صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 3625 - 2012 / 2 / 1 - 09:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ردا علي ما نشرناه في الحلقة السابقة " هلوسة ثقافية " ج 1 –
ومن خلال قائمة الحوار عبر الانترنت . التي منها كتبنا نعلق علي قضية ورأي متصل بتاريخ مصر . سبق أن ردده من قبل نفس الأخ الكاتب الكريم بمدونته وبأحد المواقع الالكترونية . . أرسل رده للمجموعة .
اليوم ننشر الرد – الذي يزعم فيه انه لا يرغب في الرد .. لظروف نتبينها فيما بعد - , ونعلق علي ما قاله :
رد الأخ الكاتب : إقتبس أحد الإخوة في مقاله "هلوسة ثقافية" بعضا من الحوار وذكر تهربي من نقاش التاريخ بحجة أن الأمر يحتاج مئات الصفحات؟
صلاح محسن :( لم نتهم موقفه بالتهرب . بل اعتبرناه " طريفا " . ولعل هناك فرق )
الأخ الكاتب : والحقيقة تجنبت الحوار بسبب الأوضاع في سوريا، إذ أجد من الجبن والنذالة أن أنسى بلادي الذاهبة للإحتراب الأهلي، وأستغرق في نقاش (ليس وقته)
صلاح محسن :(( هل كان وقته عندما أثار الأخ الكتب الموضوع يوم الجمعة 13 يناير الجاري 2012- ؟! بينما الأوضاع في سوريا لم تتغير .. ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي يردد فيها تلك الآراء . بل ذكرها في مدونته , ولإحدي جرائد الانترنت . قبل الأحداث في سوريا . ولم نشأ أن نرد .. , الا بعدما أعاد ترديدها منذ أقل من 3 أسابيع مضت , بينما الأحداث في سوريا كانت علي أشدها .., والأوضاع في مصر ليست أفضل حالا , ولكن يوجد كتاب مصريون وسوريون – لعلني منهم - يوائمون بين الكتابة عن أحوال بلادهم . وغير ذلك من القضايا . ولا عيب ))
الأخ الكاتب : ..وسبب الجبن ليس شخصي بقدر الرغبة في عدم التسبب في أذى الأقارب والمعارف. فكل من عاش حقبة البعث (في سوريا والعراق) يعرف ما أقصد..
صلاح محسن :(( ليس بطولة مني ولا جبنا من الأخ الكاتب . – لسنا في حلبة ملاكمة أو مصارعة - هذا موضوع ثقافي تاريخي , للبحث والكشف عن الحقيقة . فلا أحد سيكافئني علي ردي . ولا أحد سيعاقبه . بل كل منا يقدم ما عنده لأجل الحقيقة , ولكي لا نقع فريسة للهلوسة الثقافية كنتيجة لكثرة القراءة مع عسر الهضم . عندما يخوننا الوعي الكافي . ويدفع التاريخ والحقيقة ثمن ذلك )) .
الأخ الكاتب : لكن لنعد للهلوسة وبإختصار شديد، فالأخ الكريم يعيب موقفي ويعتبر (حتوتة عمر بن المتعاص) أمر حقيقي أرخته الكنيسة القبطية بحذافيره ولا مجال للتشكيك فيه ويضرب أمثلة عدة :من تاريخ الكنيسة القبطية (يوحنا النقيوسي) وجامع عمرو في القاهرة وتاريخ ابن الحكم وغيرها
وهناك أيضا الأخ ( .. ) الذي أرسل مشكورا بعضا عن تاريخ الموارنة ويوحنا الدمشقي الذي يذكر الغزو العربي
بإختصار : إن كل تلك المراجع تفتقد للمخطوطات الأصلية وهي عموما مستنسخات عن أخرى نقلها آخرون بعد قرون عديدة، وهي صورة العالم كما تبدت لعصر ناسخيها: فتاريخ يوحنا النقيوسي المفترض أنه عاصر الغزو العربي لمصر، لا نملك نسخته القبطية، وكل ما نعرفه أن أحدهم نقله للفرنسية عن نسخة أثيوبية
صلاح محسن : ( لا بأس .. وان كان يحتاج لمزيد من الأدلة ولا ننسي الخوف والقهر الذي كان يدفع المؤرخين لاعدام كتاباتهم أو تهريبها , أو اعدامهما بواسطة السلطات القائمة , وكلنا نعرف كم ما فقد أو أحرق لمفكرين وفلاسفة في العصرين الاسلاميين الأموي والعباسي , والعصر الاسلامي الأول , وشعر عمر الخيام واسمه لم يظهر الا بعدما اكتشفه وترجمه أحد المستشرقين للانجليزية فبدأ الاهتمام به وترجمته للغة منطقتنا التعيسة , وفك رموز اللغة الهيروغليفية لم يعرف في القرن الثامن عشر الا علي يد واحد من شاب علماء حملة نابوليون علي مصر )) .
الأخ الكاتب : قيل أنها نُقلت عن نسخة عربية مفقودة، بواسطة أحد المصريين في القرن 18 . ومن يراجعه سيجد كما هائلا من السرد الأسطوري والمعجزات وكيف أن الله أحرق المدن بالنار لأنها تخلّت عن الإيمان المسيحي الحق (لأتباع الطبيعة الواحدة )
صلاح محسن : (( هذا لا يمنع امكانية استخلاص الحقيقي من وسط الأسطوري . من تلك الكتب , اذ قد لا نجد الحقيقة خالصة , فالذهب لا يوجد خالصا من الشوائب ))
الأخ الكاتب : وتبعت الباطل (ديانة بيزنطا ذات الطبيعتين الناسوتية واللاهوتية) أيضا فإن تاريخ النقيوسي يصف لنا آلاف الرهبان الذين انضموا للغزاة العرب وكيف كانوا يحاربون معهم بقيادة البابا بنيامين الذي أعاده العرب لكرسي البابوية. ..
صلاح محسن : (( رجال الأديان بأنواعها في مصر للآن – ومنذ القديم - , أغلبهم ينضم للحاكم ضد الشعب . وهذا لا يعني أن الشعب يفتري علي المفتري . ولا يعني أن الثورة علي الحاكم لم تكن شعبية لكون رجال الأديان مع الطاغية ضد الشعب وضد الثورة . ويوجد من رجال الأديان أيضا من يقف ببسالة بجانب الشعب والوطن , هل معني انحياز مفتي سوريا – مثلا -. لبشار الأسد . أن الثورة ليست ثورة شعب ؟! ))
الأخ الكاتب : ويذكر النقيوسي قوله: بأن العرب أتاحوا للقبط إعادة الدين الحق وعبادة يسوع الذي حرمهم منه الأشرار.. في كل هذه الرويات ليس من المهم حرفيتها، بل الأجواء النفسية والإجتماعية التي رسمت منظار العالم آنذاك (لا أدري أهو منظار النقيوسي أم الراهب المصري في القرن 18)
صلاح محسن: ( لذلك لم نكتف بالأدلة النظرية التأريخية بل استشهدنا بالآثار الحية والقاطعة – 3 مناطق آثارية ونعتقد في وجود أكثر من ذلك بالمدن المصرية المختلفة - )
..
الأخ الكاتب : ثانيا الحجة بأن الأقباط قد حفظوا ذلك الزمن بذاكرتهم وأديرتهم ولغتهم ..فهذه حجة ضعيفة وكأن الكنيسة القبطية كانت وحيدة زمانها ..السؤال: ماذا عن كنائس يعاقبة الشام والملكيين ونساطرة العراق وفارس واليهود ؟ لمَ لم يدونوا الأحداث؟ هل ماتت ثقافتهم الكتابية فجأة؟ الذريعة بأن الأقباط إمتازوا عن غيرهم حجة غير مقنعة وتغرف من أسطورة : مصر أم الدنيا ..
صلاح محسن : (( منعا لاتساع النقاش . وحتي لا يحتاج لمئات الصفحات . ونزولا علي رغبة الأخ الكاتب . كما ذكرنا في المقال السابق . رأينا الاكتفاء بما يخص مصر – بلدي - وعما أسماه أسطورة مصر أم الدنيا . نقول : هكذا كل شعب في الدنيا يقول عن وطنه ولاسيما العامة من الشعوب . فالمطرب اللبناني يغني " لبنان أول وطن للانسان " ! , وابن " مكة " يقول انها مركز الكرة الأرضية .. ولا يوجد شعب يصف مدينة عنده بالمكرمة , وأخري بالمنورة .. سوي في السعودية.. وهذا ما لا يدعيه المصريون لأي من مدنهم . بالرغم من أن موسي , وعيسي , وابراهيم , ويوسف الصديق . قد نوروا وشرفوا وحصلت البركة بزياتهم لمصر! - وناهكم عن أنبياء آخرين : سقراط وارسطو وافلاطون , وهيرودوت وغيرهم من فلاسفة وحكماء وعلماء الاغريق . الذين تعلموا في مصر - فهل غالي المصريون في الاعتزاز ببلدهم بأكثر مما تعتز باقي شعوب الأرض بأوطانهم ؟! ))
الأخ الكاتب : والحقيقة أن مصر ذلك الوقت كانت ولاية تابعة لبيزنطا ثم للشام (ربما: تخلت عنها مارتينا أرملة هرقل لصالح قائد(عربي؟) إسمه معاوية كما تذكر المصادر البزنطية وأمرت البطريرك الإسكندري كيروس التفاوض مع العرب وبنيامين القبطي والإنسحاب من مصر)
وعلينا ألا ننسى خسرو الساساني الذي كان قد إحتل الشام عام 614ومصر 619؟ أي قبل الغزو العربي ببضع سنين وهذا نسمعه بالقرآن : غلبت الروم في أقصى الأرض) ألا ترون أن هناك إشتباكا تاريخيا بين الغزو المتزامن تقريبا للفرس والعرب ، ثم إنخراط الفرس في الحضارة العربية لا بل قيادتها ثقافيا وحضاريا ولغويا وفقهيا؟؟؟؟ أما وجود مسجد عمر ابن العاص في الفسطاط، فأتحدى من يأتي بكسرة واحدة من ذلك المسجد المزعوم..مالدينا حاليا هو مُنشأ لا نعرف قدمه فقد تداعى المسجد القديم إثر حريق الفساط في القرن 12 وقام صلاح الدين بإعادة بنائه ، ثم ضربه الخراب ورممه أحد المماليك عام 1796 ..
صلاح محسن : (( أضحكتني .. مبني لا يعرف قِدمه ( زمنه) ؟! لقد عرفوا قِدم أبي الهول – الفرعوني - والزمن الذي نحت فيه والملك الذي تم ذلك في عصره . فكيف لا يعرفوا قِدم مسجد اسلامي؟! نحن لم ننكر انه جري عليه توسيعات واضافات كثيرة . وهذا ذكرناه في مقالنا السابق . وتوجد بجانبه بقايا مدينة الفسطاط التي بناها المحتل عمرو بن العاص . , ولم يقل لنا الكاتب الفاضل من بني الفسطاط !
الأخ الكاتب : ... لا يوجد فيه حجر واحد من الماضي ( يقصد مسجد عمرو بن العاص ) .
صلاح محسن : ( ليس شرطا . فحدائق بابل المعلقة بالعراق لا يوجد لها سوي لا فتة تقول " هنا كانت .. " وهذا ما شاهدته بنفس بالعراق عام 1978. وهو لا ينفي سبق وجودها .
الأخ الكاتب : هناك مجلدات منسوبة لأحد معاصري معاوية وأحد آباء الكنيسة ألا وهو: يوحنا الدمشقي، تتعلق بالعبادات والطقوس الكنيسية ، وقد نسب إليه إنحيازه لبيزنطا فيما يُسمى نزاع الأيقونات، ضد (التجريديين) والأهم ما ذكره عن الغزو العربي .. أيضا هناك شكوك كبيرة بهذه المؤلفات ..فنحن لا نعرف عن حياته وعمله في بلاط معاوية وصداقة طفولته لإبنه يزيد إلا ما كتب في القرن العاشر (من بطرك القدس يوحنا السابع) ..أي بعد ثلاثة قرون من وجود الدمشقي المزعوم
صلاح محسن :( ولكن لا يوجد تعليق له علي اثنين من أهم الآثار الحية التي ذكرناها بالمقال كدليل علي غزو البدو العرب لمصر . وهما قريتا " البهنسا " وقرية " الشيخ عبادة " . حيث بهما آثار قائمة وشاهدة يعرفها أهل القريتين ويحفظونها باعتبارها تاريخ قريتهم ( وأجدادهم .. فلماذا تم التركيز في الرد علي النظريات , وعلي مسجد عمرو بن العاص ؟؟! )) ولماذا القفز بين السطور , لتخطي الحجج الأقوي ؟ !!
الأخ الكاتب : أكتفي بهذا القدر وإسمحوا لي بالعودة لأحداث سوريا
شكرا وتحية للجميع
صلاح محسن : ختاما . لا نجامل لو عبرنا عن اعجابنا بكتابات أخري للكاتب . وبكثير من تعبيراته الأدبية القيمة . والاختلاف حول رأي يتعلق بدقة وحقائق التاريخ . أو حول نقد نقطة معينة . لا يعني وجود خصومة شخصية بيننا .
ففي أحد مقالاتنا – ضمن ما نشرناه بالمقال – نقلنا المقدمة الأدبية الجميلة والرشيقة التي زين بها الأخ الكاتب هامة مدونته . اعجابا منا بها .
--- قد تكون هذه هي المرة الأخيرة التي نعلق فيها علي بعض حوارات الانترنت .وهي لكُتاب ونشطاء أفاضل – ينتمون لمجموعات مختلفة ومتباينة - و فضلنا منذ فترة الاكتفاء بالمتابعة – بقدر المستطاع - الا ما ندر . تجنبا للحساسيات .
مع التحية والتقدير لأخينا الكاتب الفاضل
*********
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟