أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - في ظل الأزمات المتراكمة إلى أين سيتجه مصير العراق؟















المزيد.....

في ظل الأزمات المتراكمة إلى أين سيتجه مصير العراق؟


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 3623 - 2012 / 1 / 30 - 15:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد ما يقارب التسع سنوات من الاحتلال، خرجت بفضل المقاومة العراقية المسلحة والسلمية القوات الأجنبية الأمريكية في نهاية العام 2011 مهزومة من العراق. وانقسم العراقيون في تقييمهم لخروج الغزاة من بلادهم ، هذا إن كانت هذه القوات قد انزاحت بالفعل بَعِيدًا عن فرض الهيمنة والتدخل في شؤون العراق السياسية والاقتصادية. وإذا افترضنا كما يزعم بأن المحتل قد خرج فعلاً من بلاد الرافدين، تبقى ثمة حقائق لا يمكن تجاهلها رغم مرور تسعة أعوام على التغيير: فالوضع السياسي في العراق لازال على درجة كبيرة من التعقيد ولن يغيّر خروج الاحتلال من الأمر شيئاً لا على المستوى السياسي أو الاقتصادي ولا على مستوى مؤسسات الدولة وشرعيتها، كما أنّ عقلية وسلوك أصحاب السلطة في المنطقة الخضراء، الموسومان بالطائفية والشوفينية وكذلك الهرولة وراء المصالح الشخصية والحزبية الضيقة، سوف لا تتوقف إلا بعد إفراغ العراق من مخزونه الثقافي والحضاري.

هدف الاحتلال الأميركي للعراق منذ البداية كان فقط لاحتكار موارد النفط والغاز ووضعه تحت سيطرة الشركات الأميركية والجيش. وأهم من هذا بسط سيطرته على العراق كونه موقعاً اِسْتِرَاتِيجِياً هاماً في المنطقة. ولأجل تمرير مشروعه الاستعماري، عمل في الأسابيع الأولى بعد الاحتلال على حل مؤسسات الدولة وكامل الجيش العراقي، وتم تسليم الجزء الشمالي من العراق إلى القوى الكردية الفاسدة، التي اعتبرته إقطاعية "محمية" خاصة بها. ولعبت إيران والأحزاب الكردية والشيعية الدينية العراقية دوراً أساسياً في دعم المخطط الأمريكي، وإن كان على حساب تدمير العراق وخرابه، بهدف تحقيق مآربها لأجل الوصول إلى السلطة والحصول على مكاسب فئوية.

لقد بات واضحاً بأن انسحاب القوات الأمريكية من العراق لا يجسد انسحاباً كاملاً من هذا البلد الذي يعاني منذ فترة طويلة من الأزمات والمخاطر الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وإن إدارة اوباما وقيادة الجيش الأمريكي، ليستا في وارد سحب جميع القوات العسكرية، أو التساهل بما يسمح للحكومة العراقية للتفاوض حول اتفاق جديد يتعرض لبقاء الآلاف من جنود الاحتلال الذين تم تحويلهم إلى موظفين في سفارتها، بموجب اتفاقات ضمنية سرية وقعت عام 2008 بين الطرفين والتي تلزم الطرف العراقي بقبول تواجد الخبراء والعسكريين الأمريكيين وضمان منحهم الحصانة مهما فعلوا، فضلاً عن احتفاظها من أجل ضمان مصالح الولايات المتحدة في العراق، بالعديد من الطائرات والجنود في الكويت والبحرين وأماكن أخرى في الشرق الأوسط بالإضافة إلى أفراد أجهزة الاستخبارات المركزية ووزارة الدفاع والخارجية الأميركية التي تلعب دوراً كبيراً في هذا الإطار من مقر السفارة في بغداد.

رافق سحب القوات العسكرية الأمريكية من العراق، اشتداد الصراعات الطائفية والسياسية بين جميع أطراف ما يسمى بالعملية السياسية المستوردة من الخارج، والتي جاءت على أسس "طائفية توافقية" لا تصلح لبلد متعدد القوميات والديانات كالعراق. وفضلا عن أعمال العنف العرقي والديني وتفشي الصراع من أجل مصالح فئوية تجر البلاد نحو حرب أهلية محتملة، تزايدت التفجيرات وعمليات القتل في المدن العراقية كالعاصمة بغداد والفلوجة والموصل وكركوك وغيرها. لقد شهدت العملية السياسية منذ أن بدأت صراعات لم تتوقف، وستشتد بعد أن أصدر رئيس الوزراء نوري المالكي مذكرة بعزل نائبه صالح المطلق وتحريك قضية قضائية بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، متهماً إياه بالإرهاب بدوافع طائفية. الأمر الذي نتج عنه مقاطعة "القائمة العراقية" البرلمان، وتجميد وزرائها في الحكومة متهمين المالكي بالديكتاتورية، بيد أن رئيس القائمة إياد علاوي ذهب باتجاه مطالبة الولايات المتحدة وتركيا وجامعة الدول العربية بالتدخل. بذلك أصبحت العملية السياسية برمتها على وشك الانهيار التام فيما يتجه العراق نحو مزيد من الفوضى.

لقد خرجت الأمور عن نطاق السيطرة. فالهاشمي هرب إلى "كردستان" في شمال العراق، والقيادات الكردية رفضت مطالب المالكي بتسليمه. فيما انتقل العديد من القيادات السنية إلى محافظة الأنبار خوفاً من فتك القوات والميليشيات المتحالفة مع الأحزاب الشيعية.

إن أخطر ما قام به الاحتلال الأميركي في العراق إثارة النعرات الطائفية والعرقية وإنماء الانتهازية والنفاق في نفوس من لا ضمير لهم في أوساط المجتمع العراقي. والأهم من هذا أتى برجالات للسلطة غير معروفين، لا موقع ولا تاريخ حافلاً لهم. كما لا يفهمون بالسياسة بقدر ما يدركون أساليب الغش والنهب وكيفية إستعمال السلطة لأجل مصالحهم. لقد تعاقبت على العراق منذ غزوه عام 2003 أربع حكومات، والعراقيون لا زالوا يعانون من الأوضاع الصعبة وترتكب العصابات الإرهابية المنظمة وميليشيات الأحزاب الطائفية ورجال الأمن والجيش والشرطة باسم الديمقراطية، أبشع الجرائم البشرية التي راح ضحيتها آلاف المواطنين الأبرياء من نساء ورجال وأطفال، علماء ومثقفين. ويتعرض الصبية للسجن والتعذيب ولاقى البعض حتفه وألقيت جثثهم في الشوارع والقمامة دون أن يبدي الاحتلال والمسؤولون العراقيون أي مبالاة. على نحو آخر تعرضت مجتمعات تسكن أحياءٍ محلية مختلطة، لها ذكرياتها وتراثها وتقاليدها ويسودها الوئام والعيش المشترك منذ مئات السنين، لتطهير عرقي واجتماعي خطير. وتم بقوة المال والسلاح تقطيع أوصالها "ديموغرافياً" وتحويلها إلى كانتونات قومية ومذهبية معزولة.

وإلى جانب تراكم التناقضات السياسية وتدهور الأوضاع على كل المستويات، كالدمار والبطالة وتراجع التعليم وإنعدام مراكز الدراسة والصحة والتطبيب، وإنتشار الفساد الإداري والمالي ونهب خيرات وممتلكات الدولة من قبل مسؤولين دون محاسبة أو عقاب، لا زال معظم الشعب العراقي غير مبال بما يحدث تجاه شأنه الوطني، بعيداً عن أي حراك يقود نحو مواجهة سياسية حقيقية تستهدف الإصلاح وتغيير الأوضاع بالشكل الذي يضمن مصالح الوطن والمواطن. بيد أنه لا يكل من عناء المشي على الأقدام مئات الأميال لأجل اللطم والتطبير بسبب عقدة الذنب.. عندما يتهاوى أي نظام مستبد، ألا يستحيل في شأن "الفساد السياسي" وخراب البلد من ناحية المنطق العقلي ان يتحمل شخص او عدة اشخاص على رأس السلطة، المسؤولية لوحدهم.:ـ واين كان الشعب؟. الم يكن شريكا بصمته على الاقل؟ سكوت الناس وفساد النخبة وتصفيق المنافقين وتضليل اصحاب الرأي والدجل السياسي جميعهم شركاء في الجريمة، وجميعهم ساهموا في صناعة الديكتاتور، ويتحملون مسؤولية الظلم والفساد معه، كما يقول أحد القضاة العراقيين.
إن العراق يتعرض جراء المخططات الاستعمارية لخطر الانهيار أو التقسيم كخيار مفتوح. في عام 2006 تقدم السناتور آنذاك ونائب الرئيس الحالي جوزيف بايدن بخطة لتقسيم العراق. ودعا بايدن لإنشاء دولة شيعية في الجنوب ودولة سنية في الوسط ودويلة كردية شمال البلاد، وفقا لمبدأ "فرق تسد" لتطبق الولايات المتحدة سيطرتها بالكامل على العراق وموارده. وبسبب تفاقم الأزمة السياسية وخروجها عن نطاق السيطرة، تعالت مطالب المحافظات ذات الأغلبية السنية مثل ديالى وصلاح الدين لتشكيل أقاليم "فدراليات" على غرار المنطقة الكردية التي تتمتع باستقلال شبه تام يتجه نحو انتزاع أجزاء هامة من العراق مثل الموصل وكركوك وديالى بهدف الانفصال وتأسيس دولة كردية ذات سيادة، كما كشفت عن ذلك الوثائق السرية للقادة الأكراد.

وعلى الرغم من إمكانياته الهائلة سيبقى العراق، بسبب التدخل الأميركي واستمرار الميليشيات الطائفية، مزعزع الأمن وبلداً ضعيفاً غير مستقر. وسيبقى عرضة لمؤامرات خارجية وتدخل إقليمي "إيراني تركي" سافر، وأن خطر نشوب حرب بين المجموعات العرقية الأكثر رجعية أمر وارد جداً. بيد أن على أبنائه المخلصين تقع مسؤولية درء هذه المخاطر ووضع حدٍّ لهذا التخندق السياسي الذي يشكل سبباً في عدم استقرار البلاد وتطورها في كافة المجالات. إن الانتقال بالعراق نحو الأفضل، يقتضي تحقيق جملة قضايا جوهرية أهمها: تفعيل القضاء وتشريع قانون للأحزاب وآخر للانتخابات، وإعادة النظر بالدستور وتعديله بما ينسجم وطبيعة المجتمع العراقي ومستقبله، أيضا، إقرار مركزية الدولة. الأمر الذي سيقود إلى إنهاء تقاسم السلطة على نحو "طائفي توافقي" والانتقال من أسلوب المقايضة السياسية إلى مبدأ "حكومة الأكثرية البرلمانية" ومن ثم ترسيخ التعددية الحزبية وتأطير دور المعارضة والصحافة والإعلام. الطريق الوحيد لإنقاذ العراق وأهله.



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر يتكلم بلسان الآخر
- مهرجان الفيلم العالمي في دورته الحادية والستين - برلين
- سيماءات فنية غزيرة بالموسيقى
- الإبداع يكشف عن بيئة جديدة للتسامح والإندماج
- عروض مسرحية عراقية تفتقر أدواتها الفنية والروحية.
- العدسة تبتكر مواصفات المكان
- جدل متصاعد في دراسات عن لغة السينما - الحلم يصنع برقائق دوار ...
- معرض الفنان التشكيلي العراقي منير العبيدي
- فلسطيني مضرب عن الطعام منذ شهر
- سعدي يوسف يغني للعراق من برلين
- إثارة إبداعية وبوابة عشتار تتحدى الزمن في معرض ألماني
- حملة جمع تواقيع للتضامن
- حملة تضامن
- مهرجان برلين السينمائي 2010
- الإنتخابات العراقية والكتل المتنافسة
- مهرجان برلين السينمائي العالمي
- مهرجان برلين للافلام القصيرة
- الفيلم الألماني -الشريط الأبيض- متعة سينمائية في إطار جديد
- الابن الغائب يتمسك بحبال القصيدة
- كتاب العالم بين التحدي الثقافي ومواجهة السياسة


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - في ظل الأزمات المتراكمة إلى أين سيتجه مصير العراق؟