أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعيد الصگار - قمة القمامة















المزيد.....

قمة القمامة


محمد سعيد الصگار

الحوار المتمدن-العدد: 3629 - 2012 / 2 / 5 - 23:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تتناطح التصريحات والتوكيدات من جانب المؤسسة الرسمية في‮ ‬العراق،‮ ‬على أن القمة العربية ستعقد في‮ ‬بغداد في‮ ‬أواخر شهر آذار‮ (‬مارس‮) ‬المقبل‮ ‬2012‭.‬‮ ‬
ومن أجل ذلك وغيره جاء السيد نبيل العربي‮ ‬رئيس الجامعة العربية ليحل مشاكل الأمة في‮ ‬ثلاثة أيام‮ ‬يقضيها في‮ ‬قصور بلد الرشيد،‮ ‬وإذا به‮ ‬يعود هاربا بعد‮ ‬يوم واحد،‮ ‬نتيجة سقوط قذيفة هاون في‮ ‬المنطقة الخضراء،‮ ‬وهو أمر مألوف عندنا نحن العراقيين،‮ ‬ولكنه ليس مألوفا في‮ ‬أي‮ ‬مكان تحميه القوات الأمريكية،‮ ‬وقوات حماية بغداد‮.‬
يقول ناطق باسم السيد المالكي،‮ ‬مالك زمام الأمور في‮ ‬العراق‮:‬

‮«ولعل من ابرز ما اثمرت عنه الزيارة‮ ‬، ‮(‬يعني‮ ‬زيارة نبيل العربي‮) ‬تأكيد رئيس الوزراء نوري‮ ‬المالكي‮ ‬جاهزية بغداد لاستضافة القمة العربية اذار المقبل،‮ ‬واعلان العربي‮ ‬الالتزام بذلك‮»‬،

إذا كان هذا رأي‮ ‬السيد المالكي،‮ ‬ورأي‮ ‬ضيفه المرحب به،‮ ‬في‮ ‬النظر إلى واقع الحال في‮ ‬العراق،‮ ‬فلنا،‮ ‬نحن العراقيين،‮ ‬أو كثرة منا،‮ ‬رأي‮ ‬آخر؛ وهو أن هذه القمة لن تأتي‮ ‬بأفضل مما عقدته قمم قبلها لم تنتج‮ ‬غير بيانات وتوصيات لم‮ ‬ينفذ شيء منها؛ ولسنا بحاجة إلى التذكير بها فهي‮ ‬معروفة لدى الجميع‮. ‬

أما حماسة السيد نبيل العربي‮ ‬ونائبه السبد بن حلي‮ ‬وممثلنا في‮ ‬الجامعة العربية الدكتور قيس العزاوي،‮ ‬وقبلهم‮ ‬رئيسنا المالكي،‮ ‬فهي‮ ‬من قبيل اليقين المسبّق بكون هذه القمة لن تقوم،‮ ‬لأسباب‮ ‬غير ما‮ ‬يتبجح به الفريق قاسم عطا من ضمان استتباب الأمن على أساس ما عودنا عليه في‮ ‬كون‮ (‬الوضع تحت السيطرة‮).‬
قد‮ ‬يكون الأمر كذلك،‮ ‬وهو ما نرجوه؛ ولكن للمسألة وجوها اخرى‮ ‬،‮ ‬غير الإنضباط الأمني‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يقتضي‮ ‬غير ساعات‮ ‬ينفض بعدها الإجتماع الموقر،‮ ‬ببيان‮ ‬يخلو من بلاغة اللغة العربية‮. ‬كالمعتاد؛‮ ‬يطمئننا بأن الأمة بخير،‮ ‬وأن كل العواصف التي‮ ‬تحدق بهذه الأمة هي‮ ‬محنة طارئة ستمر كما مر سواها،‮ ‬والأمر بعدئذ لله‮.‬

ولكن المضحك في‮ ‬هذه الدورة المؤملة،‮ ‬أنها ستكون قمة بلا قمم،‮ ‬كما سبق لنا القول في‮ ‬مقال سابق،‮ ‬فقد تدحرجت تلك القمم إلى الحفر والمجاري،‮ ‬وأخذت حقها من المذلة والهوان،‮ ‬ونحن بانتظار أمثالها‮.‬

يعطينا ساسة عراقنا الجميل مساحة واسعة للحيرة والذهول تجعلنا نتخبط في‮ ‬التقديرات والتطلعات وتحديد المواقف،‮ ‬ومعرفة أهدافهم وتوجهاتهم وما‮ ‬ينفعنا منها وما‮ ‬يضر‮. ‬فليس لدى ساستنا‮ ‬غير رنين الكلمات الجوفاء التي‮ ‬أحسنوا صياغتها بطول الممارسة طيلة السنوات الثماني‮.‬
ومنها هذا التبشير الفاضح بقمة عربية تعقد في‮ ‬بغداد في‮ ‬ظروف لا‮ ‬يستطيع فيها العربي،‮ ‬أينما كان،‮ ‬أن‮ ‬يلتفت إليها وهو في‮ ‬زحمة التغيير لكيان الأمة المتهالك،‮ ‬وتطلع أبنائها إلى فجر جديد‮ ‬يستعصي‮ ‬على الجامعة ومن معها استشراف آفاقه وما‮ ‬يقدمه من تضحيات لا‮ ‬يمكن لشيوخ الجامعة العجزة إدراكها‮.‬
فماذا عسى أن تفعل هذه الجامعة التي‮ ‬لم تستطع طيلة عمرها أن تصدر‮ ‬غير البيانات الشبيهة ببيانات الصين المئوية التي‮ ‬شهدناها منذ الخمسينيات،‮ ‬دون جدوى‮. ‬وما الذي‮ ‬يستطيع أن‮ ‬ينغخه السيد العربي‮ ‬في‮ ‬كيان هذه الأمة التي‮ ‬لم بستطع سلفه عمرو موسى،‮ ‬رغم عهود ولايته،‮ ‬أن‮ ‬يحرك ساكناً‮ ‬فيها؛ وما الذي‮ ‬يفيدنا من هذه القمة التي‮ ‬ستبدأ فاشلة وتنتهي‮ ‬بفضيحة كون بغداد في‮ ‬أدنى السلم من كل ما أنعم الله به على عباده‮.‬

ولماذا هذه التحضيرات والبذخ والكرم الحاتمي‮ ‬والإجراءات الأمنية التي‮ ‬تستنفد حصة الملايين من المحتاجين الذين حشرتهم نقارير ميرسير للإستشارات في‮ ‬أسفل جدول فقراء العالم‮.‬
وإذ كنا نخمن أن قادة أمتنا العربية سيوفدون موظفي‮ ‬الدرجة الثانية لحضور القمة،‮ ‬وهو الأمر المنطقي‮ ‬في‮ ‬خشية الرؤساء من الحضور،‮ ‬فعلام هذا النفخ الذي‮ ‬لا‮ ‬يزيل مزابل العاصمة،‮ ‬ولا‮ ‬يرمم مبانيها،‮ ‬ولا‮ ‬يمهد سبيلا سويا لسير مواكب الرؤساء إلى قاعة المؤتمرات؟‮ ‬
وفي‮ ‬تحصيل الحاصل،‮ ‬ما الذي‮ ‬تجنيه الجامعة العربية من هذه القمة المفتعلة التي‮ ‬يعرف كل شخص فيها أنها‮ ‬غير ذات أثر ولا قيمة إزاء ما تمر به الأمة العربية من تحولات تقذف بالجامعة العربية إلى ما وراء ما‮ ‬يؤسسه الجيل الجديد من مآثر،‮ ‬وما كان‮ ‬يأمله منها من خلال قمم لم تأنه بغير الصور التذكارية التي‮ ‬لم‮ ‬يحفظ منها‮ ‬غير ما جاءت به المواقع الألكترونية،‮ ‬تأريخاً‮ ‬لهذه الفضائح‮.‬

‮ ‬قبل أن تستنفر قواتنا الوطنية المبجلة استعدادا لهذا الحدث التاريخي،‮ ‬وقبل أن‮ ‬يستعد وفدنا العراقي‮ ‬لهذه القمة‮. ‬بل قبل أن‮ ‬يقبل بقيامها،‮ ‬عليه أن‮ ‬يفكر بما‮ ‬يمر به العراق في‮ ‬هذا الوضع العصيب،‮ ‬وما‮ ‬يحتاج إليه من إعمار وإنقاذ من تقارير ميرسر للإستشلرات التي‮ ‬تحرص على ترويجها‮ ‬يعض دول الجوار التي‮ ‬قد تحضر هذا المهرحان الكوميدي‮ ‬المسمى‮ (‬القمة العربية‮)‬،‮ ‬إمعاناً‮ ‬في‮ ‬التشفي‮ ‬بمحنة العراق وكثرة مزابله وتراكم نفاياته،‮ ‬وبرده القارص في‮ ‬غياب الكهرباء،‮ ‬وفرصة للتهكم على وعد أمين العاصمة بجعل شارع المطار أجمل شوارع الدنيا‮. ‬وقبل هذا وبعده،‮ ‬الغمز من كفاءة العملية السياسية التي‮ ‬نتبجح بها‮.‬

في‮ ‬يداية هذا العام،‮ ‬اصطحبني‮ ‬السفير الفرنسي‮ ‬الذي‮ ‬دعاني‮ ‬إلى العراق لـ‮ (‬زيارة وطني‮ !)‬،‮ ‬في‮ ‬جولة إلى بغداد،‮ ‬وعندما أبديت لوعتي‮ ‬من كثرة المزابل والنفايات في‮ ‬كل المواقع التي‮ ‬مررنا بها،‮ ‬قال إن شركاتنا الفرنسية كفيلة بتنظيفها،‮ ‬وبسرعة،‮ ‬ولكن إزالة ما تراكم من حطام الجدران وترميمها،‮ ‬هو المشكلة‮. ‬
والآن،‮ ‬ها نحن بعد سنة من هذا الكلام،‮ ‬نحتفظ بمزابلنا وحطام مدينتنا الجميلة لنستقبل بها وفود القمة التي‮ ‬ستخلو من أية قمة،‮ ‬ولن‮ ‬يبقى لنا منها‮ ‬غير قمة القمامة المتصاعدة‮ ‬يوما بعد‮ ‬يوم،‮ ‬بشعار‮ (‬لا قمة لغير القمامة‮) !‬

على الجامعة العربية التي‮ ‬علقوا برقبتها جرس القمة،‮ ‬أن تكون بمستوى المسؤولية،‮ ‬وتفصح عن واقع الحال،‮ ‬وعلى صديقنا الدكتور قيس العزاوي،‮ ‬ممثلنا في‮ ‬الجامعة العربية أن‮ ‬يقول ما‮ ‬يعرف،‮ ‬ويصر ف عنا هذه الكأس المرة،‮ ‬إكراماً‮ ‬للعراق والعراقيين وللشباب الذين‮ ‬يمهدون درب الكرامة بمواكب الفداء،‮ ‬ما دام في‮ ‬الوقت متسع قبل أن ترتفع قمة القمامة،‮ ‬لتخزيهم مثلما أخزتنا‮.‬



#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن المندائيين إلى فائز الحيدر
- حول الرؤى والمواقف
- مداخلة لغوية بين جاسم المطير وهاشم العقابي
- الفيصلية- بين فيصل لعيبي وجاسم العايف
- شله واعبر (تعقيب على أفكار السيد علي‮ ‬الشلاه)
- غياب الحكمة عن (الحكيم!) السوري
- موسم الحصاد البشري في سورية
- مئة يوم في انتظار الوازع الأخلاقي
- خوف الشجعان !
- على ماذا اتفقت الكتل السياسية؟
- مظفر النواب وسلة الحصرم
- زها حديد في باريس
- نعم يا سيادة رئيس الوزراء المماطلة أضرت ولم تنفع
- المماطلة أضرت ولم تنفع
- من فرط ما حاصرنا الشك نسينا لذة اليقين
- اوراق سياسية لقاء مع هاني الفكيكي
- منظمة العالم الإسلامي وما‮ ‬يجري‮ ‬ف ...
- حكومة لا تعرف الملل متابعة لوثبة الجماهير
- قراءة لواقع الحرية
- استباقا لتظاهرات ٢٥ شباط في العراق


المزيد.....




- مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف ...
- مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي ...
- الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز ...
- استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
- كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به ...
- الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي ...
- -التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
- أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
- سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ ...
- منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سعيد الصگار - قمة القمامة