أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - مصير الإمام موسى الصدر: متى خاتمة الأحزان؟















المزيد.....

مصير الإمام موسى الصدر: متى خاتمة الأحزان؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3626 - 2012 / 2 / 2 - 21:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تشهد قضية الإمام موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا قسرياً في 31 آب (أغسطس) العام 1978، اهتماماً مثلما تشهده هذه الأيام، وعلى نحو أدق منذ اندلاع الثورة الليبية في شباط (فبراير) العام 2011، وكان عدد من السيناريوهات قد ارتسم بشأن غياب السيد موسى الصدر، الذي كان في زيارة رسمية لطرابلس بوساطة من الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين الذي حاول التقريب بينه وبين الرئيس الليبي معمر القذافي في حينها.
السيناريو الأول هو الذي رواه الرائد عبد المنعم الهوني مندوب ليبيا الذي استقال من جامعة الدول العربية ومدير مخابراتها ووزير داخليتها وخارجيتها الأسبق وأحد المشاركين الأساسيين «بثورة» الفاتح من سبتمبر (أيلول) 1969، والذي جاء فيه أن قريبه نجم الدين اليازجي الذي كان طياراً برتبة مقدم هو الذي نقل جثمان السيد الصدر إلى منطقة سبها جنوب ليبيا، فقد كان لزاماً بعد قتل السيد الصدر أن يُقتل اليازجي، ولكي يدفن السرّ معه، حيث تمت تصفيته لاحقاً بطريقة غامضة، وهو ما حصل مع قضية منصور الكيخيا الذي اختفى قسرياً في القاهرة في 10 كانون الأول (ديسمبر) العام 1993عندما كان يحضر اجتماعاً للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في القاهرة، وكان الكيخيا قد التقى ابراهيم البشاري مندوب ليبيا في جامعة الدول العربية وقتها، الذي قتل بحادث سيارة غامض لاحقاً في ليبيا كما اغتيل يوسف نجم آخر من التقاهم الكيخيا قبل اختفائه، وهو ما أوردته في كتابي «الاختفاء القسري في القانون الدولي: الكيخيا نموذجاً، دار شؤون ليبية، واشنطن - لندن، 1998».
السيناريو الثاني هو ما رواه عبد الرحمن شلقم في حديثه لتلفزيون العربية من أن تصفية القذافي للسيد الصدر تعود إلى انزعاجه من حوار دار بينهما بشأن آية قرآنية وردت في سورة الفاتحة «قل هو الله أحد» فكان رأي القذافي ينبغي القول «الله أحد» فغضب السيد الصدر من تفسيراته وتأويلاته وحاول محاججته، فكان رد فعل القذافي لاحقاً الانتقام منه ومن زميليه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين اللذين اختفيا قسرياً معه، وقيل إنهما قتلا ودفنا معه أيضاً.
السيناريو الثالث تحدّث به عبد الحكيم بلحاج أحد القيادات البارزة للمجلس العسكري الليبي في طرابلس، حيث قال إن الصدر مدفون في مزرعة قرب طرابلس، وهذه المزرعة أثارت ارتيابات عديدة، لكنه أكد مقتله ودفنه.
السيناريو الرابع يقول إن «أبو نضال» (صبري البنّا) أحد الشخصيات الفلسطينية المنشقة عن فتح والمتهم بقيادة عدد من العمليات الإرهابية هو من خطط عملية الاختطاف، وأن القذافي أوكل له ذلك وترك الأمر معه لكي يتنصل من المسؤولية، وأن هذا الأخير عندما اضطر إلى مغادرة طرابلس وذهب إلى العراق، أخذ السيد الصدر معه، وهناك ظل يعيش في قبو لفيلا يسكنها أبو نضال، وعندما قتل أبو نضال في بغداد قيل إن شخصاً يشبه الصدر وجد مقتولاً أيضاً في قبو الفيلا، لكن هذه الرواية ضعيفة على الرغم من أن لجنة تحقيق دولية قامت بالبحث في الموضوع بعد تناول بعض الجهات هذا السيناريو عن مصير الإمام موسى الصدر.
السيناريو الخامس أن السيد الصدر لم يقتل، وإنما سافر إلى روما وهناك اختفى بتواطؤ بين المخابرات الليبية وبعض أجنحة المخابرات الإيطالية التي كانت تتعاون معه، وسبق لهذه الأجهزة أن ضيّعت قضية اغتيال ماجد أبو شرار الشخصية الفلسطينية الإعلامية البارزة من جانب الموساد الإسرائيلي في روما، وظلّت التحقيقات عاجزة عن إثبات ذلك، وتستند هذه الرواية الى أن السيد الصدر الذي كان ينزل في فندق الشاطئ وشوهد آخر مرّة فيه 31/8/1978 وغادره غاضباً بعد المناقشة الحادة مع القذافي، دون أن يخبر السلطات الليبية، لكنها لحقته واقتادته من المطار من جانب جهاز المخابرات باسم «التشريفات»، وبعدها اختفى قسرياً، حيث لفقت قضية ختم جواز سفره بمغادرته إلى روما، وكانت تلك مسرحية سمجة أيضاً، حيث نفت أجهزة المطار الإيطالية وصوله كلياً، ثم عادت ووضعت احتمال مروره في وقت لاحق وهو ما ينبغي إثارته قضائياً، خصوصاً في هذه الفترة بالذات التي كشفت عن تواطؤات عديدة دولية وإقليمية.
السيناريو السادس وهو إحدى فلتات القذافي، فقد أكّد في 31 آب (أغسطس) 2002 أن السيد الصدر اختفى في ليبيا وأشاد بدوره المقاوم وقال إنه زعيم مرموق وضد الاحتلال وهو من أسّس ألوية المقاومة اللبنانية، وأشار إلى أنها مأساة تقلق «ضمائرنا» حيث اختفاء أحد رجالات الأمة الإسلامية. وقد حاولت منظمة العفو الدولية في تقريرها لعام 2003 أن تطالب القذافي بالكشف عن مصير الصدر، مثلما سبق أن ظلّت تطالبه ومعها المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي أسست لجنة قانونية كان لكاتب السطور شرف المساهمة فيها، كما تأسست في لندن بإشراف لجنة من المنظمة لإجلاء مصير الكيخيا كان الشاعر بلند الحيدري رئيساً لها. ولكن تلك المحاولات كلها لم تدفع نظام القذافي إلى التفكير بالكشف عن مصير الشخصيتين الأثيرتين الاسلامي المتنور والزعيم الكاريزمي موسى الصدر، وكذلك منصور الكيخيا الشخصية الحقوقية المحاورة، حيث يعتبران رمزاً للاختفاء القسري.
السيناريو السابع، ان الصدر لا يزال حياً وقد لعبت وساطة إيرانية في وقت سابق على هذا الوتر، وكان السفير الإيراني في دمشق أحمد موسوي قد أكّد ذلك، كما أن بعض الشهود بعد الثورة كانوا قد ذهبوا في هذا الاتجاه بينهم عبد الباسط المصراتي الذي كان يصرّ على أن الصدر كان حياً حتى العام 1992 أي بعد 14 عاماً من اختفائه، وهناك من أكّد أنه شاهد الصدر حتى العام 1994.
وحتى لو افترضنا ذلك صحيحاً، فإن من المحتمل جداً أن يكون قد صُفّي بعد فضيحة اختفاء الكيخيا قسرياً، لا سيما ما تركته تلك الجريمة من أثر دولي وردود فعل واسعة تجاوزت ما كان قائماً في العام 1978، خصوصاً تدخلات المجتمع الدولي، حيث أصبح يصنّف النظام الليبي باعتباره نظاماً إرهابياً بعد حوادث كثيرة من أبرزها قضية لوكربي، رابطاً إياه بالارهاب الدولي، الأمر الذي أعطى لقضية الاختفاء القسري أهمية جديدة، حيث قابل الرئيس الأميركي بيل كلينتون السيدة بهاء العمري زوجة منصور الكيخيا، وشدّد على ضرورة إجلاء مصيره، وتحميل ليبـيا وقيادتها مسؤولية اختفائه.
بعد هذه السيناريوهات كيف يمكن أن ينجلي مصير السيد موسى الصدر، التي ينبغي أن تبقى قضيته في دائرة الضوء بحيث لا يتسلل إليها النسيان، لا سيما بعد تغيّر الظروف، وسقوط حكم القذافي، ويمكن للقضية أن تكتسب بعداً قانونياً وإنسانياً جديداً، حيث لا بدّ من الكشف عن ملابساتها وفكّ طلاسمها ومعرفة رموزها بتعاون بين القضاء اللبناني والقضاء الليبي، وبمساعدة من المحكمة الجنائية الدولية، أي أن تعاون القضاء الوطني مع القضاء الدولي مسألة مهمة، من خلال لجان تحقيق دولية وبمساعدة من الدولتين وفتح الملف مجدداً والاستماع إلى الشهود ودراسة الأدلة والأسانيد والقرائن، وبالتالي التوصل إلى الحقيقة، ليتم كشـفها كاملة وغير منقوصة، بهدف تحديد المسؤولية الجنائية، بما فيها للأموات، فضلاً عن الأحياء، وتعويض الضحايا وعوائلهم مادياً ومعنويا، وجبر الضرر والعمل على إصلاح النظام القانوني والقضائي والأمني وأجهزة التحقيق وغيرها، لمنع تكرار مثل هذا الحدث الجلل، الذي لا يزال العالم يعـاني مـنه في نحو 63 بلداً وإن كان قد انحسر مؤخراً، لكن بعض الأنظــمة ومنها نظام القذافي الذي أُطيح لا يزال متهماً بالكثير من حالات الاختفاء القسري، التي ينبغي كشفها وتسليط الضوء على مثل هذه الأعمال الإجرامية ووضع حد لها.
وإذا كانت قضية الإمام موسى الصدر قد شكّلت أزمة مستديمة بين الدولة اللبنانية والدولة الليبية، لا سيما أن قطاعاً واسعاً ومؤثراً من اللبنانيين يعتبر ليبيا كدولة مسؤولة عن اختفائه قانوناً، ولا يهم في ذلك تضارب المعلومات بشأن وجوده حياً أو ميتاً، فإن المهم هو إجلاء مصيره، وإعادة لحمة العلاقات بين البلدين وتعاونهما في هذه القضية التي قد تكون مفتاحاً لقضايا أخرى مهمة، بما فيها تواطؤ بعض الجهات أو الأشخاص لحسابات أنانية ضيقة، علماً بأن السيد الصدر كان موفور الصحة، وعمره لم يتجاوز الخمسين عاماً لحظة اختفائه، فقد ولد في العام 1928 واختفى في العام 1978.
آن الأوان للكشف كيف أن دولة تستبدل وظيفتها من مهمة حماية الأمن وأرواح وممتلكات الناس إلى قاطع طريق أو عصابة، تقوم بتجاوز الشرائع القانونية والإنسانية والأخلاقية والدينية جميعها، فتخفي البشر دون أي شعور بوخز الضمير، متصوّرة أن العقاب لن ينالها، وأن المرتكبين سيبقون خارج دائرة المساءلة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التواصل والقطيعة في فريضة التسامح
- مقهى وروّاد ومدينة: ذاكرة المكان ونستولوجيا التاريخ!
- العنف واللاعنف في الربيع العربي
- محنة العراق بين الديمقراطية والحرية
- الربيع العربي وردّ الاعتبار إلى السياسة
- تعويم الدستور العراقي
- إشكاليات ما بعد الربيع العربي
- الشيخوخة
- اللحظة الثورية وربيع التغيير
- الإسلاميون والعلمانيون
- ماذا بعد الربيع: العرب والجوار والعالم؟
- الانسحاب الأميركي من العراق.. من الأقوى؟
- ليبيا من الثورة إلى الدولة
- اليونيسكو والثقافة بالمقلوب
- بانتظار بايدن
- الفدرالية العراقية والكثبان المتحرّكة
- الدرس التونسي: القطيعة والتواصل
- ما بعد الانسحاب الأمريكي من العراق!!
- جدل دستوري عراقي وغواية الانقلاب العسكري
- بغداد واشنطن: انتبهوا الوقت ينفد!


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - مصير الإمام موسى الصدر: متى خاتمة الأحزان؟