أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت رضوان - رحم الحياة - قصة قصيرة














المزيد.....

رحم الحياة - قصة قصيرة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3631 - 2012 / 2 / 7 - 09:02
المحور: الادب والفن
    



كان الزحام شديدًا فى الأتوبيس . وكانتْ حمولة الكتب على ذراعى ثقيلة . أنقذتنى إحدى السيدات . مدّت ذراعها وأخذتْ الكتب . بعد قليل خلا الكرسى الملاصق لها . مكّنتنى من الجلوس بجوارها . شكرتها وأثنيتُ على معروفها ، فسألتنى ((ما كل هذه الكتب ؟)) قلت ((روايات)) قالت ((أنا أقرأ فى علم النفس أكثر)) شدّتنى بساطتها فى الحديث ، إذْ سألتنى إنْ كان لى كتب من تأليفى ؟ وسألتنى عن عمرى ؟ وعندما قلتُ لها ((أنا فى الستين)) قالت (( ولكنك تبدوأصغر من ذلك بكثير )) .
تدفقتْ فى الحديث عن حياتها . وقالت إنها تعشق الفن التشكيلى . ولها محاولات فى الرسم . أشعرتنى بود عمره سنوات وليس لحظات . سألتها عن عمرها . قالت (( تفتكر أنا عندى كــــــم سنة ؟ )) قلت (( أنتِ فى أوائل الأربعينات على أكثرتقدير)) أشرق وجهها وقالت (( أنــــــــــــا تعديتُ الخمسين )) .
تردّد سؤال على لسانى ، لا أدرى كيف التقطه عقلها . قالت ترد على سؤالى الذى لم أطرحـه عليها (( وأنا لم أتزوج . وأرفض الزواج )) شجّعتنى على الحوار بين شخصيْن ناضجيْن . سألتها عن مشاعرالوحدة وعن العواطف الطبيعية . واحتياجات الروح والجسد . وحاجة الرجل للمرأة . وحاجة المرأة للرجل . وتكوين الأسرة . فاجأتنى بصراحة صادمة . قالت (( لم أشعرأبدًا أننى فى حاجة إلى رجل )) وعندما أبديتُ دهشتى أضافت (( وغريزة الجنس أحط غريزة )) ثـــــــم هاجمت سيجموند فرويد وتحليلاته عن الجنس .
أدركتُ أنّ لا جدوى من الحوار معها . تضع السدود بعد أنْ أشعرتنى بالود . امرأة تنفتح فى الحديث مع رجل لا تعرفه ، ثم تُعلن أنها ضد قانون الطبيعة . تأملتُ وجهها علّنى أتمكن من فض غشاء غموضها . وجه فتاة فى الثلاثين ، خمرى اللون . ومن عينيها الزيتونتين يشع بريق طفولى. وعلى رأسها ( بونيه ) أحمر تطل منه خصلات من شعرها الناعم . جمال وجهها . وجسدها الممشوق . واعتناؤها الفائق بملبسها ، ضاعف من غموضها فى عينى .
قرّبتْ وجهها من وجهى وقالت (( هل تصدق إذا قلت لك إنْ أنا خرجت من رحم أمى ، ولكننى لم أخرج من رحــــــــــم الحياة ؟ )) فاجأنى كلامها للمرة الثانية . بسرعة مذهلة كان عقلى يُعيد صياغة هذا البوح . قمعتُ الكثيرمن الكلمات على لسانى ، واحتميتُ بالصمت .
عندما اقتربتْ محطتى وهممتُ بالوقوف ، طلبتْ أرقام تليفوناتى . وكان طلبها المفاجــــــــأة الثالثة . وبينما هى تُخرج الموبايل كى تُسجل الأرقام ، تحرّكت السيارة . ارتفع صوتها وهى ترجو السائق أنْ يتمهل قليلا . استجاب الرجل لرجائها عن طيب خاطر. أمليتُ عليها الأرقام التى وردت على ذهنى .
فى الطريق ، وأنا أملأ صدرى بالهواء ، شغلنى سؤال : هل أخطأتُ عندما تعمّدتُ أنْ أملى عليها الأرقام الخطأ ؟
*****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة البرد والظلام - قصة قصيرة
- حالة تلبس - قصة قصيرة
- تلك اللوحة - قصة قصيرة
- رحلة إلى الواحات- قصة قصيرة
- كول عناب - قصة قصيرة
- شخصيات فى حياتى : عمى الحاج متولى
- شخصيات فى حياتى : عم سعيد
- شخصيات فى حياتى : الأستاذ أديب
- الإبداع بأسلوب الحكاء الشعبى
- العلاقة العضوية بين الكهنوت والعسكروت
- العروبة والمخطط الصهيونى لاحتلال فلسطين
- عندما فتح المبدع خزانة الكلام
- يحيى الطاهرعبدالله وإعادة تشكيل الواقع إبداعيًا
- جمال البنا والتربص لكل مختلف مع الكهنوت
- مفهوم الوطن فى رواية بيوت بيضاء
- شهر زاد على بحيرة جنيف
- عبدالرحمن أبوعوف وثنائية الإبدع والقمع
- ثمن الحرية وحصاد عام من الدم
- جميل عطية إبراهيم والتأريخ بلغة فن الرواية
- العلاقة بين (المواطنة) و (القومية)


المزيد.....




- فنان مصري يوجه رسالة بعد هجوم على حديثه أمام السيسي
- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...
- نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طلعت رضوان - رحم الحياة - قصة قصيرة