل رعاش مما أدى إلى عجز بنسبة 85% ولأن الأبناء العاقين رفضوا علاج الأم فقد زحف المرض على الجانب الأيسر للجسد حتى أصابه بنسبة 90% وظلت الأم راقدة أعوام طويلة ترى بعينها ولا تستطيع الحراك .. وفى إتصال هاتفى مع بعض الدول الغربية لعمل الإستشارات الطبية اللازمة تدخل أحد أصحاب محلات دفن الموتى ويدعى باراك حسين أوباما الحانوتى أحد مواطنى كينيا المعدمة والذى سقط عن طريق أحد دروب التهريب إلى أمريكا ونصح بعض المقربين للمرحومة بتجهيز مراسم الدفن قبل زيادة الأسعار ورأى البعض أن المشكلة تكمن فى الإعلان عن الخبر حتى يتسنى للورثة المطالبة بكافة حقوقهم طبقا لحق الإرث فيما بينهم .. وسارت الأمور كما خطط لها الورثة .. وهم يرقصون رقصة الوداع ، ويدقون الطبول .. وفجأة إندلعت بعض الأصوات من أبناء المرحومة الذين ثاروا وإنتفضوا وتحركوا وقالوا فيما بينهم ما الذى دهانا .. هذه أمنا وهى تمثل عرضنا وشرفنا .. لماذا لا نحاول أن نستنهضها من غفوتها وأن ننقذها من قسوة المرض .. خرجوا ثائرين طالبوا بالدواء ونقلها فورا إلى أحد المستشفيات الأمنة .. كان ثمن الدواء يستوجب التضحية ببعض وسائل الترفيه .. وهو ما رفضه الكثيرين وقالوا لقد إستحملنا أمنا كثيرا .. حان الوقت لكى نتقاسم الثروة فيما بيننا ، ولن نغادر المكان قبل الحصول على إرثنا ، كان صراخهم وضجيجهم أكثر صخبا من أصحاب القلوب الرحيمة .. ظلوا هؤلاء الفوضويون يصرخون حتى ملأت أصواتهم جميع أرجاء المسكونة .. وهم يقذفون الأم بالحجارة وكرات النار المشتعلة .. نظرت الأم وهى على فراش الموت حولها وهى تستنجد بأبنائها ، وفى مشهد شديد القسوة لم تستطيع الأم أن ترى أبنائها المخلصين حول فراشها من شدة الإصابات .. فقد قاموا بطردوهم من المنزل وظلت الأم وحيدة تنظر حولها فى صمت والدموع تتساقط من عينيها ، بينما إختفت جميع الأصوات الرحيمة .. لم تجد الأم حولها إلا مصاصى الدماء والإرهابيين وهم ينزعون الأساور من يديها التى ظلت سنين طويلة تتزين بها وحينما رفعت أيديها إلى أعلى فألبسوها أساور من كلابشات حتى لا تحرك يديها .. صرخت الأم ولكن صوتها ظل يصرخ فى وادى الموت ولا أحد يسمعه .. لم تسمع الأم سوى صدى صوتها يأتى من "كهوف الظلمة" حتى خمد الصوت ولم تعد تملك إلا عينين متحجرتين .. ينظرون إلى مجهول كئيب ومظلم بينما تتساقط الدموع لتغسل عار الغدر والخديعة وإنكار الجميل .. لم تملك الأم إلا النظر إلى السماء وهى تصرخ فى صمت .. لماذا فعلتم بى كل هذا الغدر .. هل تعلمون ماذا أنتم فاعلون ، وأسلمت الروح وسكت الجسد .. وبدأت تدق طبول النصر .. فقد ماتت الأم وخرج بعض الأبناء العاقين إلى ميدان التحرير وهو أحد البقاع السحرية الذى كان المكان المفضل للأم قبل الوفاة ، للمطالبة بميراثهم الشرعى وحمل البعض منهم أجهزة الكمبيوتر ونصبوا الخيام وأكلوا الهمبورجر وهم يتحسسون الأرقام التى سيحصلون عليها بل أن بعضهم حجز فى منتجعات سياحية للإحتفال بهذا النصر حتى قبل دفن المرحومة .. ولأن المرحومة لها جذور فى كل مكان فقد إنطلق بعض الأبناء المعاقين يصرخون ويهللون ويحطمون كل ما طالتهم أيديهم فأغلقوا الطرقات وقالوا هذا حقنا .. وأخرجوا أبنائها الرحيمين بها ، وصرخوا فى وجوههم ، وجرجروهم ، وأهانوهم ، وسبوهم ، وجرحوهم ، وقالوا لهم أخرجوا من أرضنا .. فالتى تقولون عليها أنها أمنا وهى التى تحمينا قد ماتت ، ولا نرغب فى التواصل معكم .. أما عن الميراث فهذا حقنا ..
** رحلت الأم وتركت الأرض بلا وطن .. لقد كانت الأم هى الحلقة التى تربط جميع الأبناء .. الأن الجميع تحولوا إلى وحوش مفترسة تبحث عن الغنائم .. خرج بعض العاقين من الأبناء يتقاتلون ، فقد أضاعوا هيبتهم ووقف العالم يشاهدون الإخوة الأعداء وهم يخمدون خناجرهم فى صدور بعضهم .. الغدر والخيانة وقلة الأصل هى الصفات التى تحلوا بها .. كان دار الحب الذى جمعتهم به الأم تحول الأن إلى دار الخساسة والندالة .. جعلوا أشباه الرجال وأنصاف المتعلمين كبيرهم يأتمرون بفتواه حتى لو أمرهم بقتل إخوانهم .. نعم لقد أصابهم العمى والغيبوبة .. فقدوا الشرف وباعوا الغالى بالرخيص ..
** هذه هى مصر الأن .. لا تنزعجوا وأنتم تتساءلون هل تتحول مصر إلى عراق أخر .. نعم .. "مصر" ماتت ولن تعود .. ولا تلوموا إلا أنفسكم وأنتم تهللون منذ أحداث ثورة 25 يناير وحتى الأن .. إنه الغباء الذى سيطر على العقول .. إنه الغباء الذى جعل بعض الأبناء يتركون الأم تصارع المرض وهم يلهون ويسكرون ويضحكون ثم الأن يتباكون .. بل مازال البعض يكابر ويدعى المعرفة وهو فى الواقع ربما لا يعلم من هى التى ماتت .. ربما وقف كالأبله فى السرادق كخيال المأتة والبعض ينظر من أعلى فلا يعنيه ما يحدث فى مصر ...
#مجدى_نجيب_وهبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى يتكلم -المجلس العسكرى-
-
ماذا تفعل -المنقبات- لو حكم -الإخوان-
-
الوجه الحقيقى ل -الإخوان المسلمين-
-
-الفيس بوك- .. و-تويتر- يحكمون مصر
-
فتوات البرلمان -الأفغانى- بمصر يسقطون -القضاء-
-
-المجلس العسكرى- يسلم مصر ل-الفوضى-
-
-ثورة 52- ضد الإستعمار .. و-ثورة 25- للترحيب بالأمريكان
-
برلمان -25 يناير- .. ومازالت الثورة مستمرة
-
د. -سليم العوا- .. والعدل -الإسلامى-
-
-مصر- .. سيرك كبير بلا صاحب
-
محاكمة ساويرس .. بداية عمل المحاكم -الإسلامية-
-
رسالة هامة وعاجلة .. الكشف عن أسرار خطيرة ل -ثورة 25 يناير-
-
هام جدا .. الرسالة التى رفض -نجيب ساويرس- إستلامها
-
أمريكا شيكا بيكا .. -رقصنى ياجدع- .. -دقى يامزيكا-
-
شالوا -عز- .. جابوا -بديع- .. -الشعب قال مانتوش قاعدين-
-
كيف تدمر -أمريكا- الشعوب .. وتسقط أنظمتها
-
الموقف المشبوه ل -الإعلام المصرى- ... ( الخونة )
-
-النداهة- .. والقس -السياسى-
-
عندما تساءل البابا .. -مصر- بلادنا المحبوبة .. إلى أين؟!!!
-
-مصر- .. تكون أو لا تكون
المزيد.....
-
-45 ساعة من الفوضى-: مصادر تكشف لـCNN كواليس إلغاء قرار ترام
...
-
مستشار ترامب: يجب على مصر والأردن أن تقترحا حلا بديلا لنقل س
...
-
-الطريق سيكون طويلا جدا- لإعادة بناء غزة من الصفر
-
إدارة ترمب تسحب 50 مليون دولار استخدمت لـ-الواقي الذكري- في
...
-
أميركا نقلت صواريخ -باتريوت- من إسرائيل إلى أوكرانيا
-
-الشيوخ- الأميركي يعرقل مشروع قانون يعاقب -الجنائية الدولية-
...
-
مقتل العشرات بتدافع في مهرجان هندوسي ضخم بالهند
-
ترمب يأمر بتقييد إجراءات عمليات التحول الجنسي للقاصرين
-
دفع أميركي باتجاه وقف هجوم حركة -أم 23- على شرق الكونغو
-
توقيف رجل يشتبه في تخطيطه لقتل مسؤولين في إدارة ترمب
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|