درس في الحب والكراهية

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3622 - 2012 / 1 / 29 - 17:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

معظم قصص الحب تنتهي بنهايات مأساوية وكل مأساة من تلك المآسي فريدة في نوعها من ناحية عدد الضحايا وعدد المآسي على ما في القلوب من جراح ومن دموع ,ومعظم قصص الكراهية تنتهي بنهايات سعيدة واضعة حدا للكراهية, ودائما ما يأتينا الأذى ممن نحبهم ومن النادر أن يتسبب لنا الكارهون بالأذية وبالأسى .

وقلب الإنسان مثل آبار النفط والمياه والغاز تجد في آبار الماء كمية محدودة من المياه ومن كثرة ما تسحب المياه من البئر ينفد ماءُ البئر وينضب معينه حتى يأت عليك يوم لا تجد في البئر لا أنت ولا غيرك أي قطرة ماء للحب ما عدى الكراهية التي تبدأ بالعمل بعد أن تنتهي قصة الحب ,ومن الممكن أيضا أن تبقى تسحب من بئر النفط كل أنواع البترول حتى يأتي عليك يوم لا يستطيع فيها البئر أن يعطيك شيئا ما عدى التراب والصخور الساخنة, وكذلك قلب الإنسان فيه الحب وفيه الكره وفيه الحقد وقد تحقد على أي إنسان بكل ما في قلبك من حقد حتى يأت على قلبك يوم ٌولا تجد به ذرةً من حقد ما عدى الحب الذي يبدأ برواية حكايته بعد أن تنتهي رواية الحب,ويبقى الحب موجودا بكثرة نظرا لعدم استنفاده, وأنا واحد من الناس أو قلبي إحدى هذه القلوب الممتلئة بالحب وبالخير واليوم من كثرة ما أعطيت من حب أجد قلبي فارغا ولا يستطيع أن يمدني بأي ذرة من الحب لأن بعض الناس سحبوا من قلبي حباً فوق مستوى الكمية المحدودة المسموح العمل فيها, ومن الممكن أن تكره أي إنسان لدرجة يستنفد فيها من تكرهه كل الكره الذي في قلبك فلا تستطيع أن تكره وأن تحقد وهذا السبب لا يعود إلى انتصار الحب على الكراهية بل كل ذلك يعود إلى نفاد واستهلاك كل ما في قلبك من حقد.

وفي قلبي كثيرا من الحب وكثيرا من الحقد وكثيرا من الوفاء والإخلاص ,وأنا أهيب بمعظم ألناس بأن لا يخشوا كرهي وحقدي لبعضهم وأحذرهم من حب الآخرين لهم فحب بعض الناس خطير جدا وفيه كثيرا من السموم ومن الغيرة والحقد والحسد وكل ذلك تحت غطاء الحب,وقد تنتهي يا أصدقائي أي قصة كراهية بالحب وقد تنتهي أي قصة عداوة بالصداقة إلى الأبد فلا توجد عداوة للأبد ولا توجد كراهية للأبد,ومن الممكن أن تزيل بيدك الناعمة حاجز الكراهية والعداء بينك وبين أي إنسان تكرهه وتعاديه لتكتشف اكتشافا مثيرا للاهتمام وهو أن خلاف ستار الكراهية والحقد والعداء حب كبير وصداقة عظيمة,وقد ينتهي الحب وتكون نهايته مأساوية جدا وقد تنتهي قصة الكراهية والكره والحقد بنهاية تكون فيها كل الأطراف متعادلة دون أي خسائر تذكر بينما في نهاية الحب على الأغلب خسائر كثيرة.

ومن هذا المنطلق أنا أدعو الجميع بأن لا يخشوا كرهي لبعضهم وعدائي للبعض الآخر لأن نهاية كرهي يوجد فيها قصة حب عظيمة لهم ولكن في قصة حب غيري لهم هنالك كثيرا من الخسائر التي تنتظر الإحصاء والعد,ودائما نتائج الحب مروعة ومحزنة ومقلقة جدا وقرأت في التاريخ عن قصص حب كانت نهايتها محزنة جدا يموت فيها الأحباب وتصيبهم كثيرا من الأمراض النفسية وعائلتنا عائلة مجيدة وعريقة في مجال الحب ومعظم أفراد عائلتنا تعرضوا لكثير من المآسي بسبب الحب ولكن لا أحد يذكر عن أي رجل فيهم أو عن أي امرأة فيهم بأن الكراهية دمرت أي أحد منهم.

وقد يتقرب اليك من يجبك بكثيرٍ من النوافل وتكون على الأغلب مزعجة جدا ولكن لاحظ معي بأن من يكرهك يبعد عنك كثيرا ولا تصاب بسببه بالأذى ولا يلحق كرهه لك بأي قصة مأساوية, وغالبية ما قرأته عن الذين يكرهون بعضهم كان عبارة عن قصص نجاح وتوطيد علاقات حميمية ولكن من النادر جدا أن تقرأ نهاية سعيدة في أي رواية حب.

احذر يا عزيزي من الذين يحبونك ولا تخاف من الذين يكرهونك لأنك على الغالب تكون قد أخذت كل الاحتياطات والتدابير اللازمة لتتقي شر من يكرهوك ومن النادر أن يتسببوا لك بالأذى بسبب ما اتخذته من احتياطات واجبة ضد كل أشكال الكراهية,أما بالنسبة للذين يحبونك فهؤلاء على الأغلب لا تأخذ منهم الحيطة والحذر لذلك يستطيع من يحبك أن يلحق فيك الأذى بلمح البصر وبدون أن تشعر بذلك إلا في النهاية عندما لا تستطيع فعل أي شيء,وقد ينفد من قلب من يحبك كل الحب الذي في قلبه ولا يتبقى لك في قلبه إلا العمى والكراهية,أما الذين يكرهونك فقد ينفد من قلبهم كل الحقد وكل الكراهية ولا يبقى بوسعهم إلا أن يمدونك بالحب لأنه الشيء الوحيد الذي لم يستعملوه معك كسلاح,وكلنا نتعرض للأذى من أولئك الذين يحبونا أما الذين يكرهوننا فمن النادر أن نتعرض منهم للأذى.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات